فصل فى الواجبات القلبية
(635) تكلم عن الإيمان بالله ورسوله.
الإيمان بالله هو اعتقاد أن الله موجود لا كالموجودات موجود بلا كيفٍ ولا مكانٍ ولا جهةٍ والإيمان برسول الله هو اعتقاد أنه ﷺ رسول الله وأن الله أرسله ليدعو الناس إلى عبادة الله وحده وأن لا يشركوا به شيئا واعتقاد أنه صادق فى كل ما جاء به. وليس الأمر كما يقول عمرو خالد بأن الإنسان يعبد اللى هوا عايزه، فهذه دعوة إلى الإلحاد والكفر.
(636) تكلم عن الإخلاص.
الإخلاص هو العمل بالطاعة لله وحده أى أن لا يقصد بعمل الطاعة محمدة الناس له والنظر إليه بعين الاحترام والتعظيم قال رسول الله ﷺ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه قيل وما إتقانه يا رسول الله قال أن يخلصه من الرياء والبدعة وروى النسائى وأبو داود بالإسناد إلى أبى أمامة أنه قال جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له قال لا شىء له فأعادها ثلاثا كل ذلك يقول لا شىء له ثم قال له رسول الله ﷺ إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له وما ابتغى به وجهه.
(637) تكلم عن الندم على المعاصى.
تجب التوبة فورا من جميع المعاصى صغيرها وكبيرها وركنها الأكبر هو الندم وهو استشعار الحزن بالقلب على وقوعه فى الذنب أما لو كان ندمه لأجل الفضيحة بين الناس أو خسارة ماله فى القمار لم يكن ذلك توبة.
(638) تكلم عن التوكل على الله.
معنى التوكل على الله اعتقاد أنه لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله فيجب على العبد أن يكون اعتماده على الله لأنه خالق كل شىءٍ من المنافع والمضار قال تعالى ﴿وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ وروى الطبرانى فى المعجم الأوسط أن رسول الله ﷺ قال ألا أعلمكم الكلمات التى تكلم بها موسى عليه السلام حين جاوز البحر ببنى إسرائيل فقلنا بلى يا رسول الله قال قولوا اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم وقال رسول الله ﷺ لو تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا، أى تذهب فى أول النهار جائعة ليس فى بطنها شىء وتعود ممتلئة ءاخر النهار. ومن يتوكل على الله لا يلجأ إلى معصية الله فلا يلجأ إلى السرقة إن قل ماله ولا يسأل العرافين عن ماله المسروق أو الضائع بل يتوكل على الله ويعتقد أن رزقه لا يأكله غيره قال رسول الله ﷺ إن روح القدس (وهو جبريل معناه روح الطهر) نفث فى روعى (أى فى قلبى) إن نفسا لن تموت حتى تستوفى رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب، أى اطلبوا الرزق من طريقٍ حلالٍ وقال الله تعالى فى سورة الطلاق ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾. ذكر التقوى أولا ثم قال ﴿يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾ والتقوى هى أداء جميع الواجبات واجتناب جميع المحرمات ومن جملة الواجبات تعلم العلم الدينى الواجب. ومن لزم الاستغفار أى داوم عليه كأن قال فى كل يومٍ ثلاثمائةٍ أو أكثر رب اغفر لى أو أستغفر الله رزقه الله من حيث لا يحتسب كما قال رسول الله ﷺ من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيقٍ مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب، أى يأتيه الرزق من طريقٍ هو ما كان يظن أنه يأتيه منه.
(639) ما معنى المراقبة لله.
المراقبة لله من الواجبات القلبية وهى استدامة الخوف من الله بأداء ما أوجبه واجتناب ما حرمه. ومن داوم على استحضار أن الله عالم به وأن الله يراه يورثه هذا فى قلبه خشية من الله فيترك المعاصى خوفا من الله ويؤدى الواجبات طاعة لله. سهل بن عبد الله التسترى كان له خال من كبار الأولياء وكان خاله يربيه ويعتنى به. ولما كان صغيرا قال له خاله قل كل يومٍ الله عالم بى الله يرانى فصار سهل يردد هذه الكلمات وبعد سنةٍ قال له خاله يا سهل الذى يعلم أن الله عالم به وأن الله يراه هل يعصيه، سهل فهم ذلك فصار بعد هذا من أكابر الأولياء الصالحين لأنه راقب الله عز وجل فى أوقاته كلها فكان يستحضر فى قلبه دائما أنه لا يعصى الله عز وجل خوفا وإجلالا وطاعة لله.
(640) تكلم عن الرضى عن الله.
الرضى عن الله هو التسليم له وترك الاعتراض فيجب على العبد أن يرضى بما جاء عن الله ولا يعترض عليه وأن يقبل ما جاء فى الشرع من العقائد والأحكام. بعض الناس تصيبهم المصائب فيعترضون على الله فيكفرون بخالقهم. كان فى العرب قبل سيدنا محمدٍ بآلافٍ من السنين رجل من قوم عادٍ يقال له حمار بن مالكٍ. كان بأرضٍ فى الجزيرة العربية يقال لها الجوف وكان يعيش فى وادٍ فيه شجر وفيه ماء ثم الله تبارك وتعالى أرسل صاعقة فقتلت أبناءه فغضب غضبا شديدا وكفر كفرا شنيعا قال لا أعبده لأنه قتل أبنائى ثم ما اكتفى بهذا الكفر بل كان إذا مر إنسان بالوادى الذى فيه يقول له اكفر بالله وإلا قتلتك فإن كفر تركه وإن لم يكفر قتله ثم الله تبارك وتعالى زاده مصيبة، أرسل الله نارا فى أسفل الوادى فأهلكت الوادى وما فيه، لم يبق فيه شجر ولا ماء، صار الوادى أسود ومأوى للشياطين. هذا كان عاش قبل أن يكفر أربعين سنة على الإسلام لو صبر على تلك المصيبة التى نزلت به بموت أولاده ولم يعترض على الله كان كسب أجرا كبيرا. هذا الرجل ضر نفسه، الله عز وجل لا ينضر بكفر الكافرين ولا بمعصية العصاة. هو ضر نفسه باعتراضه على الله ونسبة الظلم إلى الله تبارك وتعالى.
(641) تكلم عن تعظيم شعائر الله.
يجب تعظيم شعائر الله لقوله تعالى ﴿ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾ فيحرم الإخلال بتعظيمها والاستهانة بها وشعائر الله هى معالم دينه أى ما كان مشهورا من أمور الدين كالصلاة والحج والأذان والمساجد. وأما الاستخفاف بشعائر الله فهو كفر كالذى يقول الصلاة ليس لها شأن أو الصيام ليس له معنى.
(642) تكلم عن الشكر الواجب.
الشكر الواجب هو عدم استعمال نعم الله فى معصيته فيجب على العبد أن يشكر ربه باستعمال قلبه وجوارحه أى أعضاء جسده كلسانه فى طاعته الواجبة وعدم استعمالها فى معصيته بأن لا يعصى الله بترك فرضٍ أو فعل محرمٍ وأما الشكر المندوب أى المسنون فهو الثناء باللسان على الله على نعمه التى لا نحصيها كقول الحمد لله.
(643) تكلم عن الصبر الواجب.
الصبر هو قهر النفس على فعل شىءٍ تنفر منه أو على تحمل مفارقة شىءٍ لذيذٍ تميل إليه فالصبر الواجب هو الصبر على أداء ما أوجب الله من الطاعات والصبر على اجتناب ما حرم الله والصبر على البلايا والمصائب بمعنى عدم الاعتراض على الله أو الدخول فيما حرم الله بسبب المصيبة.
(644) تكلم عن بغض الشيطان.
يجب على المكلف بغض الشيطان أى كراهيته لأن الله تعالى أمرنا أن نتخذه عدوا قال تعالى ﴿فاتخذوه عدوا﴾ والشيطان هو الكافر من الجن ومحاربته تكون بتعلم علم الدين.
(645) تكلم عن بغض المعاصى.
يجب كراهية المعاصى سواء حصلت منه أم من غيره لأن الله يكرهها وحرم على المكلفين فعلها.
(646) تكلم عن محبة الله ومحبة كلامه ورسوله والصالحين.
يجب على المكلف محبة الله بتعظيمه والتذلل له غاية التذلل ومحبة كلامه أى القرءان بتعظيمه والإيمان به ومحبة رسوله محمدٍ ﷺ بتعظيمه كما يجب، روى البخارى ومسلم بإسنادٍ صحيحٍ من حديث أنسٍ رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا يؤمن أحدكم (أى لا يكون كامل الإيمان) حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. وتجب محبة إخوانه الأنبياء وسائر الصالحين.
(647) تكلم عن محبة ءال النبى وأصحابه.
تجب محبة ءال النبى وهم أزواجه ﷺ وأقرباؤه المؤمنون لما خصوا به من الفضل وتجب محبة أصحابه من حيث الإجمال أى تعظيمهم لأنهم أنصار دين الله.
فصل فى معاصى القلب
(648) ما هو الرياء.
الرياء هو العمل بالطاعة لأجل الناس أى ليمدحوه وهو من المعاصى الكبائر لأن الرسول ﷺ سماه الشرك الأصغر كما روى الحاكم فى المستدرك أن رسول الله ﷺ قال اتقوا الرياء (أى اجتنبوا الرياء) فإنه الشرك الأصغر، أى ذنب كبير يشبه الإشراك بالله ولا يخرج فاعله من الإسلام. والرياء يحبط ثواب العمل الذى قارنه. قال تعالى ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ أى لا يراء بعمله. ولا يجتمع الثواب والرياء لحديث أبى داود والنسائى بالإسناد إلى أبى أمامة أنه قال جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له قال لا شىء له فأعادها ثلاثا كل ذلك يقول لا شىء له ثم قال له رسول الله ﷺ إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا له وما ابتغى به وجهه.
(649) ما هو العجب بطاعة الله.
العجب بطاعة الله من الكبائر وهو أن يعجب العبد بطاعاته بحيث يرى تعظيم نفسه ناسيا أن الله هو الذى تفضل عليه بها فأقدره عليها ويبطل العجب ثواب الطاعة التى قارنها. أما إذا حصل العجب بعد الانتهاء من العمل فلا يحبط الثواب لكنه حرام. وأما الفرح بالطاعة لأنها نعمة من الله فليس بمعصيةٍ.
(650) ما حكم من شك فى وجود الله.
من شك فى وجود الله كفر وكذا إن شك فى قدرته أو علمه أو وحدانيته أو حكمته أو عدله أو فى أى صفةٍ من صفاته الثلاث عشرة الواجبة له إجماعا قال تعالى فى سورة الحجرات ﴿إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا﴾ أى لم يشكوا فدلت هذه الآية على أن من شك فى وجود الله أو قدرته أو نحو ذلك ليس بمؤمنٍ وأن الإيمان لا يحصل إلا بالجزم وأن التردد ينافيه.
(651) ما معنى الأمن من مكر الله.
الأمن من مكر الله من الكبائر وهو أن يستمر الشخص فى فعل المعاصى ويعتمد على رحمة الله فيأمن من عذاب الله قال تعالى ﴿أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون﴾. ومكر الله ليس كمكر العباد مكر الله لا يذم لأن الله لا يجوز عليه الظلم لا يكون ظالما إن انتقم من عباده الظالمين بما شاء وأما المكر بمعنى الاحتيال فمستحيل على الله. قال الله تعالى ﴿ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين﴾، ﴿ومكروا﴾ أى الكفار فعلوا حيلة وخبثا وخداعا لإيصال الضرر للمسلمين بطريقٍ خفىٍ ﴿ومكر الله﴾ أى عاقبهم على مكرهم ﴿والله خير الماكرين﴾ أى الله أقوى فى إيصال الضرر إلى الماكرين من كل ماكرٍ جزاء لهم على مكرهم. ولا يجوز تسمية الله ماكرا فمن قال يا ماكر ارحمنى كفر لأنه استخف بالله.
(652) ما معنى القنوط من رحمة الله.
القنوط من رحمة الله من الكبائر وهو أن يعتقد العبد أن الله لا يغفر له وأنه لا محالة يعذبه لكثرة ذنوبه قال الله تعالى فى سورة الزمر ﴿قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم﴾. وطريق النجاة الذى ينبغى أن يكون عليه المؤمن أن يكون خائفا راجيا يخاف عقاب الله على ذنوبه ويرجو رحمة الله.
(653) ما هو التكبر.
التكبر نوعان الأول رد الحق على قائله لكونه صغير السن مثلا مع العلم بأن الصواب معه فيستعظم أن يرجع إلى الحق من أجل ذلك والثانى استحقار الناس كأن يتكبر على الفقير وينظر إليه نظر احتقارٍ أو يترفع عليه فى الخطاب لكونه أقل منه مالا وهو من الكبائر. وقد نهى الله تعالى عباده عن التكبر قال الله تعالى فى سورة لقمان ﴿ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا﴾ أى لا تعرض عنهم متكبرا بل أقبل على الناس بوجهك متواضعا ولا تمش مشية الكبر والفخر. وقد ورد فى الحديث الذى رواه البخارى فى الأدب أن المتكبرين يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر أى بحجم النمل الأحمر الصغير وصورة بنى ءادم يطأهم الناس بأقدامهم إهانة لهم ولا يموتون.
(654) ما هو الحقد.
الحقد المحرم هو أن يكون فى نفسه أن يؤذى المسلم بلا سببٍ إن استطاع. أما إن كرهه بقلبه فقط ولم يعمل بمقتضى ذلك ولم يتكلم به فليس عليه معصية.
(655) ما هو الحسد.
الحسد من معاصى القلب وهو أن يتمنى زوال النعمة عن المسلم مع السعى لذلك بالقول أو الفعل أما إذا لم يسع فلا يكتب عليه معصية لكن يسمى حسدا وأما إن تمنى له الوقوع فى معصيةٍ أو تمنى له ترك واجبٍ فقد عصى الله بتمنيه وإن لم يسع. روى البخارى من حديث أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، فالحسد والتباغض ضرره كبير لأن المسلمين إذا تحاسدوا وتباغضوا يتقاعسون عن فعل الخير. وأما التدابر فهو أن يولى ظهره للمسلم، هذا يقبل إليه وذاك يدبر عنه أو يصرف وجهه إلى الناحية الأخرى للإشعار بأنه يكرهه وهذا فيه إيذاء للمسلم.
(656) تكلم عن المن بالصدقة.
المن بالصدقة ذنب كبير وهو أن يعدد نعمته على ءاخذها ليكسر قلبه ويبطل المن ثوابها كأن يقول لمن تصدق عليه ألم أعطك كذا من المال يوم كذا وكذا حين كنت محتاجا ليكسر قلبه قال الله تعالى فى سورة البقرة ﴿يا أيها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾.
(657) ما هو الإصرار على الذنب المعدود من الكبائر.
الإصرار على الذنب الصغير المعدود من الكبائر هو أن يصير عدد معاصيه الصغيرة أكبر من عدد طاعاته بالنسبة لما مضى من عمره وليس بالنسبة ليومه فقط فيصير بذلك واقعا فى ذنبٍ كبيرٍ لذلك على العبد أن يجتهد فى اجتناب المعاصى وإن كانت صغيرة. وأما مجرد تكرار الذنب الذى هو من الصغائر والمداومة عليه كالنظر المحرم فلا يكون كبيرة إذا لم يغلب ذلك الذنب طاعاته. فمن وقع فى معصية الإصرار على الذنب يلزمه التوبة منها ومن الصغائر.
(658) ما هو سوء الظن بالله وبعباد الله.
سوء الظن بالله هو أن يظن العبد بربه أنه لا يرحمه بل يعذبه وأما سوء الظن بعباد الله فهو أن يظن بعباده المؤمنين السوء بدون دليلٍ معتبرٍ كأن يسرق له مال فيظن بفلانٍ أنه السارق بغير دليلٍ يدل على ذلك. قال الله تعالى فى سورة الحجرات ﴿يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم﴾ والإثم هو الذنب الذى يستحق صاحبه العقاب وقال رسول الله ﷺ إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، رواه البخارى ومسلم. فالظن الذى ذمه رسول الله هو الظن بلا قرينةٍ معتبرةٍ والقرينة المعتبرة كأن يكون فى غرفةٍ وله فى هذه الغرفة مال ومعه شخص ءاخر ثم خرج من الغرفة وعاد إليها فوجد أن المال قد فقد وكان متيقنا أنه لم يدخل هذه الغرفة غيره وغير الذى كان معه فظن بهذا الشخص أنه سرق المال فلا يحرم.
(659) ما حكم التكذيب بالقدر.
التكذيب بالقدر كفر وهو أن يعتقد العبد أن شيئا من الأشياء يحصل بغير تقدير الله قال الله تعالى فى سورة القمر ﴿إنا كل شىءٍ خلقناه بقدرٍ﴾ وقال رسول الله ﷺ كل شىءٍ بقدرٍ. والقدر هو إيجاد الله الأشياء على حسب علمه الأزلى ومشيئته الأزلية ويقال بعبارةٍ أخرى القدر هو جعل كل شىءٍ على ما هو عليه.
(660) ما حكم الفرح بالمعصية.
يحرم الفرح بالمعصية سواء صدرت منه أم من غيره فمن علم أن فلانا شرب خمرا أو ضرب مسلما بغير حقٍ ففرح بذلك فقد عصى الله. والفرح بالمعصية الكبيرة كبيرة أما الفرح بالمعصية الصغيرة فهى صغيرة إلا إذا فرح بها لأنها معصية لله فتكون كبيرة وأما الفرح بكفر الغير فهو كفر.
(661) ما حكم الغدر.
الغدر من كبائر الذنوب وهو كأن يقول لشخصٍ أنت فى حمايتى ثم يقتله أو يدل عليه من يقتله. ومن الغدر المحرم أن يغدر بالإمام بعد أن يبايعه بأن يعود محاربا له أو يعلن تمرده على طاعته. ومن الغدر المحرم أن يعامل المسلم الكافر بالبيع فيخونه فى الوزن أو الكيل أو يضيع وديعة استودعه إياها الكافر فيتلفها أو يجحدها.
(662) تكلم عن المكر.
المكر هو إيصال الضرر إلى المسلم بطريقةٍ خفيةٍ باستعمال حيلةٍ وهو من كبائر الذنوب قال رسول الله ﷺ المكر والخديعة فى النار، رواه الحاكم فى المستدرك. والمكر والخديعة بمعنى واحدٍ.
(663) تكلم عن بغض الصحابة.
بغض الصحابة أى كراهيتهم جملة كفر أما بغض واحدٍ منهم فليس كفرا والصحابى هو من لقى النبى ﷺ على وجه العادة مؤمنا به ومات على الإيمان.
(664) ما حكم بغض الصالحين.
بغض الصالحين أى كراهيتهم جملة كفر والصالحون هم الأتقياء أى الذين أدوا الواجبات واجتنبوا المحرمات.
(665) ما حكم بغض ءال النبى ﷺ.
بغض ءال النبى من معاصى القلب وءال النبى هم أزواجه وأقرباؤه المؤمنون.
(666) ما حكم البخل بما أوجب الله.
البخل بما أوجب الله من المعاصى الكبائر كالامتناع عن أداء الزكاة للمستحقين.
(667) ما هو الشح وما حكمه.
الشح من الكبائر وهو البخل الشديد كالامتناع عن أداء الزكاة ونفقة الزوجة والأولاد.
(668) ما حكم الاستهانة بما عظم الله.
الاستهانة بما عظم الله حرام وهى الإخلال بالتعظيم الواجب كمس المصحف بغير وضوءٍ.
(669) ما حكم التصغير لما عظم الله.
التصغير أى التحقير لما عظم الله كفر كالذى يقول ليس الشأن بالصلاة إنما الشأن فى حسن المعاملة مع الناس أو كقول سيد قطب بأن تعلم الفقه مضيعة للعمر والأجر ذكر ذلك فى كتابه المسمى فى ظلال القرءان وقوله هذا فيه معارضة للقرءان والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى فى القرءان الكريم ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ وقال رسول الله ﷺ الطهور شطر الإيمان رواه مسلم، معناه العناية بالطهارة نصف الإيمان أى أمر عظيم فى الدين. بين الرسول فى هذا الحديث أن الطهور شأنه عظيم عند الله لأنه مفتاح الصلاة فمعرفة الفقه ومعرفة الأحكام المتعلقة به أمر ضرورى يحتاج إليه المسلم فى كل وقتٍ. ومعرفة أحكام الطهارة من وضوءٍ وغسلٍ وإزالة نجاسةٍ وتطبيقها على الوجه الصحيح من الأمور المهمة فى دين الله لأنه يترتب على الإخلال بها وعدم صحتها عدم صحة الصلاة التى عظم الله أمرها وجعلها أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله. قال الله عز وجل ﴿قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ أى لا يستوون وقال رسول الله ﷺ يا أيها الناس تعلموا فإنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه فمن يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين رواه البخارى، أى من أراد الله به خيرا أى رفعة فى الدرجة رزقه العلم بأمور دينه وقال الحافظ النووى الشافعى الاشتغال بالعلم أولى ما تقضى به نفائس الأوقات وقال الإمام العبدرى رحمه الله علم الدين حياة الإسلام.
فصل فى معاصى البطن
(670) ما حكم أكل مال الربا.
يحرم أكل مال الربا أى الانتفاع به وهو من الكبائر لحديث أبى داود لعن رسول الله ءاكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده، فيشترك فى الإثم ءاخذ الربا ودافعه وكاتب العقد وشاهده والذى ينتفع بالمال الذى يصل إليه بطريق الربا قال رسول الله ﷺ اجتنبوا السبع الموبقات (أى المهلكات) قيل وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، رواه مسلم.
(671) ما حكم أكل مال المكس.
أكل مال المكس من الكبائر والمكس هو الضرائب التى تؤخذ من المسلمين بغير حقٍ قال رسول الله ﷺ عن المرأة الزانية التى طهرت نفسها بالرجم الذى رجمته بأمره إنها تابت توبة لو تابها صاحب مكسٍ لغفر له، وفى ذلك إشعار بعظم معصية المكس.
(672) ما حكم أكل مال الغصب.
أكل مال الغصب من الكبائر والغصب هو الاستيلاء على حق الغير ظلما اعتمادا على القوة.
(673) ما حكم أكل مال السرقة.
أكل مال السرقة من الكبائر والسرقة هى أخذ مال الغير خفية بغير حقٍ قال رسول الله ﷺ إن أناسا يتخوضون فى مال الله بغير حقٍ فلهم النار يوم القيامة، رواه البخارى.
(674) ما حكم شرب الخمر.
شرب الخمر من الكبائر والخمر كما قال سيدنا عمر رضى الله عنه ما خامر العقل، أى غيره مع نشوةٍ وطربٍ أما الدليل على حرمتها فهو قوله تعالى فى سورة المائدة ﴿إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون﴾ وروى الإمام أحمد من حديث ابن عمر أنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول أتانى جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وشاربها وءاكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها ومستقيها. وقليل الخمر وكثيره حرام لقوله ﷺ ما أسكر كثيره فقليله حرام، رواه الإمام أحمد. وليس فى الأنبياء من شرب الخمرة أو شجع على شربها فالأنبياء عليهم السلام لا يحثون أممهم على شرب الخمر أما ما يرويه بعض الناس أن سيدنا عيسى عليه السلام قال قليل من الخمر يفرح قلب الإنسان فهو كذب وافتراء عليه.
(675) ما حكم أكل المسكر والنجس والمستقذر.
يحرم أكل المسكر كالخمر لحديث نهى رسول الله ﷺ عن كل مسكرٍ ومفترٍ، رواه أبو داود. ويحرم أكل النجس كالدم السائل لقوله تعالى ﴿حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾ وكذا يحرم أكل المستقذر كالمنى والمستقذر هو الذى تعافه النفس وتنفر منه.
(676) ما حكم أكل اللحم المشكوك فى حله.
لا يجوز أكل اللحم المشكوك فى حله. وأما حديث البخارى عن عائشة رضى الله عنها أن قوما قالوا للنبى ﷺ يا رسول الله إن أناسا حديثى عهدٍ بكفرٍ يأتوننا بلحمانٍ لا ندرى أذكروا اسم الله عليها أم لا فقال سموا الله أنتم وكلوا فإنه ورد فى ذبيحة أناسٍ مسلمين حديثى عهدٍ بكفرٍ أى أسلموا من وقتٍ قريبٍ. وقوله عليه السلام سموا الله أنتم وكلوا أى سموا الله أنتم عند أكلها ندبا لا وجوبا ولا يضركم أنكم لم تعلموا هل سمى أولئك عند ذبحها أم لا لأن التسمية سنة عند الذبح فإن تركها الذابح حل الأكل من الذبيحة.
(677) ما هى شروط جواز الأكل من الذبيحة.
أن يكون الحيوان مأكولا أى يحل أكله وأن يكون فيه حياة مستقرة وعلامة استقرار الحياة أن تشتد حركته بعد الذبح أو يتدفق دمه، وأن يقطع المرىء وهو مجرى الطعام والشراب والحلقوم وهو مجرى النفس بآلةٍ حادةٍ وأن يكون الذابح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا.
(678) ما هى سنن الذبح.
يسن أن يحد شفرته ويريح ذبيحته قال رسول الله ﷺ إن الله كتب الإحسان على كل شىءٍ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته، رواه مسلم. ويسن أن يوجه الذبيحة إلى القبلة وأن يسمى الله عند الذبح ويصلى على النبى ﷺ وأن يذبح الإبل معقولة من قيامٍ ويذبح البقر والغنم مضطجعة ولا يكسر عنقها ولا يسلخ جلدها حتى تبرد.
(679) ما حكم من ترك التسمية عند الذبح.
من لم يسم الله عند الذبح عمدا يجوز الأكل من الذبيحة مع الكراهة فى مذهب الإمام الشافعى ولا يحل أكلها فى المذاهب الثلاثة الأخرى مذهب مالكٍ وأبى حنيفة وأحمد بن حنبلٍ إلا إذا نسى التسمية عند ذبحها فيحل أكلها عندهم.
(680) هل يجوز لنا أن نأكل من ذبائح أهل الكتاب اليهود والنصارى.
يجوز الأكل من ذبائحهم إذا ذبحوا ذبحا شرعيا كما يذبح المسلمون لقوله تعالى ﴿وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم﴾ أى ذبائحهم أما إذا ذكروا اسم غير الله عند ذبحها فلا تحل. وأما غير أهل الكتاب من الكفار فلا يجوز الأكل من ذبائحهم ولو ذبحوا كما يذبح المسلمون.
(681) ما حكم الذبح بالآلة.
لو صارت الآلة تقطع الحلقوم والمرىء وحدها بواسطة تحريك الكهرباء لها من غير أن يحركها مسلم أو كتابى لا يحل أكلها.
(682) ما حكم أكل مال اليتيم.
أكل مال اليتيم بغير حقٍ من الكبائر واليتيم هو من مات أبوه وهو دون البلوغ قال الله تعالى فى سورة النساء ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا﴾ فالذى يأكل مال اليتيم بغير حقٍ يبعث من قبره وفمه يتأجج نارا النار فى الداخل ويظهر على الفم. والذى يتولى التصرف بمال اليتيم هو الرجل الصالح من أهل البلد يتصرف به لمصلحة اليتيم.
(683) ما معنى الوقف وما حكم أكل مال الأوقاف.
الوقف هو عطية مؤبدة وأكل مال الأوقاف على ما يخالف شرط الواقف حرام فإن وقف مسلم ماء للشرب فلا يجوز استعماله فى غير ذلك قال رسول الله ﷺ المسلمون عند شروطهم، رواه البيهقى وقال ﷺ إن أناسا يتخوضون فى مال الله بغير حقٍ فلهم النار يوم القيامة، رواه البخارى.
(684) ما حكم المأخوذ بوجه الحياء.
من أخذ شيئا من مسلمٍ بطريق الحياء حرام عليه أن يأكله لحديث لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفسٍ منه رواه البيهقى فى سننه، ولا يدخل فى ملكه ويجب عليه أن يرده أما إن اشتراه استحياء فلا يحرم.
فصل فى معاصى العين
(685) ما حكم نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية.
يحرم النظر إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها بشهوةٍ وإلى غير الوجه والكفين ولو بلا شهوةٍ قال رسول الله ﷺ وزنى العينين النظر، رواه البخارى. والمراد بالأجنبية غير محارمه وزوجته وأمته التى تحل له.
(686) ما حكم نظر المرأة إلى الرجل الأجنبى.
يحرم النظر إلى ما بين سرته وركبته ويجوز النظر إلى ما سوى ذلك إذا كان بغير شهوةٍ.
(687) ما معنى العورة وما حكم كشف الرجل أو المرأة العورة فى الخلوة.
العورة هى القدر الذى يجب ستره من الجسم. ويحرم على الرجل والمرأة كشف العورة فى الخلوة لغير حاجةٍ وعورة الرجل فى الخلوة السوأتان أى القبل والدبر وعورة المرأة ما بين سرتها وركبتها.
(688) ما هى عورة الرجل مع الرجل.
عورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة أما السرة والركبة فليستا من العورة.
(689) ما هى عورة المرأة المسلمة مع المسلمة.
عورة المسلمة مع المسلمة ما بين السرة والركبة فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف عورتها أمام المسلمة كأمها وأختها وبنتها وغيرهن.
(690) ما هى عورة المرأة المسلمة أمام المرأة غير المسلمة.
لا يجوز للمسلمة أن تكشف من جسدها أمام المرأة غير المسلمة إلا ما تكشفه عند العمل فى نحو المطبخ وتنظيف البيت كالرأس والساعد والعنق ونصف الساق.
(691) ما هى عورة المرأة مع محارمها.
عورة المرأة مع محارمها كأبيها ما بين السرة والركبة.
(692) هل يجوز للأم أن تكشف فخذها أمام ولدها المميز.
لا يجوز للأم أن تكشف فخذها أمام ولدها المميز.
(693) هل يجب على المرأة أن تغطى شعرها أمام الأجنبى المراهق.
يجب على المرأة أن تغطى شعرها أمام الأجنبى المراهق وهو الذى قارب البلوغ وأما الصبى غير المراهق فلا يجب عليها أن تغطى شعرها ويديها وساقيها فى حضرته.
(694) ما الدليل على فرضية الحجاب للمرأة.
اعلم أن وجوب تغطية المرأة لرأسها ثابت بالقرءان والحديث والإجماع أى إجماع العلماء المجتهدين بلا خلافٍ بينهم فمن أنكر ذلك فهو كافر مكذب لله ورسوله قال الله تعالى فى سورة النور ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾. والمراد بقوله تعالى ﴿ولا يبدين زينتهن﴾ الزينة الباطنة أى مواضع الزينة من البدن كالمواضع التى يكون فيها الحلق فى الأذن والخلخال فى الرجل والسوار فى اليد والعقد فى الصدر. والمراد بقوله تعالى ﴿إلا ما ظهر منها﴾ الوجه والكفان قاله ابن عباسٍ وعائشة والمسور بن مخرمة وسعيد بن جبيرٍ وغيرهم كثير. قال تعالى ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾ أمر الله المؤمنات أن يغطين رؤوسهن وجيوبهن أى أعناقهن بالخمر والخمار هو غطاء الرأس ولا ينبغى أن يكون رقيقا بحيث يظهر منه لون الشعر. فتبين من هذه الآية أنه يجب على المرأة أن تغطى رأسها وعنقها ويجوز لها كشف الوجه والكفين. وجاء فى تفسير الطبرى وغيره أن الرسول ﷺ دخل على السيدة عائشة وكان عندها فتاة بالغة يظهر منها بعض بدنها فقال رسول الله ﷺ إن المرأة إذا عركت (أى بلغت) لا يجوز أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى الوجه وهذا وقبض على ساعده. وروى أبو داود أن رسول الله ﷺ دخل يوما إلى بيته فوجد أسماء بنت أبى بكرٍ أخت السيدة عائشة فلما نظر إليها أشاح بوجهه (أى نظر إلى جهةٍ أخرى) لأنها كانت تستر رأسها بشىءٍ رقيقٍ وقال لها إن المرأة إذا بلغت لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وهذا وأشار إلى الكف. هذا هو حكم الشرع وعلى هذا جميع علماء المسلمين وعامتهم فلا يجوز للإنسان أن يخرج عما أجمع عليه المسلمون قال تعالى ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾.
(695) هل يجب على الأهل أمر البنت المراهقة بستر ما عدا الوجه والكفين أمام الأجانب.
إذا راهقت البنت أى قاربت البلوغ يجب على الأهل أمرها بستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين أمام الأجانب أى غير المحارم.
(696) ما حكم النظر بالاستحقار إلى المسلم.
يحرم النظر بالاستحقار إلى المسلم.
(697) ما حكم النظر فى بيت الغير.
يحرم النظر فى بيت الغير بغير إذنه مما يكره عادة ويتأذى به من فى البيت.
فصل فى معاصى اللسان
(698) ما هى الغيبة وما هو البهتان.
الغيبة هى أن تذكر أخاك المسلم حيا كان أو ميتا صغيرا كان أو كبيرا بما فيه فى خلفه بما يكره أما البهتان فهو أن تذكره بما ليس فيه فى خلفه بما يكره وهو أشد فى التحريم روى مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قال أفرأيت إن كان فى أخى ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته. أما ذكر المسلم فى وجهه بما يكره فهو إيذاء وإيذاء المسلم حرام.
(699) متى تكون الغيبة جائزة.
تجوز الغيبة لغرضٍ صحيحٍ فلا يتكلم عن المسلم إلا بقدر الحاجة أى إلا بالقدر المسموح به شرعا ولا تكون الغيبة بنية فضحه ولا التشهير به فمن ظلمه شخص فشكاه لمن يستطيع أن يأخذ له حقه منه يجوز ومن استعان بشخصٍ ليمنع غيره من فعل الحرام يجوز ومن شكا مسلما اختلف معه فى قضيةٍ ليأخذ الفتوى من عالم تقىٍ يجوز ومن حذر من شخصٍ يغش الناس فى دينهم أو فى أمور دنياهم يجوز ومن أراد أن يعرف شخصا ليعرف فقال مثلا فلان الأعرج لا بقصد ذمه يجوز إذا كان لا يتأذى ومن كان يجاهر بمعصيته يجوز ذكره بالمعصية إن كان على وجه التحذير منه أو زجره أما إذا تاب الإنسان المسلم من معصيته فلا يجوز ذكره بها.
(700) ما هى النميمة.
النميمة هى نقل كلام الناس بعضهم إلى بعضٍ للإفساد بينهم أى لافساد العلاقة بينهم فيكون الخلاف والكراهية والقطيعة والعداوة بينهم. والنميمة من الكبائر قال رسول الله ﷺ لا يدخل الجنة قتات، أى لا يدخلها مع الأولين إنما يدخلها بعد سبق عذابٍ إن لم يعف الله عنه. والقتات هو النمام.
(701) ما معنى قوله تعالى ﴿والفتنة أشد من القتل﴾.
معنى قوله تعالى ﴿والفتنة أشد من القتل﴾ أن الشرك أشد من القتل وليس معناه أن مجرد الإفساد بين اثنين مسلمين أشد من قتل المسلم ظلما لأنه من المعلوم عند المسلمين أن قتل المسلم ظلما هو أكبر الذنوب بعد الكفر ومن أنكر هذا فهو مرتد لا عذر له ويدل على ذلك ما رواه البخارى أنه قيل لرسول الله ﷺ أى الذنب أشد قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك (أى أن تشرك بالله) قيل ثم أى قال أن تقتل ولدك مخافة الفقر قيل ثم أى قال أن تزانى حليلة جارك.
(702) ما حكم التحريش بين مسلمين أو بين البهائم.
يحرم التحريش بين مسلمين وهو الحث على فعل محرمٍ لإيقاع الفتنة بينهما وهو من الكبائر. والتحريش حرام ولو بين البهائم كالتحريش بين ديكين أو كبشين ليقتل أحدهما الآخر لأنهما حيوانان محترمان أى لا يجوز قتلهما بل يجوز ذبحهما.
(703) ما هو الكذب وما حكمه.
الكذب حرام إن كان فى حال الجد أو المزح وهو الإخبار بالشىء على خلاف الواقع عمدا. قال رسول الله ﷺ لا يصلح الكذب فى جدٍ ولا فى هزلٍ، رواه البيهقى فى شعب الإيمان، أى لا يجوز الكذب فى الجد ولا فى المزح لا مع الكبير ولا مع الصغير. وأما ما يسميه بعضهم كذبة بيضاء فهو باطل يجب تحذير الناس منه وهم يعنون أن هذا الكذب لا يسبب ضررا للناس. ويدخل فى ذلك ما يسميه بعض الناس كذبة نيسان فإن هذا مما يجب تحذير الناس منه قال رسول الله ﷺ فيما رواه مسلم إياك والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور (أى هو وسيلة إلى ذلك) وإن الفجور يهدى إلى النار (أى يسوق الناس إليها) ولا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، أى من شدة ملازمته للكذب تكتبه الملائكة فى صحفهم كذابا. ثم إن الكذب إذا لم يكن فيه إضرار بمسلمٍ ولا تكذيب للشرع فهو من الصغائر وإلا فهو من الكبائر وقد يكون كفرا. روى البيهقى فى كتاب الآداب أن رسول الله ﷺ قال أنا زعيم ببيتٍ فى ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيتٍ فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيتٍ فى أعلى الجنة لمن حسن خلقه. فأفهمنا رسول الله ﷺ بأنه ضامن وكافل لمن ترك المراء بأن يعطيه الله بيتا فى ربض الجنة أى أطرافها، والمراء هو الجدال الذى لا يعود لمصلحةٍ فى الدين أى لا يعود إلى إحقاق الحق ولا إبطال الباطل إنما هو مجرد مجادلةٍ فى الأمور التافهة ونزاعٍ، ولمن ترك الكذب وإن كان مازحا بأن يعطيه الله بيتا فى وسط الجنة ولمن حسن خلقه بيتا فى أعلى الجنة. وحسن الخلق هو أن يحسن لمن أحسن إليه ولمن أساء إليه وأن يتحمل أذى الناس أى يصبر على أذاهم ولا يؤذيهم.
(704) ما حكم اليمين الكاذبة.
اليمين الكاذبة هى الحلف بالله بذكر اسمه أو صفةٍ من صفاته على شىءٍ كذبا كقول والله أو وحياة الله أو وعزة الله أو والقرءان. فمن حلف بالله كذبا وقع فى معصيةٍ كبيرةٍ لأن الحلف بالله بخلاف الواقع تهاون فى تعظيم الله أما من حلف بالله صادقا فلا معصية عليه. وأما الحلف بغير الله فقد حرمه الإمام أحمد وقال الإمام الشافعى إنه مكروه كراهة شديدة وهذا إذا لم يعظم المحلوف به كتعظيمه لله فإن عظمه كتعظيمه لله فقد أشرك وهذا معنى حديث من حلف بغير الله فقد أشرك، رواه الترمذى وأبو داود.
(705) ما حكم من حلف بالله أو بصفةٍ من صفاته على فعل شىءٍ ثم فعل خلافه.
ليس عليه معصية وعليه كفارة يمينٍ وهى عتق رقبةٍ مؤمنةٍ عبدٍ أو أمةٍ أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز فصيام ثلاثة أيامٍ.
(706) ما حكم قذف المسلمة العفيفة التى لم يمسها الزنى.
يحرم قذف المسلمة أى رميها بالزنى ونحوه وهو من الكبائر لقوله ﷺ اجتنبوا السبع الموبقات (أى المهلكات) قيل وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، رواه مسلم. والمحصنات الغافلات الحرائر العفيفات اللاتى لم يمسهن الزنى ولا تعرف عليهن الفاحشة. ويجلد القاذف الحر ثمانين جلدة بسوطٍ.
(707) ما حكم سب الصحابة.
الصحابة هم أصحاب رسول الله ﷺ وسبهم جملة كفر كالذى يقول الصحابة خونة أو كذابون فإن القرءان وأمور الدين المنقولة عن الرسول كلها من طريقهم وصلت إلينا قال الله تعالى ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسانٍ رضى الله عنهم ورضوا عنه﴾ وهؤلاء هم أولياء الصحابة وسب واحدٍ منهم على وجهٍ لا يؤدى إلى تكذيب الشرع من الكبائر.
(708) ما حكم شهادة الزور.
شهادة الزور من المعاصى الكبيرة والزور هو الكذب قال رسول الله ﷺ عدلت شهادة الزور الإشراك بالله، أى شبهت به وليس المراد أنها تخرج فاعلها من الإسلام. والحديث رواه البيهقى وأبو داود.
(709) ما حكم مطل الغنى.
مطل الغنى من الكبائر وهو أن يقترض مالا من شخصٍ ويماطل فى دفع الدين مع القدرة على الدفع قال رسول الله ﷺ مطل الغنى ظلم، رواه أبو داود وقال ﷺ لى الواجد يحل عرضه وعقوبته، رواه أبو داود. والمعنى أن مماطلة الغنى القادر على الدفع يحل أن يذكر بين الناس بالمطل وسوء المعاملة ويحل عقوبته بالحبس والضرب ونحوهما فإن الحاكم يفعل به ذلك زجرا له وحثا له وإرغاما على دفع الحق لصاحبه.
(710) ما حكم شتم المسلم ولعنه.
يحرم شتم المسلم أى سبه وذمه بغير حقٍ قال رسول الله ﷺ سباب المسلم فسوق وقتاله كفر رواه البخارى، أى أن سب المسلم من الكبائر بدليل تسميته فسوقا وأطلق رسول الله ﷺ على قتاله لفظ الكفر لأنه شبيه بالكفر من حيث إنه ذنب عظيم ولا يعنى أنه ينقل عن الملة لأن الله تعالى سمى كلتا الطائفتين المتقاتلتين مؤمنين قال تعالى ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا﴾. وكذا يحرم لعنه أى سبه بالدعاء عليه كأن يقول لمسلمٍ لعنك الله قال رسول الله ﷺ لعن المسلم كقتله رواه البيهقى. أما لعن الفاسق لسببٍ شرعىٍ كأن يكون غشاشا ظالما يأكل حق الناس فإنه يجوز إذا كان بقصد ردعه وزجره عن المعصية وتحذير غيره من أن يفعل مثل فعله وأما من لعن مسلما فاسقا كبائع خمرٍ لا لزجره ولا لزجر الناس عن أن يفعلوا مثل فعله من غير أن يسمعه أحد فلا يجوز لأن هذا ليس إنكارا للمنكر.
(711) ما حكم الاستهزاء بالمسلم.
يحرم الاستهزاء بالمسلم أى تحقيره وكل كلامٍ مؤذٍ له بغير حقٍ. أما إذا كان الكلام الذى فيه إيذاء للمسلم بحقٍ شرعىٍ فلا يحرم.
(712) ما حكم الكذب على الله وعلى رسوله ﷺ.
الكذب على الله وعلى رسوله ﷺ منه ما هو كفر ومنه ما هو ذنب كبير. والكذب على الله وعلى رسوله هو كأن ينسب إلى الله أو إلى رسوله كلاما لم يقله الله ولا رسوله ﷺ قال الله تعالى ﴿ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة﴾ وقال رسول الله ﷺ إن كذبا على ليس ككذبٍ على أحدٍ فمن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، رواه مسلم.
(713) ما هى الدعوى الباطلة.
الدعوى الباطلة من معاصى اللسان كأن يدعى عند الحاكم أن له مالا على شخصٍ ويعتمد على شهادة الزور.
(714) ما هو الطلاق البدعى.
الطلاق البدعى من معاصى اللسان وهو أن يطلق الرجل زوجته فى حال الحيض أو النفاسٍ أو فى طهرٍ جامعها فيه لأنه إضرار بالمرأة بإطالة مدة العدة بالنسبة للحيض أو النفاس إذ بقية مدة الدم لا يحسب منها ويقع هذا الطلاق وإن كان محرما قال تعالى ﴿إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾ أى لا تطلقوا فى الحيض.
(715) ما هو الظهار.
الظهار هو أن يقول الرجل لزوجته أنت على كظهر أمى أى لا أجامعك كما لا أجامع أمى أى أمنع نفسى من جماعك وهو من الكبائر لما فيه من الإيذاء للزوجة لأن الزوج يشبه زوجته بأمه فى التحريم وفيه كفارة على الزوج إن لم يطلق بعده فورا ويحرم جماعها قبل ذلك قال تعالى ﴿من قبل أن يتماسـا﴾.
(716) ما هى كفارة الظهار.
كفارة الظهار هى عتق رقبةٍ مؤمنةٍ سليمةٍ عما يخل بالعمل كالعمى والفالج فإن عجز صام شهرين متتابعين وجوبا فإن عجز أطعم ستين مسكينا أو فقيرا ستين مدا أى تمليك كل واحدٍ منهم مدا من غالب قوت البلد. والقوت هو ما يعيش عليه البدن كالقمح.
(717) ما حكم اللحن فى القرءان.
يحرم الخطأ فى قراءة القرءان وإن لم يغير المعنى فيجب تصحيح القراءة إلى الحد الذى يسلم فيه من تغيير الحركات والحروف. أما الذى يقرأ القرءان قراءة صحيحة من غير تلقٍ من أحدٍ فلا ثواب له.
(718) ما حكم قول اللا عن الله.
لا يجوز هذا القول لأنه تحريف لاسم الله قال تعالى فى سورة الأعراف ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه﴾ معناه أن الله تعالى له الأسماء التى تدل على الكمال أى ليس فيها ما يدل على نقصٍ فى حقه تعالى فما كان من الأسماء لا يدل على الكمال لا يجوز أن يكون اسما لله. ﴿وذروا الذين يلحدون فى أسمائه﴾ أى اتركوا الذين يحرفون ويغيرون فى أسماء الله أى لا تتبعوهم فى ذلك. فمن هنا يعلم أنه لا يجوز حذف الألف التى قبل الهاء فى لفظ الجلالة الله التى تلفظ ولا تكتب قاله الخليل بن أحمد الفراهيدى كما أنه لا يجوز حذف الألف والهاء من لفظ الجلالة فمن قال اللا وهو يعرف أنه بذلك يحرف اسم الله فعليه معصية كبيرة. قال الفضيل ابن عياضٍ رضى الله عنه لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها ولا يغرنك كثرة الهالكين، أى لا تنظر إلى كثرة من يتخبط بالمعاصى والجهل ولا تترك طريق السلامة ولو قل سالكوها.
(719) ما حكم السؤال للغنى بمالٍ أو حرفةٍ.
لا يجوز للغنى بمالٍ عنده أو حرفةٍ يعرفها ويجد بها كفايته أن يشحذ لحديث لا تحل المسألة لغنىٍ ولا لذى مرةٍ سوىٍ، رواه أبو داود. والمرة هى القدرة على الاكتساب، والسوى تام الخلق.
(720) ما حكم النذر بقصد حرمان الوارث.
يحرم النذر بقصد حرمان الوارث من التركة كأن يقول نذرت مالى للفقراء بقصد حرمان الوارث وهو نذر باطل لا يصح.
(721) ما حكم ترك الوصية بدينٍ أو عينٍ لا يعلمهما غيره.
يحرم ترك الوصية بأن لا يعلم ثقة غير وارثٍ بدينٍ عليه أو أمانةٍ عنده لغيره إن خشى ضياع الدين أو الأمانة بموته ولا يعلمهما غيره.
(722) ما حكم الانتماء إلى غير أبيه.
يحرم الانتماء إلى غير أبيه وهو من الكبائر كأن يقول أنا ابن فلانٍ وهو ليس ابنه قال رسول الله ﷺ من ادعى إلى غير أبيه فعليه لعنة الله، رواه أبو داود وقال ﷺ من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة حرام عليه رواه البخارى، معناه لا يدخلها مع الأولين إنما يدخلها بعد سبق عذابٍ إن لم يعف الله عنه.
(723) ما حكم خطبة المرأة على خطبة أخيه.
تحرم الخطبة على خطبة أخيه فى الإسلام قبل أن يترك الخاطب قبله أو يأذن له وقبل أن يعرض الولى لما فيه من الإيذاء والقطيعة قال رسول الله ﷺ لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له، رواه البخارى ومسلم.
(724) ما حكم الفتوى بغير علمٍ.
تحرم الفتوى فى أمور الدين بغير علمٍ وهى إما كفر أو معصية كبيرة قال الله تعالى ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا﴾ أى لا تقل قولا بغير علمٍ وقال رسول الله ﷺ من أفتى بغير علمٍ لعنته ملائكة السماء والأرض، رواه ابن عساكر. وروى عن سيدنا علىٍ أنه سئل عن شىءٍ فقال وا بردها على الكبد أن أسأل عن شىءٍ لا علم لى به فأقول لا أدرى، رواه الحافظ العسقلانى. فينبغى من المسلم قبل أن يجيب فى مسألةٍ أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف يكون خلاصه فى الآخرة ثم يجيب.
(725) ما حكم تعلم وتعليم علمٍ مضرٍ.
يحرم لغير سببٍ شرعىٍ تعلم وتعليم علمٍ مضرٍ كالسحر والفلسفة وهى الموروثة عن إرسطو والتنجيم الذى فيه الحكم على المستقبل اعتمادا على النجوم.
(726) تكلم عن الحكم بغير حكم الله.
الحكم بغير حكم الله أى بغير شرعه الذى أنـزله على رسوله ﷺ من الكبائر إجماعا ومن جحد أى أنكر حكم الله أو فضل غيره عليه أو ساواه به بأن قال إن حكم الله ليس أفضل منه بل هما متساويان كان كافرا. أما قوله تعالى ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ فقد قال ابن عباسٍ رضى الله عنهما ليس الذى تذهبون إليه الكفر الذى ينقل عن الملة بل كفر دون كفرٍ أى ذنب كبير روى ذلك الحاكم فى المستدرك وصححه وقال الصحابى الجليل البراء بن عازبٍ رضى الله عنه فى هذه الآية والآيتين اللتين بعدها كلها نزلت فى الكفار فإذا عرف ذلك علم أن ما يوجد فى مؤلفات سيد قطبٍ من تكفير من يحكم بغير الشرع تكفيرا مطلقا بلا تفصيلٍ لا يوافق مذهبا من المذاهب الإسلامية وإنما هو من رأى الخوارج الذين قاعدتهم تكفير مرتكب المعصية.
(727) ما حكم الندب والنياحة.
الندب والنياحة من الكبائر والندب هو ذكر محاسن الميت برفع الصوت على صورة الجزع أما النياحة فهى الصياح على صورة الجزع لمصيبة الموت قال رسول الله ﷺ صوتان ملعونان فى الدنيا والآخرة مزمار عند نعمةٍ ورنة عند مصيبةٍ، أى النياحة عند المصيبة، والحديث رواه البزار.
(728) ما حكم القول الذى يحث على محرمٍ أو يفتر عن واجبٍ.
كل كلامٍ يشجع الناس على فعل المحرمات أو يفتر هممهم عن فعل الواجبات فهو حرام.
(729) ما معنى الواجب والحرام.
الواجب هو ما يثاب على فعله امتثالا لأمر الله ويعاقب على تركه والحرام هو ما يثاب على تركه امتثالا لأمر الله ويعاقب على فعله.
(730) ما حكم من يقدح فى دين الإسلام أو فى أحدٍ من الأنبياء أو فى العلماء أو القرءان أو فى شىءٍ من شعائر الله.
يكفر من يقدح فى الدين أى يذم الدين ويطعن فيه وكذا من يقدح فى أحدٍ من الأنبياء أو فى جميع العلماء أو القرءان أو فى شىءٍ من شعائر الله. وشعائر الله هى معالم دينه أى ما كان مشهورا من أمور الدين كالصلاة والأذان.
(731) ما حكم التزمير.
التزمير حرام وهو النفخ فى المزمار. والمزمار هو ءالة موسيقية مصنوعة من الخشب أو الحديد ينفخ فيها فتحدث صوتا.
(732) ما حكم السكوت عن الأمر بالمعروف وعن النهى عن المنكر.
الأمر بالمعروف أى أمر الغير بأداء الواجبات أما النهى عن المنكر فهو نهيه عن فعل المحرمات فيحرم السكوت عن الأمر بالمعروف وعن النهى عن المنكر بلا عذرٍ شرعىٍ بأن كان قادرا على ذلك ولم يفعل. وليعلم أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يقرب أجلا ولا يؤخر رزقا. قال الله تعالى فى سورة ءال عمران ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ فالله تعالى أمرنا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ودعانا إلى إبطال الباطل وإحقاق الحق وعدم السكوت عن كل ما هو مخالف للشريعة لأن السكوت عن الباطل مع الاستطاعة على الإنكار مفسدة قال أبو علىٍ الدقاق الساكت عن الحق شيطان أخرس. فلا يجوز السكوت عمن ينتهك حدود الشريعة مع القدرة على الإنكار وخاصة فى هذا الزمن الذى كثر فيه المفسدون كالوهابية الذين يتكلمون باسم الدين ويحرمون على هواهم ويطعنون بنبينا محمدٍ ﷺ ويشتمون خالقهم بقولهم الله جالس على العرش فهؤلاء يجب الحذر والتحذير منهم فقد روى البخارى أن حذيفة رضى الله عنه سأل الرسول ﷺ هل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قال حذيفة يا رسول الله صفهم لنا فقال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، الحديث. وممن يجب التحذير منه رجب ديب الذى يقول بلغته العامية الله يدندل رأسه يوم الجمعة من السماء ويقول يا عبادى روحوا على الجامع (أى اذهبوا إلى الجامع) فهو يعتقد عقيدة اليهود أن الله جسم له أعضاء ويسكن السماء كما أنه يدعى النبوة فيقول نحن أنبياء مصغرون ويقول يوجد إلهان الإله المعبود وهو الله والإله الذى يشارك وهو الهوى ويقول إن الرسول أراد أن يلقى بنفسه من الجبل لينتحر وكل هذا كفر وضلال والعياذ بالله. ومن ضلالاته أنه يكفر الفقير المسلم فيقول الفقير تنبلة (أى كسلان) هدم ركنين من أركان الإسلام الزكاة والحج فهو مرتد على طوقين قال ذلك لأنه يريد من أتباعه أن يجتهدوا فى جمع الأموال ليقدموها له ليعيش عيشة الملوك. وكلامه هذا فيه تكفير لأغلب الأنبياء والأولياء لأن أغلبهم كانوا فقراء وفيه تكفير لأغلب أهل الجنة قال رسول الله ﷺ دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء رواه النسائى. ليس هذا فقط بل أخبر الله تعالى فى القرءان أن سيدنا محمدا ﷺ كان فقيرا ثم أعطاه الله كفايته فقال عز وجل ﴿ووجدك عائلا فأغنى﴾ فإذا على زعمه الرسول كان كافرا والعياذ بالله. ويقول فى شريطٍ له بعنوان النظام فى الإسلام لا يجوز للرجل أن ينادى زوجته باسمها ولا يجوز للمرأة أن تنادى زوجها باسمه ثم يقول لا هو مسلم ولا هى مسلمة. ورسول الله ﷺ كان ينادى زوجاته بأسمائهن فقد ثبت فى البخارى أنه قال يا خديجة إن الله يبشرك ببيتٍ فى الجنة وقال يا عائشة أما الله فقد برأك.
(733) ما حكم كتم العلم الواجب مع وجود الطالب.
كتم العلم الدينى الواجب مع وجود الطالب من الكبائر قال الله تعالى ﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ وقال رسول الله ﷺ من سئل عن علمٍ فكتمه ألجم يوم القيامة بلجامٍ من نارٍ، رواه الحاكم وابن حبان. واللجام هو مثل الذى يوضع فى فم الفرس لكنه من نارٍ. فإذا طلب شخص من ءاخر أن يعلمه العلم الدينى الواجب وكان أهلا لذلك فيحرم عليه كتمه ويجوز له أن يحيله إلى غيره ليعلمه إن كان أهلا. فينبغى لطالب العلم الذى أخذ العلم من أهله أن ينشره لقوله ﷺ بلغوا عنى ولو ءاية، رواه البخارى.
(734) ما حكم الضحك لخروج الريح من مسلمٍ.
يحرم الضحك لخروج الريح من مسلمٍ أو الضحك عليه استحقارا له لما فيه من الإيذاء.
(735) ما حكم كتم الشهادة.
يحرم كتم الشهادة بلا عذرٍ بعد أن دعاه الحاكم إليها وهو من الكبائر قال تعالى ﴿ومن يكتمها فإنه ءاثم قلبه﴾.
(736) متى يكون رد السلام فرض عينٍ ومتى يكون فرض كفايةٍ.
إذا سلم مسلم غير فاسقٍ على مسلمٍ معينٍ فرد السلام عليه فرض عينٍ أما لو سلم على جماعةٍ فرد السلام عليه فرض كفايةٍ أى يكفى أن يرد عليه واحد منهم. وأما من بلغه أن فلانا يسلم عليه فيقول وعليه السلام وكذلك إذا كتب إليه شخص رسالة سلم عليه فيها. وإذا سلم رجل أجنبى على مسلمةٍ وكانت وحدها فلا يجب عليها رد السلام عليه ولا يجب على المرأة أن ترد السلام إذا قيل لها فلان أى الأجنبى يسلم عليك وكذلك إذا كتب إليها رسالة سلم عليها فيها. أما لو سلم رجل أجنبى على جماعةٍ من النساء فيجب رد السلام عليه وجوبا كفائيا. أما رد السلام على الطفل فالقول المعتمد أنه يجب. وإذا التقى شخصان فقالا فى نفس اللحظة السلام عليكم فيجب على كل واحدٍ منهما أن يرد على الآخر. وإذا سلم شخص على شخصٍ معينٍ فلا يجوز لشخصٍ غيره رد السلام لأن هذا عبادة فاسدة.
(737) متى يحرم على الرجل تقبيل زوجته بشهوةٍ.
يحرم على المحرم بحجٍ أو عمرةٍ تقبيل زوجته بشهوةٍ ويحرم على الصائم صوم فرضٍ تقبيل زوجته بشهوةٍ إن خشى إنزال المنى بسبب القبلة.
فصل فى معاصى الأذن
(738) ما حكم الاستماع إلى كلام قومٍ أخفوه عنه.
يحرم الاستماع إلى كلام قومٍ بأن علم أنهم يكرهون اطلاعه عليه وهو من الذنوب الكبيرة إن لم يكن له عذر لأنه نوع من التجسس المحرم قال رسول الله ﷺ من استمع إلى حديث قومٍ وهم له كارهون صب فى أذنيه الآنك يوم القيامة، رواه البخارى. والآنك هو الرصاص المذاب.
(739) ما حكم الاستماع إلى الغيبة والنميمة.
يحرم الاستماع إلى الغيبة والنميمة وإلى سائر ءالات اللهو المحرمة لحديث ليكونن فى أمتى أناس يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، رواه البخارى. ولا يحرم الاستماع إلى الطبل والدف والصنج.
فصل فى معاصى اليدين
(740) ما حكم التطفيف فى الكيل والوزن والذرع.
يحرم التطفيف فى الكيل والوزن والذرع وهو من الكبائر قال الله تعالى ﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون﴾. والتطفيف هو أن ينقص البائع من حق المشترى عند البيع.
(741) ما حكم السرقة.
السرقة حرام من كبائر الذنوب وهى أخذ مال الغير خفية بغير حقٍ قال رسول الله ﷺ لعن الله السارق يسرق البيضة، رواه البخارى ومسلم. وروى مسلم من حديث عائشة رضى الله عنها أنها قالت قال رسول الله ﷺ لا تقطع يد سارقٍ إلا فى ربع دينار ذهبٍ فصاعدا.
(742) ما حكم النهب.
النهب هو أخذ مال الغير جهارا بغير حقٍ وهو من الكبائر لقوله ﷺ من ظلم قيد شبرٍ من أرضٍ طوقه من سبع أرضين يوم القيامة رواه البخارى، أى أن الأرض تخسف به يوم القيامة فتكون تلك البقعة فى عنقه كالطوق يجعل له فى عنقه قدر شبرٍ من الأرض كالطوق ويكون متصلا إلى سبع أرضين أى بطول سبع أرضين لكن لا يبقى هذا إلا وقتا يسيرا.
(743) ما حكم الغصب.
الغصب من الكبائر وهو الاستيلاء على حق الغير ظلما اعتمادا على القوة.
(744) ما حكم المكس.
المكس من الكبائر وهو الضرائب التى تؤخذ من المسلمين بغير حقٍ قال رسول الله ﷺ لا يدخل الجنة صاحب مكسٍ، أى لا يدخلها مع الأولين إنما يدخلها بعد سبق عذابٍ إن لم يعف الله عنه.
(745) ما حكم قتل المسلم عمدا.
قتل المسلم عمدا بغير حقٍ هو أعظم الذنوب بعد الكفر قال رسول الله ﷺ فى الحديث الذى فيه بيان السبع الموبقات وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، رواه البخارى. وفيه القصاص أى القتل إلا إن عفا عنه الورثة للقتيل على أن يدفع الدية أو مجانا فلا يقتل حينئذٍ. والدية هى مائة من الإبل فى الذكر الحر المسلم ونصفها فى الأنثى الحرة المسلمة.
(746) ما حكم الانتحار.
الانتحار حرام فلا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه لقوله تعالى فى سورة النساء ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾ وقوله ﷺ من قتل نفسه بشىءٍ عذب به فى نار جهنم رواه البخارى، فالمسلم الذى قتل نفسه ولم يعف الله عنه يعذب فى نار جهنم بما قتل به نفسه مدة ثم يخرج من النار ويدخل الجنة ولا يكون كافرا لمجرد ذلك لما رواه مسلم أن رجلا مهاجرا مرض مرضا شديدا ولم يصبر فقطع براجمه أى مفاصل أصابع يده بحديدةٍ فصار الدم يسيل فمات، ثم رءاه رفيقه الذى هاجر معه فى المنام بهيأةٍ حسنةٍ ورءاه مغطيا يديه فقال له ما فعل بك ربك قال غفر لى بهجرتى إلى نبيه، قال له فما ليديك فقال قيل لى إنا لا نصلح منك ما أفسدت. ثم هذا الرجل قص على النبى الرؤيا فقال رسول الله ﷺ اللهم وليديه فاغفر.
(747) ما حكم ضرب المسلم بغير حقٍ.
يحرم ضرب المسلم بغير حقٍ وهو من الكبائر لقوله ﷺ إن الله يعذب الذين يعذبون الناس فى الدنيا رواه مسلم، وكذا يحرم ضربه على الوجه. ومثل الضرب ترويع المسلم والإشارة إليه بنحو سلاحٍ قال رسول الله ﷺ من أشار إلى أخيه بحديدةٍ فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه، رواه ابن حبان.
(748) ما حكم أخذ الرشوة وإعطائها.
أخذ الرشوة وإعطاؤها حرام من الكبائر وهى ما يعطى لإبطال حقٍ أى لمنع صاحب الحق من تحصيل حقه أو لإحقاق باطلٍ أى للتوصل إلى كسب وتحصيل ما لا يستحقه. روى أحمد من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال لعن رسول الله ﷺ الراشى والمرتشى فى الحكم. وأما إذا كان الإعطاء ليحكم له الحاكم بحقٍ أو ليدفع عن نفسه ظلما أو لينال ما يستحقه فلا معصية على المعطى.
(749) ما حكم إحراق الحيوان بالنار.
إحراق الحيوان بالنار وهو حى حرام من الكبائر إلا إذا ءاذى ولا يستطيع الإنسان التخلص من أذاه إلا بالحرق فيجوز حينئذٍ قال رسول الله ﷺ لا يعذب بالنار إلا ربها، رواه أبو داود.
(750) ما حكم المثلة بالحيوان.
يحرم المثلة بالحيوان أى تقطيع أجزاءه كأنفه أو أذنه وهو حى لأن فى ذلك تعذيبا له. وكذلك يحرم غرز الدودة وهى حية بنحو إبرةٍ ليصاد بها السمك لأن فى ذلك تعذيبا لها.
(751) ما حكم اللعب بالنرد والشطرنج.
يحرم اللعب بالنرد لقوله ﷺ من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده فى لحم خنزيرٍ ودمه رواه مسلم، وكذا يحرم اللعب بالأوراق المزوقة المعروفة فى بعض البلاد اليوم بورق الشدة. وكل لعبةٍ كان الاعتماد فى لعبها على الحزر والتخمين لا على الفكر والحساب فهى حرام، أما اللعب بالشطرنج فجائز.
(752) ما حكم اللعب بما فيه قمار.
يحرم اللعب بكل ما فيه قمار وهو كأن يتفق اثنان على أن يخرج كل منهما مبلغا من المال يأخذه الرابح منهما. والقمار من الكبائر قال الله تعالى ﴿يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾ والميسر هو القمار.
(753) ما حكم اللعب بآلات اللهو المحرمة.
يحرم اللعب بآلات اللهو المحرمة كالكمنجة والمزمار لحديث ليكونن فى أمتى أناس يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، رواه البخارى.
(754) ما حكم لمس الرجل للمرأة الأجنبية.
يحرم على الرجل لمس المرأة الأجنبية عمدا بغير حائلٍ ولو بلا شهوةٍ لقوله ﷺ لأن يطعن أحدكم بحديدةٍ فى رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له، رواه الطبرانى فى المعجم الكبير وقال ﷺ واليد تزنى وزناها البطش رواه البخارى، معناه لمس الأجنبية من غير حائلٍ حرام مطلقا وكذلك لمسها بحائلٍ مع نية التلذذ فالبطش هنا معناه العمل باليد كما قال الفيومى فى المصباح المنير. وخالفت فى ذلك طائفة تسمى حزب التحرير فإنهم أحلوا مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية. فإن احتجوا بحديث عمر بن الخطاب أنه ذهب إلى نساء الأنصار فقال أنا رسول رسول الله فقلن مرحبا برسول رسول الله فمددن أيديهن ومد يده فهذا كان من باب الإشارة فقط وليس فيه أنه صافحهن كما يدعى جماعة حزب التحرير. ومما يدل على حرمة مصافحة الرجل المرأة الأجنبية قوله ﷺ إنى لا أصافح النساء، رواه البيهقى فى السنن الكبرى.
(755) ما حكم مصافحة المرأة الأجنبية للمراهق والصبى بلا حائلٍ.
يحرم على الأجنبية مصافحة المراهق أى من قارب البلوغ كابن ثلاث عشرة ويحرم عليها مصافحة الصبى الذى بلغ حدا يشتهى فيه بالنسبة لأهل الطباع السليمة.
(756) ما حكم مصافحة الرجل الأجنبى للمراهقة والصبية بلا حائلٍ.
يحرم على الأجنبى مصافحة المراهقة ويحرم عليه مصافحة الصبية إن كانت تشتهى.
(757) ما حكم تصوير ذى روحٍ.
يحرم تصوير ذى روحٍ كصنع تمثالٍ لإنسانٍ أو بهيمةٍ فمن صنع تمثالا لشخصٍ أو حيوانٍ ليتخذه الناس صنما يعبد من دون الله فهو كافر لأن الإعانة على الكفر كفر فقد ورد فى الحديث المصورون أشد الناس عذابا يوم القيامة، أما لو صنع تمثالا لا للعبادة فهو ءاثم. ويحرم استبقاء صورة الحيوان إن كانت بهيئةٍ يعيش عليها الحيوان ووجودها فى البيت يمنع دخول ملائكة الرحمة الذين يأتون بالنفحات لعباد الله لينفعوهم بأشياء بإذن الله فقد روى البخارى ومسلم أن رسول الله ﷺ قال لا تدخل الملائكة (أى ملائكة الرحمة) بيتا فيه كلب أو صورة.
(758) ما حكم منع الزكاة بعد وجوبها.
يحرم منع الزكاة بعد وجوبها أى ترك دفعها أو تأخير إخراجها بعد وقت الوجوب والتمكن بلا عذرٍ شرعىٍ.
(759) ما حكم منع الأجير أجرته.
يحرم ترك إعطاء الأجير أجرته وهو من الكبائر لقوله تعالى فى الحديث القدسى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بى العهد ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره، رواه البخارى. خصمته أى أنه مغلوب لا حجة له، ورجل أعطى بى العهد ثم غدر أى أعطى العهد باسمى كالذى يبايع إماما ثم يتمرد عليه كالذين غدروا بعلى بن أبى طالبٍ رضى الله عنه من الخوارج وغيرهم بعد أن بايعه المهاجرون والأنصار فى المدينة.
(760) بين ما يحرم كتابته.
يحرم كتابة ما يحرم النطق به.
(761) ما هى الخيانة.
الخيانة من معاصى اليد وهى ضد النصيحة وقد تكون بالفعل كأكل الأمانة أو بالقول كجحد الأمانة أو بالحال كمن يوهم الناس أنه من أهل الأمانة وهو ليس كذلك. روى الإمام أحمد وابن حبان من حديث أنسٍ لا دين لمن لا عهد له ولا إيمان لمن لا أمانة له أى لا يكون مؤمنا كاملا من لا يحافظ على الأمانة.
(762) ما حكم منع المضطر ما يسده.
يحرم منع المضطر ما يسد حاجته من غير عذرٍ وهو من الكبائر والمضطر هو الذى أشرف على الهلاك من الجوع أو العطش أو البرد. روى ابن رجبٍ فى كتاب أهوال القبور عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال وءاوانى الليل إلى منزل عجوزٍ أى حل الليل وأنا عند بيت عجوزٍ إلى جانب بيتها قبر فسمعت هاتفا يهتف بالليل أى صوتا يخرج من القبر يقول بول وما بول شن وما شن والشن هو القربة التى يوضع فيها الماء فقلت للعجوز رحمك الله ما هذا فقالت زوج لى وكان لا يتنزه من البول أى يلوث جسمه بالبول فأقول له ويحك وهذا للتوبيخ أى تلومه على تصرفه بغية ردعه إن البعير إذا بال تفاج (أى باعد ما بين رجليه) فكان لا يبالى أى لا يهتم. قالت وبينما هو جالس إذ جاءه رجل فقال اسقنى فإنى عطشان قال عندك الشن وشن لنا معلق فقال يا هذا اسقنى فإنى عطشان الساعة أموت قال عندك الشن قالت ووقع الرجل ميتا قالت فهو ينادى (أى زوجها) من يوم مات بول وما بول شن وما شن.
فصل فى معاصى الفرج
(763) ما حكم الزنى.
الزنى حرام من الكبائر وهو إدخال الحشفة أى رأس الذكر فى فرج امرأةٍ لا تحل له وإدخال الحشفة كإدخال كل الذكر قال الله تعالى ﴿ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾.
(764) ما حكم اللواط.
اللواط من الكبائر وهو إدخال الحشفة فى الدبر قال رسول الله ﷺ لعن الله من أتى امرأة فى دبرها، وأما جماع الزوجة فى دبرها فهو حرام لكنه ليس إلى حد اللواط بغير امرأته روى الإمام أحمد فى مسنده وغيره لا ينظر الله إلى رجلٍ أتى امرأته فى دبرها، أى لا يكرمه بل يهينه يوم القيامة.
(765) ما حكم جماع الزوجة فى حال الحيض أو النفاس.
يحرم جماع الزوجة فى حال الحيض أو النفاس وهو من الكبائر لحديث مسلمٍ اصنعوا كل شىءٍ إلا النكاح، أى إلا الجماع، وكذا يحرم بعد انقطاعهما وقبل الغسل.
(766) ما حكم إتيان البهائم.
يحرم إتيان البهائم أى جماعها وهو من الكبائر لقوله ﷺ لعن الله من أتى بهيمة، رواه الترمذى.
(767) ما حكم الاستمناء.
يحرم الاستمناء وهو استخراج المنى من غير جماعٍ بيده أو بيد غير الحليلة لقوله تعالى ﴿والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾ فيؤخذ من قوله تعالى ﴿فأولئك هم العادون﴾ تحريم الاستمناء المذكور.
(768) ما حكم استقبال القبلة أو استدبارها ببولٍ أو غائطٍ.
يحرم استقبال القبلة أو استدبارها ببولٍ أو غائطٍ فى غير المكان المعد لقضاء الحاجة من غير حائلٍ بينه وبين القبلة أو بحائلٍ يبعد عنه أكثر من ثلاثة أذرعٍ أو كان ارتفاعه أقل من ثلثى ذراعٍ لحديث البخارى ومسلمٍ لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائطٍ ولا بولٍ ولكن شرقوا أو غربوا، أى اتجهوا إلى ناحية الشرق أو الغرب وهذا لمن كان فى المدينة مثلا لأنه إن اتجه إلى الجنوب استقبل القبلة وإن اتجه إلى الشمال استدبر القبلة. أما فى بيت الخلاء فيجوز استقبال القبلة أو استدبارها بلا كراهةٍ.
(769) ما حكم التبول أو التغوط على قبر مسلمٍ.
يحرم التبول أو التغوط على قبر المسلم لقوله ﷺ لأن يجلس أحدكم على جمرةٍ فتحرق ثيابه وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبرٍ، رواه مسلم، والمراد بالجلوس على القبر المنهى عنه الجلوس للبول أو الغائط.
(770) ما حكم ترك الختان للبالغ.
يحرم ترك الختان للبالغ غير المختون إن أطاق ويجوز تركه عند مالكٍ.
فصل فى معاصى الرجل
(771) ما حكم المشى فى معصيةٍ.
يحرم المشى فى معصيةٍ كالمشى فى سعايةٍ بمسلمٍ أى للإضرار به بغير حقٍ وهو من الكبائر لأن السعاية فيها أذى كبير يحصل بها إدخال الرعب إليه وترويع أهله كهؤلاء الذين يتجسسون على المسلمين فيأخذون الأخبار إلى الحكام ليضروا المسلمين وإعطاء الخبر للحاكم للإضرار بالمسلم يقال له سعاية قال رسول الله ﷺ ولا تذهبوا ببرىءٍ إلى ذى سلطانٍ ليقتله، رواه الترمذى. ويحرم المشى للزنى خلافا لقول جماعة حزب التحرير الذين جوزوا المشى للزنى بامرأةٍ أو الفجور بغلامٍ وزعموا أن المعصية تكون باستعمال الآلة فقط وقولهم هذا مخالف لحديث رسول الله ﷺ وزنى الرجل الخطى، رواه البخارى.
(772) ما حكم هروب الزوجة من زوجها وهروب من عليه حق يلزمه.
هروب الزوجة من زوجها بغير عذرٍ شرعىٍ من الكبائر وكذا الهروب من أداء الحق الواجب كنفقةٍ واجبةٍ للزوجة أو للوالدين الفقيرين أو للأطفال الصغار لحديث كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت رواه أبو داود، أى من تجب عليه نفقته وفى هذا بيان أنه من كبائر الذنوب.
(773) ما حكم التبختر فى المشى.
التبختر فى المشى حرام وهو أن يمشى مشية الفخر والكبر قال الله تعالى ﴿ولا تمش فى الأرض مرحا﴾ أى لا تمش فى الأرض مختالا فخورا وقال رسول الله ﷺ من تعظم فى نفسه أو اختال فى مشيته لقى الله وهو عليه غضبان، رواه البيهقى فى شعب الإيمان. ومن عادة المتكبرين عندما يمشون أنهم يرفعون رؤوسهم ويمدون أيديهم وينظرون إلى ثيابهم معجبين بأنفسهم. وقد أخبر الرسول ﷺ عن رجلٍ من بنى إسرائيل أنه كان يمشى متبخترا ينظر فى جانبيه أعجبه ثوبه وحسن شعره فبينما هو يمشى متبخترا أمر الله به الأرض فبلعته فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. وتجلجل معناه ساخ ودخل فيها.
(774) ما حكم تخطى الرقاب أثناء خطبة الجمعة.
الذى يرفع رجله فوق أكتاف الجالسين للمرور بينهم على وجه الإيذاء لهم عليه معصية لحديث عبد الله بن بسرٍ أنه جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبى يخطب فقال رسول الله ﷺ اجلس فقد ءاذيت، رواه أبو داود وابن حبان. وروى البيهقى فى شعب الإيمان من تخطى رقاب المسلمين فقد اتخذ جسرا إلى جهنم، معناه أن هذا الإنسان ءاذى المسلمين بتخطيه رقاب الناس بإصابته برجله أذن هذا أو رقبة هذا أو رأس هذا أو نحو ذلك.
(775) ما حكم المرور بين يدى المصلى إذا كملت شروط السترة.
يحرم المرور بين يدى المصلى أى المرور بينه وبين السترة إذا كانت مرتفعة قدر ثلثى ذراعٍ فأكثر وقريبة منه ثلاثة أذرعٍ فأقل لحديث لو يعلم المار بين يدى المصلى ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه، رواه أبو داود. ويحرم المرور بين صفوف المصلين إذا كان ما بين الصفين ثلاثة أذرعٍ أو أقل. وتعد سجادة الصلاة سترة للمصلى إن لم يزد طولها على ثلاثة أذرعٍ ولا يعد الشخص القاعد أمام المصلى سترة له. فإن لم يجد سترة ولا نحو سجادة صلاةٍ فخط يخطه إلى نحو القبلة عن يمينه أو عن شماله لا أمامه لحديث إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره ما مر، رواه أبو داود، وإن لم يكن شىء من ذلك كره وأجزأته صلاته ولا يحرم حينئذٍ المرور بين يديه.
(776) ما حكم الوقوف على سجادة الصلاة التى عليها صورة الكعبة أو المسجد النبوى.
يجوز بالإجماع الوقوف بالقدم النظيفة الطاهرة على سجادةٍ عليها صورة الكعبة أو المسجد النبوى إن لم يكن فيها اسم معظم، أليس يجوز الوقوف على جسم الكعبة الحقيقى والمسجد الحقيقى، بلى فكيف بالصورة.
(777) ما حكم مد الرجل إلى المصحف.
يحرم مد الرجل إلى المصحف إذا كان قريبا وغير مرتفعٍ لأن فى ذلك إهانة له أما إذا كان بعيدا فلا يحرم والمسافة البعيدة نحو ثلاثين مترا. وأما مد الرجل إلى القبلة فإنه جائز بالإجماع.
(778) ما حكم المشى إلى ما فيه إضاعة واجبٍ.
يحرم المشى إلى ما فيه إضاعة واجبٍ كأن يمشى مشيا يحصل به إخراج الصلاة عن وقتها قال رسول الله ﷺ وزنى الرجل الخطى، رواه البخارى.
فصل فى معاصى البدن
(779) ما حكم عقوق الوالدين.
عقوق الوالدين من الكبائر وهو أن يؤذى المسلم أحد والديه أو كليهما أذى شديدا. ومن عقوق الوالدين ضربهما أو شتمهما أو ترك الشخص النفقة الواجبة عليهما إن كانا فقيرين. قال تعالى فى سورة الإسراء ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا﴾ أى أمر الله عباده بأن لا يعبدوا إلا إياه وأمر بالإحسان للوالدين وعن بهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جده رضى الله عنهم أنه قال قلت يا رسول الله من أبر قال أمك قلت ثم من قال أمك قلت ثم من قال أمك قلت ثم من قال أباك ثم الأقرب فالأقرب، رواه أبو داود والترمذى. وإنما حض رسول الله ﷺ على بر الأم ثلاثا وعلى بر الأب مرة لعنائها مع ما تقاسيه من حملٍ وطلقٍ وولادةٍ ورضاعةٍ وسهر ليالٍ. وقد قال بعض العلماء بوجوب الاستغفار للأبوين المسلمين فى العمر مرة وليس شرطا أن يكون هذا الاستغفار بعد وفاتهما. فالولد إن استغفر لوالديه بعد موتهما ينتفع والداه بهذا الاستغفار. وقد نهى الله تعالى عباده عن قول أفٍ للوالدين لما فيه من الإيذاء لهما. وكلمة أفٍ صوت يدل على التضجر. وإذا طلب الأب أو الأم من الابن شيئا مباحا كغسل الصحون أو ترتيب الغرفة أو تسخين الطعام أو عمل الشاى وما أشبه ذلك ولم يفعل فإن كان يغتم قلب الوالد أو الوالدة فعليه معصية.
(780) ما حكم الفرار من الزحف.
الفرار من الزحف من الكبائر وهو الهروب من أرض المعركة بغير عذرٍ أى إذا كان عدد الكفار ضعف عدد المسلمين أو أقل قال رسول الله ﷺ اجتنبوا السبع الموبقات (أى المهلكات) قيل وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، رواه مسلم.
(781) ما حكم قطيعة الرحم.
قطيعة الرحم من الكبائر لقوله ﷺ لا يدخل الجنة قاطع، يعنى قاطع رحمٍ أى لا يدخلها مع الأولين بل يدخلها بعد سبق عذابٍ إن لم يعف الله عنه. والأرحام هم كالأم والأب والإخوة والأخوات والأقارب كالجدات والأجداد وكالخالات والعمات وأولادهن والأخوال والأعمام وأولادهم. وقطيعة الرحم تكون بأن يؤذيهم أو لا يزورهم فتستوحش قلوبهم منه أو هم فقراء محتاجون وهو معه مال زائد عن حاجته ويستطيع مساعدتهم ومع ذلك يتركهم. وصلة الرجل رحمه التى لا تصله أفضل من صلته رحمه التى تصله لأن ذلك من حسن الخلق الذى حض الشرع عليه حضا بالغا قال رسول الله ﷺ ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من وصل رحمه إذا قطعت، رواه الترمذى.
(782) ما حكم إيذاء الجار.
لا يجوز إيذاء الجار بالضرب أو الشتم ونحو ذلك بل ينبغى الإحسان إلى الجار والصبر على أذاه وبذل المعروف له. روى عن سهلٍ التسترى أنه كان له جار مجوسى فانفتح خلاء المجوسى إلى دار سهلٍ فأقام سهل مدة ينحى فى الليل ما يجتمع من القذر فى بيته حتى مرض فدعا المجوسى وأخبره بأنه يخشى أن ورثته لا يتحملون ذلك الأذى كما كان يتحمله فيخاصمونه فتعجب المجوسى من صبره على هذا الأذى العظيم ثم قال له تعاوننى هذه المدة الطويلة وأنا على دينى مد يدك لأسلم فمد يده فأسلم ثم مات سهل رضى الله عنه.
(783) ما حكم خضب الشعر بالسواد.
يحرم على الرجل والمرأة صبغ الشعر بالسواد وأجازه بعض الأئمة إذا لم يكن يؤدى إلى الغش والتلبيس كأن شابت المرأة فسودت شعرها حتى يخطبها الرجال ويجوز للمرأة المتزوجة صبغ شعرها بالسواد بإذن زوجها.
(784) ما حكم تشبه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال.
يحرم تشبه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال فى الملبس والكلام والمشى وهو من الكبائر. روى البخارى فى صحيحه من حديث ابن عباسٍ رضى الله عنهما أنه قال لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال وروى أبو داود فى سننه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال لعن رسول الله ﷺ الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل. ويحرم التشبه بالكفار وهو من الكبائر فيحرم التشبه بهم فى الزينة واللباس ونحو ذلك كوضع الحلق فى السرة واللسان. فإذا عمل الكفار زيا من الثياب وشاع بينهم فيحرم على المسلمين لبسه أما ما عمله الكفار وشاع بينهم وبين المسلمين ابتداء فلا يحرم على المسلمين لبسه. وكذلك يحرم التشبه بالفجار أى الفساق كالتى تنتف شعر الحاجب كله ثم ترسمه رسما بنوعٍ من الألوان كما دل على ذلك قوله ﷺ من تشبه بقومٍ فهو منهم رواه أبو داود وابن ماجه.
(785) ما حكم نتف شعر الحاجب كله.
نتف شعر الحاجب كله ثم رسمه رسما بنوعٍ من الألوان حرام بالإجماع. ومن كان حاجباه متصلين لا يجوز له فتحهما بالنتف.
(786) ما حكم النقش والتطريف فى اليدين بالحناء للنساء.
النقش والتطريف فى اليدين بالحناء للنساء جائز لكنه مكروه.
(787) ما حكم ترك إحداد المرأة على زوجها المتوفى.
يحرم على المرأة ترك الإحداد على زوجها الميت والإحداد هو ترك الزينة وترك الخروج بلا حاجةٍ إلى انتهاء العدة وهى أربعة أشهرٍ وعشرة أيامٍ أما الحامل فعدتها تنتهى بوضع الحمل.
(788) ما حكم الإحداد على غير الزوج.
لا يجوز الإحداد على غير الزوج فوق ثلاثة أيامٍ. ثلاثة أيامٍ رخصة وما زاد ذنب. قال رسول الله ﷺ لا تحد امرأة على ميتٍ فوق ثلاثٍ إلا على زوجٍ أربعة أشهرٍ وعشرا، رواه مسلم.
(789) ما حكم ترك الزوجة المتوفى عنها زوجها المبيت فى بيتها.
يحرم على الزوجة المتوفى عنها زوجها أن تبيت خارج بيتها أثناء العدة ويجوز لها الخروج لحاجةٍ كشراء طعامٍ إن لم تجد من يقضى لها حاجتها. ويحرم على المطلقة بالثلاث وعلى المختلعة وهى المفسوخ نكاحها بالخلع الخروح من بيتها أثناء العدة لغير حاجةٍ أما المطلقة طلاقا رجعيا فيجوز لها الخروج بإذن الزوج.
(790) هل يحرم على الزوجة المتوفى عنها زوجها التكلم مع الأجانب أو الجلوس فى شرفة البيت.
لا يحرم على الزوجة المتوفى عنها زوجها التكلم مع الأجانب أو الجلوس فى شرفة البيت.
(791) ما حكم إسبال الثوب.
يحرم إسبال الثوب أى إنزاله إلى ما تحت الكعبين للفخر لقوله ﷺ لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء رواه البخارى ومسلم، معناه لا يكرمه بل يكون مهانا وليس المراد النظر بالجارحة لأن الرؤية بالجارحة من صفات الخلق. أما إنزال الثوب إلى ما تحت الكعبين لغير الفخر فمكروه للرجال بل يسن أن يكون إلى نصف الساقين لحديث أبى داود إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه.
(792) ما حكم استعمال الحناء للرجل.
يحرم على الرجل استعمال الحناء فى اليدين والرجلين بلا حاجةٍ لما فيه من التشبه بالنساء أما إن كان لحاجةٍ كأن فعل ذلك للتداوى اعتمادا على قول طبيبٍ ثقةٍ فيجوز.
(793) ما حكم لبس الذهب والفضة والحرير للرجل.
يحرم على الرجل لبس الذهب والحرير قال رسول الله ﷺ أحل الذهب والحرير لإناث أمتى وحرم على ذكورها، رواه الترمذى. وكذا يحرم عليه لبس الفضة ويجوز له لبس خاتمٍ من فضةٍ لأن النبى ﷺ لبسه.
(794) ما حكم قطع الفرض.
يحرم قطع الفرض من صلاةٍ أو صيامٍ أو حجٍ بلا عذرٍ لقوله تعالى ﴿ولا تبطلوا أعمالكم﴾.
(795) ما حكم قطع النفل من صلاةٍ أو صومٍ.
يجوز قطع النفل من صلاةٍ أو صومٍ قال رسول الله ﷺ الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر، رواه البيهقى.
(796) ما حكم قطع نفل الحج والعمرة.
يحرم قطع نفل الحج والعمرة لأنه بالشروع فيه يصير إتمامه واجبا. وقطع نفل الحج أو العمرة من الكبائر.
(797) ما حكم محاكاة المؤمن استهزاء به.
يحرم محاكاة المسلم أى تقليده فى قولٍ أو فعلٍ على وجه الاستهزاء به وهو من الكبائر قال الله تعالى ﴿يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قومٍ عسى أن يكونوا خيرا منهم﴾.
(798) ما حكم تتبع عورات المسلمين.
يحرم التجسس على عورات المسلمين أى البحث عن عيوبهم ومساوئهم قال تعالى ﴿ولا تجسسوا﴾ أى لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه ليطلع عليه وقال رسول الله ﷺ لا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، رواه البخارى ومسلم. ولا تنافسوا أى فى محاولة الغلبة على أمر الدنيا وأما التدابر فهو أن يولى ظهره للمسلم هذا يقبل إليه وذاك يدبر عنه أو يصرف وجهه إلى الناحية الأخرى للإشعار بأنه يكرهه وهذا فيه إيذاء للمسلم.
(799) ما حكم الوشم وهل يمنع الوشم فى اليد أو القدم صحة الوضوء أو الغسل.
الوشم حرام من الكبائر لحديث البخارى ومسلمٍ لعن رسول الله الواشمة والمستوشمة. والوشم هو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يذر عليه الكحل الأسود أو شىء أخضر فيختلط بالدم ويبقى لونه. والوشم فى الأصل يمنع صحة الوضوء والغسل لأن الدم الذى يخرج عند غرز الجلد بالإبرة نجس وعندما يذر عليه شىء كالكحل الأسود يختلط هذا الدم به ولا يذهب بالماء فيصير مانعا لصحة الوضوء والغسل لكن إذا كان الشخص الذى عنده وشم لا يستطيع أن يزيله إلا مع الضرر فيصح وضوؤه وغسله حينئذٍ. أما إن استطاع إزالة الوشم بلا ضررٍ فيلزمه إزالته.
(800) ما حكم هجر المسلم.
هجر المسلم أى ترك تكليمه بغير عذرٍ شرعىٍ إلى ثلاثة أيامٍ لا يكتب عليه ذنب أما بعد ثلاثة أيامٍ فيكتب عليه قال رسول الله ﷺ لا يحل لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذى يبدأ بالسلام، رواه مسلم. وأما هجره لعذرٍ شرعىٍ كأن كان شارب خمرٍ أو تاركا للصلاة فيجوز إلى أن يتوب ولو إلى الممات بعد إعلامه بسبب الهجر.
(801) ما حكم مجالسة الفاسق للإيناس له على فسقه.
يحرم مجالسة الفاسق للإيناس له على فسقه والفاسق هو مرتكب الكبيرة كشارب الخمر.
(802) ما حكم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية.
تحرم الخلوة بالأجنبية بحيث لا يراهما مسلم بصير ثقة أو محرم يستحى منه كابن تسع سنين قال رسول الله ﷺ لا يدخلن أحدكم على مغيبةٍ إلا ومعه رجل أو رجلان رواه مسلم، والمغيبة هى المرأة التى زوجها غائب، وقال ﷺ ولا يخلون رجل بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما رواه الترمذى، معناه يشتغل بهما حتى يوقعهما فى الحرام لأنه تلك الساعة يقوى عليهما.
(803) ما حكم خلوة المرأة بالأجنبى المراهق.
لا يجوز للمرأة أن تختلى بالأجنبى المراهق وهو الذى قارب البلوغ ويجوز أن تختلى بالصبى المميز غير المراهق.
(804) ما حكم سفر المرأة بغير محرمٍ.
يحرم سفر المرأة بغير محرمٍ كأخٍ أو نحو محرمٍ كزوجٍ ولو سفرا قصيرا كنحو عشرين كيلو مترا لغير ضرورةٍ. وأما إذا كان سفرها لضرورةٍ فيجوز كأن كانت مهاجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام أو كان سفرها لحج الفرض أو عمرة الفرض.
(805) ما حكم خروج المرأة من بيتها بقصد التعرض للرجال.
يحرم على المرأة أن تخرج من بيتها بقصد استمالة الرجال للمعصية ولو كانت ساترة للعورة لحديث أيما امرأةٍ خرجت متعطرة فمرت بقومٍ ليجدوا ريحها فهى زانية وكل عينٍ زانية، رواه ابن حبان.
(806) ما حكم استخدام الحر كرها.
يحرم إكراه الحر أى إجباره على عملٍ لنفسه أو لغيره كالعمل فى الزراعة وحراثة الأرض. والحر أى غير العبد المملوك.
(807) ما حكم معاداة الولى.
يحرم معاداة الولى أى اتخاذه عدوا ومحاربته كأبى بكرٍ وعمر لقوله ﷺ إن الله تعالى قال من عادى لى وليا فقد ءاذنته بالحرب رواه البخارى، أى أعلمته أنى محارب له. والولى هو المؤمن المستقيم بطاعة الله أى المؤدى للواجبات والمجتنب للمحرمات والمكثر من النوافل قال تعالى ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا﴾.
(808) ما حكم الإعانة على المعصية.
يحرم الإعانة على المعصية لقوله تعالى ﴿ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾ وقوله ﷺ لا طاعة لمخلوقٍ فى معصية الخالق، رواه أحمد فى مسنده.
(809) ما حكم ترويج الزائف.
يحرم ترويج الزائف كالذى يروج الدولارات المزيفة لما فيه من الغش وأكل أموال الناس بالباطل.
(810) ما حكم استعمال أوانى الذهب والفضة واتخاذها.
يحرم استعمال أوانى الذهب والفضة فى الأكل والشرب وكذا اقتناء أوانيهما بلا استعمالٍ قال رسول الله ﷺ إن الذى يأكل ويشرب فى ءانية الذهب والفضة إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم، رواه مسلم.
(811) ما حكم ترك الفرض.
يحرم ترك أداء الفرض أو تأخيره عن وقته بغير عذرٍ كالصلاة قال تعالى ﴿فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ والويل هو شدة العذاب وقد توعد الله تعالى بالعذاب الشديد من يتهاونون بالصلاة بأن يؤخروها عمدا حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى بلا عذرٍ.
(812) ما حكم رمى الصيد بالمثقل المذفف.
يحرم رمى الصيد بالمثقل المذفف أى ما يقتل بثقله ويسرع بإزهاق الروح كالحجر.
(813) ما حكم اتخاذ الحيوان غرضا.
يحرم اتخاذ الحيوان غرضا أى هدفا يرمى إليه لتعلم الرماية أو للهو وهو من الكبائر قال رسول الله ﷺ لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا، رواه مسلم.
(814) ما حكم تنجيس المسجد أو تقذيره.
يحرم تنجيس المسجد بنجسٍ كبولٍ وتقذيره بطاهرٍ مستقذرٍ كالبصاق والمخاط.
(815) ما حكم التهاون بالحج بعد الاستطاعة.
إذا أخر المسلم أداء الحج بعد حصول الاستطاعة إلى أن مات ولم يحج وقع فى ذنبٍ كبيرٍ.
(816) ما حكم الاستدانة لمن لا يرجو وفاء لدينه.
يحرم الاستدانة لمن لا يرجو وفاء لدينه بأن لم يكن عنده ملك ولا مهنة يستغلها لرد الدين إن لم يعلم دائنه بحاله ولم يعلمه.
(817) ما حكم عدم إنظار المعسر.
يحرم على الدائن ترك إنظار العاجز عن قضاء ما عليه من الدين مع علمه بعجزه أى يحرم إيذائه بحبسٍ أو إزعاجٍ.
(818) ما حكم بذل المال فى معصيةٍ.
يحرم صرف المال فى معصيةٍ وهو من الكبائر كالمال الذى يعطى للمغنيات والمغنين أجرة وهذا هو التبذير المحرم وهو معنى قوله تعالى ﴿ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين﴾ أما التوسع فى المباحات كأن يعدد أصناف الطعام والثياب فليس حراما لكن تركه أحسن إلا إذا كان يؤدى إلى تضييع واجبٍ كنفقةٍ واجبةٍ أو زكاةٍ فيحرم حينئذٍ.
(819) ما حكم الاستهانة بالمصحف.
يحرم الاستهانة بالمصحف أى الإخلال بتعظيمه كمسه بغير وضوءٍ وأما الاستخفاف به كرميه فى القاذورات فهو كفر.
(820) ما حكم تغيير منار الأرض.
يحرم تغيير الحد الفاصل بين ملكه وملك جاره بأن يأخذ شيئا من أرض جاره ويضمها إلى أرضه وهو من الكبائر لقوله ﷺ لعن الله من غير منار الأرض، رواه مسلم.
(821) ما حكم التصرف بالشارع.
يحرم التصرف بالشارع أى الطريق النافذ بما لا يجوز فعله فيه مما يضر بالمارة.
(822) ما حكم استعمال المعار فى غير المأذون له فيه.
يحرم استعمال الشىء المعار فى غير المأذون له فيه ويحرم أن يزيد على المدة المأذون له فيها ويحرم إعارته لغيره بغير إذن المالك.
(823) ما حكم تحجير المباح.
يحرم تحجير المباح أى منع الناس من الانتفاع بالأشياء المباحة لهم كشواطئ الأنهار والبحار والمرعى الذى فى أرضٍ ليس ملكا لأحدٍ والنار التى اتقدت فى المباح من الحطب قال رسول الله ﷺ المسلمون شركاء فى ثلاثٍ الماء والكلإ والنار، رواه أبو داود.
(824) ما حكم استعمال اللقطة.
يحرم استعمال اللقطة قبل التعريف عنها مدة سنةٍ واللقطة هى ما ضاع من مالكه فى شارعٍ أو مسجدٍ ونحوهما ولا يعرف مالكه. فإذا وجد الشخص لقطة فى الطريق مثلا لا يجب عليه أن يرفعها لكن إن أخذها يجب عليه أن يعرفها مدة سنةٍ ولا يحل له التصرف فيها قبل التعريف عنها فإن أكلها قبل أن يعرف عنها وقع فى ذنبٍ كبيرٍ. فإن لم يظهر صاحبها بعد سنةٍ يجوز له أن يتملكها بنية أن يغرم لصاحبها إن ظهر فيقول تملكت هذا الشىء. فإن كانت اللقطة مما يتلف بسرعةٍ يبيعها ويحفظ ثمنها لصاحبها ولا يأكلها. أما إن وجد صنما من ذهبٍ أو شعار كفرٍ فلا يعرف عنه ولا يعطيه لكافرٍ إنما يكسره ويتصدق به. وأما إذا كانت اللقطة فيها شىء محترم كآيةٍ أو اسم الله فلا يتركها تدوس عليها الأرجل بل يرفعها وجوبا ويعرف عنها. وأما ما يجده الشخص فى بيته أو دكانه أو سيارته مما ليس له فهذا يحفظه ولا يتصرف فيه حتى ييأس من معرفة صاحبه فإن يئس من معرفة صاحبه كأن مضى عليه عشر سنين ولم يجد صاحبه ولا عرف طريقا للوصول إلى معرفته عندئذٍ يتصدق به على فقيرٍ إن شاء ويقول فى نفسه ثوابه لصاحبه إن كان مسلما، فإن ظهر صاحبه بعد ذلك يخيـره بين أن يدفع له أو أن يرضى بالثواب.
(825) ما حكم الجلوس مع مشاهدة المنكر.
يحرم البقاء فى مجلسٍ مع العلم بوجود المنكر فيه لغير عذرٍ. والمنكر هو الشىء الحرام.
(826) ما حكم التطفل فى الولائم.
يحرم الدخول إلى الوليمة التى لم يدع إليها بغير إذنٍ أو أدخلوه حياء مع علمه بذلك لقوله ﷺ لا يحل لمسلمٍ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسٍ منه، رواه ابن حبان.
(827) ما حكم عدم التسوية بين الزوجات.
عدم التسوية بين الزوجات فى النفقة الواجبة والمبيت حرام أما عدم التسوية بينهن فى المحبة القلبية والجماع وما زاد على النفقة الواجبة فليس حراما.
(828) ما حكم السحر.
يحرم العمل بالسحر والسحر منه ما هو كفر كالسجود لإبليس ومنه ما هو ذنب كبير قال رسول الله ﷺ اجتنبوا السبع الموبقات (أى المهلكات) قيل وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، رواه مسلم.
(829) ما حكم الخروج عن طاعة الخليفة.
يحرم الخروج عن طاعة الخليفة كالذين خرجوا على سيدنا علىٍ فقاتلوه قال الله تعالى ﴿يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾.
(830) ما حكم التولى على يتيمٍ أو مسجدٍ أو قضاءٍ.
يحرم التولى على يتيمٍ أى أن يتولى التصرف بمال اليتيم وهو يعلم من نفسه الخيانة فيه أو التولى فى وظيفةٍ تتعلق بالمسجد كأن ينتصب إماما فى مسجدٍ ليصلى بالناس وهو لا يحسن قراءة الفاتحة. ويحرم أن يتولى القضاء بين الناس وهو ليس أهلا.
(831) ما حكم إيواء الظالم.
يحرم إيواء الظالم ليحول بينه وبين من يريد أخذ الحق منه كأن قتل مسلما ظلما فآواه ليحول بينه وبينهم وهو من الكبائر لحديث مسلمٍ لعن الله من ءاوى محدثا، أى ظالما.
(832) ما حكم ترويع المسلم.
يحرم ترويع المسلم أى تخويفه وإرعابه بغير حقٍ كالترويع بنحو سلاحٍ يشير به إليه قال رسول الله ﷺ من أشار إلى أخيه بحديدةٍ لعنته الملائكة وإن كان أخاه لأبيه وأمه، رواه مسلم وابن حبان وقال ﷺ لا يحل لمسلمٍ أن يروع مسلما.
(833) ما حكم قطع الطريق.
قطع الطريق من الكبائر ويكون بإخافة المارة أو أخذ أموالهم أو قتلهم قال تعالى فى سورة المائدة ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم﴾ وفى ذلك إشعار بعظم ذنب قطع الطريق على المؤمنين. ويعزر قاطع الطريق بحبسٍ أو ضربٍ أو غير ذلك إذا كانت جنايته إخافة المارة فقط وتقطع يده اليمنى ورجله اليسرى إذا كانت جنايته إخافتهم وأخذ مالهم الذى قيمته ربع دينار ذهبٍ أو أكثر ويقتل ويعلق على خشبةٍ معترضةٍ ثلاثة أيامٍ إذا كانت جنايته القتل وأخذ المال وأما إذا كانت جنايته القتل بلا أخذ مالٍ فيقتل ولا يعلق على خشبةٍ.
(834) ما حكم عدم الوفاء بالنذر.
يحرم ترك الوفاء بالنذر. والنذر هو الالتزام بفعل طاعةٍ غير واجبةٍ كأن يقول لله على أو نذرا على أو على أن أتصدق بمبلغ كذا. وشرط النذر الذى يجب الوفاء به أن يكون المنذور قربة غير واجبةٍ أى ما يتقرب به إلى الله كصيامٍ أو صدقةٍ أو قراءة قرءانٍ أو ذكرٍ فلا يصح نذر القربة الواجبة كصيام رمضان ولا نذر ترك المعصية كشرب الخمر. ومن نذر أن يذبح خروفا ليتصدق به يذبح خروفا عمره سنة أو أسقط مقدم أسنانه وليس للناذر أن يأكل من نذره الذى نذره ولا أن يطعم أولاده الأطفال منه فلا يطعم إلا الفقراء الذين ليس لهم عليه نفقة وليسوا منسوبين للرسول ﷺ. والنذر أنواع نذر معلق وهو نذر قربةٍ يتقرب بها إلى الله عند حدوث نعمةٍ أو زوال نقمةٍ أى بليةٍ كأن يقول إن شفى الله مريضى فعلى صيام ثلاثة أيامٍ ونذر غير معلقٍ بحصول شىءٍ وهو الذى لا يكون الوفاء به معلقا على حصول نعمةٍ أو زوال نقمةٍ كالذى يقول نذرا على أن أصوم يوم غدٍ أو أن أتصدق بكذا فالوفاء به واجب. أما النذر الذى مدح الله الوفاء به فهو النذر الذى يكون تقربا إلى الله من غير تعليقٍ بشىءٍ.
(835) ما حكم الوصال فى الصوم.
يحرم الوصال فى الصوم وهو أن يصوم يومين متتاليين فأكثر بلا تناول مفطرٍ عمدا بغير عذرٍ. ويستثنى الرسول ﷺ فإنه كان يجوز له الوصال فى الصوم لحديث البخارى ومسلمٍ نهى رسول الله ﷺ عن الوصال فقال رجل من المسلمين فإنك تواصل يا رسول الله فقال وأيكم مثلى أبيت يطعمنى ربى ويسقينى، أى أن الله تعالى يجعل فيه قوة الطاعم الشارب من غير أن يأكل وهذا مؤقت لأنه كان يجوع فى بعض الأحيان.
(836) ما حكم أخذ مجلس غيره.
يحرم أخذ مجلس غيره فى مسجدٍ أو غيره من الأماكن العامة كأن كان شخص يقرأ القرءان أو يدرس علم الدين فذهب ليشرب أو ليتوضأ ثم يرجع إلى مكانه فجاء شخص وأخذ له مجلسه مع علمه بذلك قال رسول الله ﷺ من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به. وهذا الحكم فى المسجد ونحوه لا فى مكانٍ مملوكٍ لإنسانٍ كبيته فإنه يقعد فيه من يشاء حيث يشاء.
(837) ما حكم أخذ نوبة غيره.
يحرم أخذ دور غيره فى نحو استقاء الماء الذى لا يكفى لأهل البلد إلا بالدور أما إذا كان شخص يملك فرنا للخبز ونحوه فله أن يقدم من شاء فى البيع ويؤخر من شاء.
كتاب التوبة
(838) ما هى أركان التوبة.
أركان التوبة الإقلاع عن الذنب أى ترك الذنب فورا والندم على وقوعه فيه كأن يقول بقلبه يا ليتنى ما فعلت ذلك والعزم وهو التصميم على أن لا يعود إليه أما لو كان ندمه لأجل الفضيحة بين الناس أو خسارة ماله فى القمار لم يكن ذلك توبة. ولا يشترط لها استغفار كقول أستغفر الله. ومعرفة المعاصى شرط للتوبة منها لأن المسلم إذا وقع فى ذنبٍ كيف يتركه ويندم على فعله ويعزم على أن لا يعود إليه وهو لا يعرف أنه ذنب. فإذا أتى بهذه الأمور صحت توبته ومحى عنه ذنبه قال رسول الله ﷺ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، رواه ابن ماجه. وتجب التوبة من كل الذنوب صغيرها وكبيرها فإن كانت المعصية ترك فرضٍ كصلاةٍ قضاه أو كان فيها تبعة لآدمىٍ استسمحه أو كان فيها حق لآدمىٍ رد له حقه قال رسول الله ﷺ من كان لأخيه عنده مظلمة فى عرضٍ أو مالٍ فليستحله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، أى من كان لأخيه المسلم عنده مظلمة فى عرضٍ أو مالٍ كأن سبه أو أكل له ماله بغير حقٍ فليبرئ ذمته اليوم قبل يوم القيامة لأنه إن لم يبرئ ذمته فى الدنيا قبل الآخرة لا ترد عنه الدراهم ولا الدنانير شيئا، فإن مات ولم يبرئ ذمته من هذه المظلمة فإن كان له حسنات أخذ صاحب الحق من حسناته بقدر مظلمته فإن لم تكف حسناته لذلك أخذ من سيئات المظلوم فحملت على الظالم. وإذا أذنب العبد ثم تاب يغفر الله له ولو أذنب مائة مرةٍ أو أكثر فقد روى الحاكم بإسنادٍ صحيحٍ من حديث عقبة بن عامرٍ رضى الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أحدنا يذنب الذنب قال يكتب عليه قال ثم يستغفر ويتوب قال يغفر له ويثاب عليه قال ثم يعود فيذنب قال يكتب عليه قال ثم يستغفر ويتوب قال يغفر له ويثاب عليه (لأن التوبة واجبة ويثاب المؤمن على فعل الواجب) ولا يمل الله حتى تملوا، معناه مهما تكرر الذنب من العبد ثم تاب فإن الله يغفر له وليس معناه أن الله يتصف بالملل الذى هو ضعف الهمة كما يقول الوهابى ابن العثيمين فى كتابه المسمى فتاوى العقيدة لأن ذلك صفة المخلوق والله منزه عن صفات المخلوقين.