الأحد ديسمبر 7, 2025

     مذهب أهل السنة والجماعة

     قال الإمام الهررى رضى الله عنه إن أعظم أمور الإسلام هى معرفة عقيدة أهل السنة على أصولها الذى درج عليه علماء الإسلام من أيام الرسول إلى هذا العصر فنصيحة جليلة تقدم للشباب المسلمين اغتنموا من فرصة حياتكم لتعلم هذه العقيدة التى تضمن لصاحبها النجاة فى الآخرة وهى عقيدة أهل الحق معرفة الله كما يجب والإيمان برسوله ﷺ سيدنا محمد وإتباع ذلك بمعرفة ما يقطع الإسلام ويخرج صاحبه إلى الكفر وذلك باحتراز المكفرات التى بينها علماء أهل السنة فى كتبهم ومؤلفاتهم فيا فوز الشاب الذى يحصل هذا. قال رسول الله ﷺ «سبعة يظلهم الله يوم القيامة فى ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله» وعد فيهم الشاب الذى ينشأ على طاعة ربه. واليوم كثير من الناس غافلون عن هذا ءاثروا العلوم الكونية على هذا والدنيا لا تغنى عن الآخرة. فالآخرة دار القرار التى لا نهاية لها فمن تعلم هذه العقيدة التى درج عليها المسلمون يكون نجا من عقائد شاذة. حدثت منذ نحو مائتين وخمسين سنة تقريبا فرقة تشبه الله تعتقد أن الله حجم متحيز فى جهة فوق وتجعل الله جسما له أعضاء له مقدار بقدر العرش أو أصغر أو أكبر هؤلاء خالفوا القرءان القرءان يقول ﴿ليس كمثله شىء [سورة الشورى] أى أن الله لا يشبه العالم بوجه من الوجوه ليس حجما كبيرا ولا حجما صغيرا ليس متحيزا فى جهة ومكان لأن الله تعالى ليس حجما إنما يتحيز فى الجهة والمكان الحجم إن كان كبيرا وإن كان صغيرا. وقد درج أهل الحق على أن الله موجود بلا مكان. وهذه الفرقة الشاذة عقيدتها كعقيدة الكفار. الكفار عقيدتهم أن الله موجود فى مكان وهؤلاء وافقوهم ولا يعرفون أنهم خارجون عنه. وفرقة حدثت منذ سبعين سنة تقريبا تكفر المسلمين وتستحل قتلهم وهم جماعة سيد قطب الذين يكفرون حكام المسلمين لأنهم يحكمون بغير القرءان مع أنهم يحكمون فى أبواب بالشرع الميراث والنكاح والطلاق والوصية والهبة ويكفرون الرعايا الذين يعيشون تحت سلطانهم كائنا من كان ويستحلون قتله، وفرقة تدعى أن الإنسان هو يخلق أعماله حركاته وسكناته ونطقه ونظره وتفكيره. والقرءان يقول الله خالق كل شىء أى الجسم والحركات والأعمال. هاتان الفرقتان يعرفون اليوم بين الناس بالجماعة الإسلامية هم سموا أنفسهم يقصدون بذلك أنهم هم المسلمون لا غيرهم. والثانية حزب التحرير ويقولون للناس من مات قبل أن يبايع الخليفة ميتته كميتة عباد الأوثان، وهذه الفرقة أيضا ظهرت منذ نحو ستين سنة طلعت من فلسطين والتى قبلها طلعت من مصر فاحذروا هذه الفرق الثلاث يسلم لكم دينكم. والذين يعملون لنشر هذا يرجى لهم درجة الشهادة ولو ماتوا على فراشهم قال الرسول ﷺ «المتمسك بسنتى عند فساد أمتى فله أجر شهيد». فيا فوز من تعلم هذا ودعا الناس إليه وجد فى ذلك واجتهد وقد تحقق ما قاله الرسول فإنه فى هذا الزمن كثر من يحرفون سنة رسول الله أى شريعته العقيدة والأحكام أضاعوا ذلك تمسكوا بآرائهم ويدعون الناس إلى ذلك فالحذر الحذر منهم. والذين يعاكسون أولادهم وأزواجهم من السعى فى ذلك فقد حرموا خيرا كثيرا ويلحقهم ذنب كبير لأن عقيدة أهل السنة هى أصل الإسلام فمن فاتته فقد خسر خسرانا كبيرا ولا يرضى بذلك لنفسه من عرف قدر الآخرة. وقول الرسول ﷺ «سنتى» أراد العقيدة والأحكام ليس السنن النوافل وإن كانت النوافل لها شأن عظيم فى الدين.

     وقال رضى الله عنه قال العلماء القدماء الأولياء «مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك» إن تصورته جسما كبيرا فهو ليس كذلك وإن تصورته جسما صغيرا فهو ليس كذلك وإن تصورته جسما لطيفا فهو ليس كذلك وإن تصورته جسما كثيفا فهو ليس كذلك. الإمام ذو النون شيخ الصوفية حكيم الصوفية قال ذلك والإمام أحمد صاحب المذهب المعروف قال ذلك وكل العلماء كل قال مثل ذلك.

     وقال رضى الله عنه الله تعالى غنى عن كل شىء وهو شاء أن يكون الخلق قسمين قسم شاء أن يكونوا هادين مهتدين يكونوا فى الدنيا على الإسلام أتقياء وقسم ءاخرين علم وشاء أن يعيشوا ويموتوا كافرين.

الله تعالى له الأمر والحكم فعال لما يريد، لا يقال لم لم يخلق كل البشر هاديا مهديا حسن الخلق، فمن وفقه الله للإيمان والهدى والرشاد فهو من أهل النجاة وأما من ضل فلا يلومن إلا نفسه والله تعالى لا يجوز أن يعترض عليه فمن وفقه الله تعالى لأن يعيش مسلما ويموت مسلما فقد فاز بنعمة الله تعالى فليحمد الله وليسأل الله تعالى أن يثبته على الإيمان.

     وقال الإمام الهررى رضى الله عنه إن أفضل الأعمال التزام عقيدة أهل السنة والثبات عليها عقيدة وأحكاما، التزام مذهب أهل السنة عقيدة وأحكاما والثبوت على ذلك والدعوة إليها أى دعوة الناس ليتعلموها هذا أفضل الأعمال.

     الحمد لله الذى يسر لنا معرفة عقيدة أهل السنة والجماعة نحمده أن جعلنا ملتزمين لمذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة عقيدة وأحكاما فى هذا الوقت الذى كثرت فيه الدعاة إلى خلافها باستعمال طريق تلبيس وتمويه.

     وقال رضى الله عنه لا أحد يهدى من أضل الله، من أضله الله لا أحد يهديه لا ولى ولا ملك ولا نبى يبقى ضالا.

     وقال رضى الله عنه مذهب أهل السنة اليوم صار فى هذه البلاد كاليتيم.

     وقال رضى الله عنه الدفاع عن مذهب أهل السنة فرض مؤكد ومن أهمله فقد عرض نفسه لعذاب الله.

     وقال رضى الله عنه أوصيكم بأن تجتهدوا لدعوة الناس إلى مذهب أهل الحق أهل السنة والجماعة.

     وقال رضى الله عنه نحن أهل السنة نقول الله تعالى يثيب المتقين فضلا منه ليس فرضا عليه بحيث لو عذب المتقين لا يكون ظالما.

     لو عذب الأنبياء لا يكون ظالما هو لا يفعل لكن لو فعل لا يكون ظالما هذه عقيدة أهل السنة. أما هؤلاء الضالون المعتزلة يقولون فرض على الله أن يعطى العبد الثواب أما أهل السنة يقولون فضل منه يثيب المتقين أما العصاة يعذبهم عدلا منه. لا يقال كيف يعذبهم الله على معاصيهم التى حصلت منهم بمشيئته وعلمه، الذى يقول ذلك كافر (لأنه معترض على الله).

     الله تعالى هو خلق فى المؤمن الإيمان وهو أعانه على الإيمان والعمل الصالح فلله الفضل عليه ليس له فضل على الله ولا له دين على الله فلو لم يعط الأنبياء والأولياء الحسنات بل عذبهم لا يكون ظالما. حسناتهم من خلقها فيهم هو خلقها فيهم. كيف يكون ظالما إن لم يعطهم الثواب بل عاقبهم.

     هذا مذهب الصحابة ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا.

     الحنفية يقولون مستحيل على الله عقلا أن يعذب المتقين. الماتريدية هكذا يقولون، هذا خلاف لأنه خلاف الحكمة، الحكمة منه أن يثيب الطائعين الأنبياء والمتقين فمن قال خلاف هذا نسب إلى الله خلاف الحكمة وهذا مستحيل لكن نحن الأشاعرة أتباع أبى الحسن الأشعرى نقول ليس مستحيلا لكنه لا يفعل لأنه وعد المتقين بالنعيم المقيم وأن لا يصيبهم شىء من الأذى فى القبر والآخرة لأنه قال أنه يحسن إليهم وينعمهم ويحفظهم من الأذى والضرر فلا يخلف فى وعده، الإخلاف مستحيل عليه من حيث الشرع.

     التنزيه

     قال الإمام الهررى رضى الله عنه قال الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه «من قال الله جسم لا كالأجسام كفر» رواه الحافظ بدر الدين الزركشى فى كتابه تشنيف المسامع.

     وقال رضى الله عنه قال الإمام الشافعى رضى الله عنه «من قال أو اعتقد أن الله جالس على العرش فهو كافر» رواه ابن المعلم القرشى فى كتابه نجم المهتدى ورجم المعتدى.

     وقال رضى الله عنه قال الإمام أبو الحسن الأشعرى رضى الله عنه «من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه وإنه كافر به» فى كتابه النوادر.

     وقال رضى الله عنه قال الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه «سيرجع قوم من هذه الأمة عند اقتراب الساعة كفارا ينكرون خالقهم فيصفونه بالجسم والأعضاء».

     وقال رضى الله عنه قال الشيخ نظام الهندى «ويكفر بإثبات المكان لله» فى كتاب الفتاوى الهندية المجلد الثانى.

     وقال رضى الله عنه نقل الحافظ النووى عن الإمام المتولى الشافعى «أن من وصف الله بالاتصال والانفصال كان كافرا» فى كتاب روضة الطالبين.

     وقال رضى الله عنه قال الإمام محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقى الحنبلى «فمن اعتقد أو قال إن الله بذاته فى كل مكان أو فى مكان فكافر» فى كتابه مختصر الإفادات.

     وقال رضى الله عنه الله واجب علينا أن نعظمه وأن لا نستخف به فى حال الهدوء وفى حال الغضب.

     وقال رضى الله عنه الله تعالى أعلى من كل شىء قدرا أعلم من كل عالم أقدر من كل قادر رفيع الدرجات هذا حق.

     وقال رضى الله عنه البلاد الإسلامية فى الشرق والغرب يعلمون هذا، علماؤهم (يعلمون) أن الله موجود بلا مكان بلا حد بلا شكل من غير أن يتحيز فى جهة من الجهات أو فى جميع الجهات ومن غير أن يتحيز فى مكان واحد أو فى جميع الأماكن من دون هذا هو موجود. هذا سيدنا على رضى الله عنه صرح بنفى الحد عن الله. هذه عقيدة الصحابة وعقيدة التابعين وأتباع التابعين وهذا الإمام أبو جعفر كتابه مشهور فى الشرق والغرب على هذا كان هو ومشايخه وكل علماء أهل السنة على هذا كانوا.

     وقال رضى الله عنه العقل السليم إذا لم يعقه عائق يفهم أن هذه العوالم التى خلقها الله خالقها لا يكون مثلها.

     وقال رضى الله عنه هؤلاء المسلمون الذين هم مئات الملايين تعليمهم واعتقادهم أن الله تبارك وتعالى موجود بلا مكان ليس له كمية ليس جسما لطيفا كالنور والهواء ولا هو جسم كثيف كالإنسان والحجر والشجر وأن الشىء الذى له حد مخلوق، على هذا مئات الملايين من المسلمين. علماؤهم يدرسون العلم على هذا الوجه أن الله موجود بلا مكان وليس له حد لا حد صغير ولا حد كبير لأن الشىء الذى له حد يحتاج إلى من جعله على ذلك الحد الذى هو عليه. الشمس تحتاج إلى من جعلها على هذا الحد ليست هى خلقت نفسها على هذا الحد لا يصح فى العقل. والإنسان أربعة أذرع طولا وذراع عرضا مساحته لسنا نحن نخلق أنفسنا على هذا الحد بل كل هذه المخلوقات لها خالق جعلها على هذا الحد فلا يصح فى العقل أن يكون شىء من الأجرام هو خلق نفسه على الحد الذى هو عليه.

     فالله تبارك وتعالى الذى خلق هذه الأشياء التى لها أجرام لا يجوز أن يكون له جرم لا يجوز أن يكون له حد.

     وقال رضى الله عنه وجب تنزيه الله عن الحد والكمية وهذا شىء ثبت فى عبارات السلف الصالح. سيدنا على رضى الله عنه قال «من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود».

     وقال رضى الله عنه أصلان عظيمان من أصول العقيدة يجب العناية بهما أحدهما تنزيه الله عن مشابهة الخلق والآخر إفراده بالخلق والتكوين أى أنه لا خالق لشىء من الأشياء إلا الله.

     وقال رضى الله عنه الله تعالى خالق النور وخالق الأرواح وخالق الأجسام اللطيفة والكثيفة، الأجسام اللطيفة كالروح والريح والنور والظلام هذه أجسام لطيفة، الله هو خلقها، ما كانت موجودة، الليل والنهار ما كانا موجودين قبل أن يخلقهما الله، لما خلق الماء ثم خلق منه العرش ما كان نور ولا ظلام ولم يكن ليل ولا نهار ثم الأجسام اللطيفة والكثيفة ما كانت موجودة لم يكن شىء موجود إلا الله. الله كان قبل المكان قبل الجهات الست بلا مكان بلا جهة ثم الله تبارك وتعالى خلق الأجسام منها على حجم صغير ومنها على حجم كبير الذى خلق الحجم الصغير والحجم الكبير لا يكون حجما ليس حجما صغيرا ولا حجما كبيرا.

     وقال رضى الله عنه الله تعالى موجود ليس كمثله شىء، الأشياء الكثيفة كالإنسان والحجر والشجر والأشياء اللطيفة كالهواء والروح والملائكة، والملائكة فى أصل خلقتهم جسم لطيف لطيف لطيف، يستطيعون أن يدخلوا إلى صدر الإنسان ولا يحس بهم فالله تبارك وتعالى خلق هذا الجسم اللطيف كجسم الملائكة والجسم الكثيف كجسم البشر والحجر والشجر فهو لا كهذا ولا كهذا، الله لا يشبه هذا ولا هذا لذلك موجود بلا مكان، ولو كان عقل الإنسان لا يتصور موجودا بلا مكان يجب علينا أن نؤمن بأن الله موجود بلا مكان ليس كل موجود يتصوره قلب الإنسان.

     وقال رضى الله عنه يجب أن نعتقد أن الله موجود لا كالموجودات لا يجوز عليه التحيز فى مكان ولا فى جميع الأمكنة لا يجوز أن يملأ جميع الأمكنة ولا أن يختص بجهة العرش، الحق هو أن يعتقد أن الله موجود لا كالموجودات ليس حجما له حد، كذلك لا يجوز أن يكون الله تعالى جسما لطيفا كالنور لا يجوز، الله خالق النور كيف يكون نورا هو خالق الظلام فلا يشبه الظلام، الإنسان يتصور النور، والظلام وحده يتصوره أما أن لا يكون نور ولا ظلام هذا لا يستطيع إنسان أن يتصوره، عقل الإنسان لا يستطيع فالله تبارك وتعالى لا يستطيع الإنسان أن يتصوره فطريق النجاة هو أن يقال مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك هذا طريق النجاة هذا يوافق قول الله تعالى فى القرءان الكريم ﴿ليس كمثله شىء [سورة الشورى].

     وقال رضى الله عنه قول الله لا يحول ولا يزول ولا تدركه العقول هذه جميلة.