الأربعاء ديسمبر 11, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (15)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيّدِنا أبي القاسمِ طه الأمين وعلى آلِ بيتِه وصحابتِه ومَنْ تبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين

أما بعد، يقول جامعُ هذا الكتاب المبارك الشيخ عماد الدين جميل حليم حفظه الله تبارك وتعالى

(صحيفة 127)

 

حديث [إنّ اللهَ كتبَ على ابنِ آدمَ حظَّهُ منَ الزنا]

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: في الحديث الصحيح [إنّ اللهَ كتبَ على ابنِ آدمَ حظّهُ منَ الزنا أدركَ ذلك لا مَحالة فزنا العينِ النظر وزنا اليدِ البطش وزنا الرِّجلِ الخُطى وزنا اللسان المنطق والنفسُ تَمَنّى وتشتهي والفرجُ يُصدِّقُ ذلك أو يُكذِّبُهُ]

(هنا في قولِه عليه الصلاة والسلام [وزنا اليد البطشُ] هذا ليس خاصًّا فقط كما يظنّ البعض بكلمة البطش يعني الضرب، إنما في اللغة يُقال البطش للأخذ باليد يعني بمعنى مصافحة المرأة التي لا تحلُّ له، هذا يقال له البطش في اللغة يعني أخذ بيدِها، وهذا ممّا حرّمَه الله، ممّا حرّمَهُ الشرع، ممّا حرّمه الرسولُ صلى الله عليه وسلم لأنّ من الناس مِنْ أدعياء العلم على زعمِهم يقولون يجوز للرجلِ أنْ يصافحَ المرأة الأجنبية إذا كان بغيرِ قصدٍ خبيث، والمراد بالأجنبية شرحْناه قبل الآن يعني غير المحَرم، ويقول العلماء هنا الأجنبية يعني التي يجوزُ له أنْ يتزوّجَها أو هي ليست محرَمًا له.

فالرجل لا يجوزُ له أنْ يصافحَ هذه المصافحة المحرّمة مع هذه المرأة الغريبة أو مثلًا مع جارتِهم أو مع ابنةِ خالتِه أو ابنة عمِّه أو ما شابه، هذه المصافحة حرام ولو لم تكنْ بقصدٍ خبيث ولو لم تكنْ بنيةِ أنْ يصل إلى الزنا، مجرد هذه المصافحة، هي لا تحلّ له لا زوجة ولا محرَم ولا أمة وهي حرامٌ عليه فصافحَها عليه معصية ولو لم يكنْ بقصدِ الزنا، لو لم يكنْ بقصدِ الفجورِ بها، هذه المصافحة حرام.

قال [وزنا اليد البطش] هذا تأكيدٌ من الرسولِ صلى الله عليه وسلم على معصيةِ اليد، والرسولُ عليه الصلاة والسلام هو قال [إنّي لا أصافحُ النساء]

بعض الأفراد ممّن يدّعونَ العلم والمشيخة واحد منهم في التلفزيون وهو يسمى على زعمِهم علّامة أو دكتور أو فقيه ولو شهرة يَمُدّ يدَه علنًا يصافح اللواتي لا يجوز له أنْ يُصافحَهنّ.

ومرةً سُئلَ في التلفزيون قال “عاوزني أكسِفْها”؟ أعوذ بالله العظيم انظروا إلى هذا الجواب الساقط، هذا جواب إنسان عالم فقيه بزعمِهم؟  هذا إنسان يخاف الله يجيب بهذا الجواب؟

إذا قالت لك إنْ لم تمشِ معي إلى ما هو أشد منْ ذلك أنا أنزعج أنا أتضايق ويحصل لي كرب وغم وهم وبلاء، ما هذا الكلام؟ هذه سخافةُ عقل.

هذا الرجل وبعض أدعياء المشيخة غيره أيضًا لهم صور في  بعض المواقع يصافحونَ النساء اللواتي لا هنّ محرَم ولا زوجات ولا إماء لهم.

فإذًا هذه مصافحة محرّمة، والرسولُ صلى الله عليه وسلم هو قال [لَأْنْ يُطعَنَ أحدُكم بحديدةٍ في رأسِهِ خيرٌ له مِنْ أنْ يمَسَّ امرأةً لا تحلُّ له] هذا معناه لو عُوقِبَ في الدنيا بهذه البليّة يعني وقعَتْ عليه حديدة أصابتْه فشُجَّ رأسُهُ هذا أهون مِنْ أنْ يمُدَّ يدَه إلى المعصية، مِنْ أنْ يصافحَ مصافحةً محرّمة، لذلك بعض السفهاء من بعض أدعياء العمل الإسلامي أو أنهم حزبٌ إسلامي يقولون يجوز لرجل أنْ يصافحَ المرأة الأجنبية كيف ما كان إذا كان للتوديع أو للقدومِ من السفر، هؤلاء لهم وجود في لبنان وفي سوريا والأردن وفي إنكلترا وفي بعض البلاد يُسمّونَ أنفسَهم على زعمِهم حزب الفلاني الإسلامي.

هؤلاء يُعارِضونَ الشريعة ويُعارضون الرسول صلى الله عليه وسلم. فإذًا الإنسان ليَنتبه الحرام حرام، الذي حرّمَه الله هذا حرام لا يُنظَر فيه إلى فلان وعلّان.

ثم بعض الدجاجلة يقولون في المذهب الحنفي يجوز، كذَبوا المذهب الحنفي لا يُجيزُ ذلك إلا أنّ مسئلة المذهب الحنفي فيما يتعلق بنقْضِ الوضوء لكنّ هذه المصافحة وهذا اللمس هذا المس حرامٌ عندهم، أبو حنيفة لا يُحلُّه لا يُجيزُه حاشاه، لكنْ عندَه لا ينقضُ الوضوء لو كان معصيةً لا يقول حلال.

هؤلاء الشياطين وبعض مَنْ يلبَسونَ العمائم يُلصِقونَ بأبي حنيفة ما هو برىءٌ منه، يُلصِقونَ بالمذهب الحنفي ما هو برىءٌ منه.

فإذًا انتبهوا بعض أدعياء المشيخة أو العلم إذا عجزَ عن قضية يؤلف منْ عندِه ويقول هذا في المذهب الحنفي والمذهب الحنفي برىءٌ منْ ذلك.

بعض الناس اليوم يكذبون ويكذبون ويكذبون ثم يقولون في المذهب الحنفي، المذهب الحنفي برىءٌ منهم وأبو حنيفة برىءٌ من هذا الافتراء ومن هذا الكذب، فهذه المصافحة حرام في المذاهب الأربعة وبوجود النصوص الحديثية وهي مسئلة إجماعية إلا أنّ الخلاف هل ينقض الوضوء أم لا ينقض الوضوء مع كونِه معصية عند الكل، انتبهوا  لذلك ونبِّهوا غيرَكم.

ثم بعض الناس يقول هذه نشأتُ أنا وهي هذه ابنةُ خالتي هذه ابنة عمي، ولو كان هي حرام عليك ليس لك أنْ تُصافحَها وأحيانًا يُقبّل مع الضم ويقول نحن نشأنا في بناء واحد أو تربَّيْنا مع بعضِنا منْ صغرِنا، كل هذا لا عبرةَ به.

أحيانًا الإنسان قد ينظر نظرةً محرّمة والعياذُ باللهِ تعالى وهي منْ قريباتِه المقرَّبات وأحيانًا أكثر منْ ذلك وأنتم تسمعون اليوم ماذا يحصل منْ جرائم وفساد ومنكرات في مسئلة الخلوة بالأجنبيات ومسئلة المصافحة واللمس والتقبيل وما شابه ثم أحيانًا هذا يجرّهم إلى الزنا والعياذ بالله تعالى.

فإذًا الرسول سمّى هذه المصافحة بزنا اليد قال [وزنا اليد البطش] كذلك إذا استعملَ الإنسانُ يدَه في ظلمِ مسلم ضربَه أخذ له مالَه هذا حرام لكنْ في هذا الموضع ما يؤخَذ باليد في اللغة يقال له البطش، يعني ما تعمله اليد من الأخذ باليد يُقال هذا بطشَ بيدِه.

مهم أنْ يُتنبَّهَ لذلك لأجلِ أنْ لا يَروجَ الجهل على الناس بدعوى أنه قالَه الشيخ فلان أو الذي يطلُع في التلفزيون أو على زعمِهم الدكتور أو العلّامة لا، الرسول منعَ ذلك وحرّمَه [لأنْ يُطعَنَ أحدُكم بحديدةٍ في رأسهِ خيرٌ له مِنْ أنْ يمَسّ امرأةً لا تَحلُّ له]

وهذه السيدة عائشة رضي الله عنها تقول إنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم ما مسَّ يدَ امرأةٍ إلا امرأةً تحلُّ له، ما كان يصافح، بعض الدجالين يقول نعم هو لنفسِه لا يصافح لكنْ للأمة يجوز، وهذا كذبٌ وافتراء أيضًا، لا له ولا للأمة الرسولُ حرّم علينا ذلك فانتبهوا من الدجاجلة الذين يُبيحونَ هذه الخلوة المحرمة ويُبيحونَ المصافحة المحرّمة ثم يقولون في المذهب الحنفي.

الله مُقسِّم الأفهام كما أنه هو مقسِّم الأرزاق والآجال سبحانه وتعالى).

يقول الإمام: معنى الحديث أنّ منْ معاصي العين النظرَ إلى الأجنبياتِ بشهوة أي بتلذذ، وكذلك اللمسُ بلا حائل لو كان بلا تلذذٍ حرام، أما بحائل فلا يحرُم إلا إذا كان الشخصُ بنيّتِه أنْ يتلذّذَ. وكذلك اللمسُ بلا حائل أو بحائلٍ مع نية التلذذ إذا كان للتلذذِ فهو زنا اليد فإذا لم يكنْ للتلذذِ فهو معصيةٌ من المعاصي، أي مع كونِه بلا حائل.

(هنا ينبغي أنْ يُتَنبَّهَ أنّ اللمسَ المس والمصافحة لو كان بحائل وكان بشهوة حرام، مثلًا كأنْ كانت تلبَس القفازات صافحَها لكنْ بشهوة هذا حرام لو مع القفازات، أو لمسَها مثلًا من فوقِ شىء كما يحصل في المستشفيات أحيانًا، تكون المريضة امرأة والمُعالج طبيب أو مساعد طبيب لو كان من فوقِ الحائل الذي عليها إنْ كان لمسَها بشهوة حرام، أما إنْ كان لمسَها بدونِ حائل هذا حرام ولو كان بغير شهوة، يعني لمسَها الجلد على الجلد بدون حائل هذا حرام  لا يجوز لو كان بغير شهوة، أم إنْ كان بحائل وبشهوة فهو حرام أيضًا.

متى قال العلماء لا يكونُ حرامًا؟ إنْ كان بحائل وكان بغير شهوة بالمرة مثلًا في المستشفيات أحيانًا يكون الطبيب يلبس القفاز ثم يُمسك يد امرأة مريضة يُعالجُها مثلا يعمل لها عملية وهو يلبس قفازات وبغير شهوة بالمرة هذا ليس عليه معصية)

 

قال الإمام: وهي معصيةٌ متفقٌ على تحريمِها، [وزنا الرِّجل الخُطى] المشيُ إذا مشى بنيةِ أنْ يستمتعَ بامرأةٍ أجنبيةٍ هذا المشيُ زنا الرِّجل.

(وليس شرطًا أنْ يصل إلى الزنا، يعني هو خرجَ مشى ذاهبًا للزنا هذا المشي حرام ليس ما قال بعضُ الفجَرة الذين يكذِّبون الدين قال المحرّم فقط أنْ يصل إلى عين الفجور إلى الزنا أما هذا المشي وهذه الحركات والخروج إلى الزنا قالوا ليس حرامًا، هؤلاء كذّبوا الرسول صلى الله عليه وسلم [وزنا الرِّجل الخُطى] يعني إلى الحرام إلى المعصية، ثم هؤلاء يقولون إذا خرج للفجورِ بغلام الفجور بعينِه هو المحرّم أما هذه المقدّمات لا تكون حرامًا، على زعمِهم، هؤلاء أهلكوا أنفسَهم كذّبوا الشريعة استحلّوا ما حرّم الله.

والمشي المحرّم له صوَرٌ عديدة  ليس فقط إلى الزنا أو إلى الفجور بغلام لا ليس هذا فقط، هذا من المحرّمات لكنْ هناك صورٌ كثيرة منها أنْ يخرجَ للسرقة، هذا المشي حرام أو خرجَ إلى مكانٍ ليضرِبَ مسلمًا ليَعتديَ على الناس على المسلمينَ ظلمًا وعُدوانًا، هذا المشي محرَّم، أو مشى هاربًا منْ واجب كالنفقة الواجبة على زوجتِه وأولادِه الذين دونَ البلوغ، هذا هروبُه في معصية، أو مثلًا خرجَ ماشيًا إلى مكانٍ قريبٍ أو بعيدٍ ليَشربَ الخمر هذا أيضًا مشى في معصية.

إذًا الرسول عليه الصلاة والسلام قال [وزنا الرِّجل الخُطى] فلْيُتَنَبّه لذلك، وليس فقط عين الفعل بل الفعل حرام وهذه المقدّمات أيضًا حرام يعني الخروج إليها المشي إليها هذا مشيٌ في معصيةِ الله حرام لا يجوز).

 

قال الإمام: [وزنا اللسانِ المَنطق] زنا اللسان النطق بالتحدّث مع أجنبيةٍ للتلذذِ بالحديثِ معها، هذا زنا اللسان. أما قولُه عليه السلام [والنفسُ تَمَنّى وتشتهي معناه أنْ يتصوّرَ الشخصُ قصدَه بأنْ يتلذذَ بأجنبية، هذا زنا النفس وكلُّ هذا صغائر من الذنوب الصغيرة أيةُ حسنةٍ تمحوها قولُ سبحان الله أو قولُ الحمد لله أو قولُ الله أكبر أو قول لا إله إلا الله أو قولُ أستغفرُ الله، أيُّ ذكرٍ أيُّ آيةٍ حسنةٍ من الحسنات تمحُها. وقولُه عليه الصلاة والسلام [والفرجُ يكذّبُ ذلك أو يُكذّبُه] معناه أنّ الزنا الحقيقيَّ زنا الفرج، أما إذا لم يحصل زنا الفرج فتلكَ مُقدِّمات، والحمد لله أنّ تلكَ المقدّمات التي ذُكِرَت في الحديث لم تكن كبيرة بل تذهبُ بالوضوء الشرعي ليس أيُّ وضوءٍ يمحوها بل الوضوءُ الشرعي، الشرعي هو الذي تكونُ معه النيةُ لوجهِ الله يقول في قلبِهِ أتوضأُ تقرُّبًا إلى الله لأنّ الله أمرَ بالوضوء، يغسلُ وجهَه ثلاثَ مرات أو مرةً أو مرّتين – أي لعذر – ويغسلُ يديه ويمسحُ رأسَهُ كلَّ الرأس ويغسلُ رجليْه مع الدلكِ في الجميع، ويُسمّي في الابْتداءِ بسم الله، هذا معنى قولِ الرسولِ عليه الصلاة والسلام [إذا توضأَ المسلم فأحسنَ وضوءَه] ولم يتكلّم في أثناءِ الوضوءِ إلا بخيرٍ لا يتكلمُ باللغو، هذا الوضوء هو الذي يُخرجُ الخطايا خطايا اليد والرأسِ والرِّجل، الحمدُ لله على فضلِ الله.

 

(هنا فوائد عظيمة جمعَت أحكامًا عديدة:

أولًا: ذكرْتُ فيما مضى أنّ الإنسانَ لا يتركُ نفسَه بلا توبة إنْ كانت حصلَتْ منه معصية صغيرة أو كبيرة، يعني إنْ كان نظرَ نظرةً محرّمةً هي محرّمة  لكنْ ليست بحُكمِ الزنا الحقيقي، الزنا الحقيقي هو الكبيرة، وهذه النظرة المحرّمة هي زنا العين وهي معصية وهي مقدّمةٌ للزنا الحقيقي وتجبُ التوبةُ منها، كذلك مسألة اللمس والمصافحة المحرّمة باليد حرام ولا تجوز ولكن ليس لها حكمُ الزنا الحقيقي.

الكبيرة والزنا الحقيقي هو زنا الفرج، وهذه التي فيها إقامة الحد. ثم هنا مَنْ كان عملَ معصية من الصغائر نحن لا يجوز لنا أنْ نحرّفَ الشريعة فنقول هذه كبيرة، الصغيرة نقول عنها صغيرة لا لِنَعملَها ولا لنُشجِّعَ عليها، ذكر العلماء أنها صغيرة لأجلِ أنْ لا يقولَ البعض إنها كبيرة فيُغيّروا في الشرع أو يُفتوا مِنْ عندِ أنفسِهم.

قول العلماءِ هذه صغيرة وهذه كبيرة ليس ليَعملَ الناس الصغائر وليس تشجيعًا على الصغائر بل ليَعرفوا الأحكام الشرعية ولأجلِ أنْ لا يُحرِّفوا الحكم.

كما تجبُ التوبةُ من الكبائر تجبُ من الصغائر لا يقول غدًا أتوضأ وضوءًا شرعيًّا فتذهبُ عني الصغائر لا، إنْ ترك التوبة فورًا ويتنظر إلى الغد ليتَوضأ يكون تاركًا للواجب يعني عليه معصية، وحرام أنْ يتركَ التوبة لأنّ التوبة واجبة فورًا من الكبائر والصغائر.

ثم لا يعتمد على الوضوءِ وحدَه لأنه قد يأتي بمكروهٍ أثناء الوضوء، قد لا يأتي بالوضوء على الوجه الكامل الذي وصفَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم فكيف يجزِم عند ذلك أنّ معاصي اللسان خرجَت مع الماء معاصي العين معاصي الوجه معاصي اليد معاصي الرِّجل معاصي الرأس، كيف يجزِم بأنها ذهبتُ عنه؟ لا يجزم، نحن نقول مَنْ كان توضأَ وضوءًا شرعيًّا فله ما أخبرَ عنه الرسول أما مَنْ أتى بمُخِلّ فليس له ذلك، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم [مَنْ توضأَ كما أُمِر وصلى كما أُمِر غُفِرَ له ما تقدّمَ مِنْ ذنبِه] وانتبهوا هذا ليس تشجيعًا على ارتكابِ الصغائرِ حاشى، لأنّ الرسولَ هو الذي قال ذلك فهل يوجَد عاقلٌ على وجهِ الأرض يقول إنّ الرسولَ قال عنْ هذه الصغائر افعلوها تذهب مع الوضوء؟ لا الرسول ما قال بيّنَ أنها صغائر لا ليَفعَلَها الناس لكنْ لِيُمَيِّزَ الكبائر عن الصغائر والمكلف يجب عليه أنْ يتجنّبَ الكبائر والصغائر.

بعض الحاقدين الحاسدين الكاذبين الدجالين إذا سمِعوكَ تذكر هذا الحديث يقولون انظروا يُشجعونَ الناسَ على الصغائر، ألا لعنةُ اللهِ على الكاذبين ألا لعنةُ اللهِ على المحرِّفين، هذه شريعةُ الله هذا حديثُ رسولِ الله، هل الرسولُ صلى الله عليه وسلم يُشجّع على ارتكابِ الصغائر؟ حاشى، لكنْ لأجلِ أنْ لا يُحرَّفَ الشرع، ونحنُ نقول التوبة واجبة من الكبائر والصغائر وفورًا، أما إذا توضأَ وضوءًا ناقصًا ليس له هذه المَزِيّة، إذا توضّأ وضوءًا كان فيه هذه الكراهة التي تُذهِبُ هذا السرّ أو جاء بِمُبطِلٍ للوضوء لا يكونُ  له ذلك السر، لذلك الرسول عليه السلام قال [مَنْ توضأَ كما أُمِر] يعني كما جاء في الشريعة كوضوءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

هذا ينبغي أنْ يُتنَبَّهَ له بعضُ الناسِ الحاقدين يكْذِبون يسمعون مثل هذا الكلام يقولون أننا نشجع الناس على الصغائر، لا والله نحن لا نشجّع الناس على الصغائر نقول قال الرسول والمسئلة كذا وكذا وهنا كبيرة وهنا صغيرة، الأمور ليست هكذا بالخلط والضرب كيفَ ما كان إنما بما وردَ في الشرع.

قال الله في القرآنِ الكريم {الذين يجتنِبونَ كبآئرَ الإثمِ والفواحش إلا اللمَم}[النجم/٣٢] هل هذا تشجيعٌ على اللمم؟ لا، اللهُ يُنزلُ ما يشاء من الشرع ويحكم بما يريد هل يزعمون أنّ هذه الآية تشجّع على ارتكاب اللمَم؟ أعوذُ بالله العظيم، إنما تبيِّن الآية أنّ المسلم الذي يموتُ مُجتنِبًا للكبائر وكان واقعًا في بعضِ الصغائر اللهُ تعالى قال {نكَفِّر عنكم سيّئاتِكم}[النساء/٣١] يعني بسببِ اجتنابِكم للكبائر نكَفّر عنكم تلك الصغائر، وهذا ليس تشجيعًا على ارتكابِ الصغائر إنما هو بيانٌ لفضلِ اللهِ على عبادِه.

وأما في قولِه رحمه الله “الحمد لله أنها من الصغائر” ليس لأجلِ أنْ تعملَها أيها الإنسان لا، إنما رحمةً بعبادِ الله الذين بعضُهم قد ينزلق إليها أو تحصلُ منه، فلأجلِ أنْ لا يكونَ وقعَ في الكبيرة لأجلِ هذا ليس تشجيعًا على الصغائر.

فالتشجيعُ على المعصية معصية التشجيعُ على الحرام حرام)***الآية التي

**الآية التي أردتُها { إنْ تجتنبوا كبآئرَ ما تُنهَوْنَ عنه نُكفِّر عنكم سيئاتِكم}[النساء/٣١]

 

الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر

 

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: مُكافحةُ الضلالِ فرضٌ على كلِّ مَن استطاعَ أنْ يُحصِّلَ القدر الذي هو فرض، تعليمُ عقيدةِ  أهلِ السنةِ والجماعة اليوم جهادٌ يُكافَحُ به كفرُ المشبهة المجسمةِ وغيرِهم من الضالين، جهادُ هؤلاء بالبيانِ منْ أفرضِ الفروض، فمَنْ تكاسلَ عنْ هذا فليَعلَمْ أنه استحقَّ عذابَ الله. أما الجهادُ بالسلاحِ فقد سقطَ عنا لأننا لا نستطيعُ اليوم ولا يكفي تعليمُ الأحكامِ الفقهية بدونِ تعليمِ عقيدةِ أهلِ السنة التي يُعرَفُ بها الكفرُ من الإيمان.

(عالمٌ كبيرٌ فقيه شهير في المذهب الحنفي وهو الشيخ الزاهدُ الصفّار يمكن مضى له نحو ثمانمائة سنة يقول “يجب على خطباء الجمعة أنْ يُبيِّنوا العقيدةَ الإسلاميةَ على المنابر” لأنّ عقيدَةَ أهلِ السنة هي الأصل هي الأساس فإذا أهملَها المشايخ وضيَّعها الدعاة وأعرضَ عنها العلماء يصيرُ هلاكٌ كبيرٌ، فالمنابر ما أُنشئَتْ للحوادث التاريخية وما نُصِبَت لأمورِ الآداب والسنن دون الأركان والفرائض والواجبات والعقائد.

بعضُ الخُطَب اليوم فُرِّغَتْ منْ مضمونِها الأصلي وصارت كأنها فقط للدنيا لأن الخُطباء منهم مَنْ يتكلم في أمور الدنيا ولا يُعرِّج على أمور الدين والآخرة والأحكام وهذا خطرٌ كبير.

فأول ما على الخطباء والأئمة والعلماء والدعاة والمشايخ هو التركيز على العقيدة على الإسلام على الإيمان على التوحيد على الأصل على الأساس، اللهُ قال في القرآن {إنّآ أرسلْنا نوحًا إلى قومِه قال يا قومِ اعبدوا اللهَ ما لكمْ مِنْ إلهٍ غيرُه}[نوح/١]

وقال تعالى عن كل الأنبياء {ومآ أرسلْنا مِنْ قبلِكَ مِنْ رسولٍ إلا نُوحِي إليه أنه لآ إله إلآ أنا فاعبدون}[الأنبياء/٢٥] هذه دعوةُ كلِّ الأنبياءِ والرسُل، هذا الأصل والأساس.

وفي البخاري والمُوَطأ للإمام مالك رحمةُ اللهِ عليهما واللفظُ الذي سأذكرُه لمالك، قال صلى الله عليه وسلم [أفضل ما قلتُ أنا والنبيونَ مِنْ قبلي لآ إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له] هذا الأصل.

الرسولُ عليه الصلاة والسلام عندما بعثَ مُعاذًا رضي الله عنه إلى اليمن وهذا في الصِّحاح، واليمن كان فيها أهل كتاب هم يظنونَ في أنفسِهم الإيمانَ بزعمِهم على اعتقادِهم على ما يظنّون، قال الرسول لمُعاذ رضي الله عنه – الرسولُ عليه الصلاة والسلام يعرف مَن في اليمن والقبائل والعشائر الذين يعبدون الأصنام وأنّ فيها منْ أهلِ الكتاب الذين أشركوا بربهم يعرف هؤلاء وهؤلاء – أوصاه وأمرَه أنْ يبدأَ الكلّ الجميع قال [ادْعُهم أوّل ما تدُعهم إليه إلى معرفةِ الله إلى توحيدِ الله فإنْ هم أجابوكَ لذلك – يعني إنْ آمنوا أسلموا تركوا الكفرَ تشهّدوا – فأعلِمْهم أنّ اللهَ كتبَ عليهم في اليومِ والليلة خمس صلوات] لكن بعد الإيمان والتوحيد هم يظنون في أنفسِهم الإيمان على زعمِهم لكنّهم ليسوا على الإيمانِ والإسلام، لذلك أمرَه أنْ يبدأَ الكل بالإسلام بالتوحيد بالعقيدة، وهذا هو الأصلُ والأساس.

أما اليوم للأسف ربما بعض المشايخ عملَ سلسلة خُطب جمعة 360 خطبة فقط عن الآداب والسنن والقصص التاريخية والفتوحات وسنن النوم قبل النوم وبعد الاستيقاظ.

أنا لا أُنَفِّر منْ تعليمِ السنن حاشى، نحن نعتني بالسنن لكنْ كلامُنا هنا الآن عن الأصل، يوجد أصل ويوجد فرع، نبدأ بالأصل ونُثني بالفرع وإلا فمَنْ ضيّعَ الأصل لنْ يُقبلَ منه الفرع.

احفظوا هذه العبارة “مَنْ ضيَعَ الأصل لنْ يُقبلَ منه الفرع” لذلك كان الأصل والأساس معرفةُ الله توحيدُ الله عقيدة أهلِ السنة والجماعة، العقيدة الأشعرية الماتريدية هذا هو الأساس.

انظروا اليوم الخراب الذي عمّ الأرض والدنيا والبلاد والفضائيات ومواقع التواصل بلَعها المشبهة المجسمة ودعاة الكفر والضلال والذين يُسَمَّوْنَ بالتبشيريين وهنا وهناك مِنْ دعاة الإلحاد وعُبّادِ الشيطان والفساد والفجور والكفر والضلال، أين الذين يشتغلون على نشرِ مذهب أهل السنة؟ أين الذين يعملون على نشرِ التوحيد والعقيدة؟ أين الذين يجهَدونَ ويجتهدونَ في نشرِ التوحيد والتنزيه؟ كأننا صرنا لا نسمع بهم وهذا منْ فسادِ الزمان، أنا أقول لا يوجَد، يوجَد لكنْ قليل وهذا شىءٌ يُحرِقُ القلب شىءٌ مؤسف، لأنّ كلّ فردٍ منْ أفرادِ المسلمين ينبغي أنْ يغارَ على هذا الدين يغار على القرآن يغار على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، يغار على التوحيد على العقيدة، هذا هو الأصل.

لماذا قُتلَ الأنبياء والأولياء؟ لماذا هُجِّروا من بلادهِهم؟ لماذا قُتلَ الصحابة وأهل البيت؟ أليس لأجلِ هذا الدين؟

اليوم انظروا إلى بعض الناس أصحاب القلوبِ المُتَماوِتة إلى الهمم التي ماتت، يقعدون في البيوت ينظرون في التلفزيون عشر ساعات ينامون إلى العمل إلى جمع المال ثم ماذا يعملون للدين؟ للعقيدة والتوحيد والتنزيه؟ بعد ذلك يموتون يوضَعونَ تحت التراب في القبر هم وما عملوا.

يا إخواني، ليَكن لنا شرف خدمة هذا الدين، ليَكنْ لنا شرف خدمة الإسلام، ليَكنْ لنا شرف حمل عقيدة أهلِ السنة وعقيدةِ التنزيه، نحملُها على رءوسِنا وعلى أكتافِنا وعلى ظهورِنا وفي قلوبِنا أينما وصلْنا أينما قعَدْنا أينما ذهبْنا، هذا الأصل والأساس فمَنْ ضيَّعَ الأصلَ ضاع).

 

وقال الإمام الهرري رضي الله عنه: فمِنْ أوْكَدِ الواجبات أنْ نناضلَ عنْ دينِ الله بالردّ على هؤلاء الضالين والتحذيرِ منهم، ثم مَنْ كان عندَه قوةٌ في إقامةِ الأدلة القرآنية والحديثية والأدلة العقلية وقام بهذا الواجب فهو منَ الطبقةِ العُليا بين المسلمين اليوم، وأما مَنْ قصُرَ باعُه عن ذلك مِنْ حيثُ إقامةُ الأدلة ففضلُه أقلُّ منْ هؤلاء و….الطبَقتان يشمَلُهم هذا الحديث [المتمسّكُ بسنتي عند فسادِ أمتي له أجرُ شهيد]

الدعوةُ تحتاجُ إلى استعمالِ أساليب تقرِّبُ الناسَ إلى الاقتناعِ والتسليم، عليكم بالعملِ بهذه الطريقة وهذا جهاد وإنْ شاء الله كلُّ واحدٍ يقومُ بهذا العمل يكونُ له أجرُ شهيد كشهيدِ المعركة.

(هذا الحديث الشريف المبارك رواه الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي وهذه الرواية التي حسّنَها بعضُ الحفاظ أما الرواية التي فيها [له أجرُ مائة شهيد] تكلّم بعضُ الحفّاظِ في إسنادِها فلم يصحِّحوا سندَها، أما هذه بعضُ الحفّاظِ حسّنوا إسنادَها [المتمسِّكُ بسنتي عند فساد أمتي فله أجرُ شهيد]

ما معنى سنتي؟ سنتي ليس معناه العِمامة أو القلنسوة أو القميص أو اللحية أو السواك أو صلاة الجماعة في المسجد، هذه كلُّها مطلوبة ونحبُّها ونعملُها لكنْ ليس هذا معنى الحديث إنما معنى “سنتي” يعني شريعتي عقيدةً وأحكامًا، لأنّ الذي يتمسك بعقيدةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ويتجنّب ما يُخالفُها ما يُكذّبُها ما يُناقضُها هذا هو الذي ينجو يومَ القيامة، فعندما قال [له أجرُ شهيد] يعني يكونُ على العقيدة الصحيحة، أما لو كان على عقيدةٍ فاسدة كيف يثبت له أجرُ شهيد؟ لا يثبت له.  

فالمقصود بالسنة هنا العقيدة والأحكام يعني التمسك بشريعةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حيثُ المُعتقَد ومِنْ حيثُ الأحكام العملية.

معنى [سنتي] هنا يعني أنْ يكونَ على ما أنا عليه وأصحابي في الاعتقادِ والأحكام لأنّ من الناس مَن ينتسبونَ للإسلام لكنْ عقيدتُهم تكذّب القرآن تكذِّب ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام تكذب ما كان عليه الصحابة، هؤلاء لا يدخلون تحت هذا الحديث بل هؤلاءِ هالكون زائغونَ مُنحرِفون.

ثم مما يؤكدُ هذا المعنى أنّ المراد بسنتي يعني الشريعة والأحكام يعني أنْ يكونَ مع السوادِ الأعظم أنْ يكونَ على عقيدةِ الجمهور الإجماع أنْ يكونَ مع أمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم مما يؤكدُ هذا المعنى الأحاديثُ الأخرى مثل، قال صلى الله عليه وسلم [ستةٌ لعَنْتُم ولعنَهم الله وكلُّ نبيٍّ مُجاب] حديثٌ صحيحٌ رواه الحاكم في المستدرك رواه البيهقي

عدّ من هؤلاء الستة [التاركُ لسنتي المُفارقُ للجماعة] فهذا يؤكد معنى سنتي يعني شريعتي عقيدةً وأحكامًا.

والرسولُ عليه الصلاة والسلام هو أيضًا قال [ستفترقُ أمتي على ثلاثٍ وسبعينَ فرقة كلُّهم في النار إلا واحدة ما أنا عليه وأصحابي] هذا السوادُ الأعظم، هذا جمهورُ الأمة المحمدية.

وحديث [مَنْ رغِبَ عنْ سنتي فليس مني] فهذا معناه شريعتي، هذا في الردّ على الذين لا يريدونَ النكاح مثلًا، وليس عن صلاةِ السنة ليس عن مجرد النوافل، مَنْ رغِبَ عن سنتي فليس مني، يعني مَنْ رغبَ عن شريعتي مَنْ لا تُعجبُهُ شريعتي مَنْ لا تُرضيهِ شريعتي مَنْ لا يراها صائبةً مَنْ لا يراها مُحقّةً فهذا أنا برىءٌ منه، هذا معنى سنتي هنا يعني شريعتي وليس معناه مجرد القلنسوة أو السواك أو صلاة السنة.

وأما في قولِهِ عليه الصلاة والسلام [فله أجرُ شهيد] هذا قال الشيخ رحمه الله معناه ما يُشبِه أجرَ الشهيد، بل أحيانًا قد يكون ثواب الداعي إلى الله أعظم وأكبر أجرًا وثوابًا منْ ثوابِ المجاهد، هنا في الحديث الشهيد، الآن كلامُنا عن المجاهد، يعني مجاهدًا في المعركة قتلَ كافرًا وداعية دعوتُه حقّة يدعو إلى مذهب الرسول إلى مذهب أهلِ السنة إلى العقيدة الصحيحة، هذا الداعية الصادق دعا كافرًا للإسلام فذاكَ صدّقَ الإسلام اعتقدَ الإسلام تشهّدَ فكان الداعية بإخراج هذا الكافر من الكفر وإدخالِهِ في الإسلام ثوابُهُ أعظم أجرًا عند الله منْ ثوابِ المجاهد الذي قتلَ الكافر.

يعني إخراجُ كافرٍ من الكفرِ إلى الإسلام ثوابُهُ أعظم منْ قتلِهِ في المعركة.

المجاهد ليس دائمًا يُقتَل، لكنْ الآن لفظ الشهيد في الحديث يعني الذي قُتلَ، هذا الذي قُتِلَ في سبيل الله له درجة عالية ومرتبة عظيمة وأعلى مراتب وأنواع الشهادات الشهادةُ في سبيل اللهِ عز وجل.

شهيد المعركة له من الأجر كما في الحديث الصحيح عند البخاري وغيرِه مائة درجة ما بين درجةٍ ودرجة مسافة خمسُمائة سنة في الجنة، ليس في بيروت ليس في أميركا ليس في سويسرا لا، ليس في دولةٍ عربية، في الجنة، وكم تكون هذه المسافة والمساحة مائة درجة ما بين درجةِ ودرجة خمسمائة سنة يعني مساحة خمسين ألف سنة في الجنة للشهيد.

فالمسلم الذي يدعو إلى عقيدةِ أهلِ السنة يجمع الناس عليها ينشرُها يُكافح عنها هذا الملتزم بالشريعة النبوية المحمدية لو مات في بيتِه ولم يُقتَل في أرضِ المعركة له أجرٌ عظيم كبير عند الله يُشبه أجر الشهيد، وهذا كل واحد وواحدة منكم ومنكنّ تستطيعونَه، تتمكّنونَ في العلم تطبّقونَ وتعلّمون، وليس الفتوى بالرأي ولا تفتح الإنترنت وتتكلم من عند نفسِك، ولا تأتي بكتابٍ من الأسواق كيف ما كان ثم تقرأ وتمشي، لا، إنما يؤخَذ بالتلقي عن أهلِ العلم. الكتاب نحن نشتغل عليه ثم نُرسِلُهُ للمراقبة ثم يوضَع في هذا البرنامج للطباعة ويُراقَب ثم قد يطلع فيه أخطاء مطبعية، وأحيانًا قد الإنسان أثناء التأليف قد يحصل منه من دونِ انتباه ما هو خطأ لكنْ كيف ينكشف هذا بالتلقي، لذلك يقول العلماء عند إعطاء الإجازة بما تجوز لي روايتُه كما اشترطَ العلماء عند أهلِ الحديث والأثر بالشرطِ المُعتبَر وبشرطِ ضبطِ النسخة، لأنّ الخطأ وارد.

فإذًا كيف تصير داعية كيف تصير مدرِّسًا؟ ليس بأنْ تشتريَ الكتب من المكتبات والأسواق والمعارض ثم تعمل مفتيًّا على الناس أو تعمل شيخ غوغل أو شيخ فيس بوك لا، إنما بالتعلم.

نحن يا إخواننا إلى الآن نعتبر أنفسَنا طلبة علم، إلى الآن أنا أنظر إلى نفسي طالب علم مبتدىء أو طالب علم على سبيل النجاة، أنا لا أرى نفسي فوق ذلك، كلُّ واحدٍ منا يعرفُ نفسَه.

بعضُ الناس رءوسُهم تكبُر إذا صار عندهم مثلًا عشرة كتب أو قرأ ورقة على شيخ يظنّ في نفسِه صار علّامةَ الزمان.

الإمام المُزَني رضي الله عنه هو يقول “قرأتُ كتاب الرسالة على الشافعي – وهذا أول كتاب ألّفه في أصول الفقه وهذا مرجِع للعلماء – ثمانين مرة وكل مرة يقف الشافعي على خطأ”

وهذا الشافعي فمَنْ نحن أمامَ الشافعي؟ إذًا العلم بالتلقي.

 اليوم بعض الناس ينزلون على المعارض والأسواق ويختار ألوان الكتب على حسبِ ألوان السجاد عنده في الصالون، أو يختار المجموعات الكبيرة الضخمة الملوّنة على لون السجاد أو الثريات أو الكنبات، يضعهم في البيت فيكبر رأسه ويظن في نفسِه صار سيبويه زمانِه، لا المسئلة ليست كذلك العلم يؤخذ بالتلقي من أهلِ العلم.

يعني واحد في منصب مفتي بلد وليس مفتي محافظة أو ناحية كان يقرأ في محاضرة ويقول مَنْ فعلَ كذا وكذا من المحرّمات قرأها على زعمِه عُذِرَ، ردَّ عليه واحد في المجلس قال له ليس عُذِرَ بل عُزِّرَ، انظروا الفرق بين عُذِر وهنا والعياذ بالله تحرّف المعنى يعني صار معذورًا وبين عُزِّرَ معناها يؤَدِّبُه الحاكم بالضرب بالسجن مثلًا  لأنّ بعض المحرمات لم يرِد فيها حد فيُعزِّرُهُ الحاكم.

رأيتم البلية والمصيبة؟ إذًا المسئلة تؤخذ بالتلقي من أهلِ العلم هكذا يؤخذ العلم. قال الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر الخطيب البغدادي رحمه الله “إنما يؤخذُ العلم من أفواه العلماء”

فإذًا بإمكانِكم أنْ تكونوا دعاةً لمذهب أهل السنة فتنالوا هذه البركة وهذا الأجر قال صلى الله عليه وسلم [المتمسكُ بسنتي عند فسادِ أمتي له أجرُ شهيد]

الله يجعلني وإياكم من هؤلاء وخدّامًا لدينِه حرّاسًا لعقيدةِ نبيِّه المصطفى عليه الصلاة والسلام ونفعَنا وإياكم بنبينا المعظّم المُطهّر صلى الله عليه وسلم وجعلنا وإياكم في أعلى عليين ومن الطائرين فوق الصراط الآمنين السالمين يوم الحسرةِ والندامة وأوردَنا وإياكم حوضَ نبيِّنا عليه الصلاة والسلام ورزقنا وإياكم رؤية نبيِّه المصطفى في هذه الليلة المباركة

اللهم أعتق رقابنا من النار أعنا على الصيام والقيام تقبلْ منا صالح الأعمال نتوب إليك يا رب تبنا إليك اغفر لنا تقبلْ منا صالح الأعمال يا ربنا لا تعذبنا إنا ظلمْنا أنفسَنا ظلمًا كثيرًا أنت ربُّنا أنت إلهُنا وأنت أرحمُ الراحمين و….

والحمد لله رب العالمين