(60) مَا مَعْنَى الْقَدِيرِ فِى حَقِّ اللَّهِ.
مَعْنَى الْقَدِيرِ الْمُتَّصِفُ بِالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ فَاللَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ لا يُعْجِزُهُ شَىْءٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْمَائِدَةِ ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ وَقَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْحَجِّ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ﴾ وَالْقَوِىُّ أَىِ التَّامُّ الْقُدْرَةِ الَّذِى لا يُعْجِزُهُ شَىْءٌ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ قَوِىَّ الْجَسَدِ لِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ جِسْمًا. وَلا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ بِالْقُوَّةِ كَمَا فَعَلَ سَيِّد قُطُب فِى تَفْسِيرِهِ فَإِنَّهُ سَمَّى اللَّهَ بِالْقُوَّةِ الْخَالِقَةِ وَهَذَا إِلْحَادٌ وَكُفْرٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ اللَّهَ صِفَةً فَالْقُوَّةُ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ صِفَةٌ لِلَّهِ وَاللَّهُ لَيْسَ صِفَةً وَكَذَلِكَ الشَّعْرَاوِىُّ الْمِصْرِىُّ سَمَّى اللَّهَ قُوَّةً فَإِنَّهُ قَالَ فِى كِتَابِهِ الْفَتَاوَى وَخُضُوعًا وَخُشُوعًا لِلْقُدْرَةِ الْكُبْرَى وَالْقُوَّةِ الْكُبْرَى الَّتِى نَعْبُدُهَا وَهِىَ اللَّهُ. وَلا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِى الْجَهْلِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَنَحْوِهَا مِنْ صِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ إِجْمَاعًا مَهْمَا بَلَغَ الْجَهْلُ بِصَاحِبِهِ لِأَنَّ الْعَقْلَ وَحْدَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ نَصًّا قُرْءَانِيًّا أَوْ حَدِيثِيًّا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِىِّ مَنْ نَفَى قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ كَافِرٌ بِالِاتِّفَاقِ، أَىْ بِلا خِلافٍ.