الإثنين ديسمبر 8, 2025

س45: ما الدليل على جواز لبس الحرز الذي فيه قرءان ونحو ذلك، وليس الذي فيه طلاسم محرمة؟

قال تعالى: {وننزل من القرءان ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82].

قال عبد الله بن عمرو: «كنا نعلم([1]) صبياننا الآيات من القرءان، ومن لم يبلغ([2]) نكتبها على ورقة ونعلقها على صدره».اهـ. الترمذي، سنن الترمذي، (كتاب الدعوات، عن رسول الله ﷺ، باب 94، 5/541).

[1])) هو يحدث عن شيء كان يعمله هو وغيره.

[2])) ولو بلغ لا مانع إذا علق هذا الحرز.

* روى الحافظ ابن حجر العسقلاني في «نتائج الأفكار» (3/118): «وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع، وفي رواية إسماعيل: «إذا فزع أحدكم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون». فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من بنيه أن يقولها عند نومه، ومن لم يبلغ كتبها ثم علقها في عنقه. [قال الحافظ العسقلاني:] هذا حديث حسن، أخرجه الترمذي عن علي بن حجر عن إسماعيل بن عياش، وأخرجه النسائي [في عمل اليوم والليلة] عن عمرو بن علي الغلس عن يزيد بن هارون».

* وروى ابن أبي الدنيا في كتاب «العيال» (2/868) عن حجاج قال: «أخبرني من رأى سعيد بن جبير يكتب التعاويذ للناس».اهـ. البيهقي، السنن الكبرى، (كتاب الضحايا، باب النشرة، 9/590). وأما الحديث الذي رواه أبو داود في سننه (كتاب الطب، باب تعليق التمائم، 6/31): «إن الرقى والتمائم والتولة شك». فليس معناه التمائم والتعاويذ التي فيها قرءان أو ذكر الله، لكن الوهابية حرفت الحديث، والتمائم معروف معناها في اللغة وهي الخرز كانت الجاهلية تضعها على أعناق الغلمان، كما أن الرقى التي قال الرسول ﷺ عنها: «شرك» هي رقى الجاهلية وما كان في معناها، وليس المراد بها الرقى التي فعلها الرسول ﷺ وغيره من الصحابة، فالوهابية يحرفون الكلم عن مواضعه.

* ومما يدل على ما ذكرنا ما رواه ابن حبان في صحيحه (كتاب الحظر والإباحة، باب التواضع والكبر والعجب، 6/ 386، 387 (من حديث ابن مسعود t «أن رسول الله ﷺ كره عشرا: تغيير الشيب، وخاتم الذهب، والضرب بالكعاب، والرقى إلا بالمعوذات» الحديث. معنى الحديث أنه إن كان فيه معوذات {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: 1] و{قل أعوذ برب الناس} [الناس: 1] وما كان من القرءان أو ذكر الله، ما نهى الرسول ﷺ عنه، إنما نهى عن التي ليس فيها قرءان ولا ذكر الله، الوهابية تكذب على الرسول ﷺ ويحرمون ذلك مطلقا؛ بل يقولون عن لبس الحرز: إنه شرك، وفي المدينة المنورة إذا رأوا الحاج يحمل حرزا يحاولون أن يقطعوه ويقولوا بألسنتهم: هذا شرك. كذبوا هذا ليس شركا، إنما الشرك هو ما كان فيه عبادة للشياطين والأوثان، أما ما كان فيه ذكر الله وءايات من القرءان فالتبرك به حق.

* وفي كتاب «مسائل الإمام أحمد» لأبي داود السجستاني (ص349 ): «أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو داود قال: رأيت على ابن لأحمد وهو صغير تميمة في رقبته من أديم. أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أبو داود، سمعت أحمد سئل عن الرجل يكتب القرءان في شيء ثم يغسله ويشربه، قال: أرجو أن لا يكون به بأس».اهـ.».اهـ. ومعنى قوله: «تميمة»: حرز، ولا يعني التميمة التي هي خرزات وثبت النهي عنها بقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك». وتلك التمائم التي نهى الرسول ﷺ عنها كان أهل الجاهلية يعلقونها على أعناقهم، يعتقدون أنها بطبعها تحفظ من العين ونحوها من دون اعتقاد أنها تنفع بإذن الله، ولهذا الاعتقاد سماها الرسول ﷺ شركا، كما أنه ذكر الرقى في هذا الحديث، لأن الرقى منها ما هي شركية ومنها ما هي شرعية، فرقى الجاهلية التي جعلها الرسول ﷺ شركا كان فيها دعوة الشياطين والطواغيت، ومعلوم أنه كان لكل قبيلة من العرب طاغوت، وهو شيطان ينزل على رجل منهم فيتكلم على لسانه، فكانوا يعبدونه. وأما الرقى الشرعية فقد فعلها رسول الله ﷺ وعلمها أصحابه، وأما التمائم فإن المسلمين من عهد الصحابة كانوا يستعملونها للحفظ من العين ونحوها بتعليقها، وتتضمن شيئا من القرءان أو ذكر الله.

* وفي كتاب «معرفة العلل وأحكام الرجال» (3/338) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: «حدثني أبي [ثم ساق سنده] عن الشعبي قال: لا بأس بالتعويذ من القرءان يعلق على الإنسان».اهـ.

* وفي كتاب «مسائل الإمام أحمد»، لابنه عبد الله (ص447): قال عبد الله بن أحمد: «رأيت أبي يكتب التعاويذ للذي يصرع وللحمى لأهله وقراباته، ويكتب للمرأة إذا عسر عليها الولادة في جام [وعاء] أو شيء لطيف».اهـ. شمس الدين بن مفلح الحنبلي، الآداب الشرعية، 2/ 441 . ففيه من النقول عن الإمام أحمد من ذلك الشيء الكثير.

* وأما حديث: «من علق تميمة فلا أتم الله له»، وحديث: «من تعلق شيئا وكل إليه»، رواهما البيهقي في السنن الكبرى، فقد قال البيهقي عقب روايته لهما ولغيرهما من الأحاديث: «وهذا كله يرجع إلى ما قلنا من أنه إن رقى بما لا يعرف، أو على ما كان من أهل الجاهلية من إضافة العافية إلى الرقى لم يجز، وإن رقى بكتاب الله أو بما يعرف من ذكر الله متبركا به وهو يرى نزول الشفاء من الله تعالى فلا بأس به وبالله التوفيق».اهـ. البيهقي، السنن الكبرى، 9/590.