الإثنين ديسمبر 8, 2025

س18: ما الدليل على جواز زيارة القبور؟

الحديث: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة»([1]). البيهقي، السنن الكبرى، (كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، 4/127، 128).

[1])) هذا الحديث ليس فيه تخصيص بالذكور.

* حديث: «لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج». البيهقي، السنن الكبرى، (كتاب الجنائز، باب ما ورد في نهيهن عن زيارة القبور، 4/130، 131).

معنى «المتخذين عليها المساجد»: لا يجوز أن نبني مسجدا على قبر لتعظيم هذا القبر بالصلاة إليه، حرام، يكون شبيها بعبادته، لو لم يقصد الشخص عبادة هذا القبر، لكن شبيه. والسرج الأضواء، فالذي يشعل الشمع مثلا من أجل تعظيم هذه البقعة، لا بنية أن ينتفع بعض المسلمين الذين يكونون في هذا المكان للقراءة في المصحف أو كتاب علم أو كتاب ذكر، إنما مجرد الإشعال في هذا المكان عندهم فيه خصوصية، لأن صاحب المقام على زعمهم يقضي لهم الحاجات، من أجل تعظيمهم لمقامه، ويزعمون أنه يدفع عنهم البلاء، هؤلاء فعلهم مردود غير مقبول عند الله، هؤلاء ملعونون، لأن هؤلاء والعياذ بالله كعبدة الأوثان الذين يعبدون الأحجار أو الأشجار، هؤلاء مثلهم. هذا منكر من المنكرات.

أما «زوارات القبور» فمعناه: النساء اللاتي يكثرن من زيارة القبور. هذا قبل أن يحل الله زيارة القبور، لأن زيارة القبور كانت حراما على الرجال والنساء، ثم أحلها الله تعالى فقال عليه الصلاة والسلام بعدما جاءه الوحي بالإذن: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها». الحاكم، المستدرك، (كتاب الجنائز، 1/532). النهي الذي كان قبل أن تنزل الرخصة بالوحي من الله إلى الرسول ﷺ بالتحليل انتسخ. أما اتخاذ القبور مساجد وإشعال السرج، أي: الأضواء على القبور فبقي حراما.

* عند أبي حنيفة: زيارة القبور للرجال والنساء فيها ثواب. الشرنبلاني، متن نور الإيضاح، ص66 مجموعة علماء، الفتاوى الهندية، 5/429.

* عند الشافعي: للرجال سنة، وللنساء جائزة (لكنها مكروهة). النووي، المجموع شرح المهذبن 5/285. ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة أولى بالعمل به، فالمرأة إذا لم تتزين ولم تتعطر، وذهبت إلى قبر من يخصها بقرابة أو لا يخصها، إنما هو قبر مسلم فلها ثواب، حتى في حال الحيض لو ذهبت فسلمت تسليما ولم تقرأ القرءان يجوز، ولها ثواب، لأن الحيض يمنع من قراءة القرءان، ولا يمنع من الاستغفار والصلاة على النبي ﷺ والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، ولا يمنع من دعاء الله تعالى.

* من بدع الوهابية تحريمهم الصلاة في مسجد فيه قبر، واحتجوا بحديث البخاري (كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي ﷺ […]، 1/468) في الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، وفي قول عائشة 1: «ولولا ذلك لأبرزوا قبره»، تعني قبر رسول الله ﷺ. فالجواب عن احتجاجهم بهذا الحديث أن الحديث محمول على من يقصد الصلاة إلى القبر لتعظيمه، وهذا يتصور عن كان بارزا غير مستور، وإلا فلا حرمة، وذلك بأن لا يقصد المصلي الصلاة إليه لتعظيمه، أو يكون مستورا، فإنه إن لم يكن بارزا لا يقصد بالصلاة إليه، أما مجرد وجود قبر في مسجد لم يقصده المصلي بالصلاة إليه فلا ينطبق عليه الحديث المذكور، ولذلك نصت الحنابلة على أن الصلاة في المقبرة مكروهة ولا تحرم، والوهابية يدعون أنهم حنابلة، وما أكثر ما يخالفون الإمام أحمد في الأصول والفروع! يكفي في عدم حرمة الصلاة في مسجد فيه قبر قول عائشة 1: «ولولا ذلك لأبرزوا قبره». ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء المعتبرين في السلف والخلف. ومما يدل على عدم التحريم والكراهية إذا لم يكن بارزا ما ورد بإسناد صحيح أن مسجد الخيف قبر فيه سبعون نبيا، حتى إن قبر ءادم على قول هناك قرب المسجد، وهو مسجد كان يصلى فيه زمن الرسول ﷺ إلى وقتنا هذا، وهذا الحديث أورده الحافظ ابن حجر العسقلاني في «المطالب العالية» (7/175). وقال الحافظ البوصيري: «رواه أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح».اهـ. البوصيري، مختصر إتحاف السادة المهرة، 1/347.

وأما حديث صحيح مسلم (كتاب تلقين الموتى لا إله إلا الله، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، 2/688). «لا تصلوا إلى القبور» فهو محمول على اختلاف أحوال القبر على التفصيل السابق.