مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -109
في الجنة لا نكد ولا حسد
قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدِنا محمدٍ طه النبيِّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبِه ومَن والاه
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ ولا زوجةَ ولا ولد له ولا شبيه ولا مثيلَ له ولا جسمَ ولا حجمَ ولا جسد ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاء ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أين ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكان له
كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان فلا تضربوا لله الأمثال ولله المثلُ الأعلى تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركة والسكون وعن الاتصال والانفصال لا يحُلُّ منه شىء ولا ينحَلُّ منه شىء ولا يحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثله شىء. مهما تصورتَ ببالك فالله لا يشبه ذلك ومن وصف اللهَ بمعنًى من معاني البشر فقد كفر.
وأشهد أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقرةَ أعينِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبارك وعظّم وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين ورضي اللهُ عن جميع الأولياء والصالحين.
*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الجنةُ اللهُ تعالى مدحها وشوّقَ المؤمنين إليها.
)لذلك قال العلماء إنّ مَن سبَّ الجنةَ كفر لأنّ اللهَ عظّمَ شأنَها ولأنّ القرآن مدحَها ولأنّ الأنبياءَ شوّقوا الناسَ إليها ولأنها مقرُّ الأنبياء والرسل والأولياء في الآخرة، والجنةُ دارُ الجزاء على العمل الصالح فمَن سبَّها يكون حقّرَ ما عظّمَه القرآن فلا يكونُ من المسلمين، كبعض السفهاء الذين يقولون على زعمِهم الجنة للمجانين أو بالعامية يقولون في لبنان للهِبل، هذا للتحقير والاستخفاف، وبعضُهم يقول على زعمِه والعياذ بالله الجنة هذا كلامٌ فارغ أو يقول لا حقيقةَ له، كلّ هذا تكذيبٌ للقرآن. وبعضُ الناس والعياذ بالله يقول لشخص أنا غدًا أدخل النار وأنت تدخل الجنة فتعطيني ماءً من الجنة فأُطفىءُ النار، هذا استخفاف بالقرآن.
الله تعالى أخبرَنا أنّ النارَ باقية إلى أبد الآبدين، وهو يستخف حتى بالجنة لأنه يقول أنت بالجنة تعطيني ماءً –بالعامية بعضهم كان يقول بتناولني نبريج من الجنة- هذا معناه أنّ القرآن كذب لأنه فيه {خالدين فيهآ أبدًا}-سورة النساء/169- فكيف يستطيع هذا الذليل الحقير القليل أنْ يُطفىءَ النار؟ لن يستطيع لأنّ اللهَ قال {كلما خبَت زدناهم سعيرًا}-سورة الإسراء/97-
الله يقول {فذوقوا فلن نزيدَكم إلا عذابًا}-سورة النبأ/30- وبعض الناس من أدعياء المشيخة وهو شيخ الدجاج كما ترون الفيديو الذي له على مواقع التواصل وبلغني أنّ بعضَ أقنية التلفزيون حذّرَت منه أيضًا وعملته أضحوكة للناس هذا رجب ديب الذي يقول إنه كان يدرّس الدجاجات والدجاجة تفهم عليه ودجاجة واحدة أثناء الدرس أكلت حبة حنطة فجاء الديك وضربَها فقال لها بتشوفي بدبرك شو بعمل فيكِ، قال له رجب ووضع يده على لحيته وقال كرمالي اتركها، ماذا نقول؟ سفهاء سخفاء جماعة سوقية كيّاسين حمامين وأتوا ويريدون أن يعملوا أنفسهم أولياء العصر وعلماء الزمان.
فهذا المتهتك قال يلي بدو الجنة ما يجي لعندي الجنة جنة الخوخ جنة الدراقن هيدي الجنة للهِبل يلي بدو الجنة ما يجي لعندي، قال أنا أريد الذات وأريد كذا لا أريد الجنة، مثل هذا فيه استخفاف بالجنة.
وواحد كان في سوريا كان يقول والعياذ بالله الجنة خشخاشة الصبيان، هؤلاء سفهاء ولو ادّعوا الولايةَ والمشيخة لو ادّعوا القطبية والولاية يحقّرون ما عظّم شأنه القرآن، فهؤلاء كذّبوا الآيات التي فيها مدح والأحاديث والإجماع.
أليس الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشوِّقُ صحابتَه للجنة؟ كان يقول هل مُشمّرٌ للجنة فهي وربِّ الكعبة –الرسول يقسم بالله- نورٌ يتلألأ فإنّ الجنةَ لا خطَرَ لها، وكلمات رائعة في مدح الجنة وهذا يقول خشخاشة الصبيان وهذا يقول يلي بدو الجنة ما يجي لعندي هيدي جنة الخوخ والدراقن قال أريد الذات، يوهِم البهائم الذين حولَه أنّ مقامَه أعلى من مقام الجنة، أليس الأنبياء والرسل يدخلون الجنة؟ أليس الأولياء يدخلون الجنة؟ أليس الله عز وجل يقول في القرآن الكريم في مدح الأنبياء والأولياء {لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}-سورة البقرة/38- إذا كان هذا مقام الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين فأنت ترى نفسَك فوقَهم؟ ثم الجنة أليس وُعِدَ المتقونَ بها؟ فإذًا الله تعالى وعد المتقين بها، هذه الجنة دارُ كرامةِ الله كيف تُسَبّ كيف يُستهانُ ويُستَهزأُ ويُستخَفُّ بها؟
وبعض الناس يقول على زعمِه أنا بدي فوت على النار لأنّ بكرة في النار نرى المزلطين والحلوين والبنات والرقاصات والمطربين نتسلى ونسهر ونغني ونفرفش أما المساطيل والختيارية والهِبل بروحوا على الجنة، وهذا كفر.
هذا الكلام طلع من الكافرين أعداء الدين ممن لا يؤمنون بالقرآن ولا بالجنة ولا بالآخرة، أما النار مَن سبَّها لا يكفر لأنّ القرآن ذمّها كم في القرآن من آيات {سوء الدار}- {فبئس مثوى المتكبرين}-سورة النحل/سورة غافر/76-
فالحاصل مَن قال النار خبيثة أو مَن قال لا نحبُّها أو قال أكرهُها هذا لا يُكفَّر لأنّ القرآنَ ذمّها والرسول استعاذ منها.
أليس الرسول صلى الله عليه وسلم كان من جملة دعائِه في الصلاة “اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنم، الرسول استعاذ منها، فنحنُ نقول جهنم لا نحبها لأنها مكان العقوبة والعذاب للكافرين والفاسقين.
فالحاصل مَن قال جهنم خبيثة مُنتِنة لا نحبها أكرهها هذا لا يُكفَّر، مَن هو الذي يُكفَّر؟ إذا قال جهنم ليست مخيفة أو قال جهنم لا تخوّف العذاب سهل هيّن خفيف بكرة منتسلى منفرفش مع الحلوين، هذا كافر لأنه كذّب الله، الله قال {عذاب يومٍ عظيم}-سورة الأعراف/59- وهو يقول عذاب هيّن سهل، هذا سخيف ساقط منحل، فمثل هذا كفرٌ لأنه عارض القرآن {عذابَ يومٍ عظيم} كما في قولِه تعالى {ولعذابُ الآخرةِ أكبرُ لو كانوا يعلمون}-سورة الزمر/26- كيف يقال عنه هيّن؟ أو لا يخوّف؟
وبعض أدعياء المشيخة هذا ناظم قبرصلي وأمثاله كان يقول والعياذ بالله تعالى إنّ جهنم في آخر النهار يخرج أهلُها وتنطفىء ويُغلَق بابُها مثل قهوة فهيم التي كانت من خمسين سنة على التل في طرابلس، على زعمِه تقفل الزبونات يذهبون على البيت هكذا جهنم.
وهذا المخرّف الآخر الذي كان في دمشق محمد أمين شيخو وأتباعُه يعني معلم محمد راتب النابلسي، شيخ عبد الهادي الباني ومحمد راتب النابلسي، شيخهما الأول كان يقول جهنم ليست مكان انتقام جهنم مكان انتقاء يعني على زعمِه مكان طبابة كيف أنّ المريض يدخل المستشفى كي يُعمل له ما يسمى الروتين العام للفحوصات ويرتاح ويطمئن قال جهنم مكان انتقاء يعني ينظَفنَ من ذنوبهم على زعمِه، يكذّب الله، الله تعالى جعلها دارًا للعذاب الانتقام والهوان والخزي إلى أبد الآبدين وهو يقول ليس دار انتقام دار انتقاء.
ثم قال بعضُهم بكرة الكفار في جهنم يتعودون عليها –وهذا واحد ثالث أيضًا يدّعي المشيخة من سوريا- يصيرون بدل أنْ يتعذبون يتلذذون في جهنم، قال يبكون في الأول ويذوب جلدهم بعدين يعتادون فيصيرون يتلذذون، كل هذا تكذيبٌ للقرآن.
الله قال {كلما نضجَت جلودُهم بدّلْناهم جلودًا غيرَها ليذوقوا العذاب}-سورة النساء/56- ما قال ليتلذذوا، إذا كانوا يصلون لمرحلة يتلذذون في جهنم فلماذا وُجِدَت الجنة؟
إذا كانت جهنم مكان انتقاء على قول هذا المخرف ومكان طبابة على قول ذاك السخيف ومكان يتلذذون به بعد ذلك على قول ذاك الزنديق، إذا كان هكذا لماذا خُلقت الجنة على زعمِك؟ وعلى زعمِك صارت جهنم كالجنة مكان للتلذذ وهذا لا يقوله مسلم.
الله يقول {عذابَ يومٍ عظيم}-سورة الأعراف/59- الله يقول {ولا يخفَّفُ عنهم من عذابِها}-سورة فاطر/36- هذا القرآن وأنتم يا صور المشايخ تكذّبون اللهَ وتكذّبون القرآن، فمثل هذا الذي يُكفَّر مثل ابن تيمية وابن قيّم والقرضاوي وخالد الجندي الذين قالوا إنّ جهنم تفنى وهذا تكذيب لستين آية في القرآن تدل على تخليد الكافرين في العذاب في جهنم إلى غير نهاية.
الله يقول {خالدين فيهآ أبدًا}-سورة النساء/169- الله يقول {وما هم بخارجينَ من النار}-سورة البقرة/167- الله يقول {وما هم بخارجين منها}-سورة المائدة/37- {فذوقوا فلن نزيدَكم إلا عذابًا}-سورة النبأ/30- وآيات كثيرة.
فالذي يقول النار تفنى وأهلها يتنعمون ويتلذذون ويقف عنهم العذاب أو آخر النهار يخرج أهلُها وتنطفىء النار وتغلّق أبوابها أو على زعم هؤلاء السفلة يقولون نفرح ونتسلى ونفرفش بزعمِهم ويتلذذون ويُسَرّون، هذا تكذيب للقرآن، وإذا كان هذا في جهنم بزعمِهم فلماذا تكون دار عذاب والله قال في القرآن الكريم {فذوقوا فلن نزيدَكم إلا عذابًا}-سورة النبأ/30- وآيات كثيرة، فهؤلاء كلُّهم كفار لأنهم كذّبوا القرآن لكنْ قلتُ الذي يسبُّها هذا لا يُكفَّر كالذي يقول مُنتنة خبيثة نكرهُها لا نحبها هذا لا يُكفَّر أما الجنة مَن سبّها يكفر ومن استخفّ بوعيد الله وتوعّد الله تعالى للكافرين بالعذاب أو بوعد اللهِ للمؤمنين هذا أيضًا يكفر، يعني مَن استخفّ بوعدِ الله أو بوعيد الله يُكفَّر أو استخفّ بالجنة أو سبّها يكفُر، أو قال إنّ العذاب في جهنم هيّن سهل أو نفرح نلعب نتسلى نُسرّ نضحك نتلذذ في جهنم هؤلاء يُكفَّرون(
*وقال رضي الله عنه: الناسُ مراتب في الجنة، هناك يُرى منزلُ هذا أعلى من منزل هذا ليست كلّ المنازل على حدٍّ سواء
)وهذا على حسب الطاعة والتقوى، يعني المراتب العلية والنعيم الأعلى والقصور الأكبر في الجنة لا تكون على حسب ضخامة الأجسام وليست على حسب شهرة الإنسان في الدنيا إنما على حسب تقوى الله لأنّ اللهَ قال {إنّ أكرمَكم عند الله أتقاكم}-سورة الحجرات/13-(
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان من شدة نحولتِه كان مرةً على شجرة فظهرت ساقُه ضعيفة نحيلة بعض الناس ضحكَ، الرسول صلى الله عليه وسلم هو في الميزان أثقل عند الله من العرش، يعني في المعنى، فليست العبرة أنّ جسدَه ضعيفًا. أبو بكر كم كان نحيلًا وأعلى نعيم لأولياء البشر في الجنة لأبي بكر وكم كان نحيلًا، فليست العبرة بضخامة الجسد ولا بالشهرة الدنوية.
كم من الأولياء ليس لهم ذكرٌ ولا شهرة بين الناس بل أخفياء إذا حضروا لا يُقَدَّموا وإذا غابوا لا يُفتَقَدوا ولا يُدعَونَ أصلًا، هؤلاء يخرجون من كل غبراءَ مظلمة قلوبُهم مصابيحُ الهدى أتقياء صلَحاء أولياء فليست العبرة بالشهرة الدنيوية مثلًا يدخل على قصور رؤساء الجمهوريات يضربون له الطبل ويصفّون له العسكر وهو عند الله في ميزان الآخرة لا يساوي بعوضة، ليست العبرة بهؤلاء.
يكون عند الملوك والسلاطين وتستقبله فرق التشريفات والرؤساء والوزراء والدول وهو لا يساوي فلسًا، لأنّ الكفار الله يقول عنهم {أولئك هم شرُّ البرِية}-سورة البينة/6-
مثلًا تسمعون عن واحدة من الوليات الصالحات كالست شعوانة مثلًا هذه اليوم مَن يعرفُها في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومصر؟ هذه السيدة شعوانة كانت من الوليات الصالحات في جبال البقاع، وكان ابنها شاب صغير من الأولياء كانت إذا طلبت منه أن يجمع لها الحطب يذهب إلى الغابة ويضعه على ظهر الأسد السبع، يأتي الأسد لخدمتِه، ويمشيه كالحمار كما أنّ الناس تنقل الماء والحطب على الحمار في الضيعة هو كان يستخدم الأسد السبع ينقل الحطب والماء عليه لخدمة أمه، هو الشاب ولي وأمه ولية صالحة لهما خوارق وكرامات.
مثل هذه اليوم من يعرفُها؟ مدفونة في البقاع أنت ونازل من شتورة يوجد طريق على اليمين اسمها طريق قب الياس، يمشي تقريبًا أقل من عشر دقائق يرى لافتة مكتوب عليها الست شعوانة إلى الجبل، قبرها هناك هي ولية صالحة من أهل السنة والجماعة أصلًا لا يوجد وليّ إلا من أهل السنة والجماعة، كل ولي من الأولياء من الرجال والنساء من أهل السنة والجماعة وهذا كرامة من الله ظاهرة لأهل السنة والجماعة لأنّ غير أهل السنة والجماعة ما عندهم ولي واحد لو أحصيتم البشر لا ترون وليًّا في غير أهل السنة والجماعة.
الحاصل مثل هذه اليوم من يعرفُها؟ لكن عند المراتب العليّة في الآخرة وفي ميزان الآخرة لها شأنٌ عظيم وكبير، أليس قال عليه الصلاة والسلام [رُبَّ أشعثَ أغبر ذي طمريْن مدفوعٍ بالأبواب لو أقسمَ على الله لأبَرَّه] من شدةِ فقرِه ما عنده إلا هذا الإزار التحتاني والرداء الفوقاني فقط قطعتين اللذيْن يلبسهما الحج، وتكون قديمة يستر بها عورته ويضع الثانية على نفسِه، هذا ذي طمرين أشعثَ أغبر شعره منكوش منفوش وإذا رُؤيَ لا يُنظَر إليه وإذا غاب لا يُفتَقَد وإذا حضر لا يُدخَل ولا يُقَدَّم ولا تُفتَح له السدَد والأبواب لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال [لو أقسم على الله لأبَرّه] يعني يُعطيه يستجيب له يحقّق له ما رجا ودعا وطلب.
[رُبَّ أشعثَ أغبر ذي طمريْن مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه] العبرة بتقوى الله وليست العبرة بفرق الاستقبال والطبل وما يسمى التشريفات لا، ولا العبرة أنْ يُبسَط له السجاد الأحمر في المطارات وعلى أبواب القصور، بل انظروا إلى حالِهم كما وصفَهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
هذا الذي ذكرتُه واردٌ في الأحاديث أنه إذا غاب لا يُفتَقَد وإذا حضر لا يُقَدَّم ولا يُفتَح له ولا يُستقبَل ولا يُعبَأُ به، هذه أوصاف الأولياء هذا حالُهم، قال تعالى {إنّ أكرمَكم عند الله أتقاكم}-سورة الحجرات/13-
وفي هذا المعنى ما يُحكى عن هذه الولية الصالحة التي كانت أمة سوداء ميمونة السوداء، يحكى أنها كانت ترعى الغنم للناس في الضيع والبراري والوديان، واحد من كبار الأولياء الصالحين وله شهرة بين الأولياء وأتباع وله جماعة عبدُ الواحد بن زيد وهو مشهور في التراجم، رأى في المنام نفسَه قيل له زوجتُك في الجنة امرأةٌ من أهل الدنيا يقال لها ميمونة السوداء، هذا الرجل من كبار المشاهير العلماء له أتباع والأولياء يحكون عنه ويزورونه، صار يسأل في الدنيا مَن يعرف ميمونةَ السوداء أين يوجد امرأة يقال لها ميمونة السوداء؟
وصل إلى ضيعة قيل له نعم هذه ترعى الغنم للناس يعتبرونها أمة مملوكة للناس سوداء، تخيّلوا أنتم ثياب رثّة مرقّعة ممزّقة يمكن لا تساوي درهم قصدَها خارج الضيعة حيث ترعى الأغنام للناس وصل رأى امرأةً سوداء بهذه الصفة، يمكن لو واحد يريد أنْ يشتري أمة مملوكة سوداء لعله لا يشتريها بحسب الظاهر بدرهم، لكن انظروا العبرة بما عند الله والعبرة بمقامات الآخرة والعبرة في ميزان الآخرة.
وصل رآها قبل أنْ يتكلم معها -كانت من أهل الكشف أيضًا- قالت له يا عبد الواحد الموعدُ في الجنة وليس هنا، وتركتْه ومشت، وهو من كبار الأولياء.
إذًا العبرة بالتقوى وليس بالشهرة والمظهر وبالصيت في الدنيا. كثير من الناس الذين لهم صيت دنيوي ملأ الأرض والفضائيات والقصور والمطاعم والفنادق لا يُساوون فلسًا ولا بصلة، لذلك العاقل الذكي الذي يريد المقامات العُلى في الجنة عليه بتقوى الله، {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم}-سورة الحجرات/13-
*ليست كلُّ المنازلِ على حدٍّ سواء
)هذا في الجنة مقامُه يكون أعلى ممن دونَه في التقوى ولا يكون بينهم في الجنة تحاسد وتباغض وغَيرة، أعلى المقامات للأنبياء وأعلى المقام بين الأنبياء والرسل لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم بعده يأتي إبراهيم بعده موسى بعده عيسى بعده نوح وهكذا، ثم بعد الأنبياء يأتي الأولياء أعلى أعلى أعلى رتبة وأكبر قصر وأكبرنعيم في نعيم أولياء البشر لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ثم بعدَه لعمر ثم بعدَه لعثمان ثم بعدَه لعليّ وهكذا، وللنساء السيدة مريم أعلى مقام في الوليات أعلى رتبة أعظم قصر أكبر نعيم للوليات للسيدة مريم ثم السيدة فاطمة ثم السيدة خديجة ثم السيدة آسيا ثم السيدة عائشة وهكذا، فإذًا العبرة هناك والمقامات والنعيم على حسب الدرجات في التقوى ولا يغار بعضُهم من بعض لا ينزعجون لا يتكدّرون لا يتحسّرون كلّ واحدٍ منهم يكون في غاية الفرح، كل واحد منهم في غاية الأنس والسرور لا تنافر ولا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر حاشا، هذا لا يكون بينهم في الجنة، ثم مَن رأى أنّ هذا مقامه أعلى من مقامِه لا يُعكّر عليه ولا يشوّش عليه ولا على نفسِه ولا يخرّب له القصر ويعمل له ثقوب وتهديم ويشتغل في الأساسات لا، هذا لا وجود له في الجنة هذا هنا بين المتباغضين بين المتحاسدين يرى سيارة جميلة يذهب ويثقب له الدواليب أعوذ بالله العظيم أو يكسّرها أو يحرقها، يعمّر واحد مثلًا قصرًا يأتي الآخر يعمّر قصرًا أكبر من الأول بخمس مرات فهذا الحقود الحسود يهدّم قصر نفسِه ثم يعمّر قصر أكبر من قصر جاره على ثلاث مرات، هذا أتلف مالًا.
وبلغني في بعض الضيع المهاجرين يعمرونَ قصورًا في ضيعِهم فلما الواحد يعلم أنّ جاره عمّر قصرًا أفخم من قصره يهدمُ قصرَه ليبنيَ افخمَ من قصرِ جارِه، يعني إتلاف مال وهذا في الدنيا بين ضعاف الفهم مرضى العقول بين الحاقدين والحاسدين بين السفهاء الذين يُتلفون أموالَ غيرِهم أو أموالَ أنفسِهم لأنّ هذه معصية كبيرة يخرّب عليه يحرق له بيتَه أو دكانتَه، بعضهم لا يقدر على دكانة هذا الفقير لأنه يشتغل أكثر منه والصبح يبيع كثيرًا وهذا يشتغل قليل والعياذ بالله يضع مادة الألتيكو في قفل جاره بحيث الصبح إذا جاء ليفتح لا يستطيع فتحَ محلِّه، ويأخذ معه وقت ليحضر نجارًا وحدادًا ويصلح يكون الزبائن ذهبت لعندِ غيرِه أو من عند هذا الذي عمل به هذا العمل، هذا في الدنيا أما في الآخرة هذا لا وجودَ له ولا يحصل شىء من الحسد بينَهم بل كما وصفَهم القرآن {على سررٍ متقابلين}-سورة الصافات/44- والله يقول {ونزَعنا ما في صدورِهم من غِلّ}-سورة الأعراف/43- لا يوجد غل ولا حقد بل يكونون إخوانًا متحابين متزاورين يحبُّ بعضُهم بعضًا إلى غاية المحبة والاحترام أما حقد وأذى وحسد وغَيرة وانزعاج ونكد كما في الدنيا هذا لا وجود له في الجنة(
*لكن ليس هناك حسد.
*وقال رضي الله عنه: اللهُ تعالى يُطهّرُ قلوبَ أهلِ الجنة من البغضاء والتحاقد والتحاسد وخلوَّ الرجلِ الواحدِ من الغَيرة يمحو اللهُ تبارك وتعالى ذلك يعيش عيشةً هنيئة ليس فيها منغّصات ولا مكدِّرات.
)في الدنيا هذه المنغصّات والمكدِّرات والمزعِجات والمُعَكِّرات تكلمنا في درس الأمس عنها وأحيانًا يكون بين الإخوة والأشقاء والأبناء بين الضرائر مع ضرتِها، لا تقتصر على الغَيرة فتسكت بل تنتقل إلى الحرام إلى الغيبة إلى النميمة إلى هتك الأعراض إلى تشويه السمعة إلى الافتراءات إلى تركيب الإشاعات إلى التباغض إلى الحسد المحرم بالعمل والقول والإيذاء والضرر، هذا حاشا أن يكون في الجنة لا وجود له في الجنة، هي الغَيرة في النساء أمرٌ معروف يعني حتى بين زوجات الرسول كانت موجودة لكن المرأة البطلة العاقلة لو غارت لا تصل إلى المعصية لا تتكلم بحرام لا تقع في غيبة لا تتكلم في ضرّتِها بما يؤذي لا تحرّض زوجَها عليها.
مرةً واحدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كانت تتكلم عن زوجة ثانية من زوجات الرسول، هذه الغيرة أمرُها عجيب حتى بين زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت موجودة، فعملَت حركة، هذه التي تتكلم ذكرت زوجةً للرسول ثانية تتكلم عن ضرّتِها عملت حركة فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه الحركة تشير إلى أنّها قصيرة فغضب النبيّ ولم يرضَ ولم يقبل ولم يمَرِّرْ ولا سكت وقال لها “لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَت بماء البحر لمزَجَته” قال يعني من خبثِ ونُتنِ هذه الكلمة لو كان لها طعم ورائحة لو خلطت بماء البحر لغيّرَته، بحركة بإشارة بكلمة.
اليوم بعض الرجال لما نساؤهم يبدأنَ يغتبنَ بعضهن ويعملنَ بالنميمة وشد الشعر وتمزيق الثياب وبالصراخ وعلى الشرفات ومداخل البنايات وتغير عليها في الدكان وتلحقُ بها على سوق الخضار ويبدأ شد الشعر والضرب ونحوه بعض الرجال يفرح بذلك ثم أحيانًا يحرّض هذه على تلك هذا عقله خفيف، هنّ يقعنَ بالكبائر وهو يشجعهنّ ويقعن بالفسق والفجور وهو يصفّق لهنّ, المطلوب منه بدل ذلك أنْ يخوِّفَهنّ من الله اتّقي الله خافي من الله إياكِ والغيبة والنميمة وينصحنّ ويوجّهُهنّ ويعلِّمُهنّ لا يظلمُ واحدة انتصارًا للأخرى ولا يسمع غيبة هذه لأجلِ خاطر تلك ولا يقف مع هذه في ظلم الثالثة ولا يؤيّد الرابعة على ضرب الثالثة، إياك بل اعدلْ بينهنّ واتقِ اللهَ فيهنّ ولا تأذنْ لهنّ بغيبة ولا نميمة ولا ضرب ولا إيذاء ولا معصية ولا حرام.
بعض النساء إذا غارت تصير كالمجنونة لا تميّز رأس الجبل من بطن الوادي مع أنّ الفرقَ كبير لكنْ من شدة الغيرة لا تعود تسمع ولا تنتبه يقول لها اتقي الله كأنها لا تسمع وتصرّ على ضربِ الأخرى، ما هذا الظلم والفسق والفجور؟
هذا الزوج الذي تعصي ربّك بسببه تخيّليه ميت ماذا كنتِ تفعلين؟ إنا لله وإنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله لله ما أعطى وله ما أخذ، اعتبريه مات فلا تعصي ربّكِ، تقع في الكبائر والفسق والفجور بسبب غيرتِها عليه.
ثم إذا تزوج عليك الرابعة هل يكون بهذا الفعل وقع في الزنا؟ لا.
بعض النساء تكفر تقول الأشرف والأفضل والأحسن يروح يزني وما يتزوّج عليّ، فتصير كافرة برب العالمين، هذه ليست فقط غيرة الشيطان نفخ في قلبِها أوقعَها في الكفر.
بعض الناس تقول لا يستحي على نفسه هذا الشايب العايب يروح يتزوج بعد هذا العمر واحدة رابعة؟ هذه صارت كافرة لأنها قالت هذه العبارة، الأنبياء عدّدوا الزوجات واللهُ شرع تعدد الزوجات.
فانتبهي كي لا تعصي ربك وحتى لا تقعين في الكفر.
نحن لا نقول للرجال اذهبوا وتزوّجوا الثالثة والرابعة نقول ما قال الشيخ رضي الله عنه، جاء لعنده واحد قال له تأذن لي أنْ أتزوج الثانية؟ قال له: هذا المال الذي معك زوّج به إنسانًا لا يستطيع أنْ يتزوّج ولا واحدة، قال عندي فائض عن هذا المال قال له زوّج آخر، هذه النصيحة الشيخ ما كان يقول لهم حكمتم أنْ تتزوجوا فوق زوجاتِكم من كان عنده واحدة ليتزوج الثانية والذي عنده الثانية يتزوج الثالثة والذي عنده الثالثة يتزوج الرابعة والذي عنده الرابعة يطلقها ويتزوج غيرها، ما قال هكذا ولا قال افعلوا ذلك.
بعض النساء لما يغضبن يبدأنْ بتركيب الفتن والأكاذيب الشيخ ما قال لهم اتركوا زوجاتكم واشغلوا أعماركم واصرفوا أموالكم في زواج الرابعة.
فإذًا هذه الغيرة هنا في الدنيا توصل إلى المعاصي وأحيانًا توصل إلى حد الكفر تعترض على حكم الشرع تقول أنا أيضًا أريد أنْ أتزوج أربع مرات كما أنّ الشرع أحلّ له أربعة أحلّ لي أربعة لي، لعنة الله عليك ما أوقحكِ وما أكفركِ، هذه بزعمِها في وقتٍ واحد هذه تدعو الناس إلى الزنا بها عربيدة، أعوذ بالله من مسخ القلوب.
بعض النساء قالت ذلك.
الزنا الذي هو الذنب الثالث، أكبر الكبائر على الإطلاق الكفر مسبة الله مسبة الأنبياء الإسلام القرآن الصلاة الصيام الزكاة الحج الكعبة إنكار الآخرة سبّ القرآن تشبيه الله بخلقِه الاعتقاد بأنّ اللهَ جسم جسد حجم صورة كمية يتغيّر يتبدّل قاعد جالس أو أنّ الأنبياء جاءوا بغير الإسلام أو أنّ هناك نبيّ كان على غير الإسلام أو أنّ الأديان كلّها سواء لا بأس بها كبعضِها هذا كذّب الله، الله يقول {إنّ الدين عند الله الإسلام}-سورة آل عمران/19- الكفر بأنواعه هو أكبر الكبائر على الإطلاق بعد الكفر قتل النفس التي حرّم اللهُ إلا بالحق، هذا كذنب أما مَن أحلَّ الانتحار صار كافرًا لو هو ما انتحر.
من فترة كما علمتم انتشرت عادة بعض الشياطين والملاعين والعفاريت قالوا غلت البطاطا أتى بغالون بنزين وولّع نفسَه، واحد آخر قال طلّعوه من العمل فأتى مازوت وولّع نفسَه، واحد قال ما قادر يشتري لابنته لعبة فشنق نفسَه وواحد أطلق النار على نفسِه، مجرد الفعل بدون استحلال ولا استحسان ليس كفرًا بل كبيرة، أكبر الكبائر بعد الكفر قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، بدون أنْ يستحل لا يُكفَّر، أما الآن نتكلم عمّن استحلّ وقال حلال أو منيح عمل يقول أشرف له يروح ينتحر مع أنّ هذا الخبيث الذي يُحلل هو ما انتحر لكن يُبيح ويستحسن لغيره من المنتحرين، هو بعدُ ما انتحر لكن استحل أو استحسن صار من الكافرين.
خلاصة المسئلة الذي ينتحر بدون أنْ يحلّل الإنتحار وبدون أنْ يستحسن هذا لا يُكفَّر مسلم عاصي من أهل الكبائر ارتكبَ أكبر ذنب بعد الكفر، نقول عنه رحمه الله وغفر الله له نغسله ونكفنه ونصلي عليه صلاة الجنازة وندفنه في مقابر المسلمين ونقرأ له القرآن لأنه مسلم، أنا أقول كافر عمّن استحل الانتحار قال حلال أو منيح أو حسن أشرف له أفضل له أحسن له حلال عليه، يُحلّ ويستحل ويستحسن الانتحار، هذا صار من الكافرين.
ثم الذنب الثالث هو الزنا، فهذه الملعونة الخبيثة تقول عن الزنا الذي هو الذنب الثالث تقول أفضل له وأحسن له وأشرف له يروح يزني ولا يتزوج عليّ، هل نقصت منه يد أو رجل لما تزوج عليك؟ اعتبريه مات وما تعصي ربك، سيموت قبلك أو أنت قبله أو أنتما في ساعة واحدة، أليس يوجد عرسان في ليلة واحدة ماتا مع بعض؟ بلى، أليس يوجد أزواج في وقتٍ واحد انهدم عليهم البيت؟ بلى، صاروخ زلزال هزة مرض حصل، فالحاصل هذه التي تستحسن الزنا وتعتبره شرفًا وأحسن له كذّبت شريعة الله كذّبت الله والقرآن والإسلام فليست من المسلمات.
انتبهوا مَن تزوج عليها زوجها هي لتتقي اللهَ فيه وهو ليتقِ اللهَ فيها لا تظلمُه ولا يظلمها لا تفتري عليه ولا يفتري عليها.
نحن لسنا حزبًا الرجال ضد النساء ولا حزب النساء ضد الرجال ولا نركّب المتاريس نحن في الوسط في الاعتدال مع الحق، الرجل الظالم نقول له اتق الله أنت ظالم لماذا شتمتَها بغير حق شرعي؟ سباب المسلم فسوق، نعم هي زوجتُك لكن ليس لك أن تسبها ظلمًا وعدوانًا، نقول له اتق الله ظلمتَها وظلمتَ نفسكَ ووقعتَ في الكبيرة، ضربها ظلمًا وعدوانًا تقول له صرتَ فاسقًا خبيثًا ملعونًا، أكل مالهَا حقّها بغير رضاها صار خبيثًا ملعونًا.
قل الحق ولا تبالِ وإنْ كان مرًّا، المرأة التقية أفضل من ألف رجل فاسق، ورجل امرأة مسلمة برؤوس كل الرجال الكفار.
العبرة عند الله بالتقوى بالإسلام ليست القصة أنه هو الرجل، قد يكون رجلًا وعنده شارب وعضلات ولا يسوى حذاءها لأنها هي مسلمة وهو كافر، فالعبرة عند الله بالإسلام والتقوى.
فنحن لا نفتحها أحزاب الرجال مع الرجال ضد المرأة مطلقًا لا، نحن مع المرأة المظلومة ضد الرجل الظالم ومع المرأة المظلومة إلى أنْ يُرَد عنها الظلم ونحن مع الرجل المظلوم إلى أنْ يرَد عنه الظلم.
أليس قال الرسول صلى الله عليه وسلم [قل الحقَّ وإنْ كان مرًّا]؟ هذا هو مع الرجل أو المرأة، الله تعالى يحب منا أنْ نكون عادلين.
فكل هذا وجع الرأس والحسد والحقد والغيبة والنميمة والفجور بسب الغيرة التي في الدنيا وتؤدي إلى الكبائر كل هذا لا وجودَ له في الجنة.
الأربعة اللواتي كان تزوّجهن الرجل وماتوا مسلمات وهو مات مسلمًا يكنّ معه في الجنة ويحببنَ بعضهن ويزرنَ بعضهن ويجتمعن ببعض ولا يغَرنَ من بعض في الجنة بل على فرح وأنس وسعادة وسرور.
الله يجعلنا من أهل الجنة ويختم لنا بكامل الإيمان
والحمد لله رب العالمين