#21 من شروط صحة الصلاة
الحمد لله على نِعَمٍ لا تُحصى ولا تُحصر والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ خيرِ البشرِ وعلى آلهِ وأصحابِه إلى يومِ المحشر. مِنْ شُرُوطِ الصلاةِ الإِسْلاَمُ لأنّ الصلاةَ عبادةٌ فلا تَصِحُّ مِنَ الكافر، لأنّ العبادةَ لا تصحُ إلا بعدَ معرِفَةِ المعبود.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ: استقبالُ القِبْلَةِ أى استقبالُ الكعبة، فمَن كان يراها يتوجَّهُ إليها بالرؤية، ومن كان بعيدًا عنها يجتهدُ حتى يَتَوَجّهَ إليها. ولا تَصِحُّ صلاتُه فى هذه الحالِ من غيرِ أن يجتهدَ إن كان قادرًا على ذلك.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ دُخُولُ وَقْتِ الصلاةِ. أي أنَّه لا يَصحُ أن يُصَلِّيَ الفرضَ قبلَ دُخُولِ وَقْتِهِ. فلو أنّ إنسانًا قام فصلَّى من غيرِ أن يعرف هل دخل الوقت أم لا، إنما دخل فى الصلاة بناءً على التَّوَهُّمِ فقط لم تصح صلاتُه. أى إن لم يعتمد على شىءٍ مُعْتَبَرٍ شرعًا لِيَعْرِفَ أنّ وقتَ الصلاة دخل بل بمجرَّد التوهم قام فصلى لا تصح صلاته فى هذه الحال ولو وقعت ضمن الوقت.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ التمييزُ وهوَ أنْ يكونَ الولدُ بَلَغَ مِنَ السّنِ إِلَى حيثُ يَفْهَمُ الخِطَابَ وَيَرُدُّ الجواب. أي أنّ غيرَ المميزِ لا تصح منه الصلاة. فلا يقال للولد غيرِ المميز صلِّ، لأن الصلاةَ لا تصح منه، بل يقال له مثلًا انظر كيف يصلون. والتمييز معناه أن يصير فى حَدٍّ يفهم فيه الخطاب ويُحْسِنُ أن يرد الجواب.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ العِلمُ بِفَرْضِيَّتِهَا. فلو أنّ شخصًا كان حديثَ عهدٍ بإسلام لم يعرف بعدُ أن الصلوات الخمس فرض، ثم رأى المسلمين يُصَلُّون صلاةَ الظهر مثلًا فصلَّى مَعَهُم من غير أن يعتقد أنها فرض، لا تصح صلاتُهُ لأنَّ العلمَ بفرضِيَّتِهَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا. وأما من عاش بينَ المسلمين إذا أنكر فرضية الصلوات الخمس أو واحدةٍ منها أو شكّ فى ذلك فإنه يكفر.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ أَنْ لا يعتقدَ فَرْضًا مِنْ فروضِهَا سُنَّة. يعني يُشترطُ لصحةِ الصلاة أنْ لا يعتقدَ فى قلبِهِ أنّ ركنًا من أركانِ الصلاة هو سنة. فلو اعتقد أنَّ فرضًا من فروضها سُـنَّة لم تصحَ صلاتُهُ ولو أتى بهذا الركن، وذلك كأن يعتقدَ أنّ التشهد الأخير سنةٌ وليس فرضًا، فإنَّ صلاتَهُ لا تصحُّ ولو قَرَأَهُ فى الصلاة.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ السَّتْرُ بما يستُرُ لَونَ البَشَرَةِ لجميعِ بَدَنِ الحُرَّةِ إلَّا الوجْهَ والكَفَّين. أي أنَّ سترَ العورةِ شرطٌ من شروطِ صحةِ الصلاة. والعورةُ فِى حَقِّ المرأَةِ الحرَّة كلُّ بدَنِهَا إلا الوجهَ والكفين. فلا بُدَّ عند الصلاة من أن تستُرَ كلَّ العورة بشىءٍ يَسْتُرُ اللونَ ولو كان يُظهِرُ الحَجْمَ، فلو صلَّت ساترةً بما يَسْتُرُ اللون لكن يُحَجّمُ العورةَ فصلاتُها صحيحةٌ مع الكراهة.
ومِنْ شُرُوطِ الصلاةِ السَّتْرُ بما يستُرُ ما بينَ السُّرَةِ والركبةِ للذَّكَرِ والأَمَةِ مِنْ كُلِّ الجوانِبِ لا الأَسْفَلِ. شرح ذلك أنَّ عورةَ الرَّجُل ما بين سُرَّتِهِ ورُكْبَتِهِ، فلا بد من سترِ ذلك فى الصلاة. والسُّرَّةُ والركبةُ نفسُهما ليستا عورة، إنما العورةُ ما بينَهُمَا. وعورةُ الأمةِ فى الصلاةِ مثلُ عورةِ الرَّجُل، يعنى إذا صلَّت الأَمَةُ ساترةً فقط ما بين سرَّتِهَا وركبَتِهَا فصلاتُهَا صحيحة. وليس معنى ذلك أنها تَخْرُجُ كذلك فى الطريق بين الناس، بل لعورتها أمام الأجانب تفصيل يُطلب فى غير هذا المختصر. ولا بُدَّ فى ساتر العورةِ بالنسبةِ للمرأة والرجلِ والأمةِ أن يسترَ من كُلِّ الجوانبِ، لا من أسفل، يعنى لو كان الساتِرُ يَسْـتُرُ من كل الجوانب لكن بحيث لو أنّ إنسانًا نَظَرَ من تحت يرى العورة فإن هذا لا يؤثر على صحة الصلاة بل الصلاةُ صحيحة، مثلما لو وضع الرجلُ إزارًا سَتَرَ به ما بين السُّرَّةِ والركبة من كل الجوانب، لكن لو نظر إنسان من تحتُ كان يرى فَخِذَهُ فصلاتُه فى هذا الإزار صحيحة. وفي الختام نسأل الله تعالى أن يكرمنا بما يكرم به عباده الصالحين والحمد لله رب العالمين.