بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الْمَسْجِدِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَقَدْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِى صَلاةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَقِرَاءَتِهِ الآيَاتِ مِنْ ءَاخِرِ سُورَةِ ءَالِ عِمْرَانَ، قَالَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَعْنِى الصُّبْحَ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ وَهُوَ يَقُولُ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِى قَلْبِى نُورًا وَفِى لِسَانِى نُورًا وَاجْعَلْ فِى سَمْعِى نُورًا وَاجْعَلْ فِى بَصَرِى نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِى نُورًا وَمِنْ أَمَامِى نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِى نُورًا وَمِنْ تَحْتِى نُورًا اللَّهُمَّ أَعْطِنِى نُورًا». الْمَقْصُودُ بِالنُّورِ هُنَا النُّورُ الْمَعْنَوِىُّ أَىْ خَيْرًا فِى كُلِّ هَذِهِ الأَعْضَاءِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ فِى مُسْنَدِهِ وَابْنُ مَاجَه فِى سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِىُّ فِى الدَّعَوَاتِ الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَبِحَقِّ مَمْشَاىَ هَذَا فَإِنِّى لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلا بَطَرًا وَلا رِيَاءً وَلا سُمْعَةً خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِى مِنَ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِى ذُنُوبِى إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ». قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِىُّ فِى تَخْرِيجِ الأَذْكَارِ «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ». الْبَطَرُ الأَشَرُ وَالْبَطَرُ شِدَّةُ الْمَرَحِ أَىْ مِشْيَةُ التَّكَبُّرِ. وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالصَّالِحِينَ فَإِنَّ فِى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ» دَخَلَ فِى كَلِمَةِ السَّائِلِينَ الأَنْبِيَاءُ وَالأَوْلِيَاءُ وَغَيْرُهُمْ.