الخميس نوفمبر 21, 2024

8 من مئات السنين جرت عادة المسلمين على الاحتفال بالمولد

مِنْ مِئَاتِ السِّنِينَ جَرَتْ عَادَةُ المُسْلِمِينَ عَلَى الاِحْتِفَالِ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ  فِي هَذَا الشَّهْرِ، وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَهُ هُوَ المَلِكُ المُظَفَّرُ وَدَعَا خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ العُلَمَاءِ وَرِجَالِ الدَّوْلَةِ وَغَيْرِهِمْ فَأَعْجَبَ الكُلَّ. فَوَافَقَ عَلَيْهِ العُلَمَاءُ وَالفُقَهَاءُ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مَعْمُولاً بِهِ إِلَى هَذَا العَصْرِ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عِنَايَةً بِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ وَأَهْلُ مِصْرَ. وَهَذَا لاَ يُنْكِرُهُ ذُو فَهْمٍ بِالدِّينِ لِأَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : ” مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ ” . عَمَلاً بِهَذَا الحَدِيثِ نَعْمَلُ هَذَا الاِحْتِفَالَ . وَذَلِكَ المَلِكُ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَهُ نَرْجُو لَهُ مِنَ اللهِ أَجْراً كَبِيراً لِأَنه طَبَّقَ هَذَا الحَدِيثَ. وَلَيْسَ كَمَا يَزْعَمُهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ وَلَيْسَ عِنْدَ هَؤُلاَءِ حُجَّةٌ سِوَى قَوْلُهُمْ : مَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ ، مَا فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ. وَكَمْ مِنْ أَشْيَاءٍ يَعْمَلُونَهَا لَمْ يَفْعَلْهَا الرَّسُولُ، مِنْ ذَلِكَ عَمَلُ المَحَارِبِ لِلْمَسَاجِدِ ، فَالرَّسُولُ مَا عَمِلَ مِحْرَابًا لِمَسْجِدِهِ بَلْ عُمِلَ لِمَسْجِدِهِ مِحْرَابٌ بَعْدَ تِسْعِينَ عَاماً ، وَالقُرْءَانُ الكَرِيمُ مَا كَانَ فِيهِ هَمْزَةً وَلاَ شَدَّةً عِنْدَمَا أَمْلاَهُ الرَّسُولُ عَلَى الصَّحَابَةِ بَلْ كَانَتِ المَصَاحِفُ مُجَرَّدَةً. ثُمَّ بَعْضُ العُلَمَاءِ الأَتْقِيَّاءِ عَمِلَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ مِنَ التَّنْقِيطِ وَالتَّشْكِيلِ والشَّدَّةِ وَالهَمْزَةِ، وَهَذِهِ لاَ يُنْكِرُهَا هَؤُلاَءِ، أَمَّا عَمَلُ المَوْلِدِ فَيُنْكِرُونَهُ، بِدُونِ دَلِيلٍ يَسْتَحْسِنُونَ هَذَا وَيُحَرِّمُونَ ذَاكَ. وَنَحْنُ نَرْجُو مِنَ اللهِ تَعَالَى الأَجْرَ لِمِنْ يَقُومُ بِهَذَا الاِحْتِفَالِ وَلِلْحَاضِرِينَ إِذَا دُعُوا إِلَيْهِ. وَنَحْنُ عِنْدَنَا الاِحْتِفَالُ بِالمَوْلِدِ فِيهِ أَجْرٌ، إِذْ نَحْنُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ نَتَّبِعُ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ السَّلَفِ وَالخَلَفِ، نَحْنُ نَنْتَسِبُ إِلَى الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِي  وَلَيْسَ عِنْدَنَا أَفْكَارٌ جَدِيدَةٌ نَدْعُو إِلَيْهَا النَّاسَ.