#72 -5-5 سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام
نُحدِثُكم الآن عن وفاةِ نبيِ الله سليمانَ وكم كانت مدةُ حياتِه ومُلكِه. يذكُرُ الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم كيفيةَ موتِ نبيِه سليمانَ عليه السلام وكيفَ أخفى الله تعالى موتَه على الجنِّ المسخَّرينَ له في الأعمالِ الشاقةِ لأنَّ الجنَّ كانوا يقولونَ للناسِ: إننا نعلَمُ الغيبَ فأرادَ الله تعالى إظهارَ كَذِبِهِم فقُبِضَ سليمانُ وهو مُتَوَكِئٌ على عصاهُ وظَلَّ ميِّتًا على عصاهُ سنةً كاملة، فلما أكلتِ الأَرَضَةُ عصاهُ خَرَّ وسَقَطَ إلى الأرضِ وعُلِمَ أنه قد ماتَ قبلَ ذلكَ بِمُدَةٍ طويلة، وتبيّنتِ الجنُّ والإنسُ أيضًا أنَّ الجِنَّ لا يَعلمونَ الغيبَ كما كانوا يُوهِمونَ الناس ويَتوهَمونَ. وكان سليمانُ عليه السلام إذا صلّى رأى شجرةً نابتَةً بينَ يَدَيْهِ فيَقولُ لها: ما اسْمُكِ؟ فتقول: كذا، فيقولُ: لأيِّ شىءٍ أنتِ؟ فإن كانت لِغَرْسٍ غُرِسَت وإن كانت لدواءٍ أُنبِتَت، فبينما هو يصلي ذات يومٍ إذ رأى شجرةً بين يديه فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخُرنوب، قال: لأيِّ شىء أنتِ؟ قالت: لِخرابِ هذا البيت، فقالَ سُليمان: اللهمَّ أخفِ عن الجنِّ موتي حتى تعلَمَ الإنسُ أنّ الجنَ لا يعلمونَ الغيبَ، فنَحَتها عليه السلام عَصًا فتَوكّأَ عليها حَوْلًا والجِنُّ تعمل، فأكلتها الأَرَضة فتَبَيَّنَتِ الإنسُ أنَّ الجنَّ لو كانوا يعلمونَ الغيبَ ما لَبِثوا حَوْلًا في العذابِ المهين. ويُقالُ إنهُ كانَ عُمُرُ نبيِ اللهِ سُليمان عليهِ السلام حينَ تَوَفّاهُ الله اثنَتَيْنِ وخَمسينَ سنة، ولَبِثَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ في الملكِ أربعينَ سنةً ودُفِنَ في بيتِ المقدسِ في فلسطين. وهنا فائدة: كان لسيدِنا سليمانَ عليه السلام ثلاثُمِائَةِ زوجةٍ من الحرائِر وسبعُمائة أمةٍ مملوكة ومعَ ذلكَ لم يَكن قلبُه مُتعلِقًا بالنساء ولم يكن هَمُهُ إشباعَ الشهوةِ بكثرةِ التلذذِ بالنساءِ وإنما كانَ غرضُه أن يَخرُجَ من ظهرِهِ ذُريَّةً يُجاهدونَ في سبيل الله تعالى. ومن نِعَمِ الله على سليمانَ أنه كانَ يوجَدُ في مجلسِ حُكمِه سِتُمِائةِ ألفِ كرسي ثلاثمائةِ ألفٍ عن يَمينِه لكُبراءِ الإنسِ وثلاثُمائَةِ ألفٍ عن يسارِه لِكُبَراءِ الجن، وقد كانتِ العفاريتُ الذينَ كانوا يستطيعونَ أن يَنقُلوا الصخر الكبير من مكانٍ إلى مكانٍ بَعيدٍ يُطيعونَهُ ويَخافونَ أن يُنْزِلَ الله عليهم عذابًا في الدنيا إن لم يُطيعوا سليمان عليه السلام. وسبحان الله والحمد لله والله تعالى أعلم وأحكم. في الحلقةِ القادِمةِ نكونُ بإذنِ الله مع قِصةِ نبيِ الله زكريا عليه السلام فتابِعونا وإلى اللقاء.