قال الله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا *} [سورة الجن]
يقول الإمام المفسر محمد بن جرير الطبري في تفسيره في شرحه لهذه الآية ما نصه: «يقول تعالى ذكره: وأن لو استقام هؤلاء القاسطون على طريقة الحق والاستقامة».اهـ.
وروي عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهم قالوا: «أن لو استقاموا على الإسلام وعلى طريق الحق وعلى الدين».اهـ
وقال المفسر الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المسمى «معالم التنزيل» في شرحه لهذه الآية ما نصه: «لو استقاموا على طريقة الحق والإيمان والهدى فكانوا مؤمنين مطيعين».اهـ
وقال المفسر أبو حيّان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط في شرحه لهذه الآيات ما نصه: «والمعنى على طريقة الإسلام والحق».اهـ
وقال المفسر محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي الحنفي المتوفى سنة 951هـ في كتاب «حاشية محي الدين شيخ زادة على تفسير القاضي البيضاوي» قال في شرحه لهذه الآية ما نصه[(735)]: «استقاموا على طريقة الإسلام».اهـ
ليعلم أن قول الله تعالى: {وَأَلَّوِِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} أي الشريعة الإسلامية، أي ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عقيدةً وأحكامًا، وعلماء التفسير متفقون ومجمعون على أن معنى هذه الآية الدين والإسلام وطريق الحق والشريعة، ولا عبرة بعد ذلك بقول من شذّ وانحرف وقال بخلاف ذلك، كجهلة المتصوفة الذين لعب بهم الشيطان وضحك عليهم، فلم يلتزموا بالشريعة ولا بأحكامها وانتسبوا للطريقة_أي طريقة الذكر_ على غير بصيرة، وادعَوا أن الطريقة في الآية هي «الطريقة النقشبندية» غير عابئين بما نصّ عليه علماء التفسير، يحرفون معنى الآية من غير خجل ولا وجل، يظنون أن الأمة ليس فيها من يعرف زيفهم وزيغهم، فجعلوا الطريقة، طريقة التصوف والذكر، فرض عين على كل مكلف، وهذا إيجاب ما لم يجب إجماعًا، وهذا تشريع ودين جديد، وهو كفر.
وهذا الشيخ النقشبندي المنحرف الذي قال بوجوب الطريقة ضلل كل الأمة الإسلامية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى القرن السادس الهجري، فقبل القرن السادس الهجري لم تكن قد ظهرت الطريقة، فهل تكون الأمة جاهلة فاسقة، ودين الله ناقص وجاء هذا المدّعي محمد الخزنوي يكمّل الدين الآن فيقول بوجوب الطريقة؟!
وليعلم أن الطريقة من البدع الحسنة، والبدعة لغة ما أحدث على غير مثال سابق يقال: جئت بأمر بديع أي محدث عجيب لم يعرف قبل ذلك. وشرعًا المُحدث الذي لم ينص عليه قرءان ولا سنة، قال ابن العربي: ليست البدعة والمحدث مذمومين للفظ بدعة ومحدث ولا لمعنييهما، وإنما يذم من البدعة ما يخالف السنة ويذم في المحدث ما دعا إلى الضلال. اهـ
وقد قسم العلماء البدعة إلى قسمين: بدعة حسنة وبدعة سيئة، فالبدعة الحسنة هي ما وافق الكتاب والسنة، والبدعة السيئة هي ما خالف الكتاب والسنة، ويؤكد هذا التقسيم ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شىء ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل من بعده بها من غير أن ينقص من أوزارهم شىء» رواه مسلم. فالحديث يبين أن ما يحدث في الإسلام ضربان: قسم يوافق الشرع وقسم يغايره أي يخالفه، ومما يدل على أنه حصل في زمن الصحابة استحداث أمور لم يرد فيها قرءان ولا سنة وتندرج تحت البدعة الحسنة موافقة للحديث الشريف الآنف الذكر ما جاء في صحيح البخاري في كتاب التراويح ما نصه: «قال ابن شهاب: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك» قال الحافظ ابن حجر «أي على ترك الجماعة في التراويح». ثم قال ابن شهاب في تتمة كلامه: «ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر رضي الله عنه». وفي صحيح البخاري أيضًا تتميمًا لهذه الحادثة عن عبد الرحمـن بن عبد القاري أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة من رمضان الى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي لصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر: «نعم البدعة هذه» اهـ، وفي الموطأ بلفظ: «نعمت البدعة هذه» اهـ.
والأمثلة على هذا كثيرة من زمن الصحابة إلى يومنا هذا ومن جملة هذه البدع الحسنة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف والطرق الشريفة التي أحدثها بعض أهل الله كالرفاعية والقادرية وغيرهما وهي نحو أربعين طريقة، فهذه الطرق أصلها بدع حسنة ولكن شذ بعض المنتسبين إليها وهذا لا يقدح في أصلها.
ولا ريب أن الطريقة السهروردية والجشتية والقادرية والسعدية والشاذلية والنقشبندية والبدوية والدسوقية والمولوية والرفاعية وغيرها من الطرق المباركة صحيحة تندرج تحت البدعة الحسنة وهذا يثبت أن هؤلاء القوم على نهج قويم وصراط مستقيم، دلوا الناس على مشرب نبيهم وجليل حاله، فالقوم أهل العلم والذكر والأحوال، والالتزام بطاعة الله تعالى.
وهذا الكلام يردده رجل ينتسب انتسابًا إلى الطريقة النقشبندية يقال له: «محمد الخزنوي» وهو ابن الشيخ العالم الجليل عز الدين ابن الشيخ الولي الكبير أحمد الخزنوي رحمهما الله تعالى. فقيل له: [إنّ أباك قال: «ليست واجبة»] فأصر على كلامه ولم يرجع، ويشهد عليه الثقات أنه قال ذلك من المنتسبين إليه يقولون هذه العبارة.
فقوله: «إن الطريقة واجبة» أي فرض، ردة لأنه أوجب ما ليس بواجب عند المسلمين مما هو معلوم بالضرورة أنه ليس واجبًا كما قال الفقهاء في كتبهم في باب الردة.
وقد جاء في كتاب السعادة الأبدية في ما جاء به النقشبندية لعبد المجيد بن محمد الخاني الخالدي النقشبندي ويليه الحديقة الندية والبهجة الخالدية للعلامة محمد بن سليمان البغدادي الحنفي النقشبندي من خلفاء الخالدية وفيه: «الثالثة أن ابن حجر ذكر في شهادات فتاواه الكبرى صورًا لأخذ المشايخ العهد على التائب وذكر في الفتاوى الخليلية أنّ أخذ العهد حسن محبوب» ثم قال بعد كلام: «وكفى بما ذكرناه شاهدًا على حسن أخذ العهد من المشايخ العاملين بالشرع الشريف»، فبان وظهر خروج محمد الخزنوي عن إجماع الأمة عامة والنقشبندية خاصة وقوله هذا أي بأن الطريقة واجبة تضليل وتفسيق لكل الأمة الاسلامية خلفًا وسلفًا قبل القرن السادس الهجري أي قبل أن تتأسس الطرق على المعنى المتعارف عليه اليوم وقوله هذا تضليل لجده الولي الكبير الشيخ أحمد الخزنوي فإنه ما اشتغل بالطريقة والأوراد إلا بعد اشتغاله بالعلم عشرين عامًا وقول محمد هذا، فيه إيجاب ما لم يجب إجماعًا وهو كفر.
ومما يثبت ويؤكد أن الطريقة الرفاعية أو القادرية أو النقشبندية أو غيرها من الطرق الصوفية الصحيحة ليست واجبة هو ما قاله أئمة ومشايخ هذه الطرق.
فقد ذكر الشيخ يوسف النبهاني في كتابه «كرامات الأولياء» عند ذكر الشيخ أبي السعود ابن أبي العشائر رضي الله عنه أنه كان له خادم واسمه حازم بقي في خدمته 20 سنة وفي كل مرة يطلب عهد الطريقة منه فلا يعطيه وهكذا إلى عشرين سنة لم يعطه».اهـ
فليجبنا هؤلاء لمَ لم يعطه الطريقة؟! هل منعه من فرض؟! هل أخّره عن واجب؟!
لا، لم يعطه لأنها ليست فرضًا.
وفي كتاب «كشف القناع المسدول في حكم السماع المقبول» للشيخ محمد جميل الخطيب يقول في ص90 ما نصه: «ناقلاً عن شيخه في الطريقة النقشبندية الشيخ «سَيْدَا» قدس الله سره العزيز في الجزيرة أنه قال: «وأما أخذ العهد فحسن محبوب»، وقال أيضًا: «وأما تلقين الذكر فحسن محبوب».اهـ
وذكر الشيخ فصيح الحيدري النقشبندي في كتابه «المجد الثالث في مناقب مولانا خالد» أنه طلب الطريقة من خليفة مولانا خالد الشيخ محمد الجديد فقال له «عليك بالعلم ثم بعد ذلك تشتغل بالطريقة».اهـ
ويقول مولانا خالد ذو الجناحين قدّس الله سره العزيز في رسالة إلى خلفائه في بغداد من كتاب بغية الواجد في مكتوبات مولانا خالد ما نصه[(736)]: «ولا تدخلوا الطريقة بعد هذا اليوم أحدًا منهم ولا من أعوانهم ولا من التجار المتفكهين بالدنيا المنهمكين في الشهوات ولا من العلماء وطلبة العلم الذين جعلوا العلم وسيلة الجاه عند الخلق وجمع الحطام ولا من البطالين الذين يستندون إلى الطريقة بسبب البطالة فيحملوا أثقالهم على رقاب الناس باسم الصلاح والإرادة». إلى آخر الرسالة.
فماذا يقول هؤلاء الجهلة؟ هل يقولون إن مولانا خالدا جاهل في دين الله تعالى وهم ينتسبون إليه بزعمهم؟!
فلو كان أخذ الطريقة فرضًا فهل كان مولانا خالد يمنع الناس من الفرض؟! فأين عقولكم؟! وقال السيد الشيخ محمد عثمان سراج الدين الثاني النقشبندي ناصحا لأناس في تركيا: «الطريقة شىء ثانوي عليكم بتعلم أصول الدين».اهـ
وقال أيضا لآخر طلب منه الطريقة: «صلِّ الأوقات الخمسة وابتعد عن المحرمات واترك الآن طلب الطريقة».اهـ
ومن كتاب «المناقب السنية» لسيدنا شيخ الطريقة النقشبندية الشيخ أمين الكردي البغدادي رضي الله عنه تأليف الشيخ أحمد حمادة داود من علماء مصر يقول ما نصه[(737)]: «وإنني لأذكر من العلماء الأجلاء من توقف عن تلقينهم الطريقة الشريفة معتذرا منهم حضرات السادة الشيخ حسونة النواوي شيخ الأزهر الشريف والشيخ محمد السمالوطي رحمه الله رحمة واسعة والشيخ بسيوني الشيخ عبد الرحمـن قراعة مفتي الديار المصرية».اهـ
فبالرغم من محبتهم للشيخ وتقديرهم له كان يعرض رضي الله عنه عن تلقينهم الذكر خشية تغيير منهجهم بأداء رسالة العلم ونفع الناس ويرى ما لديهم من النفع للناس عن طريق الشريعة يكفيهم.
ومن كتاب تنوير القلوب للشيخ محمد أمين الكردي الأربيلي وهو غير الشيخ محمد أمين الكردي البغدادي رضي الله عنهما وهما خليفة الشيخ عمر ضياء الدين جد الشيخ محمد عثمان سراج الدين النقشبندي، يذكر أنه جاءه شخص ليأخذ منه الطريقة فأبعده عنه وزجره لأنه كان عاصيًا، وقال له: «تكفيك التوبة». وهذا مذكور في ترجمة الشيخ محمد أمين.
فلمَ لم يلقن الشيخان الجليلان من طلب منهم الطريقة؟ فهل ينسبهما هؤلاء للجهل وعدم الفهم والعياذ بالله؟!
هل هؤلاء مشايخ يأمرون الناس بترك الفرض؟! ناديتم يا جهلة المتصوفة على أنفسكم بالجهل.
ومن كتاب «المنن» للشعراني رضي الله عنه ما نصه[(738)]: «ومما وقع لي أن شخصًا جاءني يطلب مني أن ألقنه فلم أجد عنده همة ففارقني».اهـ
وفي كتاب الرشحات[(739)] أن الشيخ سيف الدين وهو خامس أولاد الشيخ محمد معصوم أخذ الطريقة النقشبندية المجددية عن والده بعد فراغه من تحصيل العلوم المتداولة.
ومن نفس الكتاب[(740)] عند ذكر الشاه عبد الله الدهلوي أنه عندما بلغ عمره 22 سنة ذهب إلى مولانا «مظهر الشهيد» فالتمس منه الطريقة، فقال له: اذهب إلى محل فيه ذوق وشوق فإن هنا لحس حجر بلا ملح، فقال: هذا هو المنظور لدي، فقال له السيد: إذا يبارك لك.
ومن زنادقة المتصوفة الذين يجب التحذير منهم المدعو «ناظم قبرصلي» أو ما يسميه أتباعه «ناظم الحقاني» تلميذ «عبد الله الداغستاني»، فهذا بيان لبعض أقوال ناظم قبرصلي التي خالف بها الشرع ليحذر منها حتى لا يُظن الباطل حقًا فيلتبس الأمر على الناس. قال ناظم القبرصلي في كتابه المسمى «محيطات الرحمة» ما نصه[(741)]: «علماء كثيرون يذكرون هذا الحديث أو ذلك في حين أن الأولياء يثبتونها، لذلك نحن نأخذ الحديث من هؤلاء».اهـ
الرد:
أولا: إن أولياء الله تعالى يتبعون علماء الحديث، فما أنكره علماء الحديث فهم ينكرونه وما أثبته علماء الحديث فهم يثبتونه.
ثانيا: يريد هذا الرجل من أتباعه أن يطيعوه طاعة عمياء ولا يعترضوا عليه حتى في ما ينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكان كذبا عليه، فكأنه يقول لهم: «ما نسبته إلى الرسول فهو من كلام الرسول وإن كان علماء الحديث أنكروه وقالوا إنه مكذوب على الرسول».
وهذا شأن المتلاعبين بالدين ليتوصلوا إلى تحليل وتحريم ما يريدون. وهذا الشاذ أخذ من شيخه عبد الله الداغستاني الذي قال له كما في كتابه المسمى «محيطات الرحمة» ص45: «شرط صحة اتباعك لنا أن تتبعنا من غير أن تحكم على أعمالنا ولا تعترض».اهـ
وقال القبرصلي في نفس الكتاب ما نصه[(742)]: «كلما ازددنا علمًا ازدادت مسؤوليتنا، أما الجاهل فلا مسؤولية عليه».اهـ
الرد:
يريد القبرصلي من ذلك أن ينفر أتباعه من تعلم علم الدين الضروري الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليمه بقوله: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» رواه البيهقي.
ثم إن هذا الكلام هو ضد قول الله عز وجل: {…قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} ، فمما يؤخذ من هذه الآية الحث على طلب العلم، وهذا خلاف ما يدعو إليه القبرصلي الذي يحث أتباعه على الاستمرار على الجهل، فنصيحتنا لأتباعه وللمسلمين أن يتفقهوا في الدين لأنه بالعلم يميّز الإنسان بين الحق والباطل.
ومن فساد عقيدة القبرصلي وشيخه عبد الله الداغستاني أنهما ساويا أنفسهما بالله تعالى والعياذ بالله، فقد قال القبرصلي في نفس الكتاب[(743)]: «أوامر القطب هي أوامر الله، ومشيئته مساوية لمشيئة الله»، وقال شيخه الداغستاني في كتابه المسمى «الوصية» ما نصه[(744)]: «التعريف الثاني للطريقة هو أن يكون المريد مستعدًا لتلقي الأمر من مرشده كما كان الرسول ينتظر مجيء الوحي من الله».اهـ
الرد:
العبد مهما علا شأنه عند الله لا يصل إلى درجة يوصف بها بصفة من صفات الله عز وجل، ومن وصفه بذلك فقد وقع في الكفر والعياذ بالله، فكيف بمن يدّعي لنفسه المساواة مع الله عز وجل؟!
فالولي يُعَظَّم بما يليق به، والنبي يُعَظَّم بما يليق به، والله تعالى نعظمه بكل كمال يليق به؛ فلا نرفع مرتبة الولي إلى مرتبة النبي ولا نرفع مرتبة النبي إلى الوصف بالألوهية.
فكلام القبرصلي وشيخه دليل على فساد عقيدتهما. فالحذر الحذر أخي المسلم مما يوقع في المهالك.
ومن الكفر الذي قاله ناظم القبرصلي في نفس الكتاب[(745)]: «الله كان موجودا بلا بداية وعباده كانوا موجودين بلا بداية لو لم يكن هناك بشر فالله إلـه من كان إذا؟ إلـه نفسه؟ كلا، الحديث القدسي يقول: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف»، عباد الله كانوا جزءًا من هذا الكنز».اهـ
الرد:
هذا الكلام كفر ظاهر لا لبس فيه، فالله تبارك وتعالى هو وحده الأزلي الذي لا بدآية له، وهذا ما أجمع عليه المسلمون سلفًا عن خلف، ولم يخالف في ذلك إلا الفلاسفة الذين قال فيهم الفقيه الأصولي بدر الدين الزركشي: «وضللهم المسلمون وكفّروهم».
وأما الحديث المذكور فهو مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال علماء الحديث، لا سيما والله يستحيل أن يشبّه نفسه بالكنز وهو القائل: {…لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ… *} [سورة الشورى] .
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا *خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا *} ، وقال أيضًا عن الكفار: {…لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} . هاتان الآيتان فيهما دليل على أن الكفار يخلدون في نار جهنم ولا ينقطع عنهم العذاب في الآخرة، وهناك ءايات وأحاديث عديدة تدل على ذلك، فتكذيب هذه النصوص فيه ردة عن الإسلام والعياذ بالله. وممن خالف هذه العقيدة ناظم القبرصلي الذي قال في نفس الكتاب[(746)]: «طرق جهنم هي طرق إلى الله أيضا بعد جهنم. جهنم هي تنظيف الناس، تنظيفهم من الخطايا والصفات السيئة، ثم بعد ذلك يقادون إلى الله»، وقال أيضا: «الله لن يترك عبيده بين يدي الشيطان… رحمته لن تترك أحدًا في جهنم إلى الأبد».اهـ
هكذا هم أدعياء التصوف المنحرفين يتسترون تحت طريقة من الطرق الصوفية ثم يبثون وينشرون عقيدة الإلحاد والزندقة.
ومن كلام القبرصلي الذي فيه تكذيب لنصوص الشريعة دعوته إلى الإباحية، فعندما تحدث عن الأولياء قال في نفس الكتاب[(747)]: «يجوز لهم النظر إلى أي مكان، إلى الرجال أو النساء، هم مأمورون بالنظر، لا يوجد تحريم بالنسبة إليهم لذلك نظرهم واجب».اهـ
الرد:
ليعلم أن الله عز وجل فَرَضَ على عباده غضّ البصر عن العورات، قال الله تعالى: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم»، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وزنا العين النظر» رواه البخاري.
فإذا كان الله تعالى حرّم على المسلمين – حتى الأولياء منهم – أن ينظروا إلى عورات بعضهم البعض، فكيف يزعم ناظم القبرصلي بعد ذلك أن نظر الولي إلى النساء واجب؟! كأنه يقول لأتباعه: أنا يجوز لي أن أستمتع بالنظر إلى النساء. ومثل هذا ضرره على الإسلام عظيم لأنه ينقض دين الله عروة عروة ويسعى إلى الإفساد في الأرض تحت ستار التصوف.
ثم إن القبرصلي أنكر فرضية الصلاة والعياذ بالله، فقد قال له شخص في نفس الكتاب المسمى «محيطات الرحمة»: «ما هي التكاليف على زوجاتنا؟»، فأجابه بقوله: «للمبتدئات سجدة واحدة في وقت كل صلاة من الصلوات الخمس، في وقت كل صلاة تكفي سجدة واحدة!! فيقول السائل: «ماذا إذا أرادت أداء الصلاة كاملة، هل هذا مناسب؟ فيجيبه للمبتدئات سجدة واحدة تكفي، وعندما يتقدمن يطلبن الإذن، هذا ما أمرني به شيخي!!».اهـ ويعني بشيخه عبد الله الداغستاني.
الرد:
هذا عين الضلال، وهو كفر كما قال الشيخ ابن حجر الهيتمي في الإعلام وغيره. فقد تواتر بين المسلمين أنه يجب على كل مسلم مكلف خمس صلوات في اليوم والليلة، فالقول إن سجدة واحدة تكفي بدل الصلاة المفروضة إلحاد في الدين وتكذيب لقوله تعالى: «وأقيموا الصلاة»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات كتبهن الله على عباده». رواه أحمد
وقد قال ناظم القبرصلي في نفس الكتاب ما نصه[(748)]: «إن جبريل نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له إن الله تعالى يبشرك بأن من قرأ من أمتك الفاتحة ولو مرة واحدة في حياته يكون هذا كافيًا بل وزيادة على الكفاية، وحتى لو كان كافرًا فإن قراءتها مرة واحدة تجلبه إلى الإيمان ربما في ءاخر لحظة في حياته».اهـ
الرد:
هذا الكلام كذب على الله والرسول وجبريل، وواقع الحال شاهد على كذب هذا الادعاء. فكم من أناس قرؤوا الفاتحة مرات ومرات ثم ماتوا على الكفر.
وله غير ذلك من ضلالات وأباطيل، نسأل الله السلامة، والله المستعان وهو نعم الوكيل.
وممن حذّر منه ومن شيخه الداغستاني، مفتي داغستان سيد أحمد بن سليمان درويش حاجيو «الإدارة الدينية لمسلمي داغستان» – محاج قلعة، في فتوى عليها الختم والتوقيع – موجود عندنا نسخة منها – ما نصه:
«بسم الله الرحمـن الرحيم. الحمد لله وبعد فإن التحذير من أهل الضلال واجب أمرنا به ولا سيما الذي اتخذوا اسم الدين ستارًا لهم ليُضلوا به الناس وهم في الحقيقة أعداء الدين وبعيدون كل البعد عنه، وكان من هؤلاء ناظم القبرصلي الذي أفسد في الأرض كثيرًا وشوَّه اسم الإسلام عند من لا علم له بالإسلام، وهو يلبس زي أهل العلم تمويهًا على الناس ليس إلا، وناظم هذا هو تلميذ عبد الله الداغستاني» اهـ.
وفتوى لمفتي داغستان نفسه في التحذير من عبد الله الداغستاني شيخ ناظم القبرصلي، عندنا نسخة منها وعليها الختم والتوقيع، ومما جاء فيها: «إن الرجل الخبيث عبد الله الداغستاني غير مشهور في داغستان ولم يكن فيه في زماننا ولكن سمعت في داغستان عن العلماء الثقات ومشايخ الطريقة الحقيقون الكرام أن سلسلة عبد الله الداغستاني مقطوعة، وكذلك شرف الدين الداغستاني وطريقتهما منحرفة غير صحيحة باطلة ولم يصدقهما في عملهما أحد من عندنا». ثم يقول عن عبد الله الداغستاني: «هذا الخبيث قال وكتب ما هو كذب وافتراء على القرءان والسنة وإجماع الأمة». ويقول عنه: «ولكن قال كذبًا وافتراءً على القرءان والسنة ومن كذَّبهما كافر إجماعًا لا خلاف فيه ولا شك» اهـ.
وقد حذَّر من ناظم القبرصلي أيضًا، مفتي طرابلس الشام الشيخ طه الصابونجي في جريدة «النهار» بتاريخ 7/10/1999 قال تحت عنوان: «الصابونجي طالب القضاء بالتحقيق مع زعيمهم: القبرصلي مشعوذ وله علاقات مشبوهة.. سبق أن حذَّرنا مرارًا من أساليب الشعوذة التي يلجأ إليها البعض تحت ستار التصوف والكشف الغيبي، لأن الإسلام واضح في منهجه الديني والعلمي والثقافي». وقال: «إن للقبرصلي صداقات مشبوهة مع قادة عالميين ولا يتفق عالم واحد أو شيخ مع أفكاره، وسبق أن صدرت فتاوى تكفير عالمية في حق معلّمه عبد الله الداغستاني» اهـ.
وأما تلميذ ناظم القبرصلي، المدعو عدنان قباني فيكفيه جهلا وغلوًّا وكفرًا، ما في تسجيل صوتي له – معنا نسخة منه – يُكَلِّم أتباعه فيقول: «منكن عارفين اللي المنسوب لمولانا – أي شيخه ناظم – معو قوة من مولانا إذا قال للشىء كن فيكون» اهـ. يريد من ذلك أن من أخذ الطريقة عن شيخه ناظم القبرصلي يصير يقول للشىء «كن فيكون»، وقد قال الله تعالى عن ذاته المقدس (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) أي عبارة عن سرعة الإيجاد، لأن الله كلامه بلا حرف ولا صوت ولا لغة. وطريقتهم هي طريقة الرجس والزندقة ودجاجلة المتصوفة، طريقة عدنان قباني وأخيه هشام طريقة شيخهم ناظم وشيخه الداغستاني، طريقة سلسلة الدجالين الكذابين الزنادقة.
ـ[735] بغية الواجد في مكتوبات مولانا خالد (ص/112).
ـ[736] المناقب السنية (ص/27).
ـ[737] المنن (ص/243).
ـ[738] الرشحات على الهامش (ص/46).
ـ[739] الرشحات (ص/73).
ـ[740] محيطات الرحمة (ص/117).
ـ[741] محيطات الرحمة (ص/57).
ـ[742] محيطات الرحمة (ص/6).
ـ[743] الوصية (ص/9).
ـ[744] محيطات الرحمة (ص/13).
ـ[745] محيطات الرحمة (ص/78).
ـ[746] محيطات الرحمة (ص/20).
ـ[747] محيطات الرحمة (ص/58).
ـ[748] التفسير الكبير (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1411هـ المجلد الخامس عشر، الجزء30 ص148).