#59 20-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
نكمل ما بدأناه من قصة موسى والخضر عليهما السلام وعنوان حلقتنا اليوم: موسى والخضر في السفينة. أَعَادَ مُوسَى فَتَاهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَانْطَلَقَ مَعَ الْخَضِرِ يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ حَتَّى لَمَحَا سَفِينَةً، فَطَلَبَا مِنْ أَهْلِهَا حَمْلَهُمَا إِلَى حَيْثُ يَذْهَبُونَ وَقَالَ لَهُمْ الْخَضِرُ: “سَأُعْطِي عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ضِعْفَ مَا تَأْخُذُونَ مِنْ غَيْرِنَا”، فَقَالَ أَحَدُ الْبَحَّارَةِ: “إِنَّا نَرَى رِجَالًا فِي مَكَانٍ مَخُوفٍ، فَنَخْشَ أَنْ يَكُونُوا لُصُوصًا”، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: “بَلْ سَنَحْمِلُهُمَا، فَإِنَّنَا نَرَى عَلَى وُجُوهِهِمَا النُّورَ” فَحَمَلاهُمَا بِدُونِ أُجْرَةٍ. وَبَيْنَمَا هُمَا فِي السَّفِينَةِ، فُوجِئَ مُوسَى بِأَنَّ الْخَضِرَ أَخَذَ لَوْحَيْنِ مِنْ خَشَبِ السَّفِينَةِ فَخَلَعَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ يَرَى الْخَضِرَ عِنْدَئِذٍ إِلَّا مُوسَى وَلَوْ رَءَاهُ الْبَحَّارَةُ لَمَنَعُوهُ، إِذْ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْخَضِرِ أَنَّهُ لا يَرَاهُ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ يَأْتِي إِلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يَرَاهُ إِلَّا هُوَ، فَأَنْكَرَ مُوسَى وَهُوَ الرَّسُولُ الْكَرِيْمُ الَّذِي أُرْسِلَ لِهِدَايَةِ النَّاسِ وَرَدِّ الظُّلْمِ عَنْهُمْ أَنْ يُقَابَلَ صَنِيعُ الْبَحَّارَةِ بِالإِسَاءَةِ، وَجَمِيلُهُمْ بِالنُّكْرَانِ، وَخَشِيَ أَنْ يُصِيبَهُمْ غَرَقٌ أَوْ هَلاكٌ، فَنَظَرَ إِلَى الْخَضِرِ مُعَاتِبًا وَقَالَ: “أَرَدْتَ إِهْلاكَهُمْ وَقَدْ أَصْعَدُونَا بِدُونِ مُقَابِلٍ، وَأَحْسَنُوا لِقَاءَنَا، فَتَخْرِقُ سَفِينَتَهُمْ وَتُحَاوِلُ إِغْرَاقَهُمْ، لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا عَظِيمًا”. فَالْتَفَتَ الْخَضِرُ إِلَيْهِ، وَمَا زَادَ أَنْ ذَكَّرَهُ بِالشَّرْطِ وَالْعَهْدِ قَائِلًا: “أَلَمْ أَقُلْ لَكَ؟”، فَتَذَّكَرَ مُوسَى وَقَالَ: “لا تُؤَاخِذْنِي”، وَتَنَحَّى جَانِبًا. وَبَيْنَمَا هُمَا عَلَى السَّفِينَةِ إِذْ جَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِهَا، فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ لِمُوسَى: “يَا مُوسَى، مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ تعالى إِلَّا كَمَا نَقَرَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ” مَعْنَاهُ لا نَعْلَمُ مِنْ مَعْلُومَاتِ اللَّهِ إِلَّا الْقَدْرَ الْقَلِيلَ الَّذِي أَعْطَانَا، وَالْقَدْرُ الَّذِي أَعْطَانَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَمْ يُعْطِنَا كَمَا أَصَابَ مِنْقَارُ الْعُصْفُورِ مِنَ الْمَاءِ حِينَ غَمَسَهُ فِي الْبَحْرِ. وَلَمَّا مَرَّتِ السَّفِينَةُ بَعْدَ حِينٍ بِدُونِ أَنْ يَغْرَقَ أَحَدٌ، مَرَّرَ الْخَضِرُ يَدَهُ عَلَى مَكَانِ اللَّوْحَيْنِ الْمَكْسُورَيْنِ فَعَادَا كَمَا كَانَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاسْتَبْشَرَ بِهِ أَهْلُ السَّفِينَةِ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَى مُرَادِهِ فَنَزَلَ هُوَ وَمُوسَى. وبهذا نصل إلى نهاية حلقة اليوم لنقصّ عليكم في الحلقة القادمة إن شاء الله قصة الخضر والغلام واليتيمان فتابعونا وإلى اللقاء.