الخميس ديسمبر 12, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -78

 

      تحريم أكل الميتة واللحم المشكوك فيه – ردّ أباطيل المحرِّفين

                        بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدِنا محمدٍ طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه الطيبين الطاهرين

يقول الشيخ جميل حليم الحسيني حفظه اللهُ تعالى وغفر له ولوالديه

                   الشبابُ والفراغُ والغنى على كثيرٍ من الناس مفسدة

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: قال أبو العتاهية:

إنَّ الشبابَ والفراغَ والجِدَه        مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسَدة

الشبابُ على كثيرٍ من الناسِ مفسَدة وكذلك الفراغ وكذلك الغنى

)الشباب يعني عمر الشباب، الكثير من الناس يخدعُهم الشيطان يقول له أنتَ ما زلتَ في مُقتبَل العمر وأنتَ شابٌّ قويٌّ غنيّ صحيح أو جميل الخِلقة وما شابه فيضحك عليه ثم يجرُّه إلى المنكرات إلى الحرام إلى الزنا إلى شربِ الخمر إلى السرقة إلى لعب القمار إلى المخدِّرات إلى ما شابه من الأعمال التي قد يظن البعض أنها تدلّ على القوة أو تدلّ على زعمِهم الرجولة، وهذا من حيَل الشيطان.

فالذكيُّ العاقلُ ينبغي أنْ ينتبهَ  لهذا فإذا كان في هذا العمر ينبغي أنْ يستخدم هذا العمر وهذا الوقت وما يَتبَعُ ذلك في الطاعات والخيرات والعبادات لا أنْ ينجرف إلى المنكرات والمحرّمات والمعاصي والآثام(

 

*وقال الإمام: مَنْ لم يحفظْ نفسَه في هذه الأحوال الثلاث يهلِك كالذين يذهبونَ إلى السينما بدلَ أنْ يزوروا القبور أو إلى المسجد فيكْسبوا الخير.

)هذا أيام اشتهار وقوة السينما بين الناس، أما اليوم فصار الكثير والعياذ بالله تعالى يدخل إلى هذه الأفلام الرذيلة الوسخة الضارة أو ما شابه على الإنترنت أو على هذه المواقع أو يدخل أحيانًا إلى بيوتِ الزانيات بسببِ هذا الإنترنت وما شابه.

والسينما ما زالت لكن اليوم الناسُ ما عادوا يُقبِلونَ إليها بكَثرة كالأول صار هذا التلفون في أيديهم في السيارة يستعملونَه في البيوت يستعملونَه في مكان العمل، وكلٌّ على حسبِ الغرضِ الذي يستعملُهُ فيه.

فهذا الهاتف اليوم بعض الناس يستعملُهُ في الخير وبعضُ الناس يستعملُه في الشر، وأكثر الذين يستعملونَه إنما يستعملونَه في الشر أو في تضييعِ الوقت أو في الملاهي والمفاسد والرذائل.

يوجد مَنْ يستعملُه في الخيرات لنشرِ العلم لبعضِ الفوائد لكنْ هؤلاء أقل من حيثُ العدد(

 

*وقال رضي الله عنه: أكثرُ الشباب اليوم كما قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [إنّ اللهَ يُبغِضُ كلَّ جَعظَريٍّ جواظ سخّابٍ بالأسواق جيفةٍ بالليل حمارٍ بالنهار عارفٍ بأمرِ الدنيا جاهلٍ بأمرِ الآخرة] معناه أمرُه في الليلِ النوم وفي النهار الأكل، كالحمار يأكل، كالحمارِ يُكثر الأكل، عارف بالدنيا يُتقِنُها أما أمورُ الآخرةِ جاهلٌ بها، هؤلاء اللهُ يكرهُهم، أهمُّ شىءٍ اليومَ هو علمُ الدين.

(هذه الخصال بما جمعتْ من صفاتٍ مذمومة وهذه الصفات إذا اجتمَعتْ في إنسانٍ غالبًا ما يؤدّي به إلى الهلاك، فالمسئلة لم تقتصر على مجرّد النوم في الليل ولا على مجرد الطعام وحَده –يعني كثرة الطعام- بل لأنه أهملَ أمورَ الدين أهملَ أمورَ الآخرة ضيَّعها وهو جاهلٌ بها وتروْنَهُ في أمورِ الدنيا على أكملِ وجه كما يظن البعض، فهو مضَيِّع للفرائض للواجبات للعلم، مُضيِّع لأمور القبر والآخرة وأما لأمور الدنيا يعتني بها إلى حدٍّ بعيد، لذلك وُصِفَ بهذه الصفات وهذا لتنبيهِ الناس ولتحذيرِهم مِنْ أنْ يكونوا منْ هؤلاء، لأنّ هؤلاء كما ورد في الحديث اللهُ لا يحبُّهم لأنهم لا يعملونَ بأوامرِ اللهِ تعالى ولا بأوامرِ الرسول صلى الله عليه وسلم بل همُّهم الدنيا يعيشونَ للدنيا يُضيِّعونَ الآخرة، هذا أيُّ فائدةٍ مَرجُوّة تُنتَظَر منهم إنْ كان لأنفسِهم أو للمجتمع إذا كانوا مُضَيِّعينَ للآخرة وأمور الدين والعلم وكانوا يلْهَثونَ وراءَ الدنيا في الليل والنهار.

فهذا تحذيرٌ بالغٌ ومهم منْ هذا الأمر لأنهم يُهلِكونَ أنفسَهم ويُهلِكونَ غيرَهم.

وكثرةُ الطعامِ في الأصلِ هي وحدَها هذا عملٌ مذموم يعني الإنسان إذا كان همُّه في الطعام، يُكثرُ من الطعام لأجلِ الطعام، شهوةً بالطعام، يأكل بحيثُ لا يستطيع أنْ يتنفّسَ، كل وقت يأكل يصرف أموالَه للطعام يصرف وقتَه للطعام، هذا ليس مِنْ سيرةِ النبيين ليس من سيرةِ الأولياء والصُّلَحاء والزهّاد، بل سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء الزهد والتقليل إلى حدٍّ بعيد من الطعام من الشراب من أمور الدنيا وزينتِها والاقتصار على الأمورِ التي لا بدَّ منها أو القدْر الكافي من ذلك.

لذلك الإنسان ليَنْتبِه من هذه الخصال ومن هذه الصفات لأجلِ أنْ لا يكونَ داخلًا تحتَ هذا الذنب والعياذ بالله تعالى(

 

*وقال الإمام: أهمُّ شىءٍ اليوم هو علمُ الدين، هذا العلم هو العلمُ النافعُ في الدنيا والآخرة، اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ

)علمُ الدين هو سبيلُ السعادة لمَنْ عمِلَ به مُخلِصًا لله تعالى، عملُ الدين هو سبيلُ وطريقُ النجاة والفوز والأمن والأمان لمَنْ يعمل به لمَنْ يُطبِّق مُخلِصًا لله عزّ وجل.

ثم بهذا العلم يعرف الإنسان كيف يكون عند الله تعالى من المرضيين، بهذا العلم يعرف كيف يؤَدّي الفرائض ويجتنب المحرّمات، وبهذا العلم يعرف كيف يثبت على الحق وكيف يعتقد ما يجب وكيف يتجنّب ما حذّرَ الشرع منه، كيف يتجنّب الكفريات والمنكرات والمحرّمات من الطعام –مثلًا- في الطعام محرّمات، كم وكم من الناس اليوم يأكلون الميتة وهم لا يُبالون، إذا قلتم لي كيف يأكلون الميتة؟ أقول لكم الميتةُ ليست فقط هي الدجاجة التي اختنقَتْ فماتتْ أو التي مثلًا وقعَتْ عليها صخرة فقتَلَتْها فماتت، هذه ميتة، لكنْ ليست هذه الميتة فقط بل هناك أنواع كثيرة للميتة حتى لو ذُبِحَتْ ذبحًا وكانت السكينُ حادّة ولو استُقبِلَ بها القِبلة لكنْ ذبَحَها مُرتَدّ، هذه بحُكمِ الميتة كأنها اختنَقَتْ فماتت كأنها غرِقَتْ في الماء فماتت، كأنَّ السيارة صدَمَتْها فماتتْ، وهكذا لو ذبَحها المرتد لا يجوز أكلُها ومَنْ أكلَها وقد عرفَ أنّ المرتدَّ هو الذي ذبحَها فقد أكلَ ميتة، يعني أكل حرامًا يعني لا يجوز لأنّ اللهَ تعالى اسْتَثْنى في قضيةِ الذبح ذبيحة المسلم وذبيحة أهل الكتاب لأنه سبحانه قال في القرآنِ الكريم {وطعامُ الذين أوتوا الكتابَ حِلٌّ لكم}[المائدة/٥] قال ابنُ عباس رضي الله عنهما “أي ذبائحُ اليهودِ والنصارى” إذا ذبحوا ذبْحًا صحيحًا.

ثم في قضية المسلم ما ورد في القرآن {إلا ما ذَكَّيْتم}[المائدة/٣] فالاستثناء للمسلمين.

هذا الذي يجوزُ أكلُه أما المرتد ليس من هؤلاء، واستثناء ذبيحة اليهود والنصارى ليس لأنه مؤمن لا، بل هؤلاء يذبحونَ ذبحًا كما يذبحُ المسلم بالشروطِ الصحيحة واللهُ تعالى شرعَ للمسلمين أنْ يأكلوا منْ هذه الذبيحة، وكوْن اسْتُثنيَت ذبيحة اليهودِ والنصارى لا يدلُّ على أنهم عند الله من المؤمنين كما أنّ الكتابية يجوزُ للمسلم أنْ يتزوّجَها وهي ليست مؤمنة ليست مسلمة لا يدلُّ على أنها عند اللهِ مؤمنة مسلمة لا، مع كونِها كافرة اللهُ أحلَّ للمسلم أنْ يتزوّجَها.

أما ذبيحةُ المُرتد فهذه محرّمة وتكون ميتة فأكلُها حرام، كذلك أكلُ اللحمِ المشكوكِ في حلِّه يعني لا يُعرَف هل ذبحَه مَنْ يجوزُ الأكلُ من ذبيحتِه أم لا. مثلًا واحد دخل إلى المطعم أو في الطائرة قُدِّمَ له الدجاج أو لحم الغنم أو البقر لكنْ هل قُتلَ بالصعق الكهربائي؟ لا يعرف، هل قُتلَ بالخنقِ بالماء الساخن؟ لا يعرف، هل خُنقَ باليد؟ لا يعرف، هل ذبحَه مرتد؟ لا يعرف، هل ذبحَه بوذيٌّ أو مجوسي؟ لا يعرف، إذًا لا يجوز أنْ يأكل حرام، لأنه إذا أكل مع الشك فقد عصى اللهَ تعالى.

الرسولُ عليه الصلاة والسلام قال [فإنك لا تدري أسهمُكَ قتلَه أم الماء] عندما جاء الصحابي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقال إنّي أٌطلِقُ سهمي فيَغيبُ عني فأرى الصيدَ فيه سهمي لكنْ أجدُه قد غرِق في الماء، قال له الرسول عليه الصلاة والسلام [لا تأكل فإنك لا تدري أسَهمُكَ قتلَه أم الماء] يعني صار احتمال أنْ يكونَ مات خَنقًا بالماء، يعني السهم أصابَه لكنْ لم يمتْ بالسهم ليكونَ مثلًا بحكمِ الصيد الحلال فيُؤكل، يُمكن نزلَ حيًّا والسهم فيه لكن اختنقَ خنقًا بالماء فمات، صار هناك شك، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم [لا تأكله]

والعلماء بيّنوا أنّ أكلَ اللحمَ المشكوكَ في حلِّهِ حرام لا يجوز. وكم وكم من الناس يأكلون من غير سؤال حتى في الحج كنا نراهم يفعلونَ ذلك.

لعل بعضكم لو عملَ بحثًا سريعًا وخفيفًا على الغوغل تجدونَ أنّ المطاعم كانت تقدّم لحم الكلاب للزبائن أو لحم الحمير أو في بعض المسالخ كانوا يأتون بالبقر الميت الذي اختنقَ أو الأغنام المُختنقة بحوافرِها بجلودِها بأصوافِها بأوبارِها بشعورِها بروْثِها يخلِطونَه ثم يضيفونَ إليه مواد كالصبغة يصير لونَهُ كأنه جديد ويضيفونَ إليها بعض التوابل ثم يُطعِمونَه للناس، وهذا شىءٌ بشع وقذر ويأكلونَه.

مرةً كنا في الحج الشرطة أمسَكت بعض الناس الذين يذبحون الكلاب ويطبخونَه في مكة ويُطعِمونَه للحجيج في موسم الحجيج وهذا الفيديو نشرَته الشرطة مُحذِّرةً للناس من أنْ يأكلوا كيف ما كان.

كنا ننَبّه في بيروت وفي كثير من البلاد  بعض الناس يقول لنا ما منْ أحد يعرف الحلال والحرام إلا أنتم؟ لماذا تشدّدونَ علينا؟

إنْ كنتم تذكرونَ من ثلاث سنوات لما بدأتْ الفضائح تطلع في لبنان ويدخلون المحلات والمطاعم والمسالخ يَطلع معهم الجِيَف واللحم المدوّد والعفن والقذر والوسخ ويُطعمونَه للناس، صار الناس يقولون معكم حق كنتم تقولون لنا ما كنا نرد وما كنا نسمع.

ليَتَحرّى الواحد ويسأل ويعرف قبل أنْ يأكل، هذا الأمر يُعلَم ويُدرَك بعلمِ الدين. بعلمِ الدين تعرف ما يحِلّ وما يحرُم من الطعام.

كم وكم منَ الناس اليوم يأكلون الكاتو أو أنواع الحلوى مثلًا كالشوكولا والبونبون الذي فيه شىء من الخمر وهذا حرام لا يجوز.

الرسول عليه الصلاة والسلام قال [ما أسكرَ كثيرُه فقليلُهُ حرام] [ما أسكَرَ الفَرَقُ منه فمِلءُ الكفِّ منه حرام]

اليوم كثير من الناس ولا سيّما في مثلِ هذه الأيام وبعد أيام قليلة رأس السنة يصيرون يتعاطَوْنَ هذه القضايا ويضعون الخمر مع الطعام مع الحلواء وما شابه، فهذا حرامٌ أكلُه لا يجوز لو كان الطعامُ في الأصل حلالًا، مثلًا الكاتو أو نوع من الشوكولا لكن أضيفَ  له ولو ملعقة واحدة من الخمر من النبيذ صار محرّمًا.

أو لحمٌ حلال وذبحٌ حلال ويجوز أكلُهُ لكنْ عند الطبخ أضافوا إليه ملعقة خمر صار نجِسًا، صار حرامٌ أكلُه, لو كان عشرة كيلو لحم حلال وضعتْ عليه ملعقة نبيذ تنجّسَ وحرُمَ أكلُه، وقتَها لا تأكلوه أنتم تطعِمونه للكلاب للقطط للبهائم أما أنْ تأكلَه أنت فحرامٌ لا يجوز، حتى المقانق والسجق والبفتيك بعض الناس يضيفونَ إليه هذا، هذا حرام لا يجوز.

نحن كنا نرى الشيخ رضي الله عنه منْ شدةِ ورعِه كان إذا وصفَ  له الطبيب الدواء الأجنبي ومنْ غيرِ أنْ يعرف ما فيه من مواد أحيانًا كان يقول أغسلُ فمي –وهذا للاحتياط- ليس للوجوب، إنما هو يقول لا أعرفُ ما فيه من المواد، أما لو عرَفَ أنّ فيه مادة نجسة محرّمة ما كان يستعملُه أصلًا وهذا حالُه كان يتجنّب الكثير حتى من الأدوية، أما ما كان ظاهرُه ليس فيه شىء من بابِ الاحتياط يقول لا أعرف، يغسلُ فمَه من باب الاحتياط وليس من باب الوجوب.

كم يوجد أدوية اليوم فيها نجاسات، بعض الأدوية يقال إنّ فيها أجزاء من ميْتة أو من خنزير أو من خمر أو ما شابه، إذا واحد عرف أنّ هذا الدواء فيه هذه النجاسات يتجنّبُه، أليس يوجد من الدواء ما يكونُ حلالًا؟ يستعمل هذا الدواء الحلال الصافي الخالص الذي ليس فيه شىء من المحرمات لا من الميتة ولا من النجاسات.

بعض الناس يتهاونونَ بالشىء المحرّم بالإجماع إذا كانت الميتة في نوع من الدواء ويعرفون ومكتوب في المحتويات مثلًا أجزاء من الخنزير أجزاء من ميتة البقر من ميتة الغنم، يأكلونه ويكونُ أجزاءً من لحمِها من شحمِها من عظامِها يأكلونَه، بالمقابل ترونَهم يتشدّدون في أشياء هي حلال، ولا نريد أنْ نسمّي لبعض أنواع المشروبات الغازية لكن بعض الناس بسبب الجهل صاروا يُصدِرونَ بيانات هذا النوع من شراب المياه الغازية مثلًا يقولون حرام لأنّ فيه شىء من معدة الخنزير كي يساعد على الهضم فالناس يتعلقون بها ويشربونَها.

أرسلْنا وسألْنا الأطباء والمختبرات طلع ما فيها هذه المواد لكنْ بسبب الجهل يتسرّعون ويتشددونَ حيثُ لا ينبغي، عندما تسألُه عن الدليل أنّ بعض المشروبات تحتوي على الخنزير يسكت، أما لو رأى الدواء أو بعض الطعام فيه خنزير أو ميتة يأكلُه ويتهاون، انظروا التناقض كيف يتشددونَ حيثُ لا ينبغي وحيثُ ينبغي الحذر والانتباه يتهاونون، هذا سببُه عمى القلب والجهل.

إذًا كيف يعرف الإنسان هذه القضايا؟ بعلم الدين، قال رضي الله عنه “أهم شىء”.

لذلك يا إخواني بعلمِ الدين تعرفون ما يحلّ وما يحرُم من الطعام، تعرفون ما يحلّ وما يحرم من اللباس.

مثلًا الإنسان إذا جاء لعندِه شخص قال له هذا السروال يُباعُ في الأسواق ب150 دولار أنا أبيعك إياه ب10 دولارات، كيف أنت تبيعه ب10 دولارات؟ يقول هناك أناس يسرقونَهم ويبيعونَهم فتصل لعندي البضاعة فأبيعُه برخيص، لكن أنت عرفتَ أنّ هذه مِنْ طريق السرقة حرامٌ عليك لو كان بخمس دولارات، ما المطلوب إذًا؟ أنْ يرَدَّ إلى مَنْ سُرِقَ منه، لو كان في الأسواق سعرُه ألف دولار وعُرضَ عليك بخمس دولارات حرامٌ عليك – إن كنتَ تعرف أنه مسروق- ولا يصح أنك تشتريه، بيعُه وشراؤُه لا يصح ولا يجوز ولا يدخل في ملكك ولا تستعملُه، تردّه إلى أصحابِه الذين سُرِقَ منهم ليس للذي باعكَ صورةً ليس للحرامي الذي أخذتَ منه، هذا لا يؤتَمَن، كيف تثق أنْ يردَّ هذا المسروق إلى مَنْ سُرِقَ منه؟

فمثل هذا كم يحصل في أوروبا في بعض البلاد يدخلون إلى تلك البلاد مؤمّنين فيسرقون، هذا حرام لا يجوز، لو حتى في بيروت أخوك أرسل لك ابن عمك رفيقك أرسل لك ثيابًا ساعاتٍ تلفونات جهاز كومبيوتر، هذا الذي أرسلَه لك من السرقة يعني أخوك الحرامي أو ابنك السارق سرق وأرسل إليك، حرامٌ عليك أنْ تأخذَ منه لا تأخذه تتصرف به ولا تبيعه صورة إنما يُرَدّ إلى مَنْ سُرِقَ منه، تقول لي في ألمانيا أقول لك ترسلُه، ثم هذا السارق يُسأل مِنْ أين سرقْتَ هذا الغرض فيُرَدّ إلى المحل ليس إلى السارق، هذا السارق لا يؤتَمَن ولا يُصَدَّق.

كيف تُعرَف هذه الأحكام؟ بعلم الدين، بعلم الدين تعرف الإيمان من الكفر، كم من أناس اليوم يدّعونَ الإسلام ويدّعونَ العالِمية والمراتب العليّة والولاية والمشيخة والدكترة وهم عند الله من الكافرين، مثل هذا علي منصور الكيالي الحلبي المقيم في الإمارات، هذا الدجال المحرّف للقرآن ولآيات القرآن والمشبّه لله بخلقِه والمحرّف لمعنى “الله الصمد” فيجعلُه كالخيوط المتفرقة التي اجتمعت ثم صارت قطعةً واحدة متماسكة كالحجر الصوان الذي لا يوجد فيه منفذ ولا ممر فيصعُب خرقُه، على زعمِه هذا معنى {اللهُ الصمد}[الإخلاص/٢] يعني يجعل الله تعالى جسمًا متماسكًا كالحجر الصوان، هذا مِنْ أصرحِ الصريح في الكفر وفي تكذيب القرءان. اللهُ يقول {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١]

علي منصور أنكرَ عذاب القبر، احتقرَ نبيَّ اللهِ يعقوب وقال عنه فاشل وقال عنه كذّأب وقال عن مسئلة الذئب في قضية إخوة يوسف قال هذه ليست حقيقية ولا وجودَ لها، قال هذه خديعة يعقوب هو رتّب لها.

انظروا هذا الوضيع الخسيس الذي يتجرأ على أنبياء الله، كيف يتجرأ أن يقول عن يعقوب فاشل؟

قبلَه كذلك عمرو خالد المصري هذا قال أيضا عن سيّدِنا محمد 23 سنة ما كانت الدعوة دائمًا مثالية قال في بعض المراحل كانت فاشلة، قيل له يعني نقول النبي فاشل؟ قال اه فاشل، لعنة الله عليهما لعنات متتاليات، عمرو خالد الزنديق وعلي منصور الكيالي الزنديق وأمثال هؤلاء الذي يكذّبون القرآن ويشبّهونَ اللهَ بخلقِه وينتقصون الأنبياء ويحتقرونَهم كالذي يقول والعياذ بالله في عيسى إنه كان على غير الإسلام أو شرب الخمر.

عرفتم لماذا قال “علمُ الدين هو أهم شىء”؟ أهم شىء هو علم الدين هو الطريق الذي يوصِل إلى الجنة والسعادة الأبدية لمَنْ عمِلَ به، هو الطريق الذي فيه النجاة من الخلود المؤبّدِ في النار لمَنْ عملَ به، علم الدين هو الأصل هو الأساس، بهذا العلم يعرف الإنسان كيف يثبت مع أهل الحق مع أهلِ السنةِ والجماعة الأشاعرة والماتريدية.

انظروا نحن في هذه الأيام كل يوم نسمع هذا الدكتور هذا الشيخ هذا الداعية على زعمِهم، يأتي بكلام من أشنع وأبشع الكفريات.

بعلم الدين تحذر أنت من أهلِ الضلال كالمشبّهة المجسمة الذين يُكفّرونَ كل الأمة، بالعلم تعرف أنهم هم الضلّال وليست الأمة، بعلم الدين تعرف أنّ أهلَ السنة والجماعة هم على حق وليس هؤلاء المشبهة المجسمة الذين كفّروا الأمة.

تخيّلوا معي هذه الآية الكريمة {كنتم خيرَ أمةٍ أخرِجَتْ للناس}[آل عمران/١١٠] وهم يكفّرونَ الأمة وعلماء الأمة ويكفّرونَ العامة والخاصة من أهلِ السنة والجماعة

مثال هؤلاء خالد بن علي الغامدي في كتابهِ المسمّى على زعمِه “شرح نواقض الإسلام” في هذا الكتاب ابتكر من الفسق والفجور والوقاحة والخروج عن الإسلام والعقيدة والتوحيد والقرآن وأنه جاء بدينٍ مرَكّب له ولأتباعِه، لن أقرأ الكتاب كلمةً كلمة فقط في العناوين:

يقول:

-نقض رسالة نواقض الإسلام، ويذكر إمامه محمد بن عبد الوهاب ثم يبدأ بعد ذلك ويقول:

أهمية دراسة أحوال المشركين السابقين ذكرَ العلماء

مناهج المشركين وأحوالهم لكي يُحذرَ من كفرِهم وليُخالف طريقتهم

ثم يبدأ بعد المقدمة التي عملَها على زعمِه عن المشركين الأولين وعن أزمنةِ الأولين عن الفترة الأولى والشرك في الأمم السابقة ابتداء بالمشركين في قوم نوح  وانتهاء بالمشركين في عهد عيسى، ثم يقول الفترة الثانية فترة المشركين العرب الذين بُعثَ فيهم الرسول، الفترة الثالثة الشرك في أمة محمد ورجوعه في المسلمين كما أخبر صلى الله عليه وسلم ولهم مراحل الأولى زمن خروج الفرَق الضالة، الثانية الثالثة الرابعة، ثم يصل إلى المسئلة الثانية عشر:

شرك المتأخرين أشد وأعظم من شرك الأولين، يقول إنّ المشركين الأولين كانوا يدْعونَ اللهَ مخلصين له الدين ويوحِّدونَه وذلك في حال الخوف فيلتجئون إلى الله في حال الرخاء يدعونَ غيرَ الله عز وجل.

يتكلم عن أحوال المشركين الأولين وأنهم كانوا يعبدون قومًا صالحين ثم مشركي زمانِنا وقعوا في الشرك –يقول- في شرك الربوبية مع شرك الألوهية فزعموا أنّ الأولياء يخلقون ويرزقون ويجلبون ويُدبّرونَ ويتصرّفون ويعلمونَ الغيب..

ثم يقول: دعاة الشرك من المنتسبين للإسلام من هذه الأمة، من أقدمِ هؤلاء المشركين:

أول مَنْ نشر الشرك بزعمِه ومِنْ أقدم الصوفية القبورية مكي بن طالب القشيري، الغزالي، الصرصري القونوي أبو نعمان

يقول: ومن أئمة القبورية المشركة في القرن الثامن ابن الحاجب –صاحب المدخل يعني الفقيه العالم المشهور، هذا من المشركين على قوله، وتقي الدين السبكي من المشركين –صاحب شفاء السقام- وابنُه السبكي الأصولي واليافعي –صاحب رَوض الرياحين- وابنُ بطوطة، وذكر الكثير غيرهم على زعمه

يقول: وفي القرن التاسع أبو حفص المصري والجيلي، والمقري ومحمد سليمان الجزولي والسنوسي والشيخ زرّوق وعبد الرحمن الجامي

 يقول مشركي القرن العاشر منهم السيوطي، ثم من هؤلاء المشركين الذين يُدخلُهم تحت عنوان المشركين في قرن كذا والمشركين في قرن كذا يقول من هؤلاء أيضا عبد الرؤوف المُناوي –صاحب الفيض القدير- وأحمد السهندي وكذلك ابنُ عاشر الأشعري وكذلك منهم عبد الحق الدهلوي، وشهاب الدين الخَفاجي وكذلك البيضاوي والجُرجاني وأحمد المصري الحموي وكذلك من المشركين على زعمه الزرقاني –شارح الموطأ- ومن المشركين القسطلاني كذلك عبد الغني النابلسي ومن جملة على زعمِه المشركين سليمان بن سُحيم قاضي الرياض الذي كان في زمن محمد بن عبد الوهاب ويرد عليه

ويقول: والمشركون في القرن الثالث عشر الزبيدي، عمر قاسم محجوب الفاسي وكذلك فلان وفلان وفلان وعدّ منهم أيضًا الذين يزعم أنهم من المشركين الصاوي ابن عابدين-صاحب الحاشية- وكثير، ومن القرن الرابع عشر يذكر منهم أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكة وإمام القبورية يقول عنه، ومن المشركين بزعمِه فلان الفلاني كتاب الشمائل الإمدادية وإبراهيم السمنودي ومحمد أمين الكردي الإربيلي، مَنْ أقرأ ومَنْ أترك ماذا أذكر لكم؟

عشرات الأئمة والعلماء والفقهاء والمحدّثين بدأ إلى أنْ وصلَ إلى هذا القرن وذكر منهم محمد عطاء الكسم ومحمد بخيت المُطيعي وفلان وفلان إلى أنْ جاء تقريبًا على كل الأشاعرة والماتريدية من المشاهير والمؤلفين وأصحاب الكتاب والشروح المشهورة

هذا ما قرأتُه فقط عناوين الآن، رأيتُم؟ عندما يقولون مَنْ دخلَ في دعوتِهم فهو المسلم ومَنْ لم يدخل في دعوتِهم فهو كافرٌ مشرك عندَهم

كيف تُعرَف هذه القضايا؟ بالعلم تعرفون أنّ المشبهة المجسة أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب شُذّاذ كفّروا كلَّ الأمة وكفّروا مَنْ خالَفَهم وقالوا بالتشبيهِ والتجسيم وتكفير المتوسلين والمتبركين والمتأوّلين، يعني عندَهم لم يبقَ مسلم على وجه الأرض، يعني جاءوا بدينٍ جديد ابتكروه وكما قال مفتي مكة أحمد زيني دحلان في الدرر السنية “إنّ محمد بن عبد الوهاب كان يقول إنّ مَنْ تحتَ السبعِ الطباق كافرٌ مشرك على الإطلاق” ويقولون مَنْ لم يدخل في دعوتِهم فهو كافر حلال الدم والمال، ويقولون ومَنْ دخلَ في دعوتِنا فله ما لنا وعليه ما علينا.

انظروا إلى كل هذا البلاء والفساد الخراب والوقاحة ونرى أنّ بعضَ مَنْ يدّعونَ العملَ الإسلاميَّ اليوم يُطبِّلونَ ويُزَمِّرونَ لهم كما يقال ويُداهنونَهم ويسكتونَ لهم وعنهم لتَروجَ دعوتُهم في الناس ويطعنونَ في أهل السنة والجماعة، يُعاونونهم على أهل السنة وهم يدّعون أنهم من أهلِ السنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

فلذلك تحصّنوا بالعلم تمكّنوا بالعلم تقَوَّوا بالعلم تفقّهوا في الدين لتعرفوا كيف تثبتوا على الحق وتعملوا به وتحذِّروا من أهلِ الضلال(

 

                                اغتنِم خمسًا قبل خمس

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: روى البيهقيُّ أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال [اغتنم خمسًا قبل خمس] (وهذا أيضًا عند الحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما) [حياتَك قبلَ موتِك وصحتَك قبل سقمِك وشبابَكَ قبل هرمِك وفراغَكَ قبل شُغلِك وغِناكَ قبلَ فقرِك] حديثٌ صحيح.

)الحياةُ والموت هذا أمرٌ لا عملَ لنا فيه ولا تدخّلَ لنا فيه ولا نقدر على شىء منه لكنْ الله مِنْ فضلِه وكرمِه هو خلقَنا وأوْجَدَنا ورزقَنا الحياة لا يجبُ عليه شىء وكل ما في هذا الكون والعالم هو خلقٌ لله تعالى يفعل ما يشاء، لكنْ نحنُ ينبغي أنْ نغتنم فإن اغتَنَمْناها في الخير ربِحنا وإنْ فاتت ومضَتْ وانتهَتْ فصِرنا أمواتًا وكنا قد ضيّعنا الواجبات وقصّرْنا سننْدم في وقتٍ لا ينفعُ فيه الندم.

وأنتم الآن يا إخواني ويا أخواتي لعلكم تسمعون ما نسمع وهذا هو الواقع والحاصل، في كلّ يوم تقريبًا إما نسمع مات فلان وفلان وفلان جملةً أو مات فلان، أو فلان مريض وفلان مريض وفلان في حالة خطرة وفلان في العناية المشددة، في أيّ لحظة يأتي دورُنا لا نعرف لكنْ نحنُ على الطريق لا مفرّ لنا ولا مهرب، نحن نكون الآن في عزاء وربما بعد قليل يُعَزّى بنا، نكون في جنازة وكان من الممكن أنْ أكونَ أنا الميت أو أنت، إذًا فلْنعتبر.

الآن إذا دخلتُم بسرعة إلى الفيس بوك تروْن أوراق نعوة بكثرة مات فلان ماتت فلانة، صار بعض الناس كلّما دخلوا الفيس بوك يطلعون بمجموعة وفيات وأخبار فالواحد مطلوب أنْ يعتبر ويتأثر ويتّعظ، لا بدّ أنّ تأتي للواحد منا لحظة فيكون هو الميّت، نحن الآن نقرأ أخبار الأموات مات فلان لكنْ لا نعرف متى يُقرأ خبرُنا إن كان لنا خبر.

المهم أنْ تكونَ على حالة حسنة في القبر وضعوا  لك نعوة لم يسألوا عنك المهم أنت تكون عند الله من المرضيين، فاتّعظوا واعتبِروا الموت منا قريب والموت يَعُمُّنا.

لا يكن الواحد منا بغفلة بل المطلوب أنْ يستيقظ من هذه الغفلة، ليس مطلوبًا أنْ يغفلَ ولا للحظةٍ واحدة لا فيما مضى كان مطلوبًا ولا الآن بل ما مضى مضى، أستيقِظ انتبه أفِق الآن قبل فوات الأوان، الموت يعُمّ الجميع، الموتُ يُفاجئُنا يُباغِتُنا عزرائيل عليه السلام لا يستأذن على الأبواب، عزرائيل عليه السلام لا يمنعُه الحجّاب فلْنَتّعِظ ولْنعتبِر قبل أنْ يُفاجئَنا الموت(

 

*الدنيا للزوال

)هذه عبارة نمر عليها مرورًا من غير اعتبار لا ينبغي، الدنيا من بدايتِها إلى نهايتِها هي مخلوقة كانت معدومة صارت موجودة وستزول ستفنى، الله تعالى يقول في القرآن الكريم {كلُّ مَنْ عليها فان}[الرحمن/٢٦] هذه الدنيا للزوال، الله تعالى يقول في القرآن {وحشَرْناهم فلم نُغادرْ منهم أحدًا{[الكهف/٤٧]

سنموت وننتقل بعد الموت إلى البرزخ ثم إلى الحشر والنشر والسؤال والحساب ومواقف القيامة، إذًا هذه الدنيا زوال واللهُ محوِّلُ الأحوال، الدنيا هذه ليست مُنتهى الأمر وليست هي الآخرة وليست هي الجنة، الله يتوب علينا الله يُصلِحُنا اللهُ يغفرُ لنا اللهُ عز وجل يتوب علينا ويُسامحُنا ويعفو عنا، نسألُ سبحانه أنْ يحفظَنا من عذاب القبر وأنْ يحفظَنا من عذاب الآخرة ومن عذاب النار ومن الأهوال العِظام وأنْ يُدخلَنا الجنةَ مع الأولين الأبرار.

علينا أنْ نتّعظ الدنيا للزوال نحن سنموت يعني كل ما في هذه الدنيا سيفنى كل ما نراه من العمران من القصور من الأبنية من السيارات من اللباس من الأثاث كلُّه خراب كلُّه زوال.

اسمعوا هذه القصة التي فيها عبرة وموعظة وهنيئًا لمَن يتّعظ ويعتبر، يُحكى ويقال أنّ إنسانًا دخلَ إلى قرية رأى أولادا صغارًا يلعبونَ فيها فقال هذا الرجل للأولاد وكان صبيٌّ ينظر إلى الأولاد: أين الدور وأين العُمران؟ فهذا الصبي الذي ينظر قال له هناك –أشارَ له إلى مكان ذهب فوجد المقابر ولم يجد البيوت والدور- هذا الرجل تعجّب قال هذا الصبي إما أنْ يكونَ أبله أو يريدُ شيئًا، رجعَ إليه، هذا السائل الغريب الذي دخل البلد قال له: يا غلام سألتُك عن البيوت عن المنازل عن الدور فدلَلْتَني على المقابر، كيف هذا؟ قال له: يا عم، نرى الذين هنا –يعني ناحية البيوت والمنازل- يُنقَلون إلى هناك، يعني إلى المقابر، ولا نرى الذين هناك يأتونَ إلى هنا فأين المقر وأين المنزل وأين الدار وأين البيت الحقيقي؟ قال له: هناك، لأنّ الناس يُنقَلونَ من الدور إلى القبور.

يعني كأنه بعبارةٍ أخرى يقول البيتُ الحقيقي هو القبر، فينبغي للإنسان أنْ يتّعظَ ويعتبر، فالناس يُنقلون من القصور إلى القبور ليس من القبور إلى القصور، فزيّنوا قبرَكم جمّلوه نوّروه بالتقوى والعمل الصالح، هناك البيت الحقيقي.

بعض الناس ينظر إلى القبر عند الدفن يقول كم هو ضيق ماذا سيصير ماذا سينزل بنا، لكنْ هو على الأتقياء الطيبين أوسع من قصور ملوكِ الأرض

يُروى أنّ عيسى المسيح عليه الصلاة والسلام النبيّ الرسول المسلم المؤمن العظيم كان مع بعضِ أتباعِه فوصلوا إلى قبر وقفوا عندَه ليَتَّعِظوا، عيسى عليه السلام وقف بهم عند القبر فقال أحد تلامذة عيسى المسيح عليه السلام: ما أضيَقَ هذا القبر، قال له عيسى عليه الصلاة والسلام “إنكم كنتم في أضيق منْ هذا وإذا أرادَ اللهُ أنْ يُوَسِّعَ وسَّعَ إنكم كنتم في أرحامِ أمهاتِكم”

الرحِم كم هو ضيّق يخرُج منه الإنسان إلى هذه الدنيا الشاسعة الواسعة وعندما يدخل القبر هو بالنسبة لبعض الناس يكون ضيّقًا عليهم وأضيَق من الظاهر لأنّ الأرض تلتئِم عليهم وتختلف أضلاعهم ببعضِها ويصير مُظلِمًا ومُنتِنًا ومُخَوِّفًا ومُفِزِعًا ومُريعًا لكنْ على البعض الآخر يصير أوسع من قصور ملوك الدنيا وأطيب وأعظم من حيث النفع واللذة والفرح والسرور والأنس، فبالتقوى توَسِّع قبرَك وبالكفر والفجور والمعاصي والظلم تضيِّق على نفسِك

نسألُ اللهَ السلامة والنجاة وحسن الحال والختام وأنْ يخرجَنا من الدنيا سالمين مسلمين وأن يجمعَنا مع نبيِّه صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى وأنْ يختمَ لنا بالهدى إنه على كلّ شىءٍ قدير

والحمد لله رب العالمين