الجمعة أكتوبر 18, 2024

78) اذْكُرْ بَعْضَ الأَوْلِيَاءِ حَصَلَتْ مِنْهُمْ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ ثُمَّ تَابُوا قَبْلَ مَوْتِهِمْ.

      حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالزُّبَيْرِ بنِ الْعَوَّامِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَإِنَّهُمَا خَرَجَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِىِّ بنِ أَبِى طَالِبٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَىْ تَرَكَا طَاعَتَهُ وَخَالَفَاهُ بِوُقُوفِهِمَا مَعَ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ فِى الْبَصْرَةِ فَذَكَّرَ عَلِىٌّ كُلًّا مِنْهُمَا قَبْلَ نُشُوبِ الْحَرْبِ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَمَّا الزُّبَيْرُ فَقَالَ لَهُ أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُقَاتِلَنَّ عَلِيًّا وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ فَقَالَ نَسِيتُ فَذَهَبَ مُنْصَرِفًا عَنْ قِتَالِهِ تَائِبًا ثُمَّ لَحِقَهُ فِى طَرِيقِهِ رَجُلٌ مِنْ جَيْشِ عَلِىٍّ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ فِى ظَهْرِهِ فَقَتَلَهُ فَتَابَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ بِتَذْكِيرِ عَلِىٍّ لَهُ فَلَمْ يَمُتْ إِلَّا تَائِبًا. وَأَمَّا طَلْحَةُ فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِىٌّ مَوْلاهُ أَىْ مَنْ كُنْتُ أَنْصُرُهُ فَعَلِىٌّ يَنْصُرُهُ فَذَهَبَ طَلْحَةُ مُنْصَرِفًا عَنْ قِتَالِهِ تَائِبًا فَضَرَبَهُ مَرْوَانُ بنُ الْحَكَمِ أَىْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ تَابَ وَنَدِمَ عِنْدَ ذِكْرِ عَلِىٍّ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَكُلٌّ مِنَ الزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ مَا مَاتَ إِلَّا تَائِبًا. وَكِلا الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ الأَوَّلُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ وَالثَّانِى رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ فِى سُنَنِهِ بَلِ الْحَدِيثُ الثَّانِى مُتَوَاتِرٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ فِى الأَزْهَارِ الْمُتَنَاثِرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ مَغْفُورٌ لَهُمَا لِأَجْلِ الْبِشَارَةِ الَّتِى بَشَّرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ بِهَا مَعَ ثَمَانِيَةٍ ءَاخَرِينَ فِى مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبُو بَكْرٍ فِى الْجَنَّةِ عُمَرُ فِى الْجَنَّةِ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ فِى الْجَنَّةِ عَلِىُّ بنُ أَبِى طَالِبٍ فِى الْجَنَّةِ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فِى الْجَنَّةِ الزُّبَيْرُ بنُ الْعَوَّامِ فِى الْجَنَّةِ سَعْدُ بنُ أَبِى وَقَّاصٍ فِى الْجَنَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الْجَرَّاحِ فِى الْجَنَّةِ عَبْدُ الرَّحْمٰنِ بنُ عَوْفٍ فِى الْجَنَّةِ وَسَعِيدُ بنُ زَيْدٍ فِى الْجَنَّةِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِىُّ وَغَيْرُهُمَا فَهَذَا مِنَ الإِمَامِ أَبِى الْحَسَنِ الأَشْعَرِىِّ إِثْبَاتٌ مِنْهُ أَنَّهُمَا أَثِمَا أَىْ وَقَعَا فِى الْمَعْصِيَةِ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِى حَقِّ عَائِشَةَ إِنَّهَا مَغْفُورٌ لَهَا لِأَجْلِ أَنَّهَا مُبَشَّرَةٌ أَيْضًا وَهِىَ نَدِمَتْ نَدَمًا شَدِيدًا لِوُقُوفِهَا فِى مُعَسْكَرِ الْمُقَاتِلِينَ لِعَلِىٍّ حَتَّى كَانَتْ حِينَ تَذْكُرُ سَيْرَهَا إِلَى الْبَصْرَةِ وَوُقُوفَهَا مَعَ الْمُقَاتِلِينَ لِعَلِىٍّ تَبْكِى بُكَاءً شَدِيدًا يَبْتَلُّ مِنْ دُمُوعِهَا خِمَارُهَا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمَا وَهَذَا مُتَوَاتِرٌ.