الإثنين ديسمبر 8, 2025

س23: تكلم على أنواع البدع، وما الدليل على وجود بدعة حسنة؟

البدعة لغة هي كل ما أحدث على غير مثال سابق له، أما من حيث([1]) الشرع فتنقسم إلى بدعة هدى وبدعة ضلالة.

قال تعالى: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان اللـه}([2]) [الحديد: 27].

الحديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجره وأجر من عمل بها من بعده»([3]) الحديث. مسلم، صحيح مسلم (كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة […]، 2/704).

وقد أحدث الصحابة([4]) ومن بعدهم كثيرا من الأمور الحسنة في الدين، وتلقتها الأمة بالقبول، كعمل المحاريب([5])، والأذان الثاني لصلاة الجمعة، وتنقيط المصحف([6])، وعمل المولد الشريف([7]).

[1])) البدعة شرعا: ما أحدث مما لم يرد لا في القرءان ولا في الحديث.

* لما جمع عمر t الناس على صلاة التراويح قال: «نعم البدعة هذه».اهـ. البخاري، صحيح البخاري (كتاب صلاة التراويح، باب في من قام رمضان، 2/707).

[2])) تلاميذ لعيسى u تركوا الزواج تفرغا للعبادة، وكان ذلك جائزا في شريعة عيسى u. الطبري، تفسير الطبري، 22/427. وهم لم يحرموا هذا. وهو جائز في شرعنا.

[3])) جاء بعض أهل الصفة إلى النبي ﷺ فشكوا إليه أنه ليس عندهم الطعام ولا اللباس، فتمعر (تلون من الغضب) وجه الرسول ﷺ، فدعا الناس ثم خطب فيهم وحثهم على الصدقة، فتصدقوا، فلما اجتمع الشيء الكثير عنده تهلل وجه الرسول ﷺ ثم قال: «من سن في الإسلام» الحديث.

[4])) مما فعله الصحابة y:

في عهد أبي بكر t جمع القرءان في بيت واحد عقب قتال المرتدين. البخاري، صحيح البخاري، (كتاب التفسير، باب {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128]، 4/1155، 1156).

عمر t جمع الناس للتراويح. السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص245.

في عهد عثمان t كتب القرءان في نسخ، ووزعه عثمان في الأمصار، وزاد الأذان الثاني لصلاة الجمعة. السيوطي، تاريخ الخلفاء، 280.

[5])) أحدث إنشاء المحاريب عمر بن عبد العزيز t. وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، ص370.

[6])) أحدثه أحد التابعين يقال له يحيـى بن يعمر. ابن أبي داود السجستاني، المصاحف، ص141.

[7])) ذكر ذلك ابن كثير في «البداية والنهاية» (13/136، 137)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (22/234 – 336)، وابن تيمية في الكتاب المسمى «اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم»، 2/126، وهذا ما نصه ابن تيمية: «فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم، لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله ﷺ».اهـ. وللحافظ السيوطي رسالة سماها «حسن المقصد في عمل المولد» في «الحاوي للفتاوى» (1/181 – 189)، كما للحافظ السخاوي مدح وثناء على عمل المولد في «الأجوبة المرضية» (1116 – 1120).

* قال الإمام الشافعي t: «المحدثات من الأمور ضربان، أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا، فهذه البدعة الضلالة، والثانية ما أحدث من الخير ولا يخالف كتابا أو سنة أو إجماعا، وهذه محدثة غير مذمومة».اهـ. البيهقي، مناقب الشافعي، ص469. ابن عساكر، تبيين كذب المفتري، ص97.

* قال الحافظ النووي: ««البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله محمد ﷺ، وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة. وقال الشيخ أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام في آخر كتاب «القواعد»: «البدعة منقسمة إلى: واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة». قال: «والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة»». اهـ. النووي، تهذيب الأسماء واللغات، 1/22.