#14
اذكر حديثا فى فضل الوضوء.
روى النسائى فى سننه أن رسول الله ﷺ قال من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ما تقدم من ذنبه، أى من الصغائر ولو كانت ءالافا مؤلفة وهذه الصغائر إنما تمحى بالوضوء لمن أحسن وضوءه أى توضأ وضوءا موافقا لوضوء رسول الله ﷺ فلا يسرف فى الماء المستعمل فى الوضوء ولا يزيد فى غسل الأعضاء عن ثلاث غسلات ولا يتكلم فى أثناء وضوءه إلا بخير وأن يسمى الله تعالى فى ابتداء وضوئه وأن يغسل الأعضاء مع الدلك فى الجميع وأن يمسح كل رأسه وأن تكون نيته لوجه الله كأن يقول فى قلبه أتوضأ تقربا إلى الله وأن يكون الماء حلالا يجوز له التصرف فيه.
اذكر بعض سنن الوضوء.
من سنن الوضوء التسمية أى قول بسم الله عند غسل الكفين وغسل الكفين ثلاثا واستعمال السواك والمضمضة والاستنشاق وغسل الأعضاء ثلاثا ثلاثا وتقديم اليمنى على اليسرى من اليدين والرجلين لحديث إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم رواه النسائى وأبو داود، وتخليل أصابع اليدين والرجلين لحديث وخلل بين الأصابع، صححه الترمذى، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما ومسح جميع الرأس والتقليل من الماء والدلك أى إمرار اليد على العضو المغسول والموالاة وهى غسل العضو قبل أن يجف العضو الذى قبله والغرة وهى أن يزيد فى غسل الوجه على القدر الواجب من جميع جوانبه والتحجيل وهو أن يزيد فى غسل اليدين والرجلين على القدر الواجب وهذه المواضع تنور يوم القيامة فيعرف الرسول ﷺ من كان من أمته بهذه العلامة قال رسول الله ﷺ إن أمتى يدعون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء رواه مسلم.
ما هى فوائد السواك.
السواك هو ما يستاك به من أراك ونحوه وهو سنة للرجل والمرأة فى الوضوء وعند القيام للصلاة. قال بعض الفقهاء الشافعية يستحب السواك فى كل حال إلا بعد الزوال للصائم لكن ثبت فى حديث رواه ابن حبان أن رسول الله ﷺ استاك بعد الظهر وهو صائم وهذا يفيد أنه مستحب حتى فى هذه الحال. ومن فوائد السواك أنه يطهر الفم لحديث السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه أبو داود، أى ءالة تنظفه من الرائحة الكريهة ومن فوائده أنه يشد اللثة ويضاعف الأجر فقد ورد فى الحديث الصحيح ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بدون سواك، ويبيض الأسنان ويساعد فى إخراج الحروف من مخارجها ويذكر بالشهادة عند الموت ويساعد على خروج الروح ويقوى الذكاء والبصر ويكون سببا لتكثير الرزق بإذن الله. ويسن أن يستاك بيده اليمنى ويبدأ بالجانب الأيـمن من فمه وأن يـمره على سقف حلقه إمرارا لطيفا وعلى كراسى أضراسه.
اذكر بعض مكروهات الوضوء.
اعلم أن المكروه عند الشافعية هو ما يستحب تركه ولا معصية فيه. والمكروه فى الوضوء إما أن يذهب الأجر كله أو ينقص شيئا منه ولذا ينبغى تعلم المكروهات لتجنبها. ومن مكروهات الوضوء ترك التسمية فمن ترك التسمية عمدا فى الوضوء يقل ثواب وضوئه وصلاته كثيرا. ومن المكروهات تقديم اليسرى على اليمنى والكلام الذى لا خير فيه أثناء الوضوء والإسراف فى الماء المستعمل فى الوضوء والزيادة فى غسل الأعضاء على ثلاث غسلات والنقص عنها بلا عذر كالاقتصار على الغسلة الثانية لحديث أبى داود أنه ﷺ توضأ ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أى أخطأ طريق السنة فى الأمرين. ومن لم يغسل ثلاثا ثلاثا بلا عذر لا ثواب له فى وضوئه. ولا يكره مسح الرأس والأذنين مرة مرة أما ترك التثليث فى بقية أعضاء الوضوء فمكروه إلا لعذر كقلة الماء أو ضيق الوقت.
تكلم عن كيفية الوضوء الموافق للسنة.
إذا أراد الشخص الوضوء يستحب له أن يتجه إلى القبلة ويبدأ وضوءه بالنية ليثاب على السنن المتقدمة على غسل الوجه فيقول بقلبه أفعل سنن الوضوء تقربا إلى الله ثم يغسل كفيه ثلاثا ويخلل بين أصابعها ويسمى الله تعالى عند غسل الكفين فإن ترك التسمية فى الوضوء كره وإن نسيها عند ابتداء وضوئه وذكرها فى أثنائه أتى بها فيقول بسم الله أوله وءاخره ويسن له أن يقلل من الماء المستعمل فى الوضوء وأن يستاك بعد أن يغسل كفيه. ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا يجمع بينهما بثلاث غرفات يتمضمض من كل واحدة ثم يستنشق. ويسن أن يبالغ فيهما بأن يوصل الماء إلى الحلق فى المضمضة ويصعده بالنفس إلى أقصى الخيشوم أى منتهى الأنف فى الاستنشاق إلا أن يكون صائما. ويسن أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ويكرر ذلك أثناء الوضوء ويكره له أن يتكلم بالكلام الذى لا خير فيه ولا يحرم. ثم ينوى بقلبه عند غسل أول جزء من الوجه أنه يتوضأ تقربا إلى الله ثم يغسل وجهه أى ظاهر الوجه ثلاثا ويسن أن يبدأ بغسله من أعلاه. ومما يجب غسله من الوجه ما يظهر من حمرة الشفتين عند إطباق الفم ومن العينين ما يظهر عند إطباق الجفن ولا يجب غسل باطن العين والفم والأنف. وتسن الغرة أى غسل شىء مما حول الوجه. وحد الوجه طولا ما بين منابت شعر الرأس عند غالب الناس إلى أسفل الذقن وهو مجتمع اللحيين، ومن وتد الأذن إلى وتد الأذن عرضا ولا يدخل الوتد فيما يجب غسله فإن كان على الوجه شعر خفيف لزمه غسل باطنه أى إيصال الماء إلى الجلد أما إن كان عليه شعر كثيف فيكفى غسل ظاهره إلا الحاجب والشارب والعنفقة وهى الشعر النابت تحت الشفة السفلى والهدب وهو الشعر النابت على حروف الأجفان والغمم وهو الشعر النابت على الجبهة، والعذارين وهما الشعر المحاذى للأذنين فإنه يجب غسل باطنه وإن كان الشعر كثيفا. والكثيف ما لا ترى البشرة من خلاله والخفيف بخلافه. ويستحب تخليل اللحية الكثيفة بإدخال أصابع اليدين من أسفلها. ثم يغسل يديه ثلاثا مع المرفقين وما عليهما من شعر وأظافر ويسن التحجيل أى غسل شىء مما فوق المرفقين. ويسن الابتداء بالأصابع فى غسل اليدين وتقديم اليمنى على اليسرى فإن ابتدأ باليسرى كره. ويسن تخليل أصابع اليدين بالتشبيك بينها فى كل غسلة والدلك أى إمرار اليد على العضو المغسول والموالاة أى غسل العضو قبل أن يجف العضو الذى قبله. ثم يمسح بعض رأسه وجوبا ويسن مسح جميعه فيبدأ بمقدم رأسه بأن يضع يديه عليه ويلصق مسبحته بالأخرى ويضع إبهاميه على صدغيه والصدغ هو الموضع بين العين والأذن ثم يذهب بيديه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذى بدأ منه يفعل ذلك ثلاثا ثم يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما بماء جديد بأن يمر سبابتيه على معاطف الأذنين ويمسح بإبهاميه ظاهرهما ثم يدخل سبابتيه فى صماخيه وهما خرقا الأذنين ثم يلصق كفيه مبلولتين بهما. ثم يغسل رجليه أى قدميه مع الكعبين ثلاثا وما عليهما من شعر وأظافر وشقوق، ويسن غسل شىء مما فوق الكعبين والكعبان هما العظمان المرتفعان الخارجان من الجانبين عند مفصل الساق والقدم. ويسن أن يخلل بين أصابع رجليه بخنصر اليد اليسرى من أسفل الأصابع مبتدئا بخنصر الرجل اليمنى خاتما بخنصر الرجل اليسرى وأن يستعمل يده اليسرى فى غسل الرجلين. و يسن للمسلم بعد الانتهاء من الوضوء أن يتجه إلى القبلة ويرفع بصره ويقول أشهد أن لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله لحديث ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء رواه مسلم. ثم يخفض بصره ويقول اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ما هى شروط المسح على الخفين.
يجوز المسح على الخفين فى الوضوء بدلا عن غسل الرجلين بخمسة شروط وهى أن يكونا طاهرين وأن يكونا ساترين لجميع القدم مع الكعبين من كل الجوانب غير الأعلى ويمكن المشى عليهما لتردد مسافر فى حوائجه وأن يكونا مانعين لنفوذ الماء وأن يبتدئ لبسهما بعد كمال الطهارة أى بعد تمام الوضوء.
ما هى الكيفية المستحبة فى مسح الخف.
السنة أن يمسح أعلى الخف وأسفله بالماء مرة بأن يضع يده اليمنى على موضع الأصابع واليسرى تحت عقبه أى مؤخر قدمه ثم يمر يده اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى موضع الأصابع من أسفل ويفرج بين أصابع يديه.
ما هى مدة المسح على الخفين.
يمسح المسافر سفر قصر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوما وليلة لحديث مسلم عن شريح بن هانئ قال سألت على بن أبى طالب عن المسح على الخفين فقال جعل رسول الله ﷺ ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم، والعاصى بسفره كالمقيم. وابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخف لا من وقت اللبس أو المسح.
نواقض الوضوء
الشرح أن أسباب الحدث الأصغر هذه المذكورات (فإذا طرأ للإنسان واحدة من هذه المذكورات الخمس، يصير محدثا حدثا أصغر، ومعناه أنه لا يجوز له أن يصلي حتى يتوضأ. والحدث أمر يمنع صحة الصلاة، وهو ضربان أصغر وأكبر، فالأصغر يوجب الوضوء، وأما الأكبر فيوجب الغسل) أولها ما خرج من أحد السبيلين أي القبل أو الدبر وهما مخرج البول والغائط إلا المني فإنه لا ينقض الوضوء عند الإمام الشافعي (خروج المني وإن كان يوجب الغسل لكنه وحده لا ينقض الوضوء إن لم يكن معه شيء من أسباب الحدث. فمن خرج منه مني بتفكير أو نظر وكان متوضئا لم ينتقض وضوؤه. هذا في مني الشخص نفسه، أما مني غيره فإن خروجه ينقض الوضوء، فلو جامع المرأة زوجها وأمنى ولم تمن هي ثم اغتسلت بحيث ارتفع الحدثان، ثم خرج منها مني زوجها لأن زوجها أمنى، انتقض وضوؤها بهذا المني الذي خرج لأنه ليس منيها، وهذا عند التأكد، أي تأكد خروج شيء من أحد السبيلين، أما لو رأى الشخص بللا على فرجه واحتمل طروءه من خارج، لم ينتقض وضوؤه للشك في أن هذا البلل خرج من فرجه).
والسبب الثاني مس قبل الآدمي أو حلقة دبره فإنه ناقض إن كان بلا حائل (إن مس قبل ءادمي أو حلقة دبر ءادمي، من نفسه أو من غيره، من حي أو من ميت، من كبير أو من صغير، ينتقض الوضوء إن كان المس بباطن الكف بلا حائل. فائدة: مس قبل الآدمي في مذهب الإمام أبي حنيفة لا ينقض الوضوء) والناقض من الدبر ملتقى المنفذ فقط فلا ينقض مس الألية. والناقض من قبل المرأة ملتقى شفريها على المنفذ فقط. ولا ينقض اللمس بظهر الكف (أو بحرف الكف، أو بما بين الأصابع) أو اللمس بحائل كما أنه لا ينقض مس دبر أو قبل غير ءادمي (كمس قبل أو دبر البهيمة، فإنه لا ينقض الوضوء). ويعرف بطن الكف من ظاهرها بوضع إحدى الكفين على الأخرى مع تحامل يسير وتفريق الأصابع فالقدر الذي لا يظهر عند ذلك هو بطن الكف.
والسبب الثالث لمس بشرة الأجنبية (والزوجة في حكم الأجنبية هنا، وقد قال الإمام مالك والإمام أحمد: إذا مس الرجل امرأته بغير شهوة فلا ينتقض وضوؤه، وقال الإمام أبو حنيفة: إذا لمسها بشهوة أو بغير شهوة فلا ينتقض وضوؤه. وقد يكون الإنسان لامسا وقد يكون ملموسا وقد يكون لامسا وملموسا معا، فلو كانت يده ثابتة غير متحركة فلمسته امرأة أجنبية أو زوجته من غير حائل، فقد انتقض وضوؤه على قول عند الشافعي، وعلى قول آخر عند الشافعي لم ينتقض وضوؤه لأنه ليس لامسا، وإنما انتقض وضوء اللامس. أما إذا كان لامسا وملموسا في آن واحد فينتقض وضوؤهما. فإذا السبب الثالث لنقض الوضوء هو لمس بشرة الأجنبية( مع كبر لكل من اللامس والملموس والمراد بالكبر بلوغ حد يشتهى فيه أو تشتهى فيه بالنسبة لأهل الطباع السليمة (البنت إذا بلغت حدا تشتهى فيه، ولو دون البلوغ كالمراهقة، فإذا لمسها رجل بلا حائل، أي باشر جلده جلدها، فإن الوضوء ينتقض، ولا فرق في نقض الوضوء بين أن يكون اللمس بشهوة أو بغير شهوة، لكن من كان يشتهي لمسها حرم عليه لمسها، ولو كان عمرها سنة واحدة، ومن وجد لذة في النظر إلى أجنبية، ولو كان عمرها سنة، يجب عليه أن يمتنع عن النظر إليها، وإذا وجد لذة في لمسها لا يجوز له أن يمسها. وكذلك الصبي إذا بلغ حدا يشتهى فيه، ولو دون البلوغ كالمراهق، فإذا لمسته امرأة أجنبية بلا حائل، أي باشر جلدها جلده، فإن الوضوء ينتقض، ولا فرق في نقض الوضوء بين أن يكون اللمس بشهوة أو بغير شهوة). ولا ينقض إلا لمس الجلد فلو لمس سن الأجنبية أو شعرها أو ظفرها لم ينتقض الوضوء لكن يحرم لمس ذلك من الأجنبي والأجنبية مع الكبر (يعني حرام، ولكنه لا ينقض الوضوء. الفرق بين الشافعي وأبي حنيفة أن لمس بشرة الأجنبية عند الشافعي حرام وينقض الوضوء، وعند أبي حنيفة حرام ولكنه لا ينقض الوضوء) والسبب الرابع زوال العقل أي التمييز بنحو (إغماء أو) جنون أو صرع (كالذي يقع فجأة على الأرض) أو سكر أو نوم إلا نوم قاعد ممكن مقعدته من مقره (أي من المكان الذي يقعد عليه) كأرض وظهر دابة ولو سائرة للأمن من خروج الريح ونحوه وإن طال الوقت (أي مهما طال وقت النوم من نائم نام وقد مكن مقعدته، هذا لا يكون ناقضا للوضوء، لكن بشرط أن يستيقظ وهو على تلك الحالة. ومن سمعتموه يقول النوم لا ينقض الوضوء لا تنكروا عليه، لأن بعض العلماء ذكر قال إن النوم لا ينقض الوضوء، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وكان مجتهدا النوم لا ينقض الوضوء حتى يتحقق من خروج الخارج منه، معناه إذا الشخص نام، هذا النوم لا ينقض الوضوء في مذهب أبي موسى الأشعري على قوله إلا إذا تحقق هذا الإنسان أنه خرج منه شيء ناقض للوضوء من القبل أو الدبر، وعند الإمام مالك رضي الله عنه إذا شخص نام نوما خفيفا لا ينتقض وضوؤه، أما إذا نام نوما ثقيلا ينتقض وضوؤه، ومن خصائص الأنبياء أن قلوبهم لا تنام، إنما تنام أعينهم فلا ينقض النوم وضوءهم، والولي الذي غاب عقله بالوجد فإنه ينتقض وضوؤه، الولي إن استغرق في حب الله أحيانا ينسى كل شيء، لكن الوجد الذي يغيب العقل لا يحصل لكمل الأولياء، والصحابة ما حصل فيهم جذب يغيب العقل.
مسألة: إذا شخص عملت له عملية وانسد المخرج الأصلي، ثم فتح له مخرج جديد لخروج الخارج، إن كان بولا أو غائطا، فالذي يخرج من هذا المخرج الذي فتح هل ينقض الوضوء؟ قال العلماء: إن انسد المخرج المعتاد وانفتح له مخرج من بدنه، فإن كان دون المعدة، أي تحت السرة، انتقض الوضوء بالخارج منه، وإن كان المنفتح فوق المعدة، ففيه قولان: أحدهما ينتقض الوضوء بالخارج منه، والثاني لا ينتقض الوضوء، لكن على الحالتين عليه أن يصلي.
مسألة: إذا كان هذا الخارج لا يتوقف، لأنه أحيانا يوضع للشخص نبريش ويحمل ما يسمى كيس بول معه، فكيف يصلي؟ إن كان لا يمكنه أن يصلي إلا على هذا الحال، فيصلي على هذا الحال، وله ثواب في صلاته، له عذر في ذلك، هذا يسمى صاحب حدث دائم، وهذا إذا توضأ يقول: أستبيح الصلاة لأن حدثه دائم.
مسألة: إذا خرج ريح من فرج المرأة أو ذكر الرجل فإنه ينقض الوضوء، قاله الشافعي في “الأم”، وقال أبو حنيفة: لا ينقض الوضوء، معناه عند الذكر وعند الأنثى.
الاستنجاء
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان أحكام الاستنجاء (من نجوت الشىء أي قطعته فكأنه قطع الأذى عن نفسه).
الشرح هذا الفصل معقود للاستنجاء كما تقدم (والاستنجاء بالحجر من خصائص هذه الأمة المحمدية ولم يكن لمن قبلنا من الأمم رخصة في الاستنجاء بالحجر بل كان فرضا عليهم أن يستنجوا بالماء ولله الحمد على ذلك). وأوجب ما يوجب الاستنجاء وأشده (أي أشد ما يوجب الاستنجاء) البول لأن التضمخ بالبول من أكبر الكبائر وهو أكثر ما يكون سببا لعذاب القبر (كما دل على ذلك الحديث الذي رواه البيهقي في إثبات عذاب القبر، استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه. معناه تحفظوا من البول لئلا يلوثكم، معناه لا تلوثوا ثوبكم الملاصق لبدنكم أو جلدكم به، لأن أكثر عذاب القبر منه). فما كان خارجا من أحد السبيلين وكان رطبا بحيث لوث المخرج وجب الاستنجاء منه إن كان معتادا أو غيره كالدم. ولا يجب الاستنجاء من الخارج الجامد (أي الجاف) كالحصى الخارج بلا بلل (لأنه لا يلوث المخرج). ثم إن كان الاستنجاء بحجر يعفى عن الأثر الذي يبقى وهو الذي لا يزيله إلا الماء أو صغار الخزف أي الفخار ثم إذا عرق المحل (أي خرج العرق من محل الاستنجاء) فأصاب ما يليه من الثوب عفي عنه لأن هذا مما يكثر الابتلاء به ولا سيما في البلاد الحارة.
وقول المؤلف (غير المني) أراد به أن المني لا يجب الاستنجاء منه لأنه طاهر عند الإمام الشافعي رحمه الله ولكنه يسن الاستنجاء منه للخروج من خلاف الأئمة القائلين بنجاسته.
ثم الواجب على المستنجي الماء فقط أو الحجر أو ما يقوم مقامه. وكيفية الاستنجاء أن يضع يده على المخرج مع سكب الماء ويدلك المخرج إلى أن يذهب الخارج عينه وأثره ويكفي غلبة الظن في زواله. فإن مسح بحجر أو نحوه وجب أن يمسح ثلاث مسحات إما بثلاثة أحجار وإما بحجر واحد له ثلاثة أطراف أو أكثر إلى أن ينقي المحل. وفي حكم الحجر كل شىء قالع طاهر جامد غير محترم فلا يجزئ أي لا يكفي غير القالع لملاسته كالزجاج أو القصب أو لغير الملاسة كالتراب المتناثر (الغير متماسك لأنه لا يقلع) ولا يكفي الجامد النجس أو المتنجس ولا الرطب كالجلد الرطب ولا ما عليه رطوبة ولو خرقة مبلولة بالماء فإن كانت جافة فهي مثل الحجر فيكفي الاستنجاء بها. ولا يكفي أيضا للاستنجاء القالع المحترم كورقة علم شرعي بل من استنجى بها عالما بما فيها كفر. ومن المحترم مطعوم الآدمي كالخبز (ومن المحترم عظم الحيوان المأكول المذكى، فلا يجزئ الاستنجاء به، لأن هذه العظام الله يكسوها لحما فيأكلها مؤمنو الجن). ثم إنما يكفي الاستنجاء بالحجر ونحوه إذا لم ينتقل الخارج عن المخرج إلى غيره أي لم يجاوز الحشفة والصفحتين أي ما ينضم من الأليتين عند القيام. ويشترط لكفاية الاستنجاء بالحجر للنساء أن لا يصل البول إلى مدخل الذكر وإلا تعين الماء. ويكفي الاستنجاء بالحجر من الغائط ولو كان على المخرج شعر (يعني الشعر لا يمنع إجزاء الحجر في الاستنجاء). ويشترط أن يكون المسح قبل الجفاف (لأنه إذا جف الخارج وجب الماء)، ولا يمنع اختلاط العرق بالخارج من إجزاء الاستنجاء بالحجر.
وما يفعله بعض الناس عند الاستنجاء من الغائط من أن يأخذوا بالكف اليسرى ماء ثم يدلكوا به المخرج فذلك قبيح غير كاف (لأنه لا يوجد جريان ماء، هؤلاء وسعوا النجاسة ما غسلوها. ثم إن الجمع بين الماء والحجر أفضل من الاقتصار على أحدهما، والاقتصار على الماء أفضل من الاقتصار على الحجر)
والاستبراء وهو إخراج بقية البول بعد انقطاعه بتنحنح أو نحوه يكون واجبا في حال وسنة في حال، يكون واجبا إذا كان يخشى من تركه تلويث نفسه بالبول ويكون سنة إذا كان لا يخشى من تركه تلويث نفسه بالبول.
اذكر بعض السنن والمكروهات فى الاستنجاء.
يسن للشخص أن ينصب رجله اليمنى ويتكئ على اليسرى عند القعود لأنه أسهل لخروج الخارج ولا يبول واقفا لأنه مكروه إلا لعذر. ولا يستنجى بيده اليمنى لحديث مسلم عن سلمان أنه قال نهانا رسول الله ﷺ أن نستنجى باليمين، فإذا فعل ذلك صح مع الكراهة. ولا يتكلم أثناء خروج البول أو الغائط ولا يذكر الله فى بيت الخلاء بلسانه لأنه مكروه فإن عطس حمد الله بقلبه. ويسن الاستبراء وهو إخراج بقية البول بعد انقطاعه أى إن كان لا يخشى نزوله ويكون بتنحنح أو نحوه وإلا وجب وأن ينتر ذكره ثلاثا لقوله ﷺ إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات رواه ابن ماجه. وينبغى أن ينوى أنه يستنجى ويفعل السنن ويترك المكروهات ابتغاء الأجر من الله.
ماذا يسن للمسلم أن يقول عند الدخول إلى بيت الخلاء وعند الخروج منه.
يسن الدخول إلى الخلاء بالرجل اليسرى والخروج منه باليمنى ويسن لمن أراد الدخول إلى بيت الخلاء أن يقول بسم الله اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث أى أطلب من الله أن يحفظنى من أذى الشياطين ذكورهم وإناثهم، والبسملة ستر عن أعين الجن. ويسن له أن يقول إذا خرج غفرانك الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى أى أحمده تعالى أنه أخرج منى ما لو بقى فى جوفى يؤذينى وأبقى على العافية.
قال المؤلف رحمه الله: فصل.
الشرح هذا فصل معقود لبيان موجبات الغسل وأركانه.
قال المؤلف رحمه الله: ومن شروط (صحة) الصلاة الطهارة من الحدث الأكبر (ويكون ذلك) بالغسل أو التيمم لمن عجز عن الغسل والذي يوجبه (أي الغسل) خمسة أشياء (اثنان يشترك فيهما الرجال والنساء أحدهما) خروج المني (أي مني الإنسان نفسه والمراد بخروجه ظهوره إلى ظاهر حشفة الرجل وفرج البكر ووصوله إلى ما يظهر من فرج الثيب عند قعودها على قدميها لقضاء الحاجة فما لم يصل إلى ذلك فلا يوجب الغسل. وللمني علامات يعرف بها هي التدفق أي الانصباب بشدة على دفعات والتلذذ بخروجه ورائحة العجين رطبا أي إذا كان المني رطبا وبياض البيض جافا أي إذا كان المني جافا فإن وجدت علامة من هذه العلامات فالخارج مني ولا يشترط اجتماعها) و (ثانيهما) الجماع (ولو لم ينزل وهو إيلاج الحشفة أو قدرها من فاقدها سواء خلق هكذا أم قطعت في فرج ولو دبرا سواء جامع بحائل أو بغير حائل قال في روضة الطالبين أما الجماع فتغييب قدر الحشفة في أي فرج سواء كان غيب في فرج امرأة أو بهيمة أو دبرها أو دبر رجل أو خنثى صغير أو كبير حي أو ميت اﻫ) و (ثلاثة تختص بالنساء أولها) الحيض (وهو الدم الخارج من رحم المرأة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة وأقله يوم وليلة ولا يوجد نص صريح ثابت مجمع على الاحتجاج به أن أقل الحيض يوم وليلة، لأجل هذا يوجد اختلاف بين الأئمة في أقل الحيض وأكثره. وأكثره خمسة عشر يوما ويجب الغسل عند انقطاع دمه لكنه وجوب موسع. قال في شرح الوجيز إن أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين ثم قال لو كان بين رؤية الدم وبين استكمال التسع على الوجه الأصح ما لا يسع لحيض وطهر يكون ذلك الدم حيضا وإلا فلا اﻫ) و (ثانيها) النفاس (وهو الدم الخارج من رحم المرأة بعد الولادة وأقله مجة وأكثره ستون يوما والموجب للغسل هو انقطاع دم النفاس. الوجوب أحيانا يكون موسعا، ليس معناه يجب عليها أن تغتسل فورا) و (ثالثها) الولادة (ولو كان الذي خرج منها علقة أو مضغة أخبرت القوابل أنها أصل ءادمي. في مختار الصحاح العلق الدم الغليظ والقطعة منه علقة اﻫ قال في لسان العرب في المضغة وهي القطعة من اللحم قدر ما يمضغ اﻫ ولو بلا بلل أي ولو بلا دم، لو خرج الولد من غير بلل، ما خرج معه بلل بل طلع ناشفا يجب عليها أن تغتسل لأن أصل الولد مني منعقد وقد ذكر الشيخ رحمه الله أن بعض الفقهاء المصريين قال عن نساء الأكراد اللواتي من العرق الكردي يكثر فيهن هذا أي أنهن يلدن من غير بلل فصار مجموع موجبات الغسل خمسة كما تقدم).
الشرح أن من شروط الصلاة التي لا تصح الصلاة بدونها الطهارة عن الحدث الأكبر وتسمى هذه الطهارة الغسل والذي يوجب ذلك خمسة أشياء.
الأول خروج المني أي ظهوره إلى ظاهر الحشفة من الرجل ووصوله إلى ظاهر فرج البكر أو وصوله إلى ما يظهر من فرج الثيب عند قعودها على قدميها لقضاء الحاجة أو للاستنجاء فما لم يصل إلى ذلك فلا يوجب الغسل فلو وقف المني فيما دون ظاهر الحشفة من الرجل لا يجب الغسل عليه. وكذلك البكر إذا لم يظهر المني إلى ظاهر فرجها لا يجب عليها الغسل وكذا الثيب فلا يجب عليها الغسل إن لم يصل منيها إلى ما يظهر من فرجها عندما تقعد (أي على قدميها) لقضاء الحاجة. (والمراد خروج مني الشخص نفسه، فلو جومعت المرأة جماعا قضت شهوتها به ثم اغتسلت ثم خرج منها المني المختلط من منيها ومني زوجها وجب عليها إعادة الغسل، وأما إذا لم تقض شهوتها فاغتسلت من أجل الجماع ثم خرج منها المني أي بقية مني زوجها لم يجب عليها إعادة الغسل لأن هذا مني غيرها) وللمني ثلاث علامات يعرف بها (يعني يعرف بأنه مني بأي واحدة منها، ولا يشترط اجتماع الثلاث) إحداها التدفق أي الانصباب بشدة شيئا فشيئا وثانيها التلذذ بخروجه بحيث يعقبه فتور الشهوة وثالثها ريح العجين في حال الرطوبة وريح بياض البيض بعد الجفاف وهي علامات مشتركة بين الرجال والنساء (وهذا معنى قول النبي للمرأة التي سألته بقولها هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال نعم إذا رأت الماء. رواه البخاري. وليس المراد بالرؤية هنا خصوص الرؤية بالعين إنما المراد العلم بخروجه. فإن الرؤية في اللغة تكون للرؤية بالعين وتكون بمعنى العلم. وأما المذي فلا يوجب خروجه الغسل ولكنه يثبت الحدث الأصغر وهذا المذي يشترك فيه الرجال والنساء وهو ماء لزج يخرج عند ثوران الشهوة) ومن رأى منيا في ثوبه أو في فراشه الذي لا ينام فيه غيره وجب عليه الغسل (حتى لو لم يحس بخروجه، لأنه تأكد أنه خرج منه، فهنا يجب عليه الغسل) وإعادة كل فرض صلاه إذا كان لا يحتمل حدوثه بعده (مثال ذلك: أفاق من نومه ولم ينظر في ثوبه الذي يلبسه، ثم استمر لابسا هذا الثوب إلى المغرب ولم ينظر فيه، فصلى الصبح والظهر والعصر، ثم أراد أن يصلي المغرب فنظر في الثوب فوجد المني في الثوب، هو متأكد أن هذا المني حدث قبل صلاة الصبح، لأنه ما رجع إلى النوم بعد الصبح ولم يحس بشيء بعده، فهو متيقن أن هذا خرج قبل صلاة الصبح، ففي هذه الحال يغتسل ويقضي الصبح والظهر والعصر، كل الصلوات التي هو متأكد أنه صلاها بعد خروج المني. أما لو شك هل خرج المني قبل أن يصلي هذه الصلاة أم بعدها؟ فلا يجب عليه أن يعيدها، ومثال ذلك في المثل المتقدم: ما لو رجع إلى النوم بعد الصبح، ثم بعد ذلك أفاق فرأى المني، فهنا يحتمل أن يكون المني حدث في الليل، ويحتمل أنه حدث بعد الصبح، فلا يجب أن يعيد الصبح).
(تنبيه: قول بعضهم إن المني فيه روح أو حيوان منوي باطل، فمن قال فيه روح إنسان كفر، أما إن قال فيه دود ثم هذا الدود يموت ثم من النطفة الميتة يخلق الإنسان لا يكفر، أما إن أراد أن تلك الديدان الحية تتحول إنسانا فيكفر لأن معناه أن الدود انقلب إنسانا مع التحول إلى شكل بشر وهذا تكذيب للقرءان ومخالف لما كان عليه المسلمون أتباع الأنبياء من ءادم إلى عيسى إلى محمد عليهم الصلاة والسلام، ومخالف لما كان عليه الحكماء وفقهاء الإسلام.
قال الله تعالى ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون﴾ كنتم أمواتا أي نطفا لا روح فيها، وقال عليه الصلاة والسلام إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح. رواه البخاري ومسلم. فدل كلامه ﷺ أن المني لا روح فيه وأن الروح تنفخ في الجنين بعد أربعة أشهر من الحمل.
ومما يجب التحذير منه قول بعضهم إن المرأة لا مني لها لأنه مخالف للقرءان والحديث، وكذا قولهم بما أسموه بالاستنساخ ويريدون به أن الولد قد يولد بأخذ شىء من جسم الرجل يسمونه خلية غير المني ووضعه في رحم المرأة فتحمل منه بولد مشابه لهذا الرجل وهذا كذب وباطل ومعارض لقول الله تعالى ﴿إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج﴾ أي من نطفة قد امتزج فيها الماءان، ومخالف لقوله تعالى ﴿فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب﴾ فمني الرجل يرشح من صلبه أي ظهره ومني المرأة يرشح من الترائب وهي عظام الصدر، فالله عز وجل أثبت وجود الماءين مني الرجل ومني المرأة. وكذلك قال رسول الله ﷺ إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أخذ الشبه وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أخذ الشبه. وقال أيضا إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا بإذن الله، (أي يأتيان بولد ذكر) وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل ءانثا بإذن الله. أي يأتيان بولد أنثى.
وفي الحديث أيضا أنه قيل لرسول الله ﷺ هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال ﷺ نعم إذا رأت الماء. أي إذا علمت بخروج المني وإلا فلا غسل عليها لمجرد أنها رأت في منامها شيئا. فهؤلاء الذين يقولون بأنه قد يأتي الولد من غير مني المرأة أو من غير مني الرجل كلامهم باطل باطل باطل. يجب تحذير الناس منهم)
والثاني (أي من موجبات الغسل) الجماع وهو إيلاج الحشفة أو قدرها من فاقدها في فرج ولو دبرا.
والثالث الحيض وهو الدم الخارج من رحم المرأة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة وإمكانه بلوغ تسع سنين تقريبا بالسنين القمرية (قال “تسع سنين تقريبا” لأنها لو نزل منها الدم قبل مدة لا تسع طهرا وحيضا يعد هذا الدم حيضا، يعني إذا نزل منها الدم قبل عشرة أيام مثلا من بلوغها تسع سنين، فهذا يعتبر حيضا، لأن عشرة أيام لا تسع طهرا وحيضا. أقل الطهر خمسة عشر يوما، وأقل الحيض يوم وليلة، فعشرة أيام لا تسع طهرا وحيضا، لذلك قالوا: “تقريبا”). وأقله يوم وليلة أي مقدار أربع وعشرين ساعة سواء كان متصلا أو متقطعا في ظرف خمسة عشر يوما (إن تقطع نزول الدم، لكن في مدة خمسة عشر يوما، إذا جمعت الأوقات التي نزل فيها الدم مع بعضها، تبلغ أربعا وعشرين ساعة، يحكم بأن هذا الدم حيض في ضمن خمسة عشر يوما) فلو رأت ستة أيام كل يوم أربع ساعات دما ثم انقطع كانت تلك المدة كلها حيضا. وأكثره خمسة عشر يوما مع أوقات النقاء التي تتخللها. وغالبه ست أو سبع.
والرابع النفاس وهو الدم الخارج بعد خروج الولد ولو مجة أي قدر بزقة واحدة وهو أقل النفاس وأكثره ستون يوما وغالبه أربعون يوما. والموجب للغسل من الحيض والنفاس هو انقطاع الدم (فلو جاء المرأة الدم أربعين يوما ثم انقطع عشرة أيام ثم عاودها الدم بعد ذلك فهذا الدم نفاس لأنه ضمن الستين يوما من غير أن يكون بينه وبين ما قبله انقطاع خمسة عشر يوما أو أكثر، وأما إذا جاءها الدم ثلاثين يوما في ضمن الستين ثم انقطع خمسة عشر يوما فالدم الذي يأتي بعد ذلك إن استمر يوما وليلة فهو حيض وليس نفاسا).
والخامس الولادة ولو كان الذي خرج منها علقة (والعلقة القطعة الغليظة من الدم المتجمد) أو مضغة (والمضغة هي المني عندما يتحول إلى قطعة لحم وتكون بقدر ما يمضغ) أخبرت القوابل أنها أصل ءادمي ولو بلا بلل وذلك لأن الولد مني منعقد (فتعطى الولادة حكم الأصل).
فهذا القدر من العدد بالنسبة للحي أما الميت فيجب غسله على المكلفين ليس عليه لأنه خرج عن التكليف.
ومن مسائل الحيض أن الدم لا يعتبر حيضا إلا أن تراه المرأة بعد تسع سنين قمرية أو قبلها بأقل من ستة عشر يوما كما تقدم وما سوى ذلك فهو دم فساد تستنجي منه ثم تتوضأ فتصلي.
ومنها أن المرأة متى ما رأت الدم في وقت الحيض تتجنب ما تجتنبه الحائض من صوم وصلاة ووطء وغير ذلك ولا تنتظر بلوغه يوما وليلة ثم إن نقص عن يوم وليلة قضت ما كانت قد تركته من صوم وصلاة ولا يلزمها غسل عند ذلك لعدم الحيض.
ومنها أنه متى ما انقطع الدم بعد بلوغ أقله أي أربع وعشرين ساعة تغتسل وتصلي وتصوم ويحل وطؤها فإن عاد في زمن الحيض تبين وقوع عبادتها في الحيض فتؤمر بقضاء الصوم فقط ولا إثم بالوطء لبناء الأمر على الظاهر وإذا انقطع حكم بطهرها وهكذا ما لم يعبر خمسة عشر يوما.
ومنها أن الانقطاع يعرف بأن تكون بحيث لو أدخلت القطنة فرجها خرجت بيضاء (ولكن ليس شرطا أن تدخل القطنة فرجها لتعرف انقطاع الدم) وليس شرطا أن تنظر كل ساعة لتتأكد من نقائها (لأن الحيض له علامات حين يكون موجودا النساء يحسسن بحرقة في الفرج ثم إذا رأت القصة البيضاء كان ذلك علامة لانتهاء حيضها. والقصة البيضاء ماء أبيض يخرج عند انتهاء الحيض، وليس شرطا أن يكون لكل النساء. وأما الدم الذي تراه المرأة الحامل فقد اختلف فيه الفقهاء منهم من قال إنه حيض إن نزل قدر يوم وليلة ومنهم من قال هذا مثل البول تستنجي منه فقط.
والمرأة إذا أجهضت ونزل منها ما فيه مبدأ خلق البشر فالدم الذي ينزل منها بعد هذا الإجهاض يكون نفاسا. وإذا ولدت المرأة ولم تر الدم ثم مكثت خمسة عشر يوما بلا دم ثم رأت دما فهو حيض)
ما حكم الدم الذى يخرج من المرأة إذا أجهضت.
إذا أجهضت المرأة وكان الذى سقط منها ظهرت فيه خلقة ءادمى فالدم الخارج منها نفاس أما إذا لم يكن فيه خلقة ءادمى فالدم الخارج منها يعتبر حيضا إذا بلغ يوما وليلة أما إن لم يبلغ يوما وليلة فهو دم علة أى دم استحاضة.
ما حكم الإجهاض.
قال بعض العلماء يجوز الإجهاض قبل الشهر الرابع باستعمال الدواء لا بكشف العورة لأن كشف العورة بلا عذر حرام. أما الإجهاض بعد الشهر الرابع فحرام عند الجميع لأن الروح ينفخ فى الجنين فيعد الإجهاض حينئذ قتل نفس بغير حق كالذى يقتل إنسانا مسلما يمشى فى الطريق. قال الله تعالى ﴿ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق﴾. فلا يجوز قتل الجنين حتى لو قيل إن بقى يطلع مشوها أو تموت الأم بسببه أو يموت الاثنان. ويراعى سلامة الأم وسلامة الحمل ولا يقدم أحدهما على الآخر فى ذلك فالطفل برىء من كل ذنب فلم تقدم الأم عليه. إن ماتت هى بسببه تموت شهيدة فتكون ناجية من عذاب الله فى القبر وفى الآخرة إن كانت مسلمة.
والله تعالى أعلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين
لمشاهدة الدرس: https://youtu.be/urvmMajQazw
للاستماع إلى الدرس: https://soundcloud.com/shaykh-gilles-sadek/umdah-14