الأربعاء ديسمبر 4, 2024

 مجلس كتاب ” سمعت الشيخ يقول “- 141

 مما اتفقت عليه كل الشرائع حفظ الدين والعقل والمال والنفس والنسب

 قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات

الحمد لله رب العالمين وصلى الله عى سيدنا محمدٍ طه النبي الأمي الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه ومَن والاه

وأشهد  أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهد أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبارك وعظّم وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وسلام الله عليهم أجمعين ورضي اللهُ عن جميع الأولياء والصالحين

أما بعد إخواني وأخواتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أذكركم وأذكر نفسي بإخلاص النية لله تعالى في حضور مجلس العلم وأذكركم بتذكير غيرِكم وبدعوةِ غيركم وبتشجيعِ غيرِكم على التعلم والتعليم وتحصيل العلم ليَعظُمَ لكم الأجر والثواب بإذن الله سبحانه وتعالى

ونبدأ بمجلسِنا مخلصين لله عز وجل متوكلين عليه في كتاب سمعت الشيخ يقول أو دربب السلامة في إرشادات العلّامة

نتابع من حيثُ كنا وصلنا في الدرس الأخير

قال رضي الله عنه وأرضاه  وغفر لنا وله وجمعنا به في الفردوس الأعلى ” الرزقُ ما ينفعُ ولو محرَّمًا ، السموم لا تُسمى رزقًا ، الرزقُ ما ينتفعُ به الجسم  ينتفعُ به كما لو سرقَ دجاجةً فأكلها “

هنا لفهم هذه القضية لا بد من الانتباه ، المؤلف رحمه الله على عادة الفقهاء والعلماء في اصطلاحِ تعريف الرزق يُبيّن ويقول إنّ الرزقَ هو ما ينفعُ الجسد الجسم البدن حسًّا ولو كان محرَّمًا وضربَ مثالًا كأن سرقَ الإنسان دجاجةً فأكلها ، هذا من حيثُ التعريف يُقال له رزق لكنْ بما أنه حصّله من طريقٍ محرّم يكون عليه معصية ، يكون عليه والعياذ بالله حرج ، ارتكب إثمًا ، يعني يكونُ مُلامًا ومؤاخَذًا ويُسأل ويستحقّ العذاب والعقاب لأنّه أكل هذا الرزق من طريقٍ محرّم

كالذي يضع يدَه مثلًا على مال إنسان بغير حق وأخذه وأكله أو كان ثوبًا فلبِسَه أو سيارةً فرَكِبَها أو دارًا فسكنَها ، هذا يقال له رزق لكن بطريقٍ محرّم ، هنا انتبهوا تعريف الفقهاء والعلماء وهذا منتشر في المؤلَّفات هنا يبيّنون ما معنى الرزق لا يقولون ما كان من طريقٍ محرّم هو حلال ، لا ، لا يقولون هذا إنما يُعرّفونَ معنى الرزق هو الذي ينفعُ حسًّا ينتفعُ به البدن فإن كان من طريقٍ محرّم هو رزق لكنْ حرامٌ لا يجوز للإنسان المكلف أنْ يطلب الرزق من طريقٍ محرم بل فرضٌ على المكلف أنْ يطلب الحلال وأنْ يسعى في طلب الرزق الحلال وأن يطلبَ الرزق من طريقٍ حلال ، فإن حصّلَه من طريقٍ محرم اصطلاحًا يقال له رزق لكنْ من طريقٍ محرّم ، يعني هذه الدجاجة سرقَها فأكلها حرام وعليه ذنب ، عليه معصية ، لكنْ يقال له رزق في اصطلاح الفقهاء وتعريفِهم .

فإذًا ينبغي أنْ ننتبه لهذه القضية ، ففي قولِهم الرزق ما ينفعُ ولو محرَّمًا هذا ليس لتحليلِ وإباحةِ تحصيل الرزق من طريقٍ محرّم لا حاشا ، الفقهاء لا يريدونَ ذلك ، يقولون هو رزقٌ من طريقٍ محرّم أو حصّلَ هذا الرزق بالحرام ، هذا مرادُهم لكنْ يسمى رزقًا من حيثُ التعريف كما قال صاحب الزبد

يرزقُ مَن شاء ومَن شاءَ حرمَا    والرزقُ ما ينفعُ ولو محرّمًا “

هذا من حيثُ التعريف أما إنْ حصّله من طريقٍ محرّم فهو معصية ولا يجوزُ له ذلك .

 

ثم قال الشيخ رحمه الله ” السموم لا تسمى رزقًا ” لأنّ السم لا ينفع البدن بل يؤذي يُهلك يُلحِقُ ضررًا يُلحقُ أذى ولو كان في بعض الأدوية تُستعمَل السموم وربما دفعوا  في مقابلِها وفي مقابلِ تحصيلِها مبالغَ باهظة لكنْ من حيثُ الاصطلاح والتعريف لا يسمى رزقًا لأنه لا ينفع ، بل هذا يؤذي ويُلحقُ ضررًا بالإنسان أو بغيرِ ذلك كالبهائم مثلًا .

هنا الآن ننتقل إلى قضية ومسئلةٍ مهمة غير الأولى

يقول رضي الله عنه ” اللهُ تعالى فرضَ علينا حفظَ العقلِ وحفظَ النسبِ وحفظَ المال عن الإتلاف. الذي يرمي مالًا في النار ليحترقَ أو يُتلفُه بوجهٍ من الوجوه حرامٌ عليه ، حفظ المال واجب وحفظُ النسبِ واجبٌ وحفظُ العقلِ واجبٌ وحفظُ النسبِ واجبٌ وحفظُ الدين أوجب من الكلّ ”

يعني في شريعة آدم عليه الصلاة والسلام في شريعة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في شريعة عيسى في شريعة نوح في شريعة محمد عليهم الصلاة والسلام وعلى كل أنبياء الله ، هذا أمرٌ متفقٌ عليه ، يعني في كل الشرائع يجب على المكلف أنْ يحفظ العقل والنسب وأنْ يحفظ المال وأن يحفظَ الدين وأنْ يحفظ النفس ، يعني هذه من الأمور المتفق عليها في كل شرائع الرسل والأنبياء التابعين للرسل عليهم الصلاة والسلام .

يعني لا يوجد في شريعة رسولٍ من الرسل مَن قال إن الإنسان يجوزُ له مثلًا أنْ يُتلِفَ المال أو أن يضيِّعَ النسب والعياذ بالله تعالى ، هذا ما قاله نبيّ ولا قاله رسول ولا يوجد في شريعة من الشرائع التي نزلت على الرسل عليهم الصلاة والسلام .

يقول الشيخ رحمه الله رحمة واسعة ” اللهُ تعالى فرضَ علينا حفظ العقل ”  يعني الإنسان الذي يأتي فيستعمل دواءً يُتلِفُ له عقلَه أو يأخذ مثلًا سكين فيُدخلُها في رأسهِ في دماغِه في قلبِه ، هذا أيضًا يُتلِفُ العقل لأنّ العقل هو اتصالٌ بين الدماغِ وبين القلب فإذا استعملَ دواءً فتلفَ عقلَه أو استعملَ طريقةً أخرى هذا حرامٌ لا يجوز ، هذا فيه إتلافٌ للعقل وتصرّف بالبدن بالجسد بالرأس بالقلب بالعقل بما حرّمَه الله ، يعني الله حرّم عليك أنْ تتلِفَ عقلَك فلا يجوز لك بدعوى أنّ الهموم كثيرة وأنّ العيال كثيرة والمصائب كثيرة والمال قليل ولا يوجد عمل فيتصرف بأنْ يضيّع عقلَه فيُتلِفَه هذا حرامٌ لا يجوز .

إذا كان العلماء بيّنوا أنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يُشَجّعونَ على تضييعِ العقل وعلى إتلافِ العقل فهل يجوز على نبيٍّ من الأنبياء أنْ يشربَ الخمر ليصير هو والعياذ بالله تعالى تالفَ العقل أو ليسكر فيضيع ويضحك عليه الناس ؟

فمن هنا يُعلَم أيضًا أنّ ما يُكذَب على عيسى عليه الصلاة والسلام من دعوى أنه كان يشرب الخمر أو كان يشجّع على شربِها هذا كذبٌ وافتراء ، هذا ما فعله عيسى ولا فعله يوسف ولا فعله داود ولا فعله سليمان كما يُكذَب عليهم مِن قِبَلِ اليهود والأغبياء الجُهَلاء الذين لا يعرفونَ عصمةَ الأنبياء .

نعم نحن نعرف أنّ تحريم الخمر نزل تدريجيًّا ومع ذلك حتى في الوقت الذي لم يكن نزل فيه تحريم الخمر بعد النبي ما كان يشجع عليه ولا كان يأمر بشربِه حتى قبل أنْ ينزل التحريم النبي ما شجّع على شرب الخمر ولا أهداها كما كذب وافترى هذا الوهابي الكذاب الأشر محمد العريفي الذي قال جيئَ براويتيْنِ من خمر إلى النبي فقال لمَن أهداها له إنّ الخمرَ حُرِّمَت فلا نشربُها لكنْ أرسلَها هديةً لغيرِه ، هذا كذب ، النبي لا يشرب ولا يُهدي الخمر ولا يشجع على شربِها ، فهذا افتراءٌ مفضوح وجهلٌ عريض من هذا الوهابي المحرّف لدين الله تعالى والذي نسبَ إلى رسول الله ما لا يليقُ بعصمتِه ، نسبَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعثَ بالخمر هديةً لغيره على زعمه ، هذا كذبٌ وافتراء .

حتى قبل نزول تحريم الخمر الأنبياء لا يشربون ولا يشجعون على شربِها ولا يحضّون الناس على شربِها ، كانوا يسكتون قبل أنْ ينزل التحريم إذا شربَ بعض الناس النبي من الأنبياء يسكت فإذا نزلَ التحريم النبي نهى ، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم عندما نزل تحريم الخمر بيّن أنها محرّمة الكثير والقليل منها فقال عليه الصلاة والسلام ” ما أسكرَ الفرَقُ منه فمِلءُ الكفِّ منه حرام ” وفي رواية للحديث ” ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرام ”

لاحظوا معي إلى قولِه عليه الصلاة والسلام ” فقليلُه حرام ” يعني لو كان قدرَ ملعقة صغيرة وُضِعَت في الطبيخ في اللحم في الحلواء حرام لا يجوز ، لو كان هذا القدر الذي لا يُسكر حرام فهل يحصل من الأنبياء أنْ يشجعوا على إتلاف العقل ؟ على تضييع العقل على السكر ؟ هذا لا يحصل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فلينتبه الإنسان العاقل ليُحافظ على عقلِه لأنّ العقل نعمة عظيمة وكبيرة ومَن عرف كيف يستخدم عقله ويستعمل هذه النعمة في الخير فإنه يكونُ دليلًا على فلاحِه ونجاحه ، أما مَن ضيّعَه واستمرَّ في الكفر والفسق والفجور أو تمادى في الفسوق والعصيان فإنه ضيّعَ هذا العقل وهذه النعمة فإنه بذلك يكونُ مستحقًّا لعذاب الله لأنه من الملكفين ، هذا الإنسان مكلف مع ذلك ضيّع قيمةَ البرهان العقلي وضيّع عقلَه وعملَ على إتلافِ عقلِه وعلى إفسادِ عقلِه وهذا فيه هلاكٌ كبيرٌ لهذا الإنسان .

قال رحمه الله ” فرضٌ علينا حفظُ العقل وحفظُ النسب ”

أيضًا مما اتفق عليه العلماء أنّه متفقٌ في كل الشرائع على حفظ النسب ، يعني الإنسان العاقل ينظر لو كانت المرأة تعاشر خمسة رجال في وقتٍ واحد كيف يُعرَف نسب هذا الولد لمَن هو ؟ لا يُعرَف ، هذا يؤدي إلى تضييع الأنساب .

وهنا عندنا مسئلة مهمة أنّ الفضَلاء والعقلاء من الناس يُحافظونَ محافظةً كبيرة على طهارة النسب وعلى حفظ النسب مثلًا : انظروا إلى ما ورد في سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن في آبائِه -يعني لا في الأب المباشر ولا في الأجداد ولا في الأم المباشرة يعني السيدة آمنة رضي الله عنها ولا في عبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في أجدادهِ ولا في جداتِه- في كل هؤلاء لا يوجد مَن زنا ، قال العلماء لأنه صلى الله عليه وسلم كما أشار في أقوالِه وفي كلماتِه الطاهرة الشريفة أنه وُلِدَ من نكاح لا من سفاح وهذا بالإجماع ، بإجماع المؤرخين بإجماع العلماء بإجماع النّسابة لأنه لو كان والعياذ بالله من زنا لأدى ذلك لأن يطعنَ فيه الكفار ، يعني إذا جاء هذا المشرك وهذا الكافر وهذا الملحد وقال نبيُّكم ابن كذا -حاشا وكلا- هذا لا يصير ولا يحصل أبدًا، حتى لو كانت زوجة نبي من الأنبياء كافرة لكنها لا تزني لأجل أنْ لا يؤدي ذلك إلى تضييع نسبِ هذا النبي ، ولو كانت أم نبي من الأنبياء كافرة لا يحصل منها أن تزني لأنّ هذا يؤدي إلى تضييع نسبِ هذا النبي وهذا لا يصير، لأجلِ أنْ لا يقدَحَ في نسبِه إن كان هو ممن وُلِدَ أو في أولادِه ممن جاءوا ، هذا لا يؤدي إلى مدح يعني أنْ يكون زوجة نبي زانية أو أمه زانية هذا لا يؤدي  إلى مدح بل يؤدي إلى مطعنة وإلى التحريض وإلى التنفير

لذلك اتفق العلماء أنّ أمهات النبيين وزوجات النبيين لا يزنين لأجل أنْ لا يضيع نسب الأنبياء من آبائِهم وأمهاتِهم ولأجل أنْ لا يضيع نسب أبناء الأنبياء من آبائِهم .

مثلًا زوجة نوح عليه الصلاة والسلام كافرة لكنْ هذا لا يقدح في نوح ولا في نسب نوح ولا في عصمة نوح ولا في دعوةِ نوح أما لو كانت زوجته زانية كان قال الكفار ما أدراكم أنّ هذا الولد من نوح أو هؤلاء الأولاد مثلًا من نبيِّ اللهِ نوح ، كان طعن الكفار في نسب أبناء الأنبياء وهذا يؤدي إلى تضييعِ نسب أبناء الأنبياء ، وبهذا لا يثبت نسب لأبناء الأنبياء أي بالزنا ، لذلك لا يحصل من زوجة نبيّ ولو كانت كافرة أنْ تزني كما أنه لا يحصل من أم نبي أن تزني ، وهذا بإجماع العلماء .

وأما ما قاله هذا المتجرّئ على الأنبياء وعلى سيرة الأنبياء وعلى طهارة الأنبياء وعلى نظافة نسب الأنبياء هذا المتهتّك الألباني كما على زعمه في مقدمة كتابه المسمى بسلسلة الأحاديث الصحيحة وهو سلسلة التخريف والتكذيب والتغيير والتزييف والتحريف لأنّ مثل هذا لا يميّز بين الصحيح والضعيف والموضوع والمُختلَق والمُدَرّج ، هذا يصحّح ويضعّف على حسب عقيدتِه الفاسدة على هواه ، ومثل هؤلاء لا شىء في التصحيح والتضعيف

ثم ما معنى سلسلة الأحاديث الصحيحة على زعمه ؟ وما معنى سلسلة الأحاديث الضعيفة على زعمه ؟ يعني البخاري ومسلم أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وفلان وفلان وابن ماجه والبيهقي والشافعي ومالك رضوان الله عليهم كل هؤلاء ما كانوا يعرفون الصحيح من الضعيف حتى جاء الألباني فأنقذ الأمة على زعمِه ؟ ما هذا التخريف ؟ ما هذا الادّعاء المفضوح؟

فالحاصل هذا الألباني المُتهتك الذي لا يستحي من الله ولا من الناس في كتابه هذا الموسوم بسلسلة الأحاديث الصحيحة في مقدّمتِه يقول يجوز على زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين الزنا ، مَن يفرح بهذا الكلام ؟ إخوانُه أهل الضلالة والفتنة والفسق والفجوز ، المتهتك الذي يطعن في زوجات رسول الله في أمهات المؤمنين ، هذا الذي يطعن بزوجات الرسول هو الذي يفرح بكلام الألباني ، الألباني يُفرِحُ إخوانه الضُّلال الذين يطعنونَ في أمهاتِ وشرفِ وعرضِ وطهارةِ زوجاتِ رسول الله أمهاتِ المؤمنين ، يكفيهِنّ هذا الشرف العظيم المبارك الجليل أنّ براءة وطهارة أمهات المؤمنين تُتلى في الصلاة يتلوها كل مؤمن في الصلاة ، أما الذي لا يرضى ببراءتِهنّ وطهارتهِنَّ ولا يرضى بما أنزلَ ربُّنا في القرآن فهذا ليس من المؤمنين

أليس الله يقول { النبيُّ أوْلى بالمؤمنين من أنفسِهم وأزواجُه أمهاتُهم}[الأحزاب/٦]؟ هل يوجد عاقل هل يوجد إنسان فهيم مُنصِف أمُّه طاهرة بريئة عفيفة تقية نقيّة صفيّة هنيّة رضيّة وليّة كعائشة كحفصة كزينب كجويرية كمَيمونة أمهات المؤمنين ، مَن أمُّه مثل هؤلاء الطاهرات هل يرضى أنْ يقول فيهنّ يجوز عليهنّ الزنا ؟

لو كانت من النساء العاديات الطاهرات لا يقبل أنْ يقول عنهنّ ذلك فكيف إذا كنّ زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد برأهُنّ القرآن وسمّاهنّ بأمهات المؤمنين

فليَسْتَحِ كل وقح يسمي الألباني إمام وعالم وعلامة وحافظ ، بعضُهم من وقاحتِه يترحّمونَ عليه ، هو يطعن في أمهاتِ المؤمنين يقول يجوزُ عليهن الزنا تقولون عنه رحمه الله ؟ تقولون اجتهد فأخطأ رحمه الله ، واحد يقول عن أمّكم زانية أو يجوز عليها الزنا تترحّمونَ عليه أم ترفعونَ عليه دعاوى في المحاكم ؟

كيف هذه الوقاحة ؟ ليَستحِ كل هؤلاء الذين يرَوِّجونَ لهذا الوقح الذي تجرّأ على حريمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم

تعرفون ما معنى يجوز عليهن الزنا أو ممكن عليهن الزنا ؟ يفتح بابًا للكافرين والمشركين والضالين والمنافقين والطاعنين في طهارةِ في شرفِ وعرضِ أمهات المؤمنين ليقولوا إذًا ما يُدرينا أنّ فاطمة بنت خديجة ؟ ماذا سيقول الألباني والوهابية ؟ أنْ يأتي مشرك وكافر وضال ومنافق يقول ما يُدرينا أنّ زينب ورقية وأم كلثوم والقاسم وإبراهيم وعبد الله مَن يدري مَن يأتي أنّ كل هؤلاء ليسوا من رسول الله ؟ ماذا سيقول الألباني وماذا سيفعل هو والوهابية الذين قالوا عنه الإمام والمحدث والعلامة المصحح والمضعف ، هذا في عقله وفي قلبِه ضغينة على أمهات المؤمنين ، هذا مع المنافقين الذين يطعنون في طهارة أمهات المؤمنين ، ليستحوا ويخجلوا على أنفسِهم ، لو كانت أم واحد منهم جاء مَن يدّعي أنه من أهل التقوى والصلاح وقال له يمكن أمّك زنَت بك في المجلس العام يقبل منه هذا ؟

هذا الغمز واللمز على أيِّ شىءٍ يدل ؟ إذا كان هذا فيك من حيث الممكن العقلي هذا معروف أما فيمن قال اللهُ فيهن {وأزواجُه أمهاتُهم}[الأحزاب/٦] وقد أطبقَت الأمة وأجمعَت أنّ أمهات وزوجات النبيين لا يَزنين لأجلِ أنْ لا يؤَدّي إلى تضييعِ نسبِ الأنبياء ولا إلى تضييعِ نسب أبناء الأنبياء ، حسنا الله ونعم الوكيل .

انظروا مما أجمعت عليه الشرائع حفظُ النسب .

وهؤلاء السفهاء الذين يدعون اليوم إلى التعرّي وإلى ارتكاب الموبقات ويقولون يحق للمرأة أنْ تتزوجَ كما يتزوج الرجل في وقت واحد أربعة ، هؤلاء ملاحدة لأنهم يريدونَ معارضةَ القرآن. حتى إنّ امرأةً تدّعي أنها من دولة عربية طلعت وقالت ذلك في الفضائيات لعنة الله عليها

هؤلاء السفهاء أصحاب هذا الفكر الماجن العاهر الذين يُبيحون للمرأة أنْ تكونَ زانيةً مع أربعة في وقت واحد ، يقال لهم إذا جاء ولد من هذه المرأة وقد دخل عليها الأربعة في ليلةٍ واحدة تعاقبوا عليها ماذا يفعلون من أجل هذا الولد ؟ كيف يحكمون ؟

يقولون اليوم  بالفحوصات الحديثة ؟ هذا تعرفون في المختبرات يُزوَّر ، ثم هذا في الشرع ليس ملحوظًا ، هذا الابتكار بمجردِه ليس دليلًا شرعيًّا ، هذا الذي ينادي به لو جيئَه بهذا الفحص وقيل له أمّك زنَت بك وأنتَ لستَ ابنَها على حسب فحص هذا الذي يسمونه دي أن إي

فإذًا الحاصل أنّ هؤلاء الذين يدعونَ إلى العُهر وأنّ المرأة لها أن تجمعَ بين أربعة في وقتٍ واحد كما يجوز للرجل أنْ يجمعَ بين أربعة من النساء هؤلاء يعارضونَ القرآن يعني كأنهم يقولون الزنا حلال بلفظٍ آخر

وهؤلاء الذين يُسابقون البهائم في التعرّي ويقولون حضارة وتقدم وحرية شخصية فيُبيحونَ الزنا ويُبيحون اللواط ويبيحون السحاق ويبيحون ما يسمى بالمساكنة

مثلًا المرأة التي يمر عليها عشرة في الجامعة كيف سيقولون هذا الولد لمن على زعمِهم ؟

فالحاصل ، حفظ الأنساب مما اتفقت عليه الشرائع ، العاقل الفهيم يلاحظ ذلك ويراعي ذلك وينتبه له .

“وحفظ المال ” يعني أيضًا مما فرضَ اللهُ تعالى على المكلفين أنْ يحفظوا المال عن الإتلاف ، فالذي يرميى مثلًا مالًا في النار ليحترق أو يُتلفُه بوجهٍ من الوجوه حرامٌ عليه ، يعني يكون ارتكبَ معصيةً

مثلًا واحد جاء بمائة دولار فأحرقَها هذا حرام ، فإذا قال هذا ملكي يقال له أنت وما تملك ملكٌ لله ، الله أحلَّ  لك أنْ تتصرّفَ بهذا المال في الحلال وحرّم عليك أنْ تتصرّفَ بهذا المال بما لم يأذَن لك به سبحانه وتعالى

فالذي يأتي مثلًا اليوم بدعوى الانزعاج والغضب بدعوى تدهور العملة والوضع يأتي بالمائة دولار فيُمزّقُها قطعًا ثم يرميها أو يحرقُها ، هذا حرام ، هذا إتلاف للمال.

هذه المائة دولار لو أُعطيَت لفقير كم ينتفع بها ؟ يمكن تعطى لخمسة فقراء ، وهكذا مثلًا سيارة لها قيمة يُنتفَع بها يحرقُها عمدًا

بعض الناس يقول أنا أحتج على الوضع الاقتصادي ينزل من سيارتِه أمام الكاميرات والتلفزيونات ويصب البنزين عليها ثم يُشعل بها النار ، هذا حرام من الكبائر ، هذا إتلافٌ للمال .

وأحيانًا يحصل من بعض البائعين يأخذون بالمونة والمواد الغذائية والخضار والفاكهة فيُتلِفونَها في الشوارع ، هذا أيضًا حرام ، أعطوها للفقراء إنْ كنتم لا تريدونَها ، ثم إذا واحد أعطى طعامًا مالًا ثيابًا شيئًا يُنتفَعُ به لفقير بنيةٍ حسنة فيه أجر، أما أنْ تُتلِفَ هذا المال يكون عليك وزر، لا تقل هذا مالي ملكي أنا حر

أنتَ حر على معنى أنك لستَ عبدًا مملوكًا لشخص من الناس مثلًا هذا موضوع آخر ، أما على معنى أنك تتصرف بالحرام وتفعل الحرام وترتكب الحرام والموبقات فأنتَ بذلك تتعدى على حدود الله أي على شريعة الله أي على ما أذِنَ لك اللهُ به أن تتصرف بهذا المال ، وأنت بذلك مُؤاخَذٌ وعليك ذنبٌ عظيم

واسمع إلى قولِ الله عز وجل في القرآن الكريم {وقِفوهم إنهم مسئولون}[الصافات/٢٤] واسمع إلى قولِه عز وجل {ولا تأكلوا أموالَكم بينَكم بالباطل}[البقرة/١٨٨] واسمع إلى قولِه صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث خولةَ الأنصارية رضي الله عنها قالت ” قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : إنّ رجالًا  -وفي لفظٍ (إنّ أناسًا)- يتخوّضونَ في مال الله بغيرِ حقٍّ  فلهم النارُ يومَ القيامة ”

هذا المال الذي ملّككم اللهُ إياه أنت وما تملك ملكٌ لله ، اللهُ هو الذي ملّكَكَ هذا المال، هذا المال والسيارة والبيت والمصنع والمستودع والبيت والعفش هذا ملك مجازي تحت تصرفِك لوقتٍ معيّن وأنت مسؤولٌ عنه يومَ القيامة ، إنّ اللهَ يسألُ عن الإبرةِ يوم القيامة

وفي مناسبةِ ذكر المال والأموال أذكّر أيضًا في هذا المعرض وفي هذا السياق أيضًا ما يحصل من بعض التجار الخوَنة أنهم والعياذ بالله تعالى يبيعون الناس بضائع فاسدة إن كان من الطعام أو من الأدوية مثلًا ، يكون هذا الدواء فسدَ صار لو استُعملَ يؤدي إلى الضرر والأذى والهلاك ، ماذا يفعل بعض التجار الخوَنة ؟

يغيّر التاريخ يكون هو حقيقةً يفسد ، له وقت ثم ينتهي إذا استُعملَ بعد ذلك قد يتحوّل إلى سم ، فيغيّرون التواريخ ويصيرون يُعطون المرضى هذا الدواء الفاسد الذي يؤدي إلى الضرر إلى إتلاف أبدانهم إلى موتِهم ، هذا حرامٌ من الكبائر

الرسول عليه الصلاة والسلام قال ” مَن غشّنا فليس منا ” أي ليس من أتقيائِنا وليس على طريقتِنا الكاملة

كذلك الذي يبيع البضائع من الطعام الذي صار خربًا فاسدًا أصابتْه العفونة فأزال العفونة الظاهرة وبقيَ فاسدًا في الداخل أو جمّل ظاهرَه حسّنه وباعه مع فسادِه يؤذي ويضر الناس

ثم هناك قاعدة متفَقٌ عليها عند كل علماء الإسلام وعند المذاهب الأربعة عند كل المجتهدين وهي دفع الضرر العام مقدّمٌ على دفع الضرر الخاص

مثلًا أنت الآن لو كان عندك طعام أو لباس أو دواء وعرفتَ الضرورةَ في الناس يهلِكون يموتون أنتَ حبَستَه عنهم هنا لا أتكلم عن بيع وشراء ، أتكلم على أنه يجب عليكم أنْ تعمل على إنقاذهم من غير بيعٍ وشراء ، يعني أنْ تُعطيَهم مجانًا ، الآن لا نتكلم عن بيعٍ وشراء ، هذا المسلم يهلِك يموت وأنت علمتَ به عرفتَ بحاله وعندَك الطعام أو الشراب أو الدواء للذي مثلًا انقطعَ أبهر قلبه أو عروق اليد ينزف حتى يموت والدواءُ عندك وأنتَ قادرٌ على إنقاذه على إسعافِه إنْ تركتَه يموت، هنا لا تقول أنا أريد أن أبيع هذا الثوب وهذا الطعام وهذا الشراب وهذا الدواء لأربح ، إنْ منَعتَ إنقاذ هذا الذي يهلك يموت وأنت قادر فقد صرتَ ملعونًا خبيثًا ، لا تنتظر مالًا وبيع وشراء في هذه الحالات ، أعطِ قدِّم في هذه الحالات اعمل على إنقاذ الناس هذا الذي يموت وأنتَ عملتَ بحالِه كيف تتجرأ أنْ تمنعَ الإغاثة عنه بحيثُ يُنقَذَ من الموت ؟ فإذًا انتبهوا دفع الضرر العام مقدَّمٌ على دفع الضرر الخاص وتحقيق المصلحة العامة مقدَّمٌ على تحقيق المصلحة الخاصة .

قال رحمه الله تعالى ” وحفظُ النفس ” هذا مما اتفقت عليه كل الشرائع ، فهذا الذي ينتحر مثلًا ملعون خبيث فاسق مجرم عدو الله صار قريبًا من الكفر ، أما إنْ لم يستحلّ ولا استَحْسَن ويعلم أنّ الانتحارَ حرام وفعل هذا مسلم فاسق خبيث ملعون من أهل الكبائر تحت المشيئة

الله يقول {إنّ اللهَ  لا يغفرُ أنْ يُشركَ به ويغفرُ ما دون ذلك لمن يشآء}[النساء/٤٨]

هذا تحت هذه الآية وتحت الأحاديث وتحت الإجماع ، أما إذا قال اليوم الوضع لا يُطاق الانتحار أحسن ، هذا صار كافرًا لو لم ينتحر فإن انتحر صار كافرًا لأنه قال أحسن أفضل أشرف أو قال حلال صار كافرًا ، ثم بالانتحار يكون مع عذاب الكافر في جهنم إلى أبد الآبدين زيادة عذاب عليه وهو عذاب المنتحر أي الكبيرة التي هي أكبر الكبائر بعد الكفر ويكون جمع بين أكبر الكبائر على الإطلاق الكفر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فيكون العذاب مضاعفًا عليه في جهنم ، وأحيانًا بعض الناس يقول منيح عمل أحسن له أشرف له الانتحار صار أحسن وأشرف وأفضل وحلال ، هؤلاء صاروا كفار

الله قال { ولا تقتلوا أنفسَكم }[النساء/٢٩] الله يقول { إنّ اللهَ كان بكم رحيمًا }[النساء/٢٩] فهذا الذي يقتل ولده زوجته ابنتهُ يقتل أخاه صهره ظلمًا وعدوانًا وبغيًا من غير حق أو هو يقتل نفسه ينتحر هذا فرّطَ بهذا الفرض العظيم الذي هو حفظ النفس وضيّع هذا الفرض وصار مستحقًّا لعذاب الله .

بقي عندنا الأمر الخامس من هذه القاعدة المتفق عليها في كل الشرائع وهو حفظ الدين وهو واجبٌ في كل الشرائع وهو أوْجب من كل القضايا التي شرحناها .

هذا الموضوع حفظ الدين وأنه واجب -أي دين الإسلام- هذا سنشرحُه وحدَه في الدرس المقبل لأنه يحتاج إلى كلام واسع والحمد لله رب العالمين

بارك الله بكم غفر الله لي ولكم الله يختم لنا ولكم بكامل الإيمان ، الله عز وجل يعطي كل الذين معنا الآن في الموقع والذين يطلبون الدعاء والذين أوصوا بالدعاء ، الله يعطيم جميعًا سؤلكم من خير الدنيا والآخرة ويحفظكم ويحفظ أولادَكم وأحبابَكم وأهلَكم ويشفيكم ويُعافيكم ويُريكم نبيَّه صلى الله عليه وسلم ويرزُقكم رزقًا حلالًا واسعًا مباركًا وأنْ يرفع عنكم الأسقام وأنْ ينزِّلَ عليكم الشفاء والبركات وأنْ يجمعَ لنا ولكم جميعًا ما نرجو من الخير

والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته