الأحد ديسمبر 7, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [والمُجتَهِدُ قد يُخطئ وقد يُصِيبُ].

(الشرحُ): أنَّ المجتهد المرادَ هنا هو مَن جمع أمورًا مِمَّا لا يكون المجتهد مجتهدًا إلا بها وهي الإسلامُ، وحفظُ ءَايَاتِ الأحكامِ، وأحاديثِ الأحكامِ، ومعرفةُ العربية الأصلية، ومعرفةُ الناسخ والمنسوخ، والمطَلقِ والمقيَّدِ، والعامِّ والخاصِّ، وإجماعِ الفقهاء واختلافهم، مع قوةِ القريحة. هذا هو المجتهد الذي إن اجتهد فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد. وبقِيَ شرطُ العدالةِ وهِيَ أداء الواجبات واجتناب الكبائرِ والإصرارِ على الصغائرِ والتزام المروءة فَمِنَ الأصوليينَ مَن قال بأنه شرطٌ للاجتهادِ ومنهم مَن قال إنه ليس شرطًا للاجتهادِ ولكنه شرطٌ لجوازِ استفتاءِ المجتهدِ وتقليدِهِ إذْ لا يجوزُ استفتاءُ غير العدلِ ولا تقليدُهُ إجماعًا.

أما مَن يَجتهد مِن غير أنْ يكونَ جامعًا لشروطِ الاجتهاد فلا يُعذر إن أخطا ولا يدخل تحت حديث [إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد] اهـ لأن هذا ليس له حقُّ الاجتهاد بل هذا إذا قال برأيه فصادف الصواب فهو عاصٍ لأنه تجرَّأ على الفتوى مع عدم الأهليةِ.  ويشهد لذلك حديثُ أبي داود القضاةُ ثلاثةٌ واحدٌ في الجنّة واثنان في النار. اهـ الحديثَ إذ فيه جعلُ قاضٍ قضى بجهلٍ من الذين يستحقون النار.

وقد بيَّن هذه المسألةَ مفصَّلةً أبو سليمان الخطابيُّ والحافظُ ابن دقيق العيد وغيرهما.

قال المؤلف رحمه الله: [ورُسُلُ البشرِ أفضلُ من رُسُل الملائكةِ، ورُسُلُ الملائكَةِ أفضلُ من عَامَّةِ البشرِ، وعَامَّةُ البشرِ أفضلُ من عامَّةِ الملائكةِ والله أعلم].

(الشرحُ): أنَّ الأنبياءَ أفضلُ خلقِ اللهِ على الإطلاقِ ثم يَليهم خاصةُ الملائكةِ وهم لمقصودونَ بقوله [رسل الملائكة] ثم عامَّةًُ البشر الذين هم أولياءُ مِن أتباع الأنبياءِ ومثلُهُم في الفضلِ أولياءُ الجِنِّ ثمَّ عامَّةُ الملائكةِ أيْ مَنْ سِوَى خواصِّهم ثم عامةُ المؤمنينَ من إنسٍ وجِنٍّ. ومَن زعمَ أنَّ وليًّا مِن الأولياءِ أفضلُ من أيِّ نبِيٍّ مِن الأنبياء فهو كافرٌ. والله أعلم.

وقد تمَّ اختصارُ شرحِ هذه العقيدة بفضل الله الكريم في عامِ تسع وثلاثينَ وأربعمِائةٍ وألفٍٍ وءَاخِرُ دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين وصلى اللهُ على سيدنا محمد وعلى ءَالِهِ وأصحابِهِ الطاهرينَ.