غَزْوَةُ أُحُـدٍ
وَقَعَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ.
وَجَاءَ فِي خَبَرِهَا أَنَّهُ لَمَّا أُصِيبَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ وَرَجَعُوا مُنْكَسِرِينَ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَ أَبُو سُفْيَانَ بِعِيرِهِ [أَيْ إِبِلِهِ]. وَمَشَى رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ أُصِيبَ ءَابَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَانَ بنَ حَرْبٍ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ مِنْ قُرَيْشٍ تِجَارَةٌ فَاجْتَمَعُوا عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلُوا بِبَطْنِ الْوَادِي الَّذِي قَبْلَ أُحُدٍ فَلَمَّا نَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكُونَ إِلَى أُحُدٍ فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَقَالُوا قَدْ سَاقَ اللَّهُ إِلَيْنَا بِأُمْنِيَتِنَا.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ رُؤْيَا فَأَصْبَحَ فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الرُّؤْيَا وَأَوَّلَهَا بِقَتْلِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ حَيْثُ نَزَلُوا فَإِنْ أَقَامُوا بِشَرِّ مقَامٍ وَإِنْ هُمْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ اخْرُجْ بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا لا يَرَوْنَ أَنَّا جَبِنَّا عَنْهُمْ وَضَعُفْنَا .
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ أَقِمْ بِالْمَدِينَةِ وَلا تَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ الَّذِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ حُبُّ لِقَاءِ الْقَوْمِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَبِسَ دِرْعَهُ وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ نَدِمَ النَّاسُ فَقَالُوا اسْتَكْرَهْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَنَا فَإِنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لامَتَهُ أَيْ ءَالَةَ الْحَرْبِ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ».
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ [وَهُوَ اسْمُ حَائِطٍ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ] انْخَزَلَ [أَيْ تَرَاجَعَ] عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ الْمُنَافِقُ بِثُلُثِ النَّاسِ وَكَانَ لِوَاءُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا سَأَلَ الرَّسُولُ عَنْ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَعَلِمَ أَنَّهُ مَعَ طَلْحَةَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ أَعْطَى اللِّوَاءَ لِمُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ.
وَأَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرُّمَاةِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ جُبَيْرٍ وَالرُّمَاتُ خَمْسُونَ رَجُلًا وَجَعَلَهُمْ نَحْوَ خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ لَهُمْ »لا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ إِنْ رَأَيْتُمْ أَنَّنَا قَدْ هَزَمْنَاهُمْ فَإِنَّا لا نَزَالُ غَالِبِينَ مَا ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ».
ثُمَّ الْتَقَى الْجَيْشَانِ وَحَمَلَتْ خَيْلُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ تُرْمَى بِالنُّبُلِ فَتَرْجِعُ مَغْلُولَةً وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ فَنَهَكُوهُمْ قَتْلًا، فَلَمَّا أَبْصَرَ الرُّمَاةُ الْخَمْسُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَتَحَ لإِخْوَانِهِمْ تَرَكُوا مَنَازِلَهُمُ الَّتِي عَهِدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يَتْرُكُوهَا وَتَنَازَعُوا وَفَشِلُوا وَعَصَوِا الرَّسُولَ. فَلَمَّا أَبْصَرَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ اجْتَمَعُوا وَأَقْبَلُوا وَصَرَخَ صَارِخٌ قَدْ قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَقَطَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَقُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ.
وَأَوَّلُ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ فَصَاحَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ فَنَهَضُوا.
وَكَانَ أُبَيُّ بنُ خَلَفٍ قَدْ حَلَفَ أَنْ يَقْتُلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ طَعَنَهُ الرَّسُولُ بِحَرْبَتِهِ فَوَقَعَ عَنْ فَرَسِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ طَعْنَتِهِ دَمٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِمَ مَكَّةَ.
وَجَمِيعُ مَنِ اسْتَشْهَدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلًا.
فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ لِيُعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَزِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ وَلا انْهَزَمَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ وَلا عَلِيٌّ فِي رِجَالٍ مِنْ أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ السَّابِقِينَ وَالأَنْصَارِ الأَوَّلِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
أَسْئِلَةٌ:
(1) مَتَى حَصَلَتْ غَزْوَةُ أُحُدٍ.
(2) بِمَا أَوَّلَ النَّبِيُّ الرُّؤْيَا الَّتِي رَءَاهَا.
(3) كَمْ كَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَمَاذَا فَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ الْمُنَافِقُ.
(4) كَمْ كَانَ عَدَدُ الرُّمَاةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ كَانَ أَمِيرُهُمْ.
(5) مَاذَا فَعَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ.
(6) كَمْ كَانَ عَدَدُ شُهَدَاءِ أُحُدٍ.