باب فيه (ذكر أمرائه ﷺ) جمع أمير وهم الذي ولاهم رسول الله ﷺ على
بعض البلاد والقضاء والصدقات وموسم الحج

 (أمر) أي عين رسول الله ﷺ (باذان) بن ساسان أميرا يلي (بلاد اليمن) أي أمرها، وهو أول أسلم من ملوك العجم بعد البعثة^([1])، كان نائب كسرى على اليمن فأسلم بعد هلاكه كسرى وهو نائبه على اليمن (ثم) لما مات باذان استعمل رسول الله ﷺ (ابنه) أين ابن باذان ويسمى (شهرا) فأمره ﷺ (بصنعا)ء الـ(ـيمن) والإضافة إلى اليمن هي لتمييزها عن صنعاء الشام^([2]).

(و)استعمل رسول الله ﷺ (ابن أبي أمية) المسمى (المهاجرا) والألف للإطلاق، فكان أميرا على صدقات قبيلة (كندة و)صدقات (الصدف) بفـتح الصاد وكسر الدال، واسم الصدف مالك الكندي^([3]) وسبق ذكر وفده في الوفود، (فـ)ـبينا الـمهاجر يتجهز و(قبل أن سرى) أي قبل أن يمضي الـمهاجر (لعمله) الذي أمره رسول الله ﷺ عليه (قضى النبي) ﷺ (بالموت) فلم يسر الـمهاجر كندة والصدف، ووقعت فتنة الـمرتدين من العرب فبعثه أبو بكر رضي الله عنه إلى قتال الـمرتدين^([4]) ثم ولاه على اليمن^([5]).

(كذا) ولى رسول الله ﷺ (زياد بن لبيد) ابن ثعلبة العامري الأنصاري البدري (حضرموت) وهي ناحية واسعة في شرقي عدن اليمن بقرب البحر وحولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف^([6]).

(كذا) ولى النبي ﷺ عبد الله بن قيس (أبا موسى) الأشعري رضي الله عنه (زبيدا) بفتح الزاي وكسر الباء (وعدن) بإسكان النون وإسقاط التنوين موافقة للغة ربيعة أو للضرورة، وزبيد وعدن مدينتان باليمن، (و)ولاه ﷺ أيضا (زمع) بفتح الزاي وإسكان النون وإسقاط التنوين موافقة للغة ربيعة أو للضرورة، وزبيد وعدن مدينتان باليمن، (و)ولاه ﷺ أيضا (زمع) بفـتح الزاي وإسكان الـميم وهو منزل من منازل قبيلة حمير^([7])، ويقال لها زمعة، (و)قد ولاه (الساحل) أيضا أي ساحل بحر عدن (من أرض اليمن) بالإسكان للوزن.

(كذاك) أي كما قد ولى النبي ﷺ أبا موسى فـ(ـقد ولى) أيضا (معاذا) ابن جبل رضي الله عنه (الجند) بفتح الجيم والنون وهي إحدى ولايات اليمن، فلليمن ثلاث ولايات: الجند ومخاليفها^([8])، وصنعاء ومخاليفها، وحضرموت ومخاليفها^([9]).

(كذاك) ولى النبي ﷺ (عتابا) بفتح العين وتشديد التاء أي ابن أسيد بفتح الألف وكسر السين (على خير بلد) في الأرض أي مكة الـمكرمة، وهو أول من ولاه رسول الله ﷺ موسم الحج بالـمسلمين سنة ثمان فحج بالناس سنة الفتح^([10])، وأقره أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله ﷺ على مكة^([11]).

فائدة: القول بأن مكة خير بلاد الأرض هو الذي جرى عليه جماهير العلماء^([12])، لكن ذهب الإمام مالك رضي الله عنه إلى أن المدينة أفضل، وهو الذي نقل عن عمر وبعض الصحابة رضي الله عنهم، لكن يلحظ عند القائلين بتفضيل مكة على المدينة قيد ما قال الحطاب المالكي بأنه «قيل: مكة أفضل من المدينة بعد إجماع الكل على أن موضع قبر النبي ﷺ أفضل بقاع الأرض»^([13])، ونقل عن ابن عقيل الحنبلي أن الموضع الذي ضم جسد النبي الشريف أفضل من العرش^([14]).

 (كذاك قد ولى) النبي ﷺ (أبا سفيانا) بألف الإطلاق (صخر بن حرب بعد ذا) أي بعد زمان إرسال عتاب (نجرانا) بفتح النون وإسكان الجيم وألف الأطلاق وهو موضع باليمن فتح سنة عشر للهجرة.

(كذا) ولى رسول الله ﷺ (ابنه) أي ابن أبي سفيان صخر بن حرب ويسمى (يزيد) ناحية بتبوك (أي) ولاه (تيماء) بفتح التاء وإسكان الياء ممدودة، وهي بلد في بادية تبوك بين الشام ووادي القرى^([15]).

(و)وولى رسول الله ﷺ (ابن سعيد) ابن العاص أي (خالدا) رضي الله عنه (صنعاء) اليمن بعد أن قتل الأسود العنسي الكذاب عاملها شهر بن باذان^([16])، واستمر عليها خالد حتى مات رسول الله ﷺ.

(كذاك) ولى رسول الله ﷺ (عمرا) بفتح العين ابن سعيد بن العاص (أخه) أي أخا خالد (وادي القرى) وهي قرية بنواحي تبوك.

(و)كذلك ولى رسول الله ﷺ (حكما) ابن سعيد (أخاهما) أي أخا خالد وعمرو (على قرى عرينة) بالتصغير وهي فدك^([17]) وغيرها^([18])، والتنوين في «عرينة» للضرورة.

(كذاك) أي كما ولى رسول الله ﷺ خالدا وعمرا ما ولاهما فهو (أيضا) قد (أعطى أخاهما) أي أخا خالد وسعيد (أبان) بن سعيد أي ولى ﷺ بأمر صادره (منه) أبان (الخطا) بفتح الخاء وتشديد الطاء وألف الإطلاق، والخط معروف أيضا بخط عمان ويشمل قرى كالقطيف والعقير وقطر، وإليه تنسب الرماح الخطية، ياقوت^([19]).

(كذلك) استعمل رسول الله ﷺ (ابن العاص) أي (عمرا) بفتح العين (بعمان) أي عليها، وسبق الكلام على إرسال النبي ﷺ عمرا إلى ابني الجلندي بعمان.

(كذا على الطائف) بلاد ثقيف (ولى) رسول الله ﷺ (عثمان) بالإسكان للوزن (إبن أبي العاصي) بإثبات الياء، وسبق في الوفود أن ثقيفا قدمت على رسول الله ﷺ وفيهم عثمان بن أبي العاص، وثبت عثمان على الطائف إلى وفاة النبي ﷺ ثم أقره أبو بكر ثم استعمله بعده عمر عمان والبحرين.

 (كذاك) أي وكتولية من سبق قد (وليا) بألف الإطلاق أي بأمر رسول الله ﷺ (محمئة الأخماس) أي ولي على أخماس الـمسلمين من الغنائم، والمشهور في اسم حمئة كونه بالياء بدل الهمز، وهو محمية بن جزء – بفتح الجيم – ابن عبد يغوث.

(ثم وليا) بألف الإطلاق (علي) ابن أبي طالب رضي الله عنه (القضاء) وهو حديث السن (و)ولي أيضا (الأخماسا) بالألف الإطلاق، وكلاهما أي القضاء والأخماس استعمله رسول الله ﷺ عليها (بيمن) وقد ثبته رسول الله ﷺ حين أرسله وقال له: «إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء»، وقد ثبت أن رسول الله ﷺ ضرب في صدر علي مثبتا له ثم دعا فقال: «اللهم اهد قلبه وثبت لسانه»، قال علي: فما شككت بعد في قضاء بين اثنين، (فكان) رضي الله عنه (فيه) أي في القضاء بعد ذلك (راسا) بإبدال الهمزة ألفا أي صار مقدما في القضاء حتى إن رسول الله ﷺ قال: «أقضاكم علي».

(كذاك) أي كما أمر من سبق فقد (أمر) رسول الله ﷺ (ابن حاتم) أي (عدي) على الصدقات، و«عدي» بفـتح العين وكسر، وتخفيف الياء فيه للضرورة، وكان رضي الله عنه عاملا (في صدقات) قبيلتي (طيئ وأسد) خاصة (وغيره) أي غير عدي (من أمراء الصدقة) الذي ولاهم رسول الله ﷺ كانت أي هذه الأمراء (تجمع) الصدقات (من قبائل) بالتنوين للضرورة (مفرقة) أي متعددة، فكان على كل قبيلة وال يقبض صدقاتها، ولذلك كان عمال الصدقات كثيرين.

(وأمر) رسول الله ﷺ أبا بكر (الصديق) رضي الله عنه (في الحج) بالناس معه ثلاثمائة رجل وعشرون بدنة (لدى سنة تسع) من الهجرة (و)أمر ﷺ (عليا في الندا)ء أي أن ينادي علي في الناس (أن لا يحج) على عادة المشركين (بعد عامي) أي بعد هذا العام (مشرك) ولا يطوف بالبيت عريان، (و)أمر رسول الله ﷺ عليا أن (يقرأ السورة) أي سورة التوبة، فقرأها علي رضي الله عنه حتى ختمها، وقد (خاب المشرك) بعد ذلك أكثر مما خاب من قبل.

(أما الألى) أي الذين (أمرهم) أي عينهم رسول الله ﷺ أمراء (في البعث) أي ليخرجوا في بعوث وسرايا (فـ)ـقد (ذكروا في كل بعث بعث) معطوف بحذف العاطف.

([1]) المواهب اللدنية، شهاب الدين القسطلاني، (1/554).

([2]) قال ياقوت في «معجم البلدان» (3/429): «قرية على باب دمشق دون الـمزة مقابل مسجد خاتون».

([3]) نهاية الأرب، أبو العباس القلقشندي، (ص62).

([4]) سبل الهدى والرشاد، محمد الصالحي الشامي، (11/339).

([5]) إمتاع الأسماع، تقي الدين الـمقريزي، (6/251).

([6]) شرح الـمواهب اللدنية، شهاب الدين الزرقاني، (5/59).

([7]) معجم ما استعجم، أبو عبيد البكري، (2/702).

([8]) أي: قراها التابعة بها.

([9]) مراصد الاطلاع، ابن شمائل القطيعي، (1/350).

([10]) شرح الـمواهب اللدنية، شهاب الدين الزرقاني، (5/59).

([11]) الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، (4/356).

([12]) شرح صحيح مسلم، محيي الدين النووي، (9/164).

([13]) مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، شمس الدين الحطاب، (3/344).

([14]) الخصائص الكبرى، جلال الدين السيوطي، (2/351).

([15]) معجم البلدان، ياقوت الحموي، (2/67).

([16]) المختصر الكبير، عز الدين بن جماعة، (ص121).

([17]) قرية بخيبر، وهي ممنوعة من الصرف.

([18]) الوافي بالوفيات، صلاح الدين الصفدي، (1/81).

([19]) معجم البلدان، ياقوت الحموي، (2/378).