ومما يجب التحذير منه تحذيرا بالغا مؤلفات سيد قطب الذي كان في أول أمره صحفيا ماركسيا ثم انخرط في حزب الإخوان واشتغل بالتأليف فزل وضل.
فبالإضافة إلى الانحراف الكبير في كلامه حول تكفير البشرية([1])، وتشبيه الله تعالى بخلقه وتسميته لله بالريشة المبدعة والخالقة([2]) وبالعقل المدبر([3]) ونحوها من الألفاظ التي عدها علماء الأمة من المكفرات، قد ذم سيد قطب سيدنا موسى ويوسف وإبراهيم عليهم السلام، نعوذ بالله من الكفر، فلتحذر مؤلفات هذا الرجل الذي يدعو الناس إلى هدم الدين وإلى الفوضى والقتل والدمار وفتح باب المروق من الدين.
فقد أداه جهله إلى القدح والذم بسيدنا موسى عليه السلام في كتابه المسمى التصوير الفني في القرآن الكريم فقال ما نصه: «لنأخذ موسى، إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج» كما مر، ويقول في الصحيفة التي بعدها: «فلندعه هنا لنلتقي به في فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات، فلعله قد هدأ وصار رجلا هادئ الطبع حليم النفس»([4]).اهـ.
ويتهم سيدنا يوسف في نفس الكتاب بأنه كاد يضعف أمام امرأة العزيز([5]).
ويرمي سيدنا إبراهيم عليه السلام بالشك فيقول ما نصه: «وإبراهيم تبدأ قصته فتى ينظر في السماء، فيرى نجما فيظنه إلهه، فإذا أفل قال: لا أحب الآفلين، ثم ينظر مرة أخرى فيرى القمر فيظنه ربه ولكنه يأفل كذلك فيتركه ويمضي، ثم ينظر إلى الشمس فيعجبه كبرها ويظنها ولا شك إلها ولكنها تخلف ظنه هي الأخرى»([6]).اهـ. كما تقدم.
الرد: هذا الكلام مناقض لعقيدة الإسلام التي تنص على أن الأنبياء الكرام تجب لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوة وبعدها، وقول إبراهيم عليه السلام عن الكوكب حين رآه: {هذا ربي} [الأنعام: 76] هو على تقدير الاستفهام الإنكاري، فكأنه قال: أهذا ربي كما تزعمون؟ ثم لـما غاب قال: {لا أحب الآفلين}، أي: لا يصلح أن يكون هذا ربا، فكيف تعتقدون ذلك، وعندما لم يفهموا مقصوده؛ بل بقوا على ما كانوا عليه قال حينما رأى القمر مثل ذلك، فلـما لم يجد منهم بغيته أظهر لهم أنه بريء من عبادته وأنه لا يصلح للربوبية، ثم لـما ظهرت الشمس قال مثل ذلك، فلم ير منهم بغيته فأيس منهم فأظهر براءته من ذلك، وأما هو فقد كان يعلم قبل ذلك أن الربوبية لا تكون إلا لله بدليل قوله تعالى: {ولقد ءاتينا إبراهيم رشده من قبل} [الأنبياء: 51]. وقد تقدم بيان ذلك مفصلا.
وهنا ينبغي التأكيد أن تفسير القرآن الكريم ليس مشاعا لكل ذي قلم سيال أن يكتب فيه برأيه كما يصور له شيطانه وكما تسول له نفسه، غير مراع لـما لا يليق بالله وأنبياء الله من عبارات وألفاظ، فيها نسبة التشبيه لله بخلقه، ونسبة صفات النقصان لأنبياء الله، بداعي التحرر من التفاسير القديمة، وبداعي مواكبة كتاب العصر الغربيين الحاليين في مخاطبتهم لله كأنه رسام أو بناء خبير، وفي نقدهم لأنبياء الله من دون أدب ولا مراعاة لمنصب النبوة وعصمتهم.
ومن هنا كان التحذير من كتب سيد قطب الذي لم يسبق له أن جثا بين يدي أهل العلم بالدين للتعلم، ومن هنا تعرف منشأ مثل هذه الزلات الفاضحة والسقطات الواضحة، لأنه لم يتلق العلم من أهله وإنما اعتمد على مجرد المطالعة في الكتب.
[1])) الكتاب المسمى في ظلال القرآن، سيد قطب، المجلد 2، (7/1057).
[2])) الكتاب المسمى التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، (ص109، 175، 198، 201).
[3])) الكتاب المسمى التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، (6/3804).
[4])) الكتاب المسمى التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، (ص161، 162).
[5])) الكتاب المسمى التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، (ص166).
[6])) الكتاب المسمى التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، (ص133).