الخميس ديسمبر 12, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (59)

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل الحسيني حفظه الله تعالى

قال رحمه الله رحمة واسعة: كلُّ فردٍ ليشتغلْ بالتوحيد في مجالسِكم وفي أسفارِكم انشروا التوحيد تكلّموا بالتوحيد أينما كنتم في البيوتِ وغيرِ البيوت في رحلةِ الحجّ أو العمرةِ

)هنا يؤكد علينا رحمه اللهُ رحمةً واسعة أنْ نشتغلَ جميعًا بنشرِ التوحيد بنشرِ العقيدة التنزيه أينما كنا في البيوت خارج البيوت في الحضَر في السفر، في سفر الحج في سفر العمرة مع الكبار مع الصغار مع الرجال مع النساء مع الأغنياء مع الفقراء، أينما كنا ينبغي أنْ نشتغلَ على نشر التوحيد.

ونشرُ التوحيدِ شرفٌ وعز، نشرُ التوحيد يعني نشر الإسلام، نشر التوحيد، الإيمان باللهِ ورسولِهِ وهذا عزٌّ وشرفٌ ونورٌ وبركةٌ وخير وضياءٌ وأجر.

وتذكروا معي يا إخواني ويا أخواتي أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال [بلِّغوا عني ولو ءاية] والرسول صلى الله عليه وسلم بيّن لنا أنّ الواحدَ منا إذا اهْتدى على يديه إنسان أسلمَ بسببِك إنسان، دخلَ الإسلام بسببِك، علّمْتَه التوحيد علّمتَهُ التنزيه حذّرْتَه من الكفرِ تشَهّد بسببِك قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [خيرٌ لك ممّا طلَعتْ عليه الشمس] [خيرٌ لك منْ حُمُر النَّعَم] يعني أفضل منْ كنوزِ الأرض من كنوز الدنيا، لو كانت الجبالُ ذهبًا كم يكونُ ثمنُها؟ لو كانت الجبالُ ذهبًا وكنتَ سببًا في إسلامِ إنسان هذا خيرٌ لك منْ كلِّ ذلك الذهب، هذا خيرٌ لك عند الله.

إذا كنتَ سببًا في هدايةِ إنسان هذا خيرٌ لك مما طلَعَت عليه الشمس وخيرٌ لك منْ حُمرِ النَّعَم، ووردَ في حديثٍ آخَر عند الحاكم قال صلى الله عليه وسلم [مَنْ أسلَمَ على يديهِ رجلٌ دخلَ الجنة] هذا الأمر الذي يؤكّدُه عليه الشيخ رحمه الله والذي دائمًا يَحُثُّنا ويَحُضُّنا ويُشَجِّعُنا عليه لِما في ذلك منَ القيامِ في الفرض في الواجب منْ تحصيلِ الثواب من أنْ يكونَ سببًا لك لأنْ يُسلِمَ الناسُ على يديك، هذا سبب في إعْتاقِكَ منَ النار بإذنِ الله ويكونُ سببًا لك في النجاةِ وفي الأمنِ والأمان في الفوزِ في الرُّبح في السعادة في الهناء في الاطمئنان في الأجر في الثواب.

لذلك يؤكّد علينا دائمًا رحمه الله قال “انشروا التوحيد في البيوت وخارج البيوت”.

الواحد منا عندما يُخالط الناس اليوم بنظرةٍ سريعةٍ تعرف أنّ أكثرَ مَنْ حوْلَكَ منَ الناس لمْ يتعلم والرسولُ صلى الله عليه وسلم أكّدَ وبيّنَ  لنا ذلك. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الحافظُ السّخاوي في أشراطِ الساعةِ الصغرى [أنْ يُرفَعَ العلم ويوضَعَ الجهل] هذا مِنْ أشراطِ الساعةِ الصغرى، هل هذا معناه أنَّ مُعظَمَ الناس وأكثر الناس يكونونَ على علم أم على جهل؟ بل يكونونَ على جهل، لأنَّ منْ أشراطِ الساعة أنْ يُرفَعَ العلم ويوضَعَ الجهل، أنْ ينتشرَ الجهل بين الناس.

والرسولُ صلى الله عليه وسلم [مَنْ يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقَّههُ في الدين] هذا يُقالُ له مَنطوقُ الحديثِ يعني لفظ الحديث، وهناك شىء عند العلماء يُقال له مفهوم الحديث.

لاحظوا معي الرسول عليه الصلاة والسلام قال [مَنْ يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّههُ في الدين] بنظرةٍ سريعةٍ أكثر مَنْ حولكَ من الناس لم يتفقهوا، تعالوا لنأتيَ إلى مفهوم الحديث ما هو مفهوم الحديث؟ “ومَنْ لمْ يُرد اللهُ به خيرًا كثيرًا لا يُفقِّهه في الدين” وهذا الواقع اليوم تجد أنّ أكثرَ الناسِ لم يتعلموا حتى من المشايخ من الدكاترة من الأطباء منْ أساتذةِ الجامعات والمعاهد صارت المسئلة وظيفة وراتب في آخر الشهر أو كما يقول بعض الناس “تكِّس” في هذه الآلة التي في الشركات والمؤسسات أنه جاء في الساعة كذا إلى الوظيفة ثم ماذا يعمل خلالَ الدوام؟ اللهُ أعلم، بعضُ الناس هذا حالُهم، صارتْ عندَهم الأمور إلى هذا الحد حتى في أمورِ العلم حتى في المشيَخة بعضُ الناسِ صارت المشيخة عندَهم وظيفة هذا شىءٌ مؤسفٌ مُخزي.

لذلك علينا أنْ لا نقصِّرَ بنشرِ العلمِ بين الكل بين الكبار والصغار وأنْ نتكلمَ ولا نستحي، يعني أنتَ مثلًا في عمُرِ الشباب قدْ تقعدُ في مجلس فيه مَنْ هم أكبر منك سنًّا قد يخطرُ لك كلّهم كبار والشيبُ ظاهرٌ فيهم وأنا شاب أصغرُهم سنًّا كيف أتكلم؟ أنتَ تكلّم بهدوء بلطف بأدب بعباراتٍ حسَنة مع تحسينِ الظنّ، نحنُ لا ندعو إلى إساءةِ الظنِّ بكلِّ مَنْ وجَدْناهُ في المجالس لا، نحنُ نحسِّن الظن لكن ما المانع أنْ نتكلّمَ بالخير؟ لعلّ بعض الذين في المجلس أفضل مني ومنكم عند الله، لعلّه وليًّا من الصالحين وهو أحسن وأفضل مني وخيرٌ مني لا شك، لكنْ هل الولي يكره مني أنْ أتكلّمَ في الخير؟ لا بل سيفرح بذلك.

مع تحسينِ الظن مع الاهتمامِ بالأدبِ واحترامِ الكبار نبدأ بما هو خير ونتذاكر فيما بينَنا ونُذاكر العلم في أنفسِنا ولغيرِنا، فلا تقول هو أكبر مني وكلّهم قد تعلّموا، ما يُدريك؟ لعل بعضَهم تعلّم ولعلّ بعضَهم لم يتعلم.

قال الشيخ رحمه الله “داخلَ البيوت وخارجَ البيوت في رحلةِ الحج وفي رحلةِ العمرة” يعني تكلّموا في التوحيد أينما وصلتُم.

كم وكم كنا نرى في أسفارِ الحجِّ والعمرة كبارًا من السنّ لا يُحسِنونَ العقيدة وهم لهم لِحًى كبيرة وطويلة لكنْ للأسف لم يتعلموا العقيدة لمْ يتمكّن الواحد منهم أنْ يُحصِّلَ الفرضَ العيني، فإذًا أنتَ إذا تكلّمتَ تكون نفَعْتَه لكنْ بالحكمةِ بالموعظةِ الحسَنة باللين باللطف بالحسنى.

قال صلى الله عليه وسلم [إنّ اللهَ يعطي على الرِّفقِ ما لا يُعطي على العنف] فإذًا بالتي هي أحسن تُعلِّم الكبار والصغار.

وكم رأينا في رحلةِ الحج والعمرة منْ أناسٍ عرب وعجم لم يتعلموا العقيدة بل في بعضِ المحاضرات حضرَ مشايخ ومَنْ يُعتبَرونَ زعماء أو كبار حملاتِ الحج وحضَروا معنا في محاضراتِنا والكثير منهم استفاد وصرنا على علاقة معهم، بل بعض هؤلاء عندَما رجَعوا إلى بلادِهم نحنُ لا زلنا إلى الآن على تواصل معهم في نشر العقيدة في الكتب على صفحات الموقع على النت في المحاضرات التي ينقلونَها إلى أتْباعِهم، هذا بسببِ الاحتكاكِ بالناس وبسببِ الخروجِ إلى الناس.

وأنا أحكي لك شيئًا حصلَ معي، مرةً كنا في مكة وكنا في فندق ضخم جدا جدا جدا يمكن فيه الآلاف من الزوار وكان عندي محاضرة في الباحة الكبيرة في الفندق وكان على الميكروفون، بعدما أنهيتُ جاء أحد الإخوة الذين هم من الحملة قال لي يوجد شيخ يحضُر في مدخل البناء وكان يستمع إلى المحاضرة يريد أنْ يتكلمَ معنا، أنا خرجتُ من القاعة واستقْبَلْتُه في البهو وجلستُ وإياه، عرّفَني بنفسِهِ هو منْ نيجيريا وهو شيخ وله مؤسسات ومعهد وله جمعية ولهم مدارس يُدرِّسونَ فيها قال أنا كنتُ أستمع إلى محاضرِتكَ ونحنُ أشاعرة لكنْ لا تصل إلينا كتب أهلِ السنةِ والجماعة إنما تصل إلينا كتب الوهابية المشبهة المجسمة وهنا في الموسم يعني في الحج يوزّعونَ على الناس فيَرجِعونَ إلى بلادِهم بكتبِ الوهابية بدلَ أنْ يرجِعوا بكتب الأشاعرة والماتريدية، ويقول نحنُ نريد التعاون معكم ونريد أنْ يكونَ التنسيق ونريد هذه الكتب.

أنا جلستُ معه ثم أعطيتُهُ العناوين والهواتف وبقينا على تواصل معه في مكة ثم بعدَما رجَعْنا إلى بيروت هيّأتُ له مجموعة ضخمة وكبيرة من كتبِ أهلِ السنةِ والجماعة ثم أرسلتُها إليهم في شحنِ المطار، بعد مدةٍ يُرسل لي على الإيميل فيديو يعمل احتفالًا ضخمًا حضرَ فيه مفاتي وقضاة ومشايخ وأساتذة معاهد قاضي البلد طلاب الثانويات، عمل احتفالًا وصوّر كلّ ذلك وهو يوزّع هذه الكتب التي هي كتب أهلِ السنةِ والجماعة على كلّ هؤلاء الناس ثم قال لنا عندي ثلاثمائة اسم للمشايخ الذين يريدونَ الكتب وما وصلَهم لكثرةِ الذين يأخذون، هيأنا مجوعة ثانية وهذا كلُّه موثّق عندَنا ومصوّر بالفيديوهات وبالإيميلات، ثم قال لي بعض أدعياء العلم منْ مشايخ الوهابية رجعَ إلى مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعة بكتابٍ أعطَيْتُهُ إياه، ذاك كان يدّعي العالِمية ويدّعي المشيخة وهو داعية لهم تراجعَ عن عقيدتِهم ورجَع إلى مذهبِ أهلِ السنة والجماعة.

ثم صوّرَ لي أيضًا في المعهد والجامعة والجمعية عندهم كيف أنّ الطلاب يردّدونَ رسالةَ شكرٍ جَماعية على ما أرسلْنا إليهم من كتبِ عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعة.

قد يقولُ البعض ما حاجتنا الآن لذكرِ هذه القصة؟ حاجتُنا كبيرة وعظيمة أردتُ أنْ أدلِّلَ بهذه القصة العظيمة على علاقةٍ في الحجِّ مع شيخ من نيجيريا كان مفتاحًا لبلدٍ كبير، كان مفتاحًا للخير بأنْ نشرَ عقيدةَ أهلِ السنةِ والجماعة.

 ثم هكذا مع غيرِه أيضًا فأنتَ لا تيأس ولا تتراجع ولا تقلْ هذا ماذا سيفعل لوحدِه بإفريقيا بنيجيريا، طلع بيدِه وعمل أكثر مني ومنك وطلع مفتاحًا للبلد ونشرَ عقيدةَ أهلِ السنةِ والجماعة

إذًا لا تتركوا الناس لو شخصًا واحدًا أنتم أقبِلوا إليه علّموهُ مكِّنوه في عقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعة لأنّ هذا الواحد قد يكونُ مفتاحًا لبلد.

وانظروا في أهلِ الضلال كيف أنهم مع كفرِهم وضلالِهم مع التشبيه والتجسيم مع كلّ الوقاحةِ التي فيهم لا يستحونَ منْ نشرِ كفرِهم ويُجاهرون بكلّ صفاقة على نشرِ كفرِهم وضلالِهم  بنشر التشبيه والتجسيم بدفعِ المال بإعطاءِ الكتب وغير ذلك.

إذًا يا إخواني ويا أخواتي في سفر الحج في سفر العمرة في سفر النزهة ذاهبٌ مثلًا إلى تركيا إلى مصر إلى إندونوسيا إلى ماليزيا إلى بلدٍ آخر حيثُ وصلْتَ كلّم الناس بالتوحيد، بالمطار تكلّم مع الناس بالتوحيد في الطائرة كلّم الناسَ بالتوحيد.

أنا أقول لكم في بعض الرحلات التي كنا فيها بعض الناس دخلوا في الإسلام. مرةً كنتُ في بلدٍ أعجمي بفضل الله تعالى في رحلة واحدة دخل ثلاث عشرة شخصًا في الإسلام، كانوا منْ غير المسلمين.

إذًا أينما وصلتم تكلموا بالتوحيد أينما قعدتم أينما وصلتم مع الكبار والصغار بيِّنوا للناس وعلّموا الناس أنّ اللهَ سبحانه وتعالى لا يشبه شيئًا من كلّ خلقِهِ وأنّ اللهَ ليس ضوءًا وليس كميةً لا صغيرة ولا وسط ولا كبيرة، كلّ شىء له كمية له حجم فهو محتاج إلى مَنْ جعلَهُ على هذه الكمية والاحتياجية تنافي الألوهية، كلّ شىء له حجم هو محتاج إلى مَنْ جعلَهُ على هذا الحجم والحجمُ مخلوق والمخلوقُ عاجز والعاجزُ لا يخلقُ شيئًا، اللهُ ربُّ العالمين ليس جسمًا بالمرة لي كميةً بالمرة ليس ضوءًا ليس صورةً ليس حجمًا ليس هيئةً ليس خَيالًا لا يسكن السماء ولا يجلس على العرش ليس في الفضاء كالهواء، فإذا قال لك المشبِّه فما معنى الآية الكريمة {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤]؟

هذه الآية {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] ليس معناها أنَّ اللهَ حلَّ في الأماكن وخالطَ الناس، تنزَّهَ الله، إنما فسّرَها علماءُ السلفِ والخلَف بأنّ اللهَ عالمٌ بنا أينما نكون مُطَّلِعٌ علينا أينما نكون لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

اللهُ يقول في القرآن الكريم {واللهُ بما تعملونَ خبير}[البقرة/٢٣٤] ويقول {وهو بكلِّ شىءٍ عليم}[البقرة/٢٩]

إذًا {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] يعني بعلمِهِ، هو مطّلِعٌ عليكم وهو لا تخفى عليه خافية، لا يتجدّد له علم لا، أنا يتجدد لي علم بعدَ أنْ لم يكن لأني مخلوق، أنا مخلوق علمي مخلوق فيتجدد علمي لأني مخلوق، أما الله أزلي أبدي وعلمُهُ أزلي أبدي فلا يتجدّد له علم لأنه لو تجدّدَ له علم لصارَ مُتَغيِّرًا والمُتغيّر يحتاج إلى مَنْ يغيِّرُهُ والاحتياجية تنافي الألوهية.

ثم منْ ناحيةٍ ثانية قبل أنْ يتجدَّد له علم كان جاهلًا به والجهلُ صفةُ نقص والنقصُ على اللهِ محال فيستحيل أنْ يكونَ الله تعالى تحدُثُ له صفة أو يتجدد له علم أو تحدُث له إرادة بعدَ أنْ لم تكن لأنّ هذا دليل الحدوث دليل التغير والله يقول في القرآن {فلا تضربوا لله الأمثال} [النحل/٧٤] يجبُ الاعتقاد بأنّ اللهَ تعالى علمُهُ علمٌ واحدٌ شاملٌ لكلِّ الأشياء لا يخفى عنه شىء في الأرض ولا في السماء.

{وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] يعني بعلمِهِ، مطّلِعٌ عليكم لا تخفى عليه خافية، وهذا إجماعُ المُفسّرين يعني السلف والخلَف كلّ علماء التفسير على هذا المعنى.

أما الذي يقول أو يعتقد بأنَّ اللهَ تعالى يحدثُ له علم شيئًا بعدَ شىء أو يتجدّد له علم شىءٌ بعدَ شىء هذا جعلَ اللهَ مثلَنا عاجزًا جاهلًا متغيرًا مخلوقًا وهذا لا يكونُ من المسلمين.

إذًا هذه الآية {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] يعني بعلمِه، عالمٌ بكم مُطّلِعٌ عليكم لا تخفى عليه خافية،

والله قال في القرآن {واللهُ بما تعملونَ خبير}[البقرة/٢٣٤] هذا معناه.

أما أنْ يكونَ الله كالهواء حالٌّ معنا وأنه مُخالطٌ لنا فهذه عقيدةُ الاتحاد عقيدةُ الزنادقة، أما عقيدة الأنبياء والأولياء والملائكة وكلّ المسلمين الله منزَّهٌ عن الحلولِ والاتحاد.

إذًا {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] ليس معناها كالهواء مُخالِطًا لنا أو حالًّا فينا أو حالًّا في الكعبة أو حالًّا في الأولياء أو حالًّا في الأشخاص أو حالًّا في الملائكة أو حالًّا في الأنبياء، مستحيل، هذا كفرٌ بشعٌ لأنّ الذي يقول بعقيدةِ الحلولِ والاتحادِ جعلَ اللهَ تعالى كالماء الذي حلَّ فيه السكر وامتزجَ فيه واختلط، الذي يقولُ بالحلولِ والاتحاد جعلَ اللهَ تعالى كالشاي الذي حلَّ فيه اللون واختلطَ فيه، جعلَ اللهَ كالطعام الذي حلّ     فيه الملح، وهذا كلّهُ شركٌ وكفرٌ وضلال.

القول بعقيدةِ الحلولِ والاتحاد زندقة وكفر بَواحٌ صُراح. ممّنْ نقلَ الإجماعَ على كفرِ مَنْ يقولُ بعقيدةِ الحلول والاتحاد مُلّا علي القاري ألّفَ كتابًا في هذه المسئلة “الردّ على أهلِ وحدةِ الوجود” وفيه نقلَ الإجماع على كفرِ منْ يقول بعقيدةِ الحلولِ والاتحاد.

والحافظ السيوطي أيضًا في كتابِه “الحاوي للفتاوى” نقلَ الإجماعَ على كفرِ مَنْ يقول بالحلولِ والاتحاد.

 قبل السيوطي وبعَده وحتى الحافظ ابن دقيق العيد والحافظ النووي وكثيرٌ من العلماء حفّاظ أفْتَوا ونصّوا على كفرِ مَنْ يقول بالحلول والاتحاد وهؤلاء الذين يقولون بالحلولِ والاتحاد بعضُهم يدّعي الطريقةَ والطريقة بريئة منه، دائمًا تذَكّر أنّ الطريقةَ وأهلَها خُدّامٌ للشريعة، كلُّ طريقةٍ خالفت الشريعة فهي زنْدَقة.

 سيّدُنا الإمام الغوثُ الرفاعي الكبير رضي الله عنه وأرضاه الذي كان آيةً في التواضع، آية في الرحمة بعباد الله والشفقة على عباد الله والذي كان أعلمَ أهلِ زمانِهِ بكتابِ اللهِ وسنةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم والذي كان بحرًا منْ بحورِ الشرعِ الشريف وارثًا أخلاقَ جدِّه المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي كان أفضلَ وليٍّ في عصرِهِ وكانَ أفضلَ علماء زمانِهِ رضي الله عنه يقول “مَن اعتقدَ أنه وصلَ إلى مرتبةٍ سقطَتْ عنه فيها الفرائض فهو كافر” وكان يقول بكفرِ مَنْ يقول بالكفرِ والاتحاد، وكان يقول عنهم زنادقة وأنه برىءٌ منهم.

فهذا مولانا الغوثُ الرفاعي كان يتبرأ ممنْ يقول بالحلولِ والاتحاد وهكذا مشايخ طريقتِه رضيَ اللهُ عنهم وأرضاهم كالإمام الرواس كأبي الهدى الصيادي كشيخِنا الهرري وكلّ السادة الرفاعية الأجِلّاء، بل كل علماء أهل السنة والجماعة، بل كلّ الأولياء وكل الصالحين كل الصادقين كل المسلمين يقولون إنَّ القولَ أو الاعتقاد بالحلول والاتحاد زندقةٌ وكفرٌ صُراحٌ بَواحٌ مُخرِجٌ من الدين والإسلام.

وهذه الآية الشريفة تُكذِّبُهم {لم يلِدْ ولمْ يولَدْ}[الإخلاص/٣] نفيٌ للماديةِ والانحلال، مع وجازةِ لفظِها فيها الرد على كل مَنْ يقول بالحلولِ والاتحاد وعلى كلّ مَنْ نسبَ لله الولد وعلى كلّ مَنْ نسبَ لله الزوجة

لاحظوا ما أعظمَ القرآن ما أفصحَ القرآن، انظروا إلى بلاغةِ القرآن إلى فصاحةِ القرآن إلى عظمةِ القرآن، انظروا إلى وَجازةِ لفظِ هذه الآية {لم يلد ولم يولَد}[الإخلاص/٣] ويُعطينا كلّ هذا المعنى الذي شرحْناه.

إذًا اللهُ منزَّهٌ عن الأبُوّة وعن البُنُوّة وعن الحلول وعن الاتحاد وعن الزوجية وعن الأخوة وعن الجسمية وعن الكمية وعن الكيفية وعن القعود وعن الجلوس وعن الحركة والسكون والاتصال والانفصال والتأثر والتطوّر واللذة والشعور والألم والإحساس والانفعالات والتأثرات، كل هذا مستحيلٌ على الله.

كل هذا من هذه الآية الكريمة {لم يلد ولم يولَد}]الإخلاص/٣]

فإذًا الآية الأولى و{وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] يعني بعلمِهِ، ليس فيها الحلول والاتحاد كما يقول الزنادقة الذين يتستّرونَ بالإسلام والإسلامُ منهم براء.

يجب الاعتقاد بأنّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى موجودٌ أزلًا وأبدًا لا كالموجودات، موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا  جهةٍ ولا مكان لأنه هو الذي خلقَ الأماكن، لأنه هو الذي أوْجَدَ العالم، فلو كان في مكان لو كان له حيِّز لكان مثلَنا لصار عاجزًا لصار كمخلوقاتِه، وهذا العالم العلوي والسفلي وكل ما فيه وُجِدَ بعد عدم لأنّ اللهَ تعالى قال في القرآنِ {الحمدُ لله ربّ العالمين} [الفاتحة/٢]

في هذه الآية مع أنها لفظٌ مُختصَر اللهُ يُثبِتُ وجودَ نفسِهِ وأنه موجودٌ بلا بداية باقٍ بلا نهاية وأنه لا يشبهُ شيئًا منْ خلقِهِ، ثم قال {ربّ العالمين}[الفاتحة/٢] وأثبتَ وجودَ العالم وأنه خالقٌ للعالم وأنه لا يشبهُ العالم بوجهٍ من الوجوه، لأنه لوْ أشبهَ العالم بوجهٍ واحدٍ لجازَ عليه أنْ يُشبِهَ العالم من كلّ الوجوه، وإذا أشبهَ العالم منْ وجهٍ فقد جازَ عليه الفناء لأنّ العالمَ يجوزُ عليه الفناء وهذا مستحيلٌ.

إذًا الله لا يشبهُ العالم ولا بوجهٍ من الوجوه لا بوجهٍ واحد ولا بعدّةِ وجوه. اللهُ تعالى منزّهٌ عن الجهاتِ منزّهٌ عن الأماكن، عن القعود والجلوس، منزّهٌ عن التحيّز في الفضاء أو في العرش أو في الجنة، منزّهٌ عنْ كلِّ ما كان منْ صفاتِ المخلوقين لأنه قال في القرآنِ الكريم {فلا تضربوا لله الأمثال} ]النحل/٧٤]

اللهُ تعالى هو الذي خلقَ هذا العالم وهذا الكون فلوْ كان يشبهُ شيئًا منْ هذا العالم ما كان خالقًا للعالم ولجازَ عليه ما يجوزُ على العالم.

نرجع إلى الآية الكريمة {وهو معكم أينما كنتم}[الحديد/٤] بيّنا ما معناها وأنها لا تعطي الحلول ولا تعطي الاتحاد، بل هؤلاء الذين يقولونَ إنّ اللهَ والعالم امتزجا اتّحَدا اختَلَطا وصارا شيئًا واحدًا هؤلاء أكفر من اليهود.

وقد ذكرتُ لكم عددًا من العلماء الذين نقلوا الإجماعَ على كفرِهم. ثم هؤلاء الذين يقولون إنّ اللهَ والعالمَ امتزجا واتّحَدا وصارا شيئًا واحدًا هؤلاء والعياذ بالله تعالى كأنهم يقولون كلّ جزء من هذا العالم صار جزءًا من الله لأنّ اللهَ حلّ فيه، وهذا لا يقولُهُ اليهودي.

رأيتُم لماذا قال العلماء إنّ عقيدةَ الحلولِ والاتّحاد أكفر منْ عقيدةِ اليهود؟ هؤلاء الذين يقولون الله اتّحدَ في العالم وفي الأولياء وفي البشر والأشخاص وفي الكعبة وفي أهلِ البيت والأئمة والأنبياء والملائكة، جعلوا كلّ فرد منْ أفرادِ العالم بزعمِهم إلهًا لأنهم قالوا إنّ الإلهَ حلّ فيه، وهذا منْ أصرحِ الصريحِ في الكفر.

ثم هؤلاء الذين يقولون بعقيدةِ الحلولِ والاتحاد ويقولونَ للشخص أنت الله وهذا الجدار الله هؤلاء من بشاعةِ عقيدتِهم وصلوا إلى اعتقاد أنّ اللهَ هو كلّ شىء من هذه المخلوقات وأنه على زعمِهم صار هذا الجدار وهذا الكرسي وهذا الخوان وهذا الشىء المُستقذَر عندما يقولون اللهُ جملةُ العالم، جعلوا كلَّ فرد منْ أفرادِ العالم هو الله وجعلوا العالم أجزاء من الله، بل وصل بعضُهم في الكفر والضلال إلى أنْ قال والعياذُ بالله تعالى يجب على المريد أنْ يعتقدَ في شيخِه أنّ اللهَ تجَلّى له في صورتِه وأنه هو المُتصَرِّف في حياتِهِ وموتِه.

هؤلاء يوجَد منهم في لبنان وفي سوريا وفي فلسطين والأردن، هؤلاء لا علاقةَ لهم بالإسلام، هؤلاء أشدُّ كفرًا من اليهود.

عقيدة الحلول والاتحاد عقيدةٌ كفرية لا علاقةَ للإسلامِ  بها ولا علاقةَ لمشايخِ الطرقِ بها. هذا الإمام الرواس رضي الله عنه وأرضاه كم له منْ عبارات وأبياتٍ شعرية ونصوصٍ صحيحة في التنزيه والتوحيد، وفي تنزيهِ اللهِ عن الحلول والاتحاد.

وهذا مولانا الغوث الباز الأشهب الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه وأرضاه وهكذا مولانا أبو مدين الغوث وهكذا المُكاشفي وهكذا شاه نقشَبند، وهكذا أبو الحسن الشاذلي وكل وليّ لله هو عدوّ مَنْ قال بالحلولِ والاتحاد.

مَنْ قال بالحلولِ والاتحاد ليس وليًّا بل هو عدوُّ الله، مَن قال بالحلولِ والاتحاد فهو منْ أولياءِ الشياطين وليس منْ أولياء الرحمن، الذي يقول بعقيدةِ الحلول والاتحاد هذا عدوُّ الله وعدوُّ الأنبياء، وارجعوا إلى الرسالة التي ذكرتُها لكم التي ألّفها ملّا علي القاري وانظروا ماذا يحكي عن بشاعاتِهم وعن عقائدِهم الكفرية المُخجِلة والمُخْزِية، ارجِعوا إلى ما ذكرهُ منْ فضائحِهم وكفرياتِهم العجيبة.

مؤرّخ حلب الشيخ محمد راغب الطباخ الحلبي في كتابِهِ “إعلام النبَلاء بتاريخِ حلب الشهباء” في المجلد الرابع في حرف العين في ترجمة علي نور الدين اليشرطي، ارجِعوا وانظروا ماذا يقول عن الحلولية الاتحادية، على أنّ الشيخ علي نور الدين برىءٌ منهم، والشيخ أبو الحسن الشاذلي قبلَه برىءٌ منهم، هو من كبارِ الأولياءِ رضي الله عنه.

وكذلك نعتقد في الشيخ علي نور الدين اليَشرُطي كان من الصالحين ومن أهلِ العلم وتبرّأَ منهم، لكن ارجِعوا إلى ما ذكرَه مؤرِّخ حلب وما حكى عن كفرياتِهم العجيبة والغريبة، بعض الألفاظ والعبارات أستحي أنْ أذكرَها، ارجِعوا إلى الكتاب وانظروا بأعيُنِكم.

وكتاب ملا علي القاري أيضًا مطبوعٌ وموجودٌ وانظروا ماذا يحكي فيه عن كفرياتِهم، يحكي عنْ بعضِهم  لعنةُ اللهِ عليهم عندَما سمِعَ نُباحَ الكلب قال لبيكَ ربي لبيك، أو قال سبحانَك، لأنه يعتقد بأنّ الكل هو الله، تنزّهَ الله، اللهُ يقول في القرآن {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤] اللهُ يقول {ليس كمثلِهِ شىء}[الشورى/١١] هكذا ينبغي أنْ يُحصَّنَ الكلّ بالتوحيد بالعقيدة بالتنزيه وهذا الأمر جاء به كل الأنبياء.

اللهُ يقول في القرآن الكريم –اسمعوا هذه الآية واحفظوها- { وما أرسلْنا مِنْ قبلِكَ مِنْ رسولٍ إلا نُوحِي إليه أنّهُ  لآ إلهَ إلآ أنا فاعْبُدون}[الأنبياء/٢٥] رأيتم أهميةَ التوحيد؟

هذه دعوةُ كلِّ الأنبياء، اللهُ يقول في القرآن {ولقد أرسَلْنا نوحًا إلى قومِهِ فقال يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكمْ منْ إلهٍ غيرُه}[الأعراف/٥٩]

روى البخاري ومالك في المُوطّأ أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال [أفضلُ ما قلتُ أنا والنبيّونَ منْ قبلي لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له] –هذه مع زيادة وحدَهُ لا شريكَ له في رواية مالك في الموطأ-

فإذًا هذه دعوةُ كلِّ الأنبياء إلى التوحيد إلى الإسلام إلى الإيمان لذلك يا إخواني ويا أخواتي لوْ نظرتُمْ في سيَر الأنبياء والأولياء كمْ تحمّلوا في سبيلِ هذه الدعوة.

هذا نبيُّ اللهِ زكريا عليه الصلاة والسلام نُشِرَ بالمنشار وهو حيّ –وهنا نتكلّم عن نبيّ عظيم- وهذا نبيُّ اللهِ يحيى ذُبِحَ بالسكين وهو حيّ ثم قُطِّعَ بالفأس، وهذا نبيُّ اللهِ نوح كان يُضرَب بالحجر أو بالعصا حتى تبلُغَ إلى عظامِه ومن شدةِ الألمِ يُغمى عليه فيُظَنّ فيه أنه مات فيُحمَل ويوضَع على بابِ بيتِه ثم إذا أفاق عاوَد الخروجَ إليهم، هو يُحسِنُ إليهم يُعلِّمُهم التوحيد الإسلام، يعلِّمُهم الإسلامَ ليدخلوا الجنة، يعاملونَه بالضرب بالشتم بالتآمرِ عليه أرادوا قتلَه وخنقَهُ ضربوهُ وهو يصلي لكن كان إذا أفاق يعاود الخروجَ إليهم يُحسن إليهم يدعوهم إلى التوحيد.

وهذا سيّد العالمين محمد صلى الله عليه وسلم أفضل خلقِ الله إمامُ الأنبياءِ والمرسلين ونحنُ نقترب منْ ذكرى مولِدِه الشريف المبارك الزكيّ العظيمِ الطاهر كم تحمّلَ في سبيلِ هذه الدعوة، كان يصلي عند الكعبة أرادوا خنقَهُ جاء أبو بكرٍ الصديق  رضي الله عنه وأرضاه صار يدفعُهُم عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقال أتقتلونَ رجلًا أنْ يقولَ ربيَ الله؟ يعني لأنه يدعوهم إلى توحيدِ اللهِ يعرفونَه بالصدقِ بالأمانة بالعفة بالنزاهة بالرزانة يعرفون عنه الأخلاق العالية ومكارم الأخلاق، إذًا ما الذي نقموه منه وعليه؟ لأنهم دعاهم إلى التوحيد لأنه دعاهم إلى الإسلام، كان يصلي عند الكعبة ألْقَوا على ظهرِهِ سلا جَذور جاءت السيدة فاطمة رضي الله عنها وجعلت تُنَحّي ذلك عن ظهرِ رسولِ الله وتبكي، وهو في السجود عند الكعبة وهو لا يحصُلُ منه إلا ما هو إحسانٌ إليهم، لا يحصلُ منه إلا ما هو من المكارم من الأخلاقِ  العظيمة من التحَمّل منَ الصبر منْ بذل المعروف من بذلِ الخير، يُحسِن إليهم ويُسيئونَ إليه.

انظروا كيف كان الأنبياء والأولياء والصلَحاء مع أقوامِهم في نشرِ التوحيد في نشرِ الإسلام، لذلك لا ينبغي أنْ تيأسوا ولا أنْ تمَلّوا ولا أنْ تقولوا صار لنا ربع قرن نتكلم في التوحيد، وهل المسلم يشبع من التوحيد؟ هل المسلم يسأم من التوحيد؟ هل المسلم يتضجّر من التوحيد؟ ألسْنا في كلّ يوم نسمع الأذان وفيه الشهادتين وهذا توحيد وعز ولذة وغذاءٌ وشرف وهكذا التوحيد التنزيه، ألسنا كلّ يومٍ نقرأ {قل هو اللهُ أحد}[الإخلاص/١] في الصلاة؟ وهذا توحيد، ألسنا كلّ يومٍ نقول اللهُ أكبر؟ وهذا توحيد.

مَنْ يسأم من التوحيدِ إلا الكافر؟ مَنْ يسأم منَ التوحيدِ إلا الملعون؟ مَن يتضجّر من التوحيد ويكره التوحيد إلا الكافر الفاجر الشيطان الملعون؟ التوحيدُ تعظيمٌ لربِّ العالمين، تقديس وتعظيمٌ وتمجيدٌ للخالق الكريم، أليس الله قال في القرآن {سبِّح اسمَ ربِّكَ الأعلى}[الأعلى/١] عظِّمْ قدِّسْ نزِّه باعِدْ ربَّك عمّا لا يليقُ به، نزِّه ذاتَ ربِّكَ عمّا  لا يليقُ به.

أليس قال سبحانه {سبحانَ الذي أسرى بعبدِه}[الإسراء/١]؟ السَّبحُ في اللغة التباعد يعني باعدْ ربَّك نزِّه ربَّك عمّا لا يليقُ به من الأجسام منْ صفاتِ الأجسام، من الأحجام من صفات الأحجام من الحركات من السكَنات من الاتصال من الانفصال من التغيّر التطوّر القعود الجلوس الكمية الحجم الجثة، كل هذا لا يجوز على الله، كل هذا اللهُ نزّهَ نفسَهُ عنه.

إذًا ينبغي أنْ تتمادَوا في نشر التوحيد وتعليم التوحيد في إيصالِ التوحيد للكبار والصغار ومَنْ قصَّرَ وقد لزِمَهُ وتعيَّنَ عليه فلْيبكِ على نفسِهِ، هذه لذةٌ شرفٌ أنْ ندعوَ إلى تعظيمِ الله، عزٌّ ومجدٌ لنا أنْ ندافعَ عن الله وعن توحيدِ الله وعن الإسلام والإيمان والقرآن والذي لا يُعجِبُهُ ذلك فليس من المسلمين، الذي لا يُعجبُه التوحيد هذا ليس من المسلمين.

 وردَ في الحديثِ الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم بعثَ مُعاذًا رضي الله عنه إلى اليمن، معاذ ابن جبل، وكان شابًّا ذكيًّا فهيمًا تقيًّا عالمًا ورِعًا زاهِدًا والرسولُ صلى الله عليه وسلم اختارَه قاضيًا على أهلِ اليمن وكان مجتهدًا رضي الله عنه