الإثنين ديسمبر 23, 2024

(74) هَلْ يُقَالُ عَنِ الْقُرْءَانِ بِمَعْنَى اللَّفْظِ الْمُنَزَّلِ إِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ.

      قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ التَّوْبَةِ ﴿وإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ أَىْ إِنْ جَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَأْمَنَكَ أَىْ طَلَبَ مِنْكَ الأَمَانَ لِيَسْمَعَ مَا تَدْعُوَ إِلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْقُرْءَانِ فَأَمِّنْهُ أَىْ أَعْطِهِ الأَمَانَ ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ وَيَتَدَبَّرَهُ وَيَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ. فَالْقُرْءَانُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ الْمُنَزَّلِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ يُقَالُ لَهُ كَلامُ اللَّهِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَلامِ اللَّهِ الأَزَلِىِّ وَلأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَأْلِيفِ مَلَكٍ وَلا بَشَرٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ نَطَقَ بِهِ بِالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ كَمَا نَحْنُ نَقْرَؤُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ أَىْ أَنَّ الْقُرْءَانَ هُوَ مَقْرُوءُ جِبْرِيلَ. اللَّهُ تَعَالَى أَجْرَى الْقَلَمَ بِقُدْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِمْسَاكٍ لِأَنَّ اللَّهَ لا يَمَسُّ وَلا يُمَسُّ لا يَصِحُّ أَنْ يَمَسَّ وَلا أَنْ يُمَسَّ لِأَنَّ الْمَسَّ لا يَحْصُلُ إِلَّا بِاتِّصَالِ جِسْمٍ بِجِسْمٍ فَكَتَبَ فِى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ الْقُرْءَانَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ جِبْرِيلَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ الأَنْبِيَاءَ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الْكُتُبَ وَأَنْ يُنْزِلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ.