الدرس الثاني عشر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰن الرَّحِيمِ
درس ألقاه المحدث الشيخ عبد الله بن محمد العبدريّ رحمه الله تعالى في سويسرة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة وألف من الهجرة الشريفة الموافق لسنة إحدى وتسعين وتسعمائة وألف ر في لوزان وهو في بيان وجوب العمل بالسُّنَّة وأصول الإيمان.
قال رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد أشرف المرسلين وسلم.
أما بعد فقد قال الله تبارك وتعالى في سورة النور: {قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}([i]) في هذه الآية دليل على أن العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض كما أن العمل بالقرءان فرضٌ. الله تعالى أنزل على رسول الله نوعين مِن الوَحْي الوَحْيُ القرءانِيّ والوحيُ الحديثِيُّ فمن أنكر واحدًا منهما فقد كفر. بعض الناس من أهل هذا العصر يكون في قلوبهم ما فيها من الزغل والفساد فيتسترون أمام الناس بقولهم لا نعمل إلا بالقرءان نعمل بالقرءان فقط فهؤلاء ملحدون لأنه لو كان لا يجب الأخذ بالحديث إلّا بالقرءان ما ذكر الله تبارك وتعالى إلا طاعته ما ذكر طاعة الرسول لكنه ذكر طاعته وطاعة الرسول أمرنا بطاعته سبحانه وتعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ففهمنا أن الحديثَ العملُ به أي قولِ الرسول وفِعْله فرضٌ لازم كما أن ما نصَّ عليه القرءان فرض لازم.
ثم إن الحديث الذي يجب العمل به هو ما رواه الثقات، الصحابة لا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيُّ فردٍ واحدٍ منهم لا يكذب على النبي عليه الصلاة والسلام، الصحابيُّ إذا روى حديثًا عن رسول الله فهو عدل في روايته عن رسول الله لا يُتَّهَمُ بالكذب أما في مَن بعد الصحابة فيُشترط أن يكون الراوِي ثقةً، كذلك فيمن بعد التابعيّ يشترط أن يكون الراوِي ثقة. معنى الثقة هو الذي سَلِمَ من المعصية الكبيرة ومن الإصرار على الصغيرة بحيث تزيد معاصيه على طاعاته فمن غلبَتْ معاصيه طاعاته فهذا ليس ثقة. فالحديث الذي يرويه أناس من التابعين وممن بعدهم مَنْ هُمْ ثقةٌ بمعنى أنهم عدولٌ سالمون من الكبائر ومن أن تكثر صغائرُهم وتزيد على حسناتهم، مَن سَلِمَ من ذلك وكان أيضًا متخلّقًا بخلق أمثاله لا يتعاطى عملًا الناسُ يعتبرونه رذالة وخساسة ودناءة مثل الذي يُطَيّرُ الحمام فإنّ تَطيِيرَ الحمام يُنافي العدالة لأن نفوس الناس لا تثق به، كذلك الرَّقَّاص لو كان يؤدّى الفرائض ويجتنب المحرمات الرقَّاص وأمثاله ليسوا مقبولين في رواية الحديث عن رسول الله فمن سلم من الكبائر والإصرار على الصغائر أيْ من أن تزيد صغائرهم على حسناتهم وكان متخلقًا بأخلاق أمثاله لا يكون ممن يتعاطى ما يكون عند الناس خساسةً محلًّا للتهمة والنفور عن قبول كلامه فهو عدلٌ، فالحديث الذي يرويه هؤلاء يجب العمل به كما يجب العمل بالقرءان، أما هؤلاء الملحدون المتسترون بدعوى أنهم لا يعرفون الحديث الصحيح من غيره يقولون الحديث اختلط ما يدربنا بالصحيح منه من غير الصحيح فهؤلاء يقال لهم الحديث له أهلٌ ميَّزوا صحيحَهُ عن سقيمه فما صحَّحَهُ أهل الحديث فهو كلام الرسول فهو الذي أمرنا الله تبارك وتعالى أن نطيع الرسول الذي عناه بقوله: {وََأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}([ii]). هذا الحديثُ الذي يرويه هؤلاء الثقات لو ثقةٌ واحد عن مثله رواه فيجب العمل به كما يجب العمل بما جاء في القرءان ثم إن كل ما ثبت عن رسول الله من الفرائض والنوافل يُسَمَّى سنَّةَ رسول الله أيْ طريقته ليس معنى السنة في الأصل ما قابل الفرض، لا، هذا اصطلاحٌ للفقهاء، الفقهاءُ في مؤلفاتهم إذا أرادوا الفرق بين الفرض وغيره من أمور الدين من أعمال الدين يقولون هذا فرض هذا سنة أما في الأصل فالسُّنَّة تشمل الفرائض والنوافل، كلُّ ما جاء به رسول الله يقال له سنةٌ، سنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إذا أريد تمييزُ ما هو فرض مما هو ليس بفرض يقال هذه سُنّة واجبةٌ سُنّة مفروضة وهذه سُنّة غير مفروضة غير واجبة يُمَيَّزُ على هذا الشكل وهذا الذي عناه رسول الله بالحديث المشهور الصحيح([iii]) الذي ذكر فيه الستة الذي لعنهم الله ولعنهم كل نبيّ مجاب ذكرَ الرسولُ في هؤلاء الستة التاركَ لِسُنَّتِه الـمُفارِق للجماعة قال: «والتاركُ لسُنَّتِي» قال في تعداد هؤلاء الستة «والتارك لسُنَّتِي المفارق للجماعة» معنى التارك لسنتِي أي العقيدةِ التي أنا جئتُ بها التي هي أصول العقيدة وفروعها، العقيدةُ لها أصولٌ ولها فروعٌ ولها أصلُ الأصولِ، العقيدة منها أصولٌ ومنها أصلُ هذه الأصول ومنها أصول ليست بمثابة هذه بل اقل منها أهمية، أصل أصولِ العقيدة هو معرفة الله ورسوله أي الإيمان بهما ليس مجرد المعرفة [أي العلم] لأن مجرد المعرفة لا يكون الإيمانَ الذي يوجِبُ النجاة في الآخرة وذلك لأن الإنسان قد يعرف الشيء وينكره مع معرفة قلبه، ينكر الشيءَ الذي يعرفه قلبُهُ كما قال الله تبارك وتعالى عن اليهود {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ}([iv]) معنى هذه الجملة أن اليهود كانوا يعرفون أن محمدًا نبي الله، كيف كانوا يعرفون لأن كتابهم التوراة وكتبَ الأنبياء الآخرين وكتبَ علمائهم المسلمين كانت تذكُرُ محمدًا صلى الله عليه وسلم بنعته وصفته فهم وَصَلَ إليهم هذا فعرفوا أن محمدًا نبيّ الله لكن عنادًا ينكرونه يكذبونه بألسنتِهم وقلوبُهم تعرفه تعرفُ أنه نبِيٍ، هذه معرفةٌ بلا تصديق معرفةً بلا إذعانِ المعرفةُ إذا اقترن بها الإذعان أي رضا النفس بالشيء الذي عَرَفْتَهُ، إذا نفسُكَ رضيتْ بالشيء الذي عَرَفْتَهُ بقلبك فهذا هو الإيمان، أما مجرد المعرفة مع عدم الإذعان ليس إيمانًا مقبولًا عند الله إنما الإيمان الذي هو مقبول عند الله الذي يوجب لصاحبه الخلودَ في الجنة والنجاةَ من الخلود في النار هي المعرفة التي قارنها إذعانُ النفس أي قبول النفس، إذا اجتمعت المعرفة والقبولُ في القلب هذا هو الإيمان، مجرد المعرفة لا تكفي لكن إذا قلنا الإيمان معرفة الله ورسوله فالمراد تلك المعرفة التي يَقترن بها الإذعانُ القلبيّ.
المراد بالسُّنَّة في هذا الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام في تعداد الستة الذين لعنهم الله ولعنهم الأنبياء «والتارك لسُنتي المفارق للجماعة» من ترك عقيدة أهل السُّنَّة التي كان عليها الصحابة ثم التابعون ثم أتباع التابعين وهلم جرًّا، الأُمَّةُ لا تخرج عن ذلك، جمهور الأمّة لا يخرجون عن تلك العقيدة فهؤلاء الذين شَذُّوا في العقيدة عمّا كان عليه الصحابة ومن تبعهم هؤلاء الذين لعنهم الله ولعنهم كلُّ الأنبياء أما من خالف في الأعمال بأن ارتكب محرّمًا أو ترك فرضًا من الفرائض العملية ليست من الفرائض الاعتقادية فهذا يستحق العقاب لكن ليس مثل أولئك الذين شذوا في العقيدة عمّا كان عليه الصحابة ومن تبعهم.
هِيَ هذه العقيدة منها معرفة الصفات الثلاث عشرة الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والوحدانية والقيام بالنفس أي استغناء الله عن كل شيء أنه لا يحتاج إلى غيره لا ينتفع بأحد ولا ينضرُّ بأحد والقدرة والإرادة والعلم والسمع والبصر والكلام والحياة هذه الصفات الثلاثَ عشرةَ يقال لها أصول العقيدة هذه الصفات الثلاث عشرة أهم من كل العقائد بالنسبة لخطورة إنكارها أو الشك فيها فمن أكر صفة واحدة من هذه الثلاث عشرة أو شكَّ في قلبه فهو غير مؤمن غير مسلم عند الله.
ثم يبقى من أصول العقيدة الستة التي فسر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الإيمان بها في حديث جبريل لمَّا جاءه جبريل بصورة إنسان لا يعرفه ولا يعرفه أحد من الصحابة سأله عن الإسلام الرسولُ فسر له الإسلام بخمسة أشياء هذه الخمسة عمليَّةٌ شيْءٌ يعمله الإنسان بجوارحه ببدنه وفسر له الإيمان بستةِ أشياءَ اعتقاديةٍ ليست عمليةً قال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره». اهـ. وفي لفظٍ والقدر كله. اهـ. هذه الستةُ تُلْحَقُ بتلك الأصول أي أصول العقيدة الثلاثَ عشرةَ صفة وإنما كانت تلك أهمَّ بالنسبة لمن شك فيها أو أنكرها لأن هذه الثلاث عشرة يدل عليها العقل مع النقل، العقلُ دليلٌ على ثبوتِها للهِ تلك الصفات الثلاث عشرة العقل دليلٌ، لو لم يَرِد القرءان بها فالعقل يدل على أن الله لا بد أن يكون متصفًا بها فلا يعذر أحدٌ لو كان ممن أسلم اليوم لا يعذر في إنكارها أو الشكِّ فيها، لا يعذر، فمن أنكر واحدة منها أو شك فإنه ليس بمسلم ليس بمؤمن عند الله لأن هذه الثلاثَ عشرة العقل يدل عليها لو لم يكن لها ذكر في القرءان مع أنها مذكورة في القرءان بعضها باللفظ وبعضها بالمعنى هذه الثلاث عشرة من أنكرها فهو كافر لا يُعذر لو كان قريبَ عهد بإسلام ولو كان عاش بعيدًا من الأرض التي يوجد بها علماء لو كان عاش بعيدًا من البلد التي فيها أهل العلم لا يعذر، أما ما سوى ذلك كالصلوات الخمس فإذا إنسان عاش ببلد ليس فيها عالم يُحدّث الناس عن أمور الدين أنَّ في الإسلام خمسَ صلواتٍ مفروضاتٍ وأنَّ في الإسلام صيامَ شهر واحد من السنة رمضان وأنَّ في الإسلام زكاةَ الأموال وأنَّ في الإسلام حجَّ بيت الله الحرام وأنَّ في الإسلام النطقَ بالشهادتين لو عاش في بلدٍ لا يُتحدث فيها من صغره إلى الوقت الذي هو فيه ما سمع من أحد لكنه عرف اعتقد بقلبه أنه لا أحد يستحق أن يُعبد إلا الله الذي لا يُشبه شيئًا وأن محمدًا رسولُه صادقٌ في كل ما جاء به من قِبَل الله عرف من الإسلام هذين الأمرين فقط [وما سمع] أن هناك الصلوات الخمسةَ وأن هناك صيامَ رمضان وأن هناك زكاةً وأن هناك حجَّ بيت الله الحرام ما سمع بهذه كلها، أو كان قريب عهد بإسلام لا يعرف أن المسلمين من دينهم هذه الأشياء لا يعرف أسلم من أسبوع من شهر من شهرين أو أكثر هذا يُعذر بمعنى لا يكفر إن أنكرَ هذه الأشياء لا يكفر لأنه ما سمعها ولا العقل يدل عليها، العقل لا يدلُّ على أن الصلوات الخمسَ فرض وأن صيام رمضان فرض وأن الحج فرض وأن الزكاة فرض، لولا ورودُ السمع أي الخير من الله تبارك وتعالى عن طريق النبيّ ما عرفنا هذه الأشياء، لذلك قريب عهد بالإسلام ومن عاش في أرضٍ لا يَسمع فيها بأمور الإسلام لا يكفر إن أنكرها أو شك فيها، يُعَلَّمُ ثم بعد أن يَعْلَمَ أن هذا من دين الإسلام إن عاد إلى الإنكار أو الشك عندئذٍ يكفر. أما هذه الصفاتُ الثلاثَ عشرةَ وجودُه وكونُه أزليًّا لا ابتداء لوجوده وكونُه غنيًا عن كل شيء مستغنيًا عن كل شيء وكونُه واحدًا لا ثانيَ له وكونُه باقيًا لا يلحقُه فناء وكونه عالمًا بكلّ شيء وكونُه قادرًا على كل شيء وكونه سميعًا بصيرًا على ما يليقُ به ليس على معنى سَمْعِ المخلوق وبصرِهِ وكونُه مخالفًا للحوادث أيْ لا يشبه العالم لا يشبه أيَّ شيء مما أحسسناه بأبصارنا ومما لم نحسّ بأبصارنا كالعرش، الآن العرشُ نحن ما رأيناه مع ذلك مخلوق من المخلوقات له حدٌّ لا شكَّ، له مِساحة، مهما اتسعت ومهما بَعُدت مساحته فالعقل السليم يعلم بأن الله تعالى ليس شيئًا له حدٌّ لأن الشيْءَ الذي له حد يحتاج إلى مَن جعله على ذلك الحد، الشيءُ لا يجعل نفسه على الحد الذي هو عليه وكونه حيًّا أيْ متصفًا بحياة هي صفة أزلية ليست كحياة المخلوقين حياةُ المخلوقين هي بالروح واللحم والدم حياةُ الإنسان توجد بوجود الروح واللحم والدم وكونه متكلمًا أي له كلام لكنه لا يشبه كلام المخلوقين كلام المخلوقين له ابتداءٌ وانتهاء وله ترتيب أما الله تعالى متصف بكلام ليس هكذا ومع ذلك أنزل كتبًا سماويةً على بعض الأنبياء هذه الكتب عبارة عن ذلك الكلام ذلك الكلام الذي هو ثابت لذات الله تعالى ليس حادثًا أي ليس شيئًا يُبتدأ ثم يُختم لا يوجد شيء منه ثم ينقضِي ثم يوجد شيء منه ثم ينقضِي [ليس هكذا]، هذه الصفات العقلُ لو لم يرد الشرع يَعْلَمُ بثبوتها لله تعالى لذلك إنكار واحدة من هؤلاء الثلاثَ عشرةَ كفرٌ سواء كان المنكِرُ قريب عهد بإسلام أو ناشئًا ببلد بعيدة من علماء الإسلام في الحالين يكفر.
هي هذه الصفات الثلاثَ عشرةَ العقلُ يقضِي بثبوتها لله تعالى لو لم ينزل القرءان بها على أن القرءان نزل بها لكن في القرءان لم تأتِ معدودةٌ على هذا الترتيب الوجود والوحدانية والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر والحياة، القرءانُ دلَّ على معانيها لو لم يسردها على الترتيب كما نحن نسردها عند تعليم الناس، القرءان مشتمل عليها، يُفْهَمُ معانيها من عدة مواضع من القرءان القيام بالنفس مثلًا هو معنى قول الله تعالى: {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وكذلك بقية الصفات الثلاث عشرة تفهم من القرءان لو لم ترد باللفظ الذي نحن نسرده عند التعليم فأيّ إنسان أنكر قدرة الله على كل شيء أو شكَّ في ذلك هذا لا يُعذر بل يَكفر ولا يُقال هذا قريب عهد بإسلام هذا نشأ بأرض بعيدة من العلماء بل يكفر أما تلك الأشياء الصلواتُ الخمس وصيامُ رمضان والحجُّ والزكاةُ هذه إذا كان الشخص قريب عهد بإسلام ما كان يسمع أن المسلمين من دينهم هذه الأشياء ما سمع، أو كان وَلَدَهُ أبوان مسلمانْ ثم تركاه في شاهقٍ ليس فيه أحد يعرفُ ويتكلمُ بأمور الدين فهذا لا يكفر إن أنكر شيئًا من هذه الأشياء، كذلك لا يكفر إن أنكر حرمة الزنى وأكل لحم الخنزير وشربِ الخمر إن أنكر هذه الأشياء أيضًا لجهله لأنه ا سمع أن دين الإسلام يحرّم هذه الأشياء فاستحلها لا يكفر بل يُعلَّم ثم بعد أن يَعْلَمَ ويَعرفَ أن هذا دينَ الإسلام تحريمُ هذه الأشياء الزنى والسرقة وشربِ الخمر وأكل لحم الخنزير والقمار ونحو ذلك والربا وضرب المسلم بغير حق إذا أنكرها فإنه يكفر أما قبل أن يعلم إذا جهلها وتكلَّم بخلاف الواقع في دين الله لا يكفر لأن هذه الأشياء لا يدل عليها العقلُ، الصلوات الخمس لا يدل العقل على وجوبها وكذلك الصيام صيام رمضان وكذلك الحج وكذلك الزكاة العقل لا يدل على وجوبها لولا أن الشرع ذكرها لولا أن الرسول بيَّنها ما كنا نعرف أن هذه الأشياء فرض أما الصفات الثلاث عشرة لو لم يذكرها الله ورسوله العقل يعرف، العقل الصحيح يعرف لأن العقل الصحيح يعرف أن هذا العالم ما وُجد من دون موجِد لا يصح في العقل الصحيح وجود هذا العالم من دون موجِدٍ من دون مكوّنٍ ولا يصح في العقل أن يكون مكوّن هذا العالم يشبه العالم بل العقل يقضِي بأن مكون هذا العالم لا يشبهه.
كان في زمن سيدنا عمر رجل أسلم من وقت قريب ثم بين الناس صار يتحدث بين الناس يقول عن نفسه إنه زنى، هذه الليلة زنَيْتُ، يعني كأنه لا بأس بهذا عنده من شدة جهله لكونه قريب عهد بإسلام كان يتحدث كأنَّه ما فيه بأس كأنه عمل شيئًا لا بأس به فأُخْبِرَ سيدنا عمر فقال عَلِّمُوه أنه حرامٌ أنَّ الزنى حرام ما قال هذا كَفَرَ ارتدَّ كيف يعتقد أن الزنى حلالٌ لم يقل إنه مرتد قال علّموه فإن عاد بعد ذلك فاقتلوه إذا استحلَّها بعد أن يعرف أنّ الزنى حرام في دين الإسلام إن عاد فاستحلَّها يجوز قتله([v]).
انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.
([i]) سورة النور، الآية: (54).
([ii]) سورة النور، الآية: (54).
([iii]) رواه ابن حبان في صحيحه في ذكر لعن المصطفى مع سائر الأنبياء أقوامًا من أجل أعمال ارتكبوها.