(7) مَا هُوَ خَيْرُ مَا يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمُسْلِمُ لِآخِرَتِهِ.
قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ وَسَبِيلُ التَّقْوَى هُوَ الْعِلْمُ، فَالذَّكِىُّ هُوَ الَّذِى يَأْخُذُ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى سُورَةِ الْقَصَصِ ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ أَىْ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الزَّادِ لِلآخِرَة وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ. فَالذَّكِىُّ الْفَطِنُ هُوَ الَّذِى دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِى الآخِرَةِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْحَشْرِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَىْ أَدُّوا الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنِبُوا الْمُحَرَّمَاتِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْوَاجِبَاتِ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ الشَّرْعِىِّ، ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ أَىْ لِيَنْظُرِ الْمَرْءُ مَا يُعِدُّ وَيُقَدِّمُ لِآخِرَتِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَيَنْبَغِى أَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ. قَالَ الإِمَامُ عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا وَهِىَ مُدْبِرَةٌ وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ وَهِىَ مُقْبِلَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُون فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا الْيَوْمَ الْعَمَلُ وَلا حِسَابَ وَغَدًا الْحِسَابُ وَلا عَمَل، رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ فِى كِتَابِ الرِّقَاقِ. وَقَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الذَّارِيَّاتِ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون﴾ أَىْ خَلَقَهُمْ لِيَأْمُرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ لِلْجَمِيعِ أَنْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ. فَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ وَقَدَّرَ لَهُمْ ءَاجَالًا فَطُوبَى لِمَنِ اسْتَعَدَّ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَزَوَّدَ مِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ وَخَيْرُ الزَّادِ التَّقْوَى.