قال خالد الجندي في شريطه المسمّى «شهادة الجنة والنار دون رؤيتهما»: «الله يستحي أن يقبل دعوة ويرد أخرى».
الرَّدُّ: اعلم أنّ الله تعالى مشيئته لا تتغير ولا تتبدل؛ لأنها صفة أزلية أبدية كسائر الصفات والله إن شاء في الأزل أن يستجيب دعوة الداع لا شك تستجب دعوته. والذي شاء الله أن لا يستجيب له لا يستجيب له مهما دعا الله تعالى بدليل أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى وسأله أربعًا قال: «سألت ربي أربعًا فأعطاني ثلاثًا ومنعني واحدة. سألته أن لا يُكفِرَ أمتي جملة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بما أهْلك به الأمم قبلهم فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر عليهم عدوًا من غيرهم فيستأصلهم فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها» رواه ابن أبي حاتم. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استجاب الله دعاءه في كل ما طلب وهو أفضل خلق الله فكيف تتجرأ على قول إن الله يستحي أن يَقبل دعوة ويرد أخرى. ثم في رواية مسلم: «يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد». وجاء في الحديث: «ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له» رواه مسلم. ثم أليس كثير من الناس دعوا الله بدعوات كثيرة ولم تتحقق فكلامك خلاف الواقع، الواقع يكذّب ادعاءك.
ثم نسبة الحياء هنا إلى الله في هذا المقام موهمة تشبيه الله بخلقه؛ لأنّ السامع قد يفهم الحياء الذي عند المخلوق وهذا مستحيل في حق الله تعالى، لأنّ الحياء انفعال يحصل في داخل الإنسان من فعل ما فعله فيستحي والله تعالى منزه عن التغير والانفعال. وأما حديث رسول الله الذي رواه الترمذي «إنّ الله حيِيٌّ كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين»، معناه: لا يُخيَّبُ إما أن يعطيه الثواب أو يعطيه ما طلب. ومعنى رفعهما إليه -أي إلى جهة مهبط الرحمة وهي السماء -. فلا يجوز أن يستخرج اسم المستحي لله من هذا الحديث.