#50 4-5 المعاصي المتعلقة باللسان
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله أما بعد ليعلم أنه يحرم إذا قرأ الشخص القراءن أن يلحن فيه أى أن يغير فى القرءان بأن يغير لفظ الكلمة عما أنزلت عليه، سواء كان هذا اللحن يغير المعنى أو لا يغير المعنى. ولذلك ينبغى للشخص أن يقرأ القرءان على معلم يحسن القراءة قبل أن يقرأ وحده.
ومن معاصى اللسان أن يشحذ الإنسان المكتفى. وفى صحيح البخارى أن الذى يفعل ذلك يأتى يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم، وذلك لأنه أراق ماء وجهه فى الدنيا بالشـحاذة فكان عقابه يوم القيامة مناسبا لذلك. يوم القيامة هذا الوجه الذى قابل به الناس ليشحذ منهم موهما إياهم أنه محتاج مع كونه عنده الكفاية لا يكون عليه مزعة لحم. أما من كان من أهل الفقر وليس له سبيل ليكفى حاجاته إلا بالسؤال فسأل فلا إثم عليه. وإن صبر وتعفف فهو خير له فإن الله مدح فى القرءان فقراء المهاجرين الذين كان الناس يحسبونهم من التعفف أغنياء.
ومن معاصى اللسان أن ينذر الرجل نذرا يقصد به أن يحرم وارثه. كأن ينذر ماله قبل الوفاة لشخص غير الوارث ويشهد على ذلك ليطالب هذا الشخص بالمال عند وفاة صاحب المال مستعينا بالشهود ليحكم له القاضى بذلك، ويكون قصد صاحب المال من هذا الأمر حرمان الوارث. فلو وقع ذلك من شخص لم يصح ذلك النذر. ومثله أن ينذر أمواله لبناته لأنه ليس له أولاد ذكور حتى لا يرث إخوته من هذا المال مثلا، فإن هذا حرام والنذر غير ثابت.
ومن معاصى اللسان أن يخطب الرجل على خطبة أخيه أى أخيه فى الإسلام. وإنما يحرم ذلك بعد الإجابة ممن تعتبر منه من ولى مجبر أو غير مجبر بدون إذن الأول، أى لو أجاب الولى أو من تعتبر منه الإجابة بقبول الخطبة يحرم أن يخطب شخص ءاخر يعلم بهذا الأمر نفس المرأة بدون إذن الخاطب الأول. فأما إن أذن الأول فلا حرمة فى ذلك. وكذلك إن أعرض الأول أى غير رأيه ولم يعد يريد الزواج منها فهنا تزول الحرمة. وإنما حرمت الخطبة على خطبة أخيه لما فى ذلك من الإيذاء والقطيعة.
و من معاصى اللسان أن يفتى الشخص بفتوى بغير علم. فمن أفتى فإن كان مجتهدا أفتى على حسب اجتهاده، أى إن تحلى بصفات المجتهد، ومنها أن يكون حافظا لآيات الأحكام، وأحاديث الأحكام، عارفا بلغة العرب والمطلق والمقيد والعام والخاص والناسخ والمنسوخ، وأن يكون مسلما مجتنبا للكبائر غير مصر على الصغائر محافظا على مروءة أمثاله، وأن يكون وقاد القريحة. فمثل هذا إن أفتى يفتى على حسب اجتهاده. فإذا لم يكن الشخص مجتهدا اعتمد على فتوى إمام مجتهد. فمن سـئل عن مسألة ولم يكن عنده علم بحكمها فلا يغفل كلمة لا أدرى، فقد جاء عن مالك رضى الله عنه أنه سئل ثمانية وأربعين سؤالا، فأجاب عن ستة وقال عن البقية: لا أدرى، روى ذلك عنه صاحبه هيثم بن جميل. وروى عن سيدنا على أنه سئل عن شىء فقال: وابردها على الكبد أن أسأل عن شىء لا علم لى به فأقول لا أدرى، رواه الحافظ ابن حجر فى تخريجه على مختصر ابن الحاجب الأصلى. وقد روى إمامنا الشافعى رضى الله عنه عن مالك عن محمد بن عجلان قال: إذا أغفل العالم لا أدرى أصيبت مقاتله إهـ. ولا عبرة بفتاوى كثير من الناس بقولهم “رأينا كذا وكذا” وهم لم يصلوا إلى درجة الاجتهاد المطلق ولا إلى درجة أصحاب الوجوه فى المذهب. فإنه إذا كان بعض أقوال بعض المجتهدين لا تعتبر لمخالفتها النصوص الصريحة فكيف بقول ورأى من لم يبلغ درجة الاجتهاد ممن تسور مرتبة ليس هو أهلا لها. نسأل الله أن يحفظنا من ذلك. والله تعالى أعلم وأحكم. نقف هنا الآن ونتابع ما بدأنا به إن شاء الله تعالى في حلقة مقبلة إن شاء الله فتابعونا وإلى اللقاء.