الأحد أبريل 27, 2025

باب الحَجِّ وَالعُمْرَةِ

  • عن أبِي سَعِيدٍ الخُدرِيّ رضي الله عنه قالَ: قالَ لِي رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ عَبْدًا أَصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ وَوَسَّعْتُ عَلَيْهِ الـمَعِيشَةُ فَتَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوامٍ لا يَفِدُ إِلَّيَّ لَمَحْرُوْمٌ([1])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه سعِيدُ بنُ منصُورٍ وابنُ حبّان.
  • عن عائشةَ رضي الله عنها «أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أفْرَدَ الحَجَّ»([2]). هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه أبو داودَ والترمذِيُّ وابنُ ماجهْ.
  • عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهُما قال: «أهْلَلْتُ([3]) معَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالحَجِّ مُفْرِدًا». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِم.
  • عن جابِرٍ رضي الله عنه قال: «إنّما أهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالحَجِّ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه البَيهقيّ.
  • عن مُعصبِ بنِ سُلَيمٍ قال: سَمِعتُ أنسَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه يقول: «سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلُّ بالعُمْرةِ والحجِّ جَمِيعًا». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عن بَكرِ بنِ عبدِ اللهِ الـمُزَنِيّ عن أنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أهَلَّ بهِما – يعنِي: الحجَّ والعُمرةَ – قال: فلَقِيتُ ابنَ عُمرَ فقال: «إنَّما أهَلَّ بالحَجِّ»، فرجَعتُ إلى أنَسٍ فأخبَرتُه فقال: «ما تَعُدُّونَنا إِلَّا صِبْيانًا([4])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أبو عَوانةَ.
  • عن حُمَيدِ بنِ هِلالٍ قال: سَمِعتُ مُطَرِّفَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ يُحدِّثُ عن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رضي الله عنهُما قال: قال لِي: ألَا أُحدِّثُكَ حدِيثًا لَعلَّ اللهَ يَنفَعُكَ بِه، إنّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جمَعَ بَينَ حَجٍّ وعُمرةٍ ثُمّ لَم يَنْهَ عَنهُ بَعدُ ولَم يَنزِلْ قُرءانٌ يُحَرِّمُه. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِم وابنُ ماجَه والنَّسائِيّ.
  • عن بَكرِ بنِ عبدِ الله الـمُزَنِيّ قال: ذكَرتُ لابنِ عُمرَ رضي الله عنهُما أنّ أنسَ بنَ مالكٍ رضي الله عنهُما قال: أهَلَّ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالحَجِّ والعُمرةِ جَمِيعًا، فقال: وَهِمَ أنَسٌ، إنّما أهَلَّ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالحَجِّ وَحْدَه وأَهْلَلْنا معَه، فلَمّا قَدِمَ مَكّةَ قال: «مَنْ لَمْ يَسُقِ الهَدْيَ فَلْيَجْعَلْها عُمْرةً»([5])، فأَحلَلْنا، وكانَ معَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُدْيٌ فلَم يُحِلَّ. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد.
  • عن نافِعٍ أنّ ابنَ عُمرَ قَرَنَ بَينَ الحجِّ والعُمرةِ فطافَ لهُما طَوافًا واحِدًا([6])، وقال: «هكذا فعَلَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه ابنُ خُزيمةَ عن عبدِ الجَبّارِ.
  • عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنه قال: «قَرَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ فَطافَ لَهُما طَوافًا واحِدًا». هذا حدِيثٌ حسَنٌ رِجالُه مُوثَّقون، أخرجَه ابنُ خُزيمةَ.
  • عن جابرٍ رضي الله عنه قال: طافَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالبَيتِ سَبْعًا رَمَلَ ثلاثًا([7]) ومَشَى أربعًا ثُمّ قَرأَ {واتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهيمَ مُصَلًّى}([8]) [سُورة البقَرة: 125] فصَلَّى سَجدتَين جَعَلَ الـمَقامَ بَينَه وبَينَ الكَعبةِ ثُمّ استَلَمَ الرُّكنَ([9]) ثُمّ خرَجَ إلى الصَّفَا فقَرأ: {إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ} [سُورة البقَرة: 158]: «فابْدَؤُوا بِما بَدَأَ اللهُ بِه». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه النَّسائيّ وابنُ خُزَيمةَ.
  • عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهُما قال: حدّثني عمرُ بنُ الخطّابِ رضي الله عنه قال: حدّثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَتانِي اللَّيلةَ ءاتٍ مِن رَبِّي([10])» وهو بالعَقِيقِ([11]) أنْ صَلِّ فِي هَذا الوَادِي الـمُبارَكِ وقُلْ: عُمْرةٌ في حَجَّة([12])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه البُخاريُّ.
  • عن مَروانَ بنِ الحَكَم قال: شَهِدتُ علِيًّا وعثمانَ رضي الله عنهما بَينَ مكّةَ والمدِينةِ وعُثمانُ يَنهَى عن الـمُتْعةِ([13]) وأنْ يُجمَعَ بينَهُما، فلَمّا رَأى ذلك علِيٌّ أهَلَّ بهِما جميعًا بالحجِّ والعُمرةِ، فقال له عثمانُ: تَرانِي أنهَى النّاسَ عن شَيءٍ وأنتَ تُفعَلُه، قال: ما كُنتُ لأدَعَ سُنّةَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم لقَولِ أحدٍ مِن النّاسِ. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ والبخاريُّ والنَّسائيّ.
  • عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: «حَجَّ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثلاثَ حِجَجٍ حَجَّتَينِ قَبلَ هِجرَتِه وحَجّةً بَعدَ هِجرَتِه قَرَنَ مَعَها عُمرةً»([14]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه التّرمذيّ.

وكأنّ المرادَ بالحجَّتَين قَبلَ الهِجرةِ ما اطّلَعَ علَيه جابِرٌ وغيرُه مِنَ الأنصارِ مِمّن حَضرَ بَيعةَ العَقبةِ، وإلّا فَلا يُظَنُّ بِهصلى الله عليه وسلم أنّه يَتَخَلَّفُ عن الحَجّ في إقامتِه بِمكّةَ لا بَعد البِعثةِ ولا قَبلَها.

  • عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهُما عن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أَهَلَّ([15]) بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ ثُمّ لَمْ يَحِلَّ([16]) حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا([17])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الترمذِيُّ.
  • عن عائشةَ رضي الله عنها أنّها حاضَتْ بِسرِفٍ([18]) وطَهُرَتْ بِعَرَفةَ فقال لها النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُجْزِئُكِ طَوافٌ واحِدٌ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ»([19]). هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه البَيهقيّ عن الحاكِم.
  • عن الرَّبِيعِ بن سُلَيمانَ أنبأَنا الشافعِيُّ أنبأَنا مُسلِمُ بنُ خالِدٍ عن ابنِ جُرَيجٍ عن عَطاءٍ أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لِعائِشَةَ: «طَوَافُكِ بالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالـمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» هذا حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ أخرجَه أبو داودَ عن الرَّبِيعِ بنِ سُلَيمانَ.
  • عن سُفيانَ الثَّورِيّ عن ابنِ جُرَيجٍ عن عَطاءٍ عن عائِشةَ رضي الله عنها أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: «يَكْفِيكِ طَوافٌ وَاحِدٌ بَعْدَ الـمُعَرَّفِ([20]) لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ». أخرجَه الطبَرانيّ مِن طرِيقِ الثَّورِيّ والدّارَقُطنيّ.

وإذَا اختَلَفَ مُسلِمُ بنُ خالدٍ والثَّوريُّ قُدِّمَ الثَّوريُّ ولا سِيَّما ومعَه الوَصلُ، فالحدِيثُ صحِيحٌ، وقد جاءَ في «الصّحِيحَين» في هذا المعنَى أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه لَم يَطُوفُوا بحَجّهِم وعُمرَتِهم إلّا طَوافًا واحِدًا.

  • عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أنّه سُئِل: كَمِ اعتَمَرَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «اعتَمرَ مرَّتَين»، فقالت عائشَةُ رضي الله عنه: «لقَد عَلِمَ أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم اعتَمرَ ثلاثًا سِوَى الّتي قَرَنَها بِحَجّةِ الوَداعِ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أبو داود.
  • عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رضي الله عنها قالت: قلتُ يا رسولَ الله هَل على النّساء جِهادٌ؟ قال: «نَعَمْ، جِهادٌ لا قِتالَ فيه([21])، الحجُّ والعُمْرَةُ([22])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ مِن هذا الوجهِ أخرجَه ابنُ ماجه.
  • وقد أخرَج النّسائيُّ مِن حدِيث أبي هُرَيرةَ مَرفوعًا بسنَدٍ صحيحٍ قالَ: «جِهادُ الكَبِير والصَّغِيرِ والضَّعِيفِ والـمَرْأَةِ([23]) الحَجُّ والعُمْرةُ».
  • عن أمّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الحجُّ جِهادُ كُلِّ ضَعِيفٌ»([24]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
  • عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُّما صَبيٍّ حَجَّ ثُمَّ أَدْرَكَ([25]) فعَلَيهِ أنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه ابن خُزيمةَ.
  • عن زَيدِ بنِ أسلَمَ وغيرِه أنّ رَجُلًا أتَى ابنَ عُمرَ رضي الله عنهُما فقال: بِـمَ أهَلَّ([26]) النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: بِالحَجِّ، فانصَرَف، ثُمّ أتاهُ العامَ القابِلَ فقال: بِمَ أهلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألَمْ تَأتِني عامَ أوَّلَ؟ قال: بلَى ولَكِنّ أنَسًا يَزعُمُ أنّه قَرَنَ، فقال ابن عُمرَ: إنّ أنَسًا كان يَدخُلُ علَى النِّساءِ وهُنَّ مُكَشَّفاتُ الرُّؤوسِ([27])، وإنِّي كُنتُ عِندَ ناقةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَمَسُّنِي لُعابُها أسمَعُه يُلَبِّي بالحَجّ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو عَوانةَ عن العبّاسِ بنِ الولِيد.

[1])) قال المناويّ في فيض القدير (2/310)، والتيسير (1/276): «قولُه: (تَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ)، أي: لا يَزُورُ بَيتِي وهو الكَعبةُ، أي: لا يَقصِدُها بنُسُكٍ (لَمَحْرُومٌ)، أي: يُقضَى علَيه بالحِرمانِ مِن الخيرِ أو مِن مَزِيد الثَّواب». ومعنَى قولِهr: «لَا يَفِدُ إِلَيَّ» لا يَفِدُ إلى المكانِ المشرَّفِ عِندَ اللهِ وهو الكعبةُ والبيتُ الحَرامُ، واللهُ عزَّ وجلَّ موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا مكانٍ ولا كَيفٍ.

[2])) قال العِراقيّ في طَرحِ التّثريب (5/23): «ولَم يَروِ لفظَ الإفراد عن عائشةَ إلّا عُروة والقاسِمَ، وروَى عنها القِرانَ عُروةُ أيضًا ومجاهِدٌ وليسَ مُجاهِدٌ دُونَ القاسِم، فنظَرْنا فوجَدْنا مَن روَى القِرانَ لا يَحتمِلُ تأوِيلًا أصلًا، ورِوايةُ مَن روَى الإفرادَ يَحتمِل التّأوِيلَ وهو أن يكُونَ قولُها: «أفرَدَ الحَجَّ»، أي: لَم يَحُجَّ بَعد فَرضِ الحجِّ إلّا حَجّةً فَرْدةً لَم يُثنِّها بأُخرَى، ويَحتمِلُ أن تكُونَ سَمِعَتْه يُلَبِّي بالحجِّ فرَوَتْه ولَم تَسمَع ذِكرَ العُمرةِ فلَم تَرْوِ ما لَم تَسمَع، ثُمّ صَحَّ عِندَها بَعد ذلكَ أنّه قَرَن فذَكَرَتْ ذلكَ كما روَى عنها عُروةُ ومجاهِدٌ».

[3])) أي: أحرَمتُ.

[4])) قال السِّندي في حاشيته على النسائي (5/150): «قوله: (مَا تَعُدُّونَا إِلَّا صِبْيَانًا)، أي: كأنَّكُم ما تأخُذون بقولِنا لِعَدِّكُم إيّانا صِبْيانًا حينئذٍ».

[5])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (8/592): «أي: فليَتَحَلَّلْ بِعمَلِ عُمرةٍ (وليَجْعَلْها عُمُرَةً) بَعدَ فَسخِه الحَجَّ، ومَن كان معَه هَدْيٌ فليَستَمِرَّ علَى إحرامِه حتَّى يَنحَرَ هَدْيَه».

[6])) وحملَه بعضُهم على أنّه طافَ لِكُلٍّ مِنهُا طَوافًا واحِدًا.

قال النوويّ في المجموع (7/172): «القِرانُ صُورتُه الأصلِيّة أن يُحرِمَ بالحَجّ والعُمرةِ معًا فتَندرِجُ أعمالُ العُمرةِ في أعمالِ الحَجّ ويَتّحِدُ الـمِيقاتُ والفِعلُ فيَكفِي لهُما طَوافق واحِدٌ وسَعيٌ واحِدٌ وحَلقٌ واحِدٌ وإحرامٌ واحِدٌ، فلَو أَحرَم بالعُمرةِ ثُمّ أدخَلَ علَيها الحَجَّ، أي: أَحرَمَ بِه نُظِر إِنْ أَدخَلَه في غَيرِ أشهُرِ الحَجِّ لَغا إدخالُه ولَم يَتغيَّر إحرامُه بالعُمرة، وإنْ أَدخَلَه في أشهُرِه نُظِرَ إنْ كان أَحرَمَ بالعُمرةِ قَبلَ أَشهُرِ الحَجّ فَفِي صِحّةِ إدخالِه وَجْهانِ».

[7])) قال الملّا عليّ القاري في المرقاة (5/1766): «(فَرَمَلَ)، أي: أَسرَعَ يَهُزُّ مَنكِبَيه (ثَلَاثًا)، أي: ثَلاثَ مَرّاتٍ مِن الأَشْواطِ السَّبعةِ».

[8])) قال شيخنا رحمه الله: «مَقامُ إبراهيمَ r حجَرٌ أُنزِل مِنَ الجنّة، كانَ يَقِفُ علَيهِ إبراهيمُ أثناءَ بِنائِه للكَعبَة، وعليهِ أثرُ قدمِه غائِصةٌ فيه. الملَك بالحجَرِ فأعطاهُ إبراهيمَ. ثبَت أنّ الحجَرَ الأسوَدَ نزَل مِن الجنّةِ وكذلِك مقامُ إبراهيمُ، أمّا عصا مُوسَى فلَم يَثبُتْ أنّها مِن الجَنّةِ. قام إبراهيم كانَ في زمَنِ الرسولِ r مُلتَصِقًا بالكَعبةِ بَينَ الحجَر الأسودِ وبينَ بابِ الكَعبة ثم أزاحَه السَّيلُ عن مَكانِه فبَقِي في ذلكَ المكانِ، والآنَ في عَصرِنا هذا مِن أجلِ تَوسِيع الـمَطاف على الناس أُزِيح مِن مَكانِه أكثَرَ مما كانَ، وهو والحجَرُ الأسودُ وَرَد أنّهما نَزلا مِن الجنة وهما ياقُوتَتان مِن يَواقِيت الجنّةِ ثُمّ طَمَسَ اللهُ نُورَهما، ولولا ذلك لأضاءَا ما بينَ المشرِق والمغرب، هذا رواه ابن حبّان وغيرُه. ثُمّ الحجرُ الأسوَدُ اسودَّ لـمّا تمسَّح المشرِكُون به وذلكَ بعدما كَفَر أهلُ مكّةَ بعِبادةِ الوثَن بعدَ إسماعيلَ r بزمَنٍ طويلٍ، اسْوَدَّ لِيَكُونَ ذلكَ عِبرةً».

[9])) أي: لَمَسَه بِيَدِهِ الشّرِيفةِ.

[10])) أي: أتاهُ ملَكٌ مِن الملائكةِ الكِرامِ بأمْرِ الله عزَّ وجلَّ، وقال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (3/392): «هو جِبريلُ علَيه السّلامُ».

[11])) قال إبراهيمُ الحَربيّ في غريب الحدِيث (1/47): «قوله: (وَهُوَ بِالعَقِيقِ) وادٍ علَى مِيلَينِ مِن المدِينةِ قَبلَ ذِي الحُليفةِ».

[12])) قال ابنُ بطّالٍ في شرح البخاري (4/202): «(عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ)، أي: إحرامُكم تَدخُل فيه العُمرةُ والحَجّةُ مُتتالِيًا ومتَفرِقًا».

[13])) أي: التَمتُّعِ بالعُمرةِ إلى الحَجِ.

[14])) قال أبو بكر بن العربيّ في العارِضة (4/31): «بابُ كَم حَجَّ النَّبيُّ علَيهِ السَّلامُ: «رُوِي عن جابِر أنّ النَّبِيَّ علَيه السَّلامُ حَجَّ ثَلاثَ حِجَج» الحديث. ضعَّفه أبو عِيسَ، وذكَره البُخاريّ قال: إنّه عن مُجاهِد مُرسَل، وذكَرَ الحدِيثَ الصّحِيحَ عن أنَسٍ أنّ النَّبيّ علَيه السّلامُ حَجَّ حَجّةً واحِدَةً واعتَمَرَ أَرْبَع عُمَرٍ».

وقال البَيهقيّ في السُّنَن الكُبرَى (4/559): «عن مجاهدٍ قال: «حَجَّ رَسولُ الله r ثَلاثَ حِجَجٍ: حَجَّتَينِ وهو بِمَكّةَ قَبلَ الهِجرَةِ وَحَجّةَ الودَاعِ». وحَجُّه قَبلَ الهِجرةِ يَكُونُ قَبلَ نزُولِ فَرضِ الحَجّ فَلا يُعْتَدُّ بهِ عن الفَرضِ الـمُنزَلِ بَعدَه، واللهُ أعلَمُ».

وقال الحافظ العسقلانيّ في الفَتح (8/104): ووَقعَ في حديثِ أبِي سَعِيدٍ الخُدرِيّ ما يُوهِمُ أنّه r حَجَّ قبلَ أنْ يُهاجِر غيرَ حَجّةِ الوَداعِ، ولَفظُه عِندَ الترمذِيّ مِن حديثِ جابِرٍ: «حَجَّ قَبلَ أَنْ يُهاجِرَ ثَلاثَ حِجَجٍ» وعنِ ابنِ عبّاسٍ مِثلُه أخرجَه ابنُ ماجهْ والحاكِمُ. قلتُ: وهو مَبنِيٌّ علَى عدَدِ وُفودِ الأَنصارِ إِلَى العَقَبةِ بمِنًى بَعد الحَجّ، فإنّهُم قَدِمُوا أوّلًا فتَواعَدُوا ثُمّ قَدِمُوا ثانِيًا فبايَعُوا البَيْعةَ الأُولَى ثُمّ قَدِمُوا ثالِثًا فبايَعُوا البَيْعةَ الثّانِيةَ كَما تَقَدَّمَ بَيانُه أوّلَ الهِجرةِ، وهذا لا يَقتَضِي نفيَ الحَجّ قبلَ ذلكَ».

[15])) أي: أحرَمَ.

[16])) وفي لَفظٍ: «لَمْ يَحْلِلْ»، أي: لَم يَصِرْ حَلالًا.

[17])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (8/321): «هذا بيانٌ لِحُكمِ القارِن فإنّه لا يَحِلُّ إلّا بِفَراغِه مِن طَوافِ الإفاضةِ، ويُجزِئُه لَهُما عمَلٌ واحِدٌ عِندَ الجُمهورِ خِلافًا لأبِي حنِيفةَ إذْ يَقُول: يَعمَلُ فيهِما عَملَين».

[18])) بسِينٍ مُهمَلةٍ مَفتُوحةٍ ثمّ راءٍ مكسُورةٍ ثُمّ فاءٍ، وهو ماءٌ بَينَه وبَين مكّةَ عشَرةُ أميالٍ، بِها قَبرُ مَيمُونَةَ رضِي الله عَنها، قاله النوويّ في «تهذيب الأسماءِ واللُّغات» (2/355).

[19])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (8/537): «فيه دلِيلٌ ظاهِرٌ على أنّ القارِنَ بَين الحَجّ والعُمرةِ لا يَلزَمُه إلّا ما يَلزَم الـمُفرِدَ، وأنّه يُجزِئُه طَوافٌ واحِدٌ وسَعيٌ واحٍدٌ لِحَجِّه وعُمرَتِه، وبه قال مالِكٌ والشافعِيُّ وابنُ الـمُنذرِ ونَصَّ علَيه أحمَدُ في رِوايةٍ عنهُ».

[20])) قال ابن الأثير في النهاية (3/218): «قولُه: «بعدَ الْمُعَرَّف» يُرِيد به بَعد الوقُوفِ بعرفَةَ وهو التَّعرِيف أيضًا. والـمُعَرَّف في الأصلِ موضِعُ التّعرِيف ويكُونُ بمعنَى الـمَفعُول».

[21])) قال البَدرُ العَينيّ في العُمدة (9/134): «وإنّما قِيل لِلحَجِّ جِهادٌ لأنّه يُجاهِد في نَفسِه بالكَفِّ عن شهَواتِها والشَّيطانِ ودَفعِ الـمُشركِين عن البَيتِ باجتِماعِ الـمُسلمِين إليه مِن كُلِّ ناحِيةٍ».

وقال الملّا عليّ في المرقاة (5/1754): «أي: بلْ فِيه اجتِهادٌ ومشَقّةُ سفَرٍ وتحَمُّلُ زادٍ ومُفارقَةُ أهلٍ وبِلادٍ كما في الجِهادِ».

[22])) أي: الواجبَين؛ لأنّها سألَتْه عمّا على النِّساء، أي: وُجوبًا، وبه استَدَلَّ الإمامُ الشافعِيُّ رضي الله عنه على أنّ العُمرةَ واجِبةٌ.

[23])) أي: الّذين لا يَقدِرُون على القِتالِ في سبِيل اللهِ.

[24])) قال المناويّ في فيض القدير (3/407): «لأنّ الجِهادَ تحمُّلُ الآلامِ بالبدَنِ والمالِ وبَذلُ الرُّوحِ، والحَجُّ تحمُّلُ الآلامِ بالبدَنِ وبَعضِ المالِ دُونَ الرُّوحِ، فهو جِهادٌ أضعَفُ مِن الجِهادِ في سبيل الله».

[25])) أي: بَلَغَ.

[26])) أي: أحرَمَ.

[27])) أي: كان صَغِيرَ السِنِّ لَم يُشاهِدْ ذلك مِن النَّبِيّ.

قال ابنُ الأثير في النّهاية (5/224): «أي: يَدخُل علَيهِنّ وهو صَغِيرٌ فلا يَحْتَجِبْنَ منه». وقال ابن الـمُلقِّن في التوضيح (11/172): «قال ابنُ عُمَر: «إنّ أَنسًا يقول: قَرَنَ. فقال: كان أنَسٌ صغِيرًا يَتولَّجَ على النِّساءِ وهُنّ مُتكشِّفاتٍ لا يَستَتِرْنَ مِنهُ لِصِغَرِه، وأنا ءاخِذٌ بِزِمام ناقَةِ رَسولِ اللهِ r يَمسُّنِي لُعابُها – وفي روايةٍ: «يَسِيلُ عَلَيَّ لُعابُها» – سَمِعتُه يُهِلُّ بالحَجِّ مُفْرِدًا، وأَهْلَلْنا معَ النَّبيّ بِالحَجِّ خالِصًا لا يَشُوبُه شَيءٌ»؛ ففِيه نظَرٌ؛ لأنّ حَجّةَ الوَداعِ كانتْ وَسِنُّ أنَسٍ نَحوَ العِشرِين».