وهكذا أخرجَه الدّارقُطنِيُّ عن أبِي بَكرِ بنِ أبي داودَ عن محمّدِ بنِ وَزيرٍ عن الوليدِ بنِ مُسلِم وقال: هذا إسنادٌ حسَن.
هذا موقوفٌ صحيح أخرجَه البيهقيّ مِن روايةٍ البُوشَنْجِيّ عن أبي بَكرٍ([14]) أيضًا، وقد جاء عن ابنِ عُمرَ مرفوعًا وجاء عن ابنِ مَسعودٍ في بَعض الطُّرُق عنه مُوافَقةً لقولِه: «السَّلامُ علَى النَّبِيّ» أخرجَه البخاري عنه بلَفظِ: «السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها النَّبِيُّ» وقال في آخِره: كُنّا نَقولُ ذلكَ في حَياةِ النَّبِيّ r فلَمّا ماتَ قُلنا: «السَّلامُ علَى النَّبِيّ».
قال البيهقيُّ: والثابِتُ عن رَسولِ الله r ثلاثةُ أحادِيثَ: حديثُ ابنِ مَسعودٍ وابنِ عبّاسٍ وأبِي مُوسَى. هذا كلامُ البَيهقيّ، وقال غيرُه: الثّلاثةُ صحِيحةٌ وأصَحُّها حديثُ ابنِ مَسعودٍ.
هذا حديثُ صحيحٌ أخرجَه أحمدُ، وقال مُسلِم في «التّميِيز»: إنَّما اتّفَقُوا علَى حدِيثِ ابنِ مَسعودٍ لأنّ أصحابَه لَم يَختِلفُوا علَيه في لفظِه بخِلافِ غَيرِه. وذكَر البَزّارُ أنّ الّذِينَ رَوَوْه عنِ ابنِ مَسعودٍ عِشرونَ نَفْسًا بأسانِيدَ جِيادٍ.
[1])) قال شيخنا رحمه الله: «كان بعضُ أصحابِ رَسولِ اللهِ r يقولُ قَبل أن تُفرضَ علَيهِم صِيغةُ التَّشهُّد: «السَّلامُ على الله، السَّلامُ على جِبريلَ، السَّلامُ علَى مِيكائيلَ»، ثمَّ قال لهُم رسولُ اللهِ r: «إنَّ اللهَ هو السَّلامُ» وعلَّمهُم أنْ يقُولوا: «السَّلامُ علَيكَ أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه» أخرجَه البخاريُّ في صحِيحه. ففي هذا دليلٌ على أنَّ ما يقوله بعضُ النّاسِ مِن أنَّ النَّبيَّ r لَمّا وصَل في عُروجِه إلى المكانِ الّذي سَمِع فيه خِطابَ اللهِ تبارك وتعالى قال: «التَّحيّاتُ للهِ» فقال اللهُ: «السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللهِ» غير صحيحٍ؛ لأنَّه لَم تُفرَض تلكَ اللَّيلةَ هذه الصِّغةُ، إنَّما يَروِي بعضُ الرّواةِ الكذّابينَ تِلكَ القِصّةَ، وقد نالتْ معَ كونِها مكذوبةً على اللهِ والرَّسولِ شُهرةً كبِيرةً، فيجِبُ بَيانُ ذلك للنّاسِ».
[2])) قال شيخنا رحمه الله: «(التَّحيّاتُ) معناها: ما يُحيّي به العباد (للهِ)، أي: أنَّ كلَّ التَّعظيماتِ الَّتي يُعظِّمُها الخلقُ بعضُهم لبعضٍ هي مِلكٌ لله، وقال البخاريُّ: التَّحِياتُ الـمُلكُ».
[3])) قال شيخنا رحمه الله: «(الصَّلَوَاتُ) هي الصَّلواتُ الخَمسُ، وقيل: الدُّعاءُ بخيرٍ».
[4])) قال شيخنا رحمه الله: «أي: الأعمالُ الحسَنةُ للهِ، الأعمالُ الصّالحةُ للهِ، أي: أنَّ كلَّ ذلكَ مِلكٌ للهِ تعالى».
وقال الحافظ العسقلاني في الفتح (2/313): «قوله: (وَالطَّيِّباتُ)، أي: ما طابَ مِن الكلامِ وحسُنَ أنْ يُثنَى به على اللهِ دُونَ ما لا يَلِيقُ بصِفاتِه ممّا كان الملُوكُ يُحَيَّون بِه. وقيل: الطيِّباتُ ذِكرُ اللهِ. وقيل: الأقوالُ الصالحةُ كالدُّعاء والثَّناءِ. وقيل: الأعمالُ الصالحةُ وهو أعَمُّ».
[5])) قال شيخنا رحمه الله: «(السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبِيُّ)، معناه: السَّلامةُ مِن الآفات، أي: الأمانُ علَيكَ مِمّا تَخافُه علَى أُمّتِك. ومعنى: (أيُّها النَّبيُّ) معناه: السَّلامةُ مِن الآفات، أي: الأمانُ علَيكَ مِمّا تخافُه علَى أُمّتِك. ومعنى: (أيُّها النَّبيُّ) يا نبِيَّ الله، ويُقرأُ بالهمزِ فيُقالُ (أيُّها النَّبيءُ) والمعنَى واحِدٌ».
[6])) قال شيخنا رحمه الله: «(وَبَركاتُهُ)، معناه: الزِّياداتُ في الخَيرِ».
[7])) قال شيخنا رحمه الله: «(السَّلامُ عَلَيْنا) معناه: هذا الـمُصَلِّي الّذي هو مُنفرِدٌ أو معَه جماعةٌ هو ومَن حولَه طلبَ السَّلامةَ له ولِمَن معَه، لِنَفسِ هذا المصلِّي ولِمَن معَه».
[8])) قال شيخنا رحمه الله: «الصّالِحُ مَن كانَ قائمًا بِحُقوقِ الحقِّ وحُقوقِ الخلق. وحُقوقُ الحقِّ مِن جُملَتِها تعلُّمُ ما افترَض اللهُ على عِبادِه، ومِنها أداءُ الواجِباتِ واجتِنابُ الـمُحرَّماتِ، فلا يكونُ العَبدُ صالِحًا بِغَير ذلكَ. (وَعَلَ عِبادِ اللهِ الصَّالِحِينَ)، معناه: السّلامُ علَى كُلِّ عبدٍ يُحِبُّه اللهُ إنْ كانَ مِن أهلِ السَّماءِ وإنْ كانَ مِن أهل الأرضِ، هذه دعوةٌ تُصِيبُ كُلَّ عَبدٍ صالحٍ في السَّماءِ أو في الأرضِ. وأمّا السّالِحُون بالسِّين فمعناه الـمُتَغَوِّطون أو أصحابُ السِّلاح، فليُحْذَر قراءةُ الصّالحِين بالسِّين لِفَسادِ المعنَى».
[9])) قال شيخنا رحمه الله: «يَنبَغِي في كلماتِ التَّشهُّد مراعاةُ التّشدِيداتِ، فقال بعضُ الشّافعيَّةِ: يجِبُ مراعاةُ تشدِيداتِها، فعلَى قولِ هؤلاء لو قرأ: «أشهدُ أنْ لا إلـٰـه إلَّا اللهُ» بِفكِّ الإدغام الذي في «أنْ لا» لَم تصِحَّ صلاتُه، وكذلك لَو فكَّ الإدغام في «مُحمَّدًا رسولُ اللهِ»، أي: إدغامَ تَنوينِ الدّالِ في راءِ«رَسولُ» لَم تصِحَّ صلاتُهُ إنْ مضَى على ذلك ولَم يُعِدهُ على الصَّواب، لكنَّ هذا القول ضعيفٌ، والـمُعتمدُ أنَّه لا يَضُرُّ في صحَّة الصَّلاة لو قَرأ «أشهَدُ أنْ لا إلـٰـه إلَّا اللهُ» بلا إدغامٍ أو قرأ «وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ» بلا إدغامٍ بخلافِ ذلك في الفاتحةِ؛ فإنَّ مَن ترَكَ شَدَّةً فيها لا تصِحُّ صلاتُه. وكذلك لا يَضُرُّ في صِحَّة الإسلامِ لِمَن يُريد الدُّخولَ في الإسلامِ فكُّ الإدغام».
[10])) قال السِّنديّ في حاشيته على النَّسائيّ (2/238): «كِنايةٌ عن تَمامِ الخَيرِ».
[11])) قال شيخنا رحمه الله: «(السَّلامُ عَلَيكَ أَيُّهَا النَّبيُّ)، معناه: اللهُ يَحفظُك ممّا تَكرهُه وهو شاملٌ للأمّة، ومعنَى (السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبَادِ اللهِ الصّالحِينَ) اللهُ يَحفظُنا ويَحفظُ عِبادَه المتَّقِين مِن السُّوء، وءالُ محمَّدٍ r في التّشَهُّدِ هُم أهلُ بَيتِه».
[12])) أي: أخبَرَ.
[13])) قال شيخنا رحمه الله: «(الـمُبارَكاتُ)، معناه: النَّامِياتُ».
[14])) أي: البَزّار.
[15])) أي: الدارَقُطنيّ.
[16])) قال النوويّ في شرح مُسلم: «عَبْد اللهِ بْنُ بَابَيْهِ هُوَ بِبَاءِ مُوَحَّدَة ثُمَّ أَلِف ثُمَّ مُوَحَّدَة أُخْرَى مَفْتُوحَة ثُمَّ مُثَنَّاة تَحْت، وَيُقَال فيه: ابْن بَابَاهُ، وَابْن بَابِي بِكَسْرِ الْبَاء الثَّانِيَة».
[17])) أي: يُعَلِّمُنا السُّورةَ مِن القُرءانِ.
[18])) قال الشّهاب الرَّملِيّ في شرح أبي داود (5/268): «بضمّ الـمُثنّاة فوقُ وكَسرِ الفاءِ».
[19])) يعنِي عدَم الجَهر. قال الشّهاب الرَّملِيّ في شرح أبي داود (5/268): «يَدخُل في إطلاقِه التَشهُّدُ الأوّلُ والثّانِي، في اللَّيلِ والنَّهارِ، وقد أجمَع العُلماءُ على الإسرارِ بالتَشهُّدَينِ وكَراهةِ الجَهرِ بهما لهذا الحديثِ، وقد صحَّحه الحاكِمُ وقال: صَحِيحٌ علَى شَرطِ البُخارِيّ ومُسلِم».
الإشعارات