#84 – 9-12سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام
الحمد لله اللطيف بعباده المجيب والصلاة والسلام على نبيه الحبيب وعلى آله وأصحابه إلى يوم الحساب العصيب، وبعد سنتكلم اليوم بإذن الله تعالى عن دعوة عيسى عليه الصلاة والسلام وعن الكتاب الذي أُنزل عليه وذكرِ أتباعه المؤمنين. أرسل الله تبارك وتعالى عيسى إلى بني إسرائيل يدعوهم لدين الإسـلام العظيم وعلّمه التوراة وأنزل عليه كتابًا سماويًا وهو الإنجيل الذي فيه دعوةٌ إلى الإيمان بالله الواحد الأحد خالقِ كلِ شيء وإلى الإيمان بأنَّ عيسى عبدُ الله ورسولُه، وفيه بيانُ أحكام شريعته، وفيه البِشارة بنبيّ ءاخر الزمان وهو سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه أيضًا تحريمُ الربا وكــلِ ضارٍ للعقل أو البدن وأكلِ لحم الخنزير، وفيه الأمرُ بالصلاة والصيام وغيـرِ ذلك من أمور الدين، وكان أصلُ دعوةِ عيسى عليه السلام شيئين إفرادُ الله بالعبادة والإيمانُ به أنّه نبيُّ الله، ولم يسمِ نفسَه ابنًا لله ولا سمى الله أبًا له، وكانت أول كلمة أنطقه الله بها وهو في المهد: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ} حيث اعترف بالعبودية لله تعالى وحده ربِ كلِ شيء وخالقِ كــلِ شيء. ولقد حذّر عيسى المسيحُ عليه السلام قومَه بني إسرائيل من الكفر والإشراك وبيَّنَ لهم أنه من يشرك بالله تعالى فقد حرَّم الله تعالى عليــه الجنة ومأواه نارُ جهنم خالدًا مخلّدًا فيها أبدًا، قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}. كان أتباعُ عيسى المسيح عليه السلام الذين صدّقوه واتّبعوه وءامنوا بـه مسلمين مؤمنين، وكان من أتباعه وتلامذته وصفوته وخاصته “الحواريون” الذين كانوا أعوانًا له ينشرون دعوتَه وشرعَه ويعلّمـون الناسَ الخير وتعاليمَ الشرع الحنيف الذي أوحي به إلى سيدنا وحبيبنا عيسى عليـــه الصلاة والسلام، ثم بقي المؤمنون الصادقون على هدي نبيهم عيسى عليه السـلام وعلى طريقتِه وتعاليمه حتى بعدَ رفعِه إلى السماء إلى مائتي سنة، ثم بعد المائتي سنة صار عدد المؤمنين منهم ينقص شيئًا فشيئًا وصار يكثر الذيـــن يعبدون عيسى عليه السلام ويحرّفون ما جاء به من تعاليمٍ سماويـــة. وهنا فائدة: يروى أنّ التوراة أُنزلت على موسى لست ليال خلت من شهــر رمضان، وأُنزل الزبور على داود لاثنتي عشرة ليلةً خلت من شهـــر رمضان وذلك بعد التوراة بأربعمائة واثنتين وثمانين سنة، وأُنزل الإنجيل على عيسى لثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بعد الزبور بألـف عام وخمسين عامًا، وأُنزل الفُرقانُ على محمد صلى الله عليه وسلم لأربع وعشرين من شهـر رمضان. والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم. نقف هنا الآن ونكمل إن شاء الله تعالى الحديث عن النبي العظيم عيسى ابنِ مريم في حلقة قادمة إن شاء الله فتابعونا وإلى اللقاء.