الجمعة أكتوبر 18, 2024

انْشِقاقُ القمَرِ لإشارَتِه

400-        

كَذَا انْشِقَاقُ البَدْرِ حَتَّى افْـتَـرَقَا


 

بِفِرْقـتَـيْـنِ رَأْيَ عَـيْـنٍ حُـقِّقَا






(كَذَا) ظهَرَتْ للنّبِيّ ﷺ مُعجِزةٌ عجيبةٌ تتحيَّرُ لها العُقولُ وهي (انْشِقاقُ) القمَرِ ليلةَ (البَدْرِ) في جَوِّ السَّماءِ انفِلاقًا حقيقيًّا (حَتَّى افْتَرَقَا) – والألِفُ للإطلاقِ – جُزءانِ مِنهُ (بِفِرْقتَيْنِ) أي كان الافتِراقُ انقِسامًا إلى شِقَّينِ مُتباعِدَينِ مَرئِيًّا (رَأْيَ عَيْنٍ) للنّاظرِينَ إليه رأيًا (حُقِّقَا) ولَم يَكُن ذلكَ وَهْمًا ولا تخيِيلًا، وسبقَ الكلامُ على هذه المُعجِزةِ قَبلُ.

زَوْيُ الأرضِ له

401-        

وَقَـدْ زَوَى لَـهُ الإِلَـهُ حَـقَّـا


 

الأَرْضَ مَـغْـرِبًـا لَـهَـا وَشَـرْقَا


402-        

وَقَـالَ: مَـا زَوَاهُ لِـي سَـيَـبْـلُـغُ


 

إِلَـيْـهِ مُـلْـكُ أُمَّـتِـي فَبَـلَـغُـوا


 













(وَ) مِن مُعجِزاتِه ﷺ أنّه (قَدْ زَوَى لَهُ) أي جمَعَ لأجلِه (الإِلَهُ) عزَّ وجلَّ (حَقًّا) أي في الواقِعِ (الأَرْضَ) كُلَّها فأخبرَ ﷺ أنّه رأَى (مَغْرِبًا لَهَا) أي للأرضِ (وَشَرْقًا، وَقَالَ)(مَا

زَوَاهُ لِي) رَبِّي مِن الأرضِ (سَيَبْلُغُ) أي يَصِلُ (إِلَيْهِ مُلْكُ أُمَّتِي، فَبَلَغُوا) مِن المُلكِ في الأرضِ ما قاله ﷺ. قال التُّورِبِشْتِيُّ([1]): “يُرِيدُ بِه تَقرِيبَ البَعِيدِ منها حتى اطَّلَع علَيهِ اطِّلاعَه على القريبِ منها، وحاصِلُه أنّه طَوَى له الأرضَ وجَعَلَها مجموعةً كهَيئةِ كَفٍّ في مِرءاةِ نَظَرِه”.

رَوَى مُسلِمٌ في «صحِيحِه» وأبو داودَ والتّرمذيُّ في «السُّنَن» عن ثَوبانَ رضي الله عنه أنّ رسولَ الله ﷺ قالَ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» الحديثَ.



([1])  الميسَّر في شرح مصابيح السُّنّة، شهاب الدّين التُّورِبِشْتِيّ، (4/1425).