الثلاثاء أكتوبر 22, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (26)

                            بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا أبي القاسمِ طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه ومَنْ تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين

يقول الشيخ جميل حليم الحسيني حفظه الله تعالى وغفر له ولوالديه ومشايخِه

*وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا رأيتَ أمتي تهابُ أنْ تقولَ للظالم يا ظالم فقد توُدِّعَ  منهم] المعنى أنّ هذه الأمةَ إذا وصلوا إلى حالةٍ يهابونَ أنْ يقولوا للظالم يا ظالم فيتركونَ التحذيرَ منه وزجرَه في وجهِه فإنّ اللهَ يتخلّى عنهم أي يقطعُ نصرتَهُ عنهم ويَكِلُهم إلى أنفسِهم.

*وقال رضي الله عنه: المخلصونَ مخلصونَ أينما كانوا.

*وقال رضي الله عنه: التبرّعُ للجمعية لمكافحةِ الضلال أفضلُ من كثيرٍ من الفروض.

(مرادُه في مثلِ هذا مثلًا أناس قد يدخلون في الإسلام إنْ قدّمْنا لهم مساعدات، هذه المساعدة للجمعية لإدخالِ هؤلاء الناس في الإسلام هذا أوْلى ومُقَدَّمٌ على الذهابِ إلى العمرة على قولِ مَنْ قال إنها فرض، فإدخالُ الناس في الإسلام مُقَدَّمٌ على ذلك.

وعندنا من الأمثلة لأنّ من الناس مَنْ لا يفهم تعابير العلماء وقد يتكلم يقول انظروا يتركون الفرائض لأجل مساعدةِ الجمعية، نحن بيّنا هذا في بعض الفرائض وهذا كإدخال بعض الناس في الإسلام مثلًا.

وقد حصل من بعضِ إخواننا أنْ قدّموا مساعدةً بشىء من الطعام لعائلةٍ بأكملِها فدخلت في الإسلام، لو لم يكن هذا مُتيسّرًا لإخوانِنا كيف كانت تُسلم هذه العائلة؟ كيف كانت تدخل في الإسلام؟

وأنتم فكّروا إنقاذ هؤلاء البشر وإدخالُهم في الإسلام أعظم وأوْلى أم العمرة على قولِ مَنْ قال بأنها فرض؟ هؤلاء أوْلى، يُدخلُهم في الإسلام ثم عندما يتمكن يذهب لعمرةِ الفرض –إذا أخذ بقول أنها فرض- ونحن على القول بأنها فرض.

الإنسان الذي يعرف أحكام الشرع ويعرف تعابير وألفاظ العلماء يفهم المعنى أما الذي يريد التشويش والافتراء ومَنْ في قلبِه زيْغٌ وعِلل ومرض وفساد وفتن إذا سمع مثل هذه العبارة يقول للجهال رأيتم ماذا يقولون؟ مساعدة جمعيتهم أفضل من الفرائض.

قلنا مقدَّم لا أنك تترك الفرائض إنما هناك أولويات، يعني تعمل هذا الفرض ثم هذا الفرض، ليس معناه اتركوا الفرائض إنما تقدَّم الفرائض بحسب الأولويات).

 

 

                               علمُ الدينِ حياةُ الإسلام

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: فإنّ العلمَ حياةُ الإسلام، علمُ الدينِ حياةُ الإسلام ولنْ يهلكَ الناسُ ما دامَ علمُ الدينِ منتشرًا بينهم إنما يهلِكُ الناسُ إذا ذهبَ العلمُ منْ بينِهم أو قلّ مَنْ يعلَمُ علمَ الدين، عندئذٍ يعظُمُ الهلاك، فأهمُّ علمِ الدين التوحيد لأنّ التوحيدَ به يُعرَفُ الله، ليست العبرةُ بمجردِ القولِ باللسان لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله إنما العبرةُ بفهمِ المعنى، هذا أساسُ الدين.

(ما معنى “به يُعرَف الله”؟ عندما نقول المسلمُ يعرفُ الله معناه يعرف ما يجب لله وما يستحيل على الله، أما الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلمُ حقيقةَ ذاتِه، أما الإنسان المسلم الولي التقي الصالح حتى الأنبياء يعرفونَ ما يجب لله وما يستحيل على الله يعرفون أنّ اللهَ تعالى متّصف بصفات الكمال بالصفات التي تليقُ به وأنه منزهٌ عن كلّ صفاتِ النقصان، والوليُ مهما بلغَ في الولاية لا يعرف اللهَ على الحقيقة، لأنّ بعضَ الدجالين يقولون نحن نعرف اللهَ على الحقيقة، لا يعرفُ اللهَ على الحقيقة إلا الله.

عندما تقول هذا يعرف الله مسلم من أهل الحق من أهل الفهم والاعتقاد الصحيح، عندما تقول هذا الشيخ هذا الفقيه هذا المسلم يعرفُ الله يعني يعرف ما يجب لله وما يستحيل على الله.

وكلمة عارفٌ بالله أو يعرف الله ليست خاصةً بالأولياء، بعضُ الناس عندما يموت شيخ من مشايخ الطرق مثلًا يكتبون “الشيخ العارف بالله” يظنون أنّ كلمة العارف بالله خاصة بصفوة الأولياء، لا، كل مسلم يقال عنه يعرف اللهَ تعالى.

 ثم المسلم مهما بلغ في العلم ومهما تمكن به لا يصل إلى معرفةِ حقيقةِ ذاتِ الله تعالى.

قال سيدُنا الإمامُ الغوثُ السيدُ السند الرفاعي الكبير رضي الله عنه وأرضاه أبو العباس أبو صالح شيخُ العريجاء أبو العلمين رضي الله عنه ونفعنا ببركاتِه وأنظارِه وأمدادِه، قال “غايةُ المعرفةِ بالله الإيقان –يعني الاعتقاد الجازم- بوجودِه تعالى بلا كيفٍ ولا مكان”

معنى غاية يعني أقصى ما يَتوصّل إليه العارف أنْ يعتقدَ في الله التنزيه، أنه موجودٌ لا كالموجودات ليس جسدًا ليس جسمًا ليس شكلًا ليس صورةً ليس كيفيةً ليس كميةً ليس ضوءًا ليس ظلامًا ليس روحًا ليس ريحًا لا يسكن السماء لا يسكن على العرش ليس في الفضاء كالهواء، لا يشبهُ شيئًا من كل مخلوقاتِه، قال في القرآن {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤] هذه غاية ما يتوصّل إليها المسلم من المعرفة. فإذا سمعتم دجالًا يقول أنا أعرفُ اللهَ على الحقيقة وأعرف حقيقة ذاتِ الله اعرفوا أنه دجال، هذا سيدُنا الرفاعي يرد عليهم.

 إذًا معنى قول أنا أعرف الله أو أنت تعرف الله أو المسلم يعرف الله معناه يعرف ما يجب لله وما يستحيل على اللهِ تعالى، وهذا اللفظ “العارف بالله” ليس خاصةً بصفوةِ الأولياء أو بالأولياء كما يظن بعض الناس).

 

 

                                         فضل التعلّم

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: زادكم اللهُ حفظًا في الدين، علمُ الدين له منزلةٌ لمَنْ يتعلّمُه ولمَنْ يعلّمُه، الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذرٍّ رضي الله عنه [يا أبا ذر لَأنْ تغدوَ فتتعلّمَ آيةً من كتابِ الله خيرٌ لك مِنْ أنْ تصليَ مائةَ ركعة ولَأنْ تغدوَ فتتعلّمَ بابًا من العلم خيرٌ لك مِنْ أنْ تصليَ ألفَ ركعة] انظروا إلى فضل العلم.

الذي يذهب لتعلمِ بابِ الاستنجاء بابِ الوضوء الغسلِ من الجنابة الغسلِ من الحيض الغسلِ من النفاس أو معرفةِ الأذان أو معرفةِ الماء الطهورِ الذي يرفعُ الحدث ويُزيلُ النجَس بابِ التيمم بابِ شروطِ الصلاة بابِ مفسداتِ الصلاة بابِ صلاةِ الجنازة بابِ صلاةِ الكسوف بابِ الاعتكاف أو نحوِ ذلك من أبوابِ علمِ الدين، أي أيِّ صنفٍ من أصنافِ أحكام الشريعة مَنْ يذهبُ ليتَعلّمَها يكونُ له عند اللهِ ثوابٌ أعظمُ من ثوابِ ألفِ ركعة تطوّع أي غير الفرائض الخمس مع أنه لا يكلّفُه إلا وقتًا قصيرًا قد يأخذُه في ساعةٍ من نهار.

(هذا الحديث بعض الناس المتهتكين اللؤَماء الحاقدين سمعناه من بعض إخوانِنا المشايخ قال انظروا هؤلاء يزَهِّدونَ الناسَ في النوافل وفي صلاة السنن، هذا كأنه يقول الرسول يزَهّد الناس في صلاة السنن والنوافل، هذا الكلام ليس من عندِ شيخِنا الرسول هو الذي قال ذلك، وهذا الحديث  ليس معناه لا تصلّوا السنن ولا تُكثروا من السنن، ليس معناه لا تفعلوا السنن ولا تؤدّوا السنن ليس معناه لا تشتغلوا بالسنن، يُبيِّن أيُّ الأمريْنِ أفضل، مع كونِك تشتغل بالفرائض وبالعلم صلِّ السنن لكنْ الفرضُ أفضل من النفل هذا معنى الحديث وهذا ما قاله شيوخُنا وما أوردَه الشيخ رحمه الله، وليس معنى الحديث يا أيها الناس اتركوا السنن لا تصلّوا السنن اشتغلوا بمجلس علم واحد هذا أفضل لكم منْ ألفِ ركعة، هو أفضل من ألف ركعة لكنْ لا نقول لا تصلّوا السنن بل نقول صلوا السنن واعملوا السنن وأكثروا من السنن.

شيخُنا كان يصلي السنن إلى أنْ مات كنا أحيانًا نُمسِكُهُ واحدٌ من هنا وواحدٌ من هنا ليقوم فيصلي السنة فإذا عجز بعد ذلك عن القيام بمساعدتِنا جلس وأكملَ صلاةَ السنةِ جالسًا، هذا في صلاة السنة، ويصلي قيام الليل والتهجد وقيام  رمضان والنوافل والسنن الراتبة، وكان كثيرًا الذكرِ هذا هو حالُه ما رأيْناه قال اتركوا السنن، بل كان يقول لإخواننا وطلابِه في بيتِه مَنْ لا يصلي قيام رمضان فلْيذهبْ إلى بيتِ أهلِه لا يبيت في بيتي، كان يخرج من غرفتِه ينظر إلى مَنْ في الصالون ويقول: يا أهلَ العافية صلّوا السنة صلّوا قيام رمضان، يعني أيها الأصحاء يا مَنْ لا تشكونَ الأمراض يا مَنْ أنتم قادرون على القيام وعلى الصلاة.

وكان رضي الله عنه يستيقظ قبل الفجر للتهجد ويُوقظُ مَنْ حولَه، هذا الذي رأيناه عنده وهذا الذي تربّيْنا عليه عندَه ما يوم في حياتِنا ولا في حياتِه قال لا تصلّوا السنة، فلماذا هذا الكذب وهذا اللؤم والحقد والخبث والتشويش؟ حديثُ رسولِ الله يدعو الناس إلى ترك السنة؟ لا، حديث الرسول يشجّع على الفرض وعلى السنة لكنْ يقول لنا إنّ الفرضَ ثوابُه أكبر، الفرض مقدَّمٌ على السنة.

هذا معنى الحديث وإلا كيف يكون هذا ترغيبًا للناس بتركِ السنة؟ الرسول هو الذي قال هذا الكلام، الله عز وجل هو الذي قال هذا الكلام كما ورد في الحديث القدسي الذي رواه البخاري والطبراني [[وما تقرّبَ إليَّ عبدي بشىءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضْتُ عليه]] هذا الحديث القدسي يشرح معنى هذا الحديث النبوي، يعني هذا فرضٌ مؤكّد ثوابُه أكثر من السنن مع محافظتِكم على السنن مع مجيئِكم بالسنن مع مواظبتِكم على السنن، هذا الذي نقولُه فكيف يُنسَب إلى شيخِنا أو إلى مشايخِنا أنهم يُزَهِّدونَ الناسَ بتركِ صلاةِ السنة؟ لعنةُ اللهِ على مَنْ نسبَ إلينا ذلك وعلى مَن افترى علينا وقال نحن نزهّد الناس بترك  صلاة السنة، لا يخافون من الله مشبهة ومجسمة وبعض الحاقدين.

هذا الذي نقولُه نحن قال الله وقال الرسول، ثم هذا الإمام الشافعي إذا كنا نحن على زعمِكم بإيرادِنا بالحديث القدسي أو الحديث النبوي نزهّد الناس في صلاة السنة على زعمِكم المريض فماذا تقولون بقول الشافعي الذي قال “إنّ الاشتغالَ بطلبِ العلم أفضلُ من النوافل”

اذهبوا إلى القاهرة واضربوا رؤوسَكم بجدار قبرِه، وهذا تلميذُه الإمام أحمد يقول “إنّ الاشتغالَ بطلبِ العلمِ –يعني الزيادة عن الفرض العيني- هذا أفضل من الاشتغال بصلاة النافلة”

اذهبوا إلى قبر الإمام أحمد إلى بغداد ودسّوا رؤوسكم في تراب قبرِه هو الذي قال ذلك الشافعي قال ذلك الرسولُ قال ذلك اللهُ قال ذلك، فلماذا تكذِبونَ علينا؟ أينَ نحن قلنا للناس لا تصلّوا السنة؟

 أين قلنا للناس اتركوا صلاةَ السنة؟ نحن نعلّم الناس الأحكام هذا فرضٌ وهذا سنة والفرضُ ثوابُه أكثر من السنة وصلّوا السنة وحافظوا على السنة.

وأما معنى [[وما تقرّبَ إليّ]] يعني القرب المعنوي وهذا شرحناه في دروس ماضية لأنّ القرب بالمسافة مستحيلٌ على الله، لأنّ القرب بالمسافة والبعد بالمسافة وبالمساحة وبالمكان صفة الأجسام ولا تجوز على الله لأنّ اللهَ ليس جسمًا وليس له مكان فلا يوصَف بالقرب المكاني ولا بالبعد المكاني ولا الحسي ولا المسافي، الله منزهٌ عن كلِّ ذلك، إنما القرب المعنوي، اللهُ يحبُّ أولياءَه  راضٍ عنهم يُكرمُهم ينصرُهم ينتقم لهم من أعدائِهم، هذا معنى القرب المعنوي.

فإذًا احذروا هؤلاء الغشاشين الكذّابين المزوِّرين المُدلِّسين الذين يكذِبون على شيخِنا.

لماذا الكذب؟ لماذا الدجل؟ لتُلفتوا أنظارَ الناسِ إليكم؟ لكنْ بماذا تجيبونَ يومَ القيامة؟ ماذا ستقولون لربّكم يوم القيامة؟ هذا إنْ كنتم تصدّقون بوجود القيامة، تستحلّون الكذب علينا؟ {وقفوهم إنهم مسئولون}[الصافات/٢٤] {فوربِّكَ لنسألنّهم أجمعين* عمّا كانوا يعملون}[الحجر/٩٢-٩٣]

إذًا الحديث معناه صلاة الفرض أفضل من صلاة السنة وبعلم الدين تؤدّي الواجبات على الوجه الصحيح وتزداد من السنن، الفرض العيني ثوابُه أكثر من صلاة السنة، فنؤدي الفرائض نلتزم الفرائض بالعلم الصحيح لتكون صلاتنا صحيحة ونصلي السنن ونحافظ عليها، هذا معنى ما يقولُه شيخُنا وإخوانُنا المشايخ.

أحضِروا لنا تسجيلًا واحدًا أسمِعونا تسجيلًا واحدًا للشيخ فلان أو الشيخ فلان أو لشيخِنا أنه قال لا تصلّوا السنن أو قال اتركوا قيام رمضان أو التراويح مجلس علم يُغنيكم عن ذلك، لا يقولون هذا بل يقولون هذا ثوابُه أكثر،[[لأنْ تغدوَ فتتعلم بابًا من العلم خيرٌ لك منْ أنْ تصليَ ألف ركعة]] يعني من السنة.

نحن لنا مستند لكن هؤلاء نكِلُهم إلى الله عز وجل، هؤلاء صار الكذب والعياذ بالله تعالى مكتوبًا بين عيونِهم).

 

*وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: في سننِ أبي داود أنّ أبا سعيدٍ الخدري رضي الله عنه كان إذا جاءه طالبُ علمٍ يقولُ له “مرحبًا بوصيةِ رسولِ الله” صلى الله عليه وسلم.

(وهذا فيه حثٌّ للدعاة للمدرّسين لمشايخ أهل الحق أْنْ يستقبلوا طلبةَ العلم أنْ لا يردّوا الأبوابَ في وجوهِ طلبةِ العلم وأنْ لا يُغلقوا أبوابَهم على أنفسهِم وأنْ لا ينقطعوا عن الناس، هذا فيه حثٌّ ووصية من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لمن عندَه علم أنْ يستقبلَ طالب العلم، مرحبًا بوصيةِ رسول الله، الرسول أوصى أنْ يُكرموا طالبَ العلم ويستقبلوه أنْ يقَدّموا له العلم، بعض الدعاة والمشايخ للأسف يقصّرونَ في هذا، صار الأمرُ عندهم كأنه إتيكيت إداري الساعة الرابعة يكون في البيت ينزعُ خط التلفون على المكيف والتلفزيون وأتيكيت، هذا ليس من عادة الأولياء اخرجوا للناس افتحوا أبوابَكم لطلبةِ العلم اخرجوا للمساجد للمصليات، ليس “تكّس” وخذ المعاش آخر الشهر، ليس إتيكيت إدارية ودنيوية ليس مسبح وبحر ونهر وتنسى طلبة العلم الذين يحتاجون مَنْ يعلّمُهم الضروريات، هذا لا يليق.

نحن رأينا في الماضي كيف أكثر المشايخ تركوا المساجد وهربوا من بيروت وحكيتُ لكم كيف أنّ إخواننا استلموا المساجد وصاروا يدرّسون، وقلت لكم الشيخ نزار حلبي رحمه الله خطب في جامع عبد الناصر في كورنيش المزرعة تحت القصف اليهودي، أنا خطبت في مسجد البسطة التحتا وفي مسجد الحوري في الجامعة العربية وإخواننا انتشروا في مساجد بيروت، هذا في الاجتياح اليهودي، لماذا يقصّر بعض المشايخ؟ هل حصلت الكفاية هل علّمتم جيرانَكم؟ هل علّمتم أولادَكم؟ هل علّمتم أهلَكم؟ هل علّمتم مَنْ حولَكم؟ هل علّمتم كل مَنْ تجلسونَ معهم من رجال ونساء وكبار وصغار وأقرباء وغرُب؟ هل درّستم كل هؤلاء لتعيشوا عيشةَ الكسل وعيشة الهروب من الناس والبقاء في البيوت، لماذا؟

ما معنى مرحبًا بوصية رسولِ الله؟ إذا جاءك طالبُ علمٍ أكرِمه واستقبلْه وافتحْ له بابَ بيتِك، لماذا تنتقي الناسَ على هواك؟ هذا تحبّه تستقبلُه، هذا لا تعرفُه جيدًا وليس بينك وبينه مخالطة ومُصاحبة ومُعاشرة شخصية وعائلية ودنيوية لا تستقبلْه لماذا؟ أليس من المسلمين؟ أليس له حاجة؟ أليس له مسئلة؟ خفّفْ عنه اقضِ حاجتَه، الرسول صلى الله عليه وسلم قال [مَنْ فرّجَ عن مسلم كربةً من كربِ الدنيا فرّجَ اللهُ عنه كربةً من كرَبِ يوم القيامة]

ما أبشعها من خصلة أنْ ينحبسَ الدعاة والمشايخ عن طلبة العلم والفقراء والناس وأنْ يُعرضوا عن حاجاتِهم وأنْ يرموهم في الشوارع ويُسلِموهم في الضياعِ والجهل، ما أقبحَها من خصلة ولا تجعلوا مجالس العلم كأنها أسرار.

لماذا قال سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه “إذا صارت مجالسُ العلمِ سرًّا فذلك من علامات الساعة” اخرجوا للناس واستقبلوا الناس، عندما قصّر الكثير من المشايخ وتكاسلوا انتشر الجهل وعمّ وضاع الناس، أما لو كانوا بين الناس واستقبلوهم وخرجوا إليهم وعاشوا بينَهم ومعهم وخدموهم وعلّموهم لكان الحالُ أحسن لكان الضرر أقل، لكان الجهل أقل لكان الضياع أقل، لكن للأسف ماتت الهمم ماتت القلوب أكلَتْنا الدنيا وبلَعَتنا، غرقْنا في الدنيا وحبِّها صرنا نلتفت إلى راحة الجسد والضهرة والسهرة والكزدورة وشمة الهوا، صرنا نلتفت إلى ملذات بطونِنا، صرنا في صورة مشايخ لكنْ ممن غرقوا في الدنيا إلى فوق رؤوسِهم، هذا حالُ الأكثر إلا مَنْ سلّمه ربي وحفظه ونجاه ولا أقول الكل، لا بد من وجود الطيبين والخيّرين والمحسنين لكنْ أتكلم عن الحال الأغلب المحزِن المؤسف والعياذ بالله تعالى).

 

                                  لزومُ مجالسِ العلم

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: أوصيكم بلزومِ مجالس علمِ الدين، علم الدين هو الذي يعلّمُ حقوقَ اللهِ وحقوقَ الخلق، علمُ الدينِ يعلّمُ هذا فإذا علِمَ بما تعلّمه يكونُ من الناجينَ في القبر وفي الآخرة، الذي يتعلمُ علمَ الدين ثم يتّبعه ليس عليه نكدٌ لا في القبر ولا في الآخرة أما الذي لا يتعلم  هالك، يكونُ جاهلًا بخالقِه لا يعتقدُ أنّ اللهَ موجود لا يشبه شيئًا بل يعتقدُ أنّ اللهَ جسم يطلعُ وينزل ويقولون بذاتِه، هؤلاء الوهابيةُ ما عرفوا الله يظنونَه ينزلُ كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا هؤلاء يعبدونَ شيئًا لا وجودَ له، ما عرفوا خالقَهم.

(ومع وقاحتِهم في التشبيه والتجسيم وفي إنكار وجودِ الله وفي عبادتِهم لجسمٍ تخيّلوه فوق العرش لا وجودَ له كما قال الرازيُّ عنهم “عبَدة الأصنام يتخيّلونَ شيئًا فيعبدونَه”، مع كل هذه الوقاحات والبجاحات التي فيهم ماذا يفعلون بالمسلمين وبأهل السنة ولا سيّما بالعوام على الفيس بوك والمواقع النت؟ يقولون لهم أنتم تعبدون الأولياء كما كان مَنْ قبلَكم من المشركين يعبد نسرًا وسُواع ويَعوق، يقول هؤلاء عبدَهم الناس وكانوا أولياء صالحون، فهل تتجرأون أنْ تستغيثوا وتتوسلوا بهؤلاء الصالحين؟ هذا سؤالٌ مركّبٌ تمويهٌ لإخافةِ الناس ولجرِّهم إلى فساد المشبهة المجسمة.

 إذا قالوا لكم هذه الشبهة أنّ هؤلاء الصالحين جاء ناسٌ وعبدوهم فهل تستطيعون التوسل والاستغاثة بهؤلاء الرجال الصالحين لأّن من الناس المشركين مَنْ عبدَهم؟

الجواب أنْ تقولوا لهؤلاء الذي يكبّرونَ رؤوسَهم على الضعفاء وعلى العوام بهذا السؤال ليُرعبوا الناس ويجروهم إلى فتنتِهم، هذا ذنبُهم الجوال ألقى هذه الشبهة والآن بعضُ صغارِهم من بعدِه أخذ هذا السؤال وصار يُلقيه هنا وهناك، خذوا جوابًا سريعًا قولوا لهم الأشبه بالمشركين هو أنتم والأقرب للمشركين هو أنتم، كيف؟

هؤلاء المشركين الذين عبدوا هؤلاء الأولياء وهم أجسام مخلوقة والسنيُّ لا يعبد الأولياء ولا يعبد الأنبياء، أما أنتم عبدتم جسمًا تخيّلتموه حقيقيا قاعدًا حقيقةً على العرش بأعضاء وجوارح لا وجودَ له، فأنتم وافقتم هؤلاء المشركين الذين عبدوا الرجال الصالحين، هم عبدوا أجسامًا لأولياء أما أنتم عبدتم جسمًا تخيلتموه لا وجود له، يا خيْبتَكم، عبدتم جسمًا ركّبتموه من خيالِكم اعتقدتموه جالسًا فوق العرش بجوارح وأعضاء حقيقة بجلوسٍ حقيقي وعبدتم هذا الجسم ولا وجودَ له، وهؤلاء المشركين من أسلافِكم وأشباهكم عبدوا أولياء هم أجسام، فمن الأقرب إلى المشركين؟ أنتم، مَنْ على طريقة المشركين؟ أنتم، أما السني فلا يعبد الولي ولا النبي ولا يعبد جسمًا فوق العرش لا وجدَ له، بل المسلم السني يعبد الله الواحد الأحد الأزلي الأبدي الذي لا شبيه له ولا مثيل لا يشبه شيئًا من خلقِه لا يسكن العرش ولا الفضاء ولا السماء موجود أزلًا وأبدًا بلا مكان، فالسني أبعد عن الشرك وأنتم وقعتم في رؤوسكم على الشرك ووافقتم المشركين أسلافكم السابقين الذين عبدوا أجسامًا هم أولياء صلَحاء والأولياء بُرَءاء منهم ولا علاقة لهم بالمشركين كما أنه لا علاقةَ للإسلام بكم حيثُ تنتسبون للإسلام وتعبدونَ جسمًا، هذا جوابٌ أول.

الجوابُ الثاني، من الناس مَن يعبد الملائكة وهذا شرك، فالسني إذا استغاث بالملائكة ومدحَهم وأحبّ الملائكة هل يكون صار مشركًا كهؤلاء الذين يعبدون الملائكة؟ لا والله.

وهكذا المسلم إذا استغاث بالرجال الصالحين الذين عبَدهم الكفار لا يكون صار كافرًا كالكفار، كما أننا إنْ مدحْنا الملائكة لا نصير مشركين كعبدةِ الملائكة.

الجواب الثالث، تعرفون أنّ من الناس مَن يعبدُ عليًّا ومن الناس مَن يعبد عزيرًا ومن الناس مَنْ يعبد مريم ومن الناس مَن يعبد المسيح، فنحن إنْ مدحنا هؤلاء عيسى نبي رسول علي ولي مريم ولية عزير على قول نبي وعلى قول ولي، إنْ مدحْناهم وتوسّلْنا بهم على معنى السبب لا على معنى أنه يخلقونَ شيئًا إنما الله يخلق البركة، فإنْ مدَحناهم وتبرّكْنا بهم وتوسّلْنا بهم هل نكون صرنا عابدينَ لهم كالمشركين الذين يعبدونَهم؟ لا والله، والفرقُ كبير واسع شاسع أبعد من السماء عن الأرض لكنْ مَنْ لي بمَنْ لا يفهم ومَنْ لي بهؤلاء الذين شبّهوا المسلمين بالمشركين وهم وافقوهم في أصل الشرك وهو عبادة غير الله وأنتم أيها المشبهة عبدتم جسمًا لا وجودَ له فأنتم وقعتم في الشرك وليس السني المتوسل أو المستغيث بالأولياء).

 

*وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: الذي لا يتعلمُ علمَ الدين الذي لا يعلّمُه أبوهُ علمَ الدين ولا مدرستُه يكونُ مثلَ هؤلاء الوهابية يظنُّ أنّ اللهَ مستقرٌّ فوق العرش يظن أنه مسلم وأنّ له أجرًا وهو ليس له أجر لأنه ما عرف الله، لأنه لا يعبد الله وهو يعبدُ شيئًا تخيّله لا وجودَ له كالوهابية. بعض الناس غيرُ الوهابية يظنون أنّ اللهَ بصورة رجل يظنون أنّ المطرَ بولُه والعياذ بالله، هنا في البقاع رجل كبير قيل له اللهُ تعالى لا يشبه شيئًا (بالنسبة لمن يتابعون معنا في الكتاب من دول عدة وبعيدة قد لا يعرفون ما يعني في البقاع، يعني هنا في لبنان وهي محافظة لبنانية، فالشيخ رحمه الله يذكر هذا عن لبنان) قال هنا في البقاع رجلٌ كبير قيل له اللهُ تعالى موجودٌ لا يشبه شيئًا ليس ساكنًا في السماء موجودٌ بلا مكان فقال أليس ذكرًا من أين يأتي المطر؟ والعياذ بالله، على زعمِه المطر بولُ الله، جهلٌ كبيرٌ، الذي لا يتعلم علمَ الدين قد يظنّ أنه مسلم وهو كافر فيعرفُ نفسه عند الموت لما تأتي ملائكةُ العذاب فيُبَشَّرُ أنه كافرٌ فيعرف، مَنْ لا يتعلّمُ علمَ الدين قد يظنُّ أنّ اللهَ على العرش، أما مَنْ يتعلمُ الاعتقادَ الصحيح أنّ اللهَ موجودٌ ليس جسمًا بالمرة وتجنبَ الكفريات يكونُ مسلمًا مؤمنًا ثم إنْ مات إنْ كان مقصِّرًا في أداء الواجبات واجتناب المحرمات قد يغفرُ اللهُ له فيدخله الجنة.

أهمُّ أمورِ الدين هو معرفةُ الله، معرفةُ الله ليست بمجردِ قولِ لا إله إلا الله، معرفةُ الله اعتقاد أنّ اللهَ لا يشبهُ المخلوقات

(في قولِه رحمه الله “قد يظنُّ أنّ اللهَ على العرش مرادُه الذين يقولون إنّ اللهَ بذاتِه على العرش أو مسْتقرًّا أو قاعدًا أو جالسًا أو مُسامِتًا أو في هواء العرش أو ملامسًا للعرش، كلّ هؤلاء كذّبوا الله لأنّ الله قال {فلا تضربوا للهِ الأمثال}[النحل/٧٤] نصٌّ صريحٌ قال {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] قال {هل تعلمُ له سمِيًّا}[مريم/٦٥] قال {ولم يكن له كفُوًا أحد}[الاخلاص/٤] قال {وللهِ المثلُ الأعلى}[النحل/٦٠]

والرسولُ عليه الصلاة والسلام يقول [لا فكرةَ في الرب] يعني العقل لا يستطيع أنْ يتصوّرَ الله لأنّ اللهَ ليس جسمًا ليس غيمًا ليس خيالًا ليس حجمًا ليس جِرمًا ليس جارحةً ليس كيفيةً ليس كميةً فلا يُتصوَّرُ في العقل ولا في القلب ولا في البال، لذلك قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم [لا فكرةَ في الرب] رواه الحافظ السيوطي جلال الدين بن أبي بكر عبد الرحمن الفقيه المفسّر اللغوي الشافعي المشهور في كتابِه الدرّ المنثور، هذا كتابٌ في التفسير فيه روى الحافظ السيوطي هذا الحديث. وراه أيضًا الإمام الشيخ العلّامة أبو القاسم الأنصاري في كتابِه شرح الإرشاد، كتاب الإرشاد  هو لإمام الحرمين لعبد الملِك أبي المعالي الجويني رضي الله عنه، ولُقِّبَ بإمام الحرمين لأنه مكثَ مدةً هناك بين مكة والمدينة وانتفعَ به الخَلق واستفادَت البلاد والوافدين، فانتفع الناسُ بعلمِه وانتشر علمُه فلُقِّبَ بإمام الحرمين رحمه الله رحمة واسعة.

أما شرح الإرشاد وهو كتابٌ كبيرٌ ضخمٌ فيه يروي أبو القاسم الأنصاري هذا الحديث في شرحه على الإرشاد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [لا فكرةَ في الرب].

هذا الحديث من العبارات السهلة الخفيفة لكنْ معانيها واسعة وفيه تحصينٌ للناس ليعرفوا ويفهموا أنّ اللهَ لا يُتصوَّر في البال لأنه لا حجم ولا كميةَ له لا مكان له منزهٌ عن القعود والجلوس والتغيّر والتطوّر والإحساس والشعور واللذة والألم والانفعال، كل هذا لا يجوز على الله لأنه الخالق والخالقُ لا يشبه المخلوق).

 

*وقال رضي الله عنه: علمُ الدينِ هو حياةُ القلوب، بدونِ علمِ الدين لا حياةَ للقلوب.

(هذا يريد به التعبير المعنوي لأنّ القلبَ إذا كان معنويًّا ميت قسى بالجهل بالفساد بالزيغ بالضلال لم يتعلم الدين لم يعرف الدين لم يعرف حقوق الله فأيُّ فائدةٍ في هذا القلب؟

ثم أصلًا الإنسان مهما بلغَ حجمُهُ وطولُهُ وعرضُه مع أنه بذراعِ نفسِه هو أربعة أذرع وبذراع نفسهِ عرضُه ذراعٌ واحد، ومهما تقدّمَتْ بطنُه أمامه ومهما كثُرَت أموالُه ومهما أخذ شهرةً وسُمعةً في الدنيا، ومهما تبوّأَ في المناصب ومهما تقلَّبَ في المراكز ومهما ضُربَت به الأمثالُ في إكرامِه واستقبالِه في الدول والصالونات الدولية بدون الإيمان والتوحيدِ والإسلام لا يساوي بصلة)

وقال رضي الله عنه: ملازمة مجالس العلم حضورُ مجالس العلم أوصي الرجالَ والنساء بلزومِ مجالسِ العلم، علمُ الدينِ حياةُ الإسلام فابذلوا جهودَكم على ملازمةِ مجالس دروس العلم.

 

                                أهميةُ علمِ الدين

*قال الإمام الهرري رضي الله عنه: الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدِ المرسلين وعلى آلِه الطيبين الطاهرين

أما بعد، فقد قال الإمامُ البخاري “باب العلمِ قبل القولِ والعمل”، قال اللهُ تعالى {فاعلمْ أنه لآ إله إلا الله واستغفرْ لذنبِكَ وللمؤمنينَ والمؤمنات}[محمد/١٩]

اللهُ تعالى بدأ بذكرِ العلمِ قبل العمل لأنّ الاستغفارَ عملٌ لساني أما العلمُ فهو عملٌ قلبيّ وذلك لأنه لا يُقبَلُ عملٌ إلا بعلم لأنّ العلمَ بالله ورسولِه وبأمورِ دينِه هذا أساسُ الدين وأهمُّ منْ ذلك العلمُ بالله أي معرفتُه كما يجب والعلمُ برسولِه أي الإيمانُ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ثم العلمُ بأمورِ دينِ الله أي الحلالِ والحرام.

الإنسانُ يومَ القيامةِ يُسألُ عن أربعةِ أشياء يُسألُ فيمَا أفنى عمرَه وفيما أبلى جسدَه ومن أينَ أخذ المالَ وفيما أنفقَه وعن علمِه ماذا عملَ به.

الإنسانُ يُسألُ عن أمرين هل تعلّمَ أمورَ الدين وعملَ به أي أدّى ما فرضَ الله كما تعلّم واجتنبَ ما حرّم الله، هذا أعلى الدرجات في الآخرة، وأما مَن تعلّم ما فرض اللهُ من علمِ الدين ولم يعمل به فعليه مؤاخذةٌ لأنه ما عمل أي ما تجنبَ كلّ المعاصي التي تعلّم أنها معصية، أو أخلَّ ببعضِ الفرائض، هذا يؤاخَذُ لأنه لم يعمل، أما الذي لم يتعلم فهو يُؤاخَذُ لأمرين لتركِه تعلّمِ علمِ الدين الذي هو فرضٌ على كل شخصٍ بالغ ولعدم العمل على وفقِ الشريعة لأمرينِ يُسأل، فالعلُم أي علمُ ما فرضَ اللهُ تعالى من أمرِ الدين ينفعُ مَنْ عملَ به ولمنْ لم يعمل به من جهتِه، أما الذي لم يتعلم فهو عليه مسؤوليتان لمَ لم تتعلم ولم لم تعمل على حسبِ شريعةِ الله، لأنّ الذي يعملُ من دونِ علم لا يعرفُ العملَ الصحيح من العمل الفاسد لا يعرفُ الصلاةَ الصحيحةَ من الصلاة الفاسدة ولا الزكاة، زكاتُه صحيحةٌ أم لا لا يعرف ولو حجّ كذلك لا يعرف حجُّه صحيحٌ أم لا، فخطرُ الجهلِ أشد.

(هنا في العبارات الأخيرة هو نفسُه رحمه الله ورضي عنه قال عبارة موافقة لهذا ومهمة جدا “مَن لم يتعلم ما فرض اللهُ عليه من أمورِ الدين فإنه لا يضمنُ صحةَ صلاتِه ولا صحةَ صيامِه ولا صحةَ زكاتِه ولا صحةَ عباداتِه وهو على خطرٍ من أمرِ دينِه”

لذلك قال بعض علماء السلف “مَنْ عملَ بلا علم كان ما يُفسِدُه أكثر مما يُصلِحُه” لأنّ الجاهل يأتي يريد أنْ يُصلح بزعمِه فيُفسد، يأتي يريد أنْ يُحسن فيُسىء، يأتي يريد أنْ يتعبّد بزعمِه فيعصي، يأتي يريد أنْ يبني فيهدم، هذا بسبب الجهل.

لذلك الحذر الحذر من الجهل، الجهل يوصلُ الإنسانَ أحيانًا إلى الكفر. لذلك قال العلماء إنّ الذي لا يتعلم ما فرض اللهُ عليه من علم الدين الضروري هو أحدُ اثنيْن إما كافر وإما فاسق.

يعني لا نقول دائمًا هو كافر لأنه قد يكون مع جهلِه مع فسقِه لم يقع في الكفر لم يحصل منه لا اعتقاد ولا فعل ولا قول كفر، فهذا لا يقال عنه كافر ولا يُكفَّر، مسلمٌ عاصٍ فاسق، لكنْ بسبب الجهل كثيرًا من الناس مَنْ ينزلقون إلى الكفر ينجرفون يقعون في الكفر بسبب الجهل، فمَن لم يصل منهم إلى حد الكفر فهو فاسق، هذا الذي لم يتعلم، يعني قد يصل إلى الكفر فيكون من الهالكين وإنْ مات على ذلك خُلِّدَ في جهنم أما إنْ تدارك نفسَه وعرف الإسلام واعتقد الصواب وترك الكفر وتشهّد ليرجع للإسلام صار مسلمًا أنقذ نفسَه، ومن لم يتعلم ولم يعرف ذلك ومات على الكفر فهو حطب جهنم إلى أبد الآبدين.

ومَن لم يصل إلى هذه الحالة بل بقي على الإسلام مع جهلِه يتخبّط فهذا مسلم عاصٍ لا نُكفِّرُه.

انظروا إلى خطورة الجهل، الجاهل يقتلُه الجهل كما يفعل السم بمن يشربُه.

والحمد لله رب العالمين