قال خالد الجندي في برنامج «خليك بالبيت» تلفزيون المستقبل 21/10/2003: «نحن نكفّر الفعل ولا نكفّر الفاعل، نكفّر القول ولا نكفر القائل الأشخاص متروكين إلى الله».
الرَّدُّ: هذه فتوى ما أنزل الله بها من سلطان فقد ثبت نَقْل الإجماع على تكفير سابّ الله تعالى قال القاضي عياض اليحصبي المالكي في كتابه «الشفا بتعريف حقوق نبينا المصطفى»: «لا خلاف بين المسلمين أنّ سابّ الله من المسلمين كافر حلال الدم»، والله تعالى قال: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ} [سورة التوبة: 74]، وقال السبكي في كتاب «الطبقات»: «لا خلاف عند الأشعري وأصحابه؛ بل وسائر المسلمين أنَّ من فعل أفعال الكفار فهو كافر مخلّد في نار جهنم»، وقال الإمام ابن سحنون المالكي: «أجمع العلماء على أن شاتم النبي كافر والمنتقص له كافر ومن شك في كفره وعذابه كفر»، والله تعالى يقول: {قُلْ أَبِاللهِ وَءايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [سورة التوبة: 65- 66].
فانظر يا خالد كل هذه النصوص والأقوال فيها تكفير لقائل الكفر، وفيها تكفير لفاعل الكفر، فعبارتك: «نكفر الفعل ولا نكفر الفاعل» على زعمك تقول للساجد للصنم نتركك إلى الله ونكفر السجود للصنم هو السجود للصنم كفر والفاعل هو الكافر الذي تجري عليه الأحكام إن مات ولم يتشهد يخلد في نار جهنم.
ثم هذا الكلام «نترك من تلفظ بالكفر ومن فعل الكفر إلى الله»، يعني: على زعمك إن شاء الله عذبهم وإن شاء الله غفر لهم وهذا تكذيب للدين وهو ضد القرءان وردٌّ للنصوص، فإذا لم تكفّر قائل الكفر وفاعل الكفر ومعتقد الكفر فمن تكفّر، فقد عطّلت بذلك باب الردة الذي نص عليه فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم ورتّبوا عليه أحكامًا عديدة.
فلا يجوز الشك في كفر ساب الله أو الرسول أو الإسلام أو منكر الآخرة أو من ينسب المكان لله تعالى أو الحد أو اللون أو الشكل أو البداية أو النهاية أو الاستهزاء بالصلاة؛ بل من شك في كفر هؤلاء هو الكافر، فبطل قولك الأشخاص متروكون إلى الله تعالى وقد قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء: 48]، والله تعالى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [سورة محمد: 34] فتأمل قوله تعالى: {ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ}. ولو قلت العصاة المسلمون متروكون إلى الله لكان صوابًا أما عن الكفار فهذا ضلال مبين.
أيضًا مما يرد زعمك أن الإمام الشافعي كفَّر حفصًا الفرد المعتزلي الذي كان ينكر صفة الكلام وأقام الشافعي عليه الحجة فكسره فقال له الشافعي: «لقد كفرت بالله العظيم»، وقال الإمام أبو منصور البغدادي في كتابه «التبصرة البغدادية» والمعروف أيضًا بـ «أصول الدين»: «اعلم أنّ تكفير كل زعيم من زعماء المعتزلة واجب»، وقال الزاهد الصفار من أكابر الحنفية: «يجب إكفار القدري»، أي: المعتزلي في قوله إنّ العبد يخلق أفعال نفسه، وفي قوله: إنّ الله لم يشأ وقوع الشر، وهذا الإمام المجتهد الأوزاعي قال عن غيلان الدمشقي بعد مناظرته: «كافرٌ وربّ الكعبة يا أمير المؤمنين». وقد ثبت أنّ الإمام أحمد بن حنبل قال: «من قال الله جسم لا كالأجسام فهو كافر» ذكره صاحب الخصال من الحنابلة.
فبعد هذه الأدلة والنقول اعرف أين أنت، واعلم أنك هلكت بهذا وغيره وأهلكت من صدقك فكيف يقيم الإمام الحدّ على المرتد بالقتل إن كان لا يكفره سواء كان قائلًا الكفر أو فاعلًا أو معتقدًا فما أبشع كلامك ما أشد فساده لقد عطلت بذلك أحكام الشريعة فأنت بهذا من جند إبليس الذين يرسلهم لتحريف شريعة الله فبئس المرسِل وبئس المرسَل وَتَعْسًا لكليكما.