س10: هل يأتي الدعاء بمعنى العبادة؟
نعم.
قال تعالى: {قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا} [الجن: 20]، معناه أعبد الله([1])، وقال تعالى: {فلا تدعوا مع اللـه أحدا} [الجن: 18].
الحديث: «إن الدعاء هو العبادة»([2]). البخاري، الأدب المفرد، (باب: فضل الدعاء، 1/185)، ومعنى العبادة هنا الحسنات.
[1])) أتت كلمة الدعاء هنا بمعنى العبادة. قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]، معناه: اعبدوني أثبكم على طاعتي. النسفي، تفسير النسفي، 3/218.
* إن جهل الوهابية بمعنى الدعاء الوارد في القرءان في مواضع كقوله تعالى: {يدعو لمن ضره أقرب من نفعه} [الحج: 13] وقوله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون اللـه من لا يستجيب له} [الأحقاف: 5] أدى بهم ليظنوا أن هذا الدعاء هو مجرد النداء، ولم يعلموا أن معناه هنا العبادة التي هي غاية التذلل، فإن المفسرين قد أطبقوا على أن ذلك الدعاء هو عبادتهم لغير الله على هذا الوجه، ولم يفسره أحد من اللغويين والمفسرين بالنداء، لذلك صار هؤلاء يكفرون من يقول: يا رسول الله أو يا علي أو يا جيلاني أو نحو هذا،
في غير حالة حضورهم، في حياتهم وبعد وفاتهم، ظنا منهم أن هذا النداء هو عبادة لغير الله، ألم يعلم هؤلاء أن القرءان والحديث لا يجوز تفسيرهما بما لا يوافق اللغة، وماذا يقول هؤلاء فيما رواه البخاري في الأدب المفرد، باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله، 1/536. عن ابن عمر 5 أنه خدرت رجله، فقيل له: «اذكر أحب الناس إليك»، فقال: «يا محمد»، فهل يكفرونه لهذا النداء أو ماذا يفعلون؟ وماذا يقولون في إيراد البخاري لهذا؟ هل يحكمون عليه أنه وضع في كتابه الشرك ليعمل به؟ وعلق عليه ناصر الألباني أحد مراجع الوهابية بأنه ضعيف وليس شركا، مع أن الألباني ليس من أهل التحقيق والعلم، وليس محدثا.
* الخدر مرض شبه التشنج، وليس ما يسمى عند العامة «التنميل».
[2])) معنى الحديث أن الدعاء الذي هو الرغبة إلى الله -كما عرف بذلك علماء اللغة – فالدعاء من أعظم أنواع العبادة، بمعنى ما يتقرب به إلى الله، لأن الصلاة التي هي أفضل ما يتقرب به إلى الله بعد الإيمان مشتملة على الدعاء، فهذا من العبادة التي هي أحد إطلاقي لفظ العبادة في عرف أهل الشرع، كإطلاقها على انتظار الفرج، وهذا الإطلاق راجع إلى تعريف العبادة العام الذي هو غاية التذلل، لأن العبد عندما يدعو الله تعالى راغبا إليه، بما أنه خالق المنفعة والمضرة، فقد تذلل له غاية التذلل. ثم من المعلوم أن العبادة تطلق من باب الحقيقة الشرعية المتعارفة عند حملة الشريعة على فعل ما يتقرب به إلى الله، وقد وردت فيما صح عن رسول الله ﷺ بمعنى الحسنة، كقوله ﷺ: «وأفضل العبادة انتظار الفرج»، أي: من أفضلها، أي حسنة يتقرب بها إلى الله، وبهذا المعنى الصدقة والصيام وعمل المعروف والإحسان إلى الناس، وهذا شائع كثيرا. أخرجه الترمذي في السنن (كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، 5/565)، والطبراني في المعجم الكبير، (10 /101).