الأحد ديسمبر 22, 2024

 

8-  إجتماعه ﷺ ببعض أهل المدينة

كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ مَوْسِمِ الْحَجِّ يَجْتَمِعُ إِلَى الْقَبَائِلِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَاجْتَمَعَ ذَاتَ يَوْمٍ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَأَسْلَمُوا وَقَالُوا لَهُ: إِنَّا سَنَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَنَدْعُو قَوْمَنَا إِلَى الإِسْلامِ العظيم، وَوَاعَدُوهُ إِلَى الْمَوْسِمِ مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ صَارُوا يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى الإِسْلامِ العظيم فَأَسْلَمَ قِسْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهَؤُلاءِ كَانُوا يُسَمَّوْنَ الأَنْصَارَ. ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ أَتَى الْمَوْسِمَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ وَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَلا يَسْرِقُوا وَلا يَزْنُوا وَلا يَقْتُلُوا أَوْلادَهُمْ وَلا يَأْتُوا بِبُهْتَانٍ وَلا يَعْصُوهُ فِي مَعْرُوفٍ، وَأَرْسَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُصْعَبَ بنَ عُمَيْرٍ لِيُعَلِّمَهُمْ أُمُورَ الدِّينِ فَأَسْلَمَ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ إِلَّا دَخَلَهَا الإِسْلامُ العظيم. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى الْمَوْسِمِ فِي مَكَّةَ نَحْوُ سَبْعِينَ شَخْصًا فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا. ثُمَّ لَمَّا جَاءَ الأَمْرُ بِالْهِجْرَةِ، عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُويِعَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَلْحَقُوا بِالْمَدِينَةِ، فَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَاجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.    وَأَتَى جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَهُ بِأَنْ لا يَبِيتَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي يَبِيتُ فِيهِ. فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَنَامَ فِي فِرَاشِهِ وَيَتَغَطَّى بِرِدَائِهِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ الأَمَانَاتِ إِلَى أَصْحَابِهَا، وَخَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَوْمُ عَلَى بَابِهِ وَمَعَهُ حَفْنَةٌ مِنْ تُرَابٍ فَجَعَلَ يَنْشُرُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿يس وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَّا أُنْذِرَ ءَابَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ فَأَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ فَلَمْ يَرَوْهُ.