#74 -2-2 سيدنا زكريا عليه الصلاة والسلام
الحمد لله مكوّن الأكوان الموجود أزلا وأبدا بلا مكان أما بعد سنتكلمُ اليوم عن دعاءِ سيدِنا زكريا عليه السلام وسؤالِه الولدَ في حالِ كِبَرِهِ وعن وفاتِه عليه السلام. كانَ نبيُ اللهِ زكريا عليه السلام قد تَقدّمَت بهِ السِنُ وانتَشَرَ الشَيبُ في رأسِهِ، وكانتِ امرأتُه عاقِرًا لا تَلِد، فطلَبَ من ربِهِ أن يَرزُقَهُ غلامًا تقيًا يَرِثُهُ في العِلمِ والنُبوةِ ويُعلّمُ الناسَ الخير، فبَشرهُ الله تبارك وتعالى بواسِطَةِ الملائكةِ وهو قائمٌ في مِحرابِ المسجدِ يُصلي “بيحيى” نبيًا من الصالحين، فشرع بعد ذلك يستَعلِمُ على وجهِ التَعجبِ وجودَ الولدِ له، وليسَ على وجهِ الشكِّ في قدرةِ اللهِ تعالى على ذلك، فالأنبياءُ كلُّهم عارفونَ بالله تعالى ويعلمونَ يقينًا أنّ الله عزّ وجلّ على كلِ شيءٍ قدير، قالَ الله تبارك وتعالى إخبارًا عن نبيه زكريا: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} وقد قيل إنّ زكريا عليه السلام كان عمُرُهُ ءانذاك تسعًا وتسعين سنة وكان عُمُرُ زوجتِه ثمانيًا وتسعينَ سنة وكانت عاقِرًا لا تلِد، وهكذا أُجيبَ زكريا عليه السلام وقال له الملَكُ إن إيجادَ الولدِ منكَ ومن زوجتِك هذهِ لا من غَيرِها هيّنٌ يَسيرٌ وسَهلٌ على اللهِ تعالى الذي هو على كل شيءٍ قدير. أمّا عن وفاتِه عليه السلام فإنّه قد ماتَ قتلًا، وقيلَ في سببِ قتلِه: إنّه لما شاعَ الخبرُ في بني إسرائيلَ أنَّ مريمَ عليها السلامُ حاملٌ اتهمَها بعضُ الزنادقة بيوسفَ النجارِ الذي كان يتعبّدُ معها في المسجد، واتهمَها ءاخرون بزكريا عليه السلام ولذلِكَ عَزموا على قتلِه، فأمسكوا بهِ ثم نَشروهُ بالمنشار والعياذ بالله، وقُتِلَ عليهِ السلام ظلمًا وماتَ شهيدًا صلّى الله عليه وسلّم. وقيلَ في سببِ قتلِه قولٌ ءاخر وهو أنّه لما قُتِلَ ابنُه نبيُ الله يحيى بنُ زكريا عليهما السلام بأمرِ الملِكِ الظالمِ حاكمِ فِلسطين “هيرودوس”، أرسلَ هذا الملِكُ في طلبِ أبيه زكريا عليه السلام فاستَخفى عليه السلام منهم، فدخلَ بُستانًا ومَرَّ بشجرةٍ عند بيتِ المقدسِ فنادتهُ الشجرةُ بمشيئةِ الله: هلُمَّ إليّ يا نبيَ الله، فلما أتاها عليه السلام انشقَت بقدرةِ الله ومشيئتِه فدَخلَها فانطبَقَت عليه وبَقِيَ عليه السلامُ في وسطِها، فأتى عدوُ الله إبليسُ اللعينُ فأخذ طرَفَ رداءِ زكريا عليه السلام فأخرَجَه من الشجرةِ ليُصدّقوهُ إذا أخبرَهم، ثم لَقِيَ القومَ الذين خرجوا في طلبِ زكريا عليه السلام وكانَ مُتشَكِلًا لهم بِصورةِ رجلٍ فقالَ لهم: ما تُريدون؟ فقالوا: نلتَمِسُ زكريا، فقال لهم: إنهُ سَحَرَ هذه الشجرة فانشقَت له فدَخلَها، فقالوا له: لا نُصدِّقُك! فقال لهم: فإنّ لي علامة تُصدقونني بها، فأراهم طرَفَ ردائِه فأخذوا الفؤوسَ وقطعوا الشجرةَ وشَقوها بالمنشارِ فقُتِلَ نبيُ الله زكريا فيها وماتَ شهيدًا، وقد سلّطَ الله تبارك وتعالى عليهم أخبثَ أهلِ الأرض فانتقَم منهم، والله عزيزٌ ذو انتقام والله أعلم وأحكم نقف هنا حيث نتابِعُ في الحلقةِ المقبلةِ بإذنِ الله تعالى عن نبيِ الله يَحيى بنِ زكريا عليه السلام فتابعونا وإلى اللقاء.