الأحد ديسمبر 7, 2025

وفد بني عامر

ووفد عليه ﷺ أيضا وفد من بني (عامر) وفيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وجبار ابن سلمى، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم، فقدم عامر على رسول الله ﷺ يريد الغدر به والعياذ بالله، وجبار بن سلمى هو قاتل عامر بن فهيرة ببئر معونة وقيل إنه أسلم مع من أسلم فيما بعد من بني عامر، فقال قوم عامر له: «يا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم، فقال لهم: والله لقد كنت ءاليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي أفأتبع عقب هذا الفتى من قريش؟ ثم قال الأربد: إذا قدمنا على الرجل فسأشغل عنك ودهن، فإذا فعلت ذلك فأعله بالسيف، فإن الناس إذا قتلت محمدا لم تزد على أن تلتزم بالدية وتكره الحرب فسنعطيهم الدية، فقال الأربد: افعل.

فلما قدموا على النبي ﷺ، وكان قد انتهى إليه ﷺ أمر عامر والأربد، فجلسا بين يديه ﷺ وقال عامر: يا محمد خالني([1])، فقال: «لا والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له»، فقال: يا محمد خالني، وجعل يكلمه وينتظر من الأربد ما كان أمره به لعل الأربد لا يحير شيئان فلما أبى عليه رسول الله ﷺ قال: «أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا» فلما ولى قال رسول الله ﷺ: «اللهم اكفني عامر بن الطفيل».

فلما خرجوا من عند رسول الله ﷺ قال عامر للأربد: ويحك يا أربد، أين ما كنت أمرتك به؟! والله ما كان على ظهر الأرض رجل أخوف عندي على نفسي منك، قال: لا أبا لك، لا تعجل علي فوالله ما هممت بالذي أمرتني به من مرة إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف؟! ثم خرجوا راجعين إلى بلادهم حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول، ثم خرج أصحابه حين واروه حتى قدموا أرض بني عامر فأتاهم قومهم قالوا: ما وراءك يا أربد؟ فقال: لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي فأرميه بالنبل هذه حتى أقتله، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما.

وأنزل الله عز وجل على نبيه ﷺ إخبارا عن حفظه تعالى نبيه مما أراده به عامر وفيما قتل به أرد: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} إلى قوله تعالى: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال} [الرعد: 10 – 13].

([1]) أي: اختل بي.