(58) مَا مَعْنَى الرَّازِقِ فِى حَقِّ اللَّهِ.
مَعْنَى الرَّازِقِ الَّذِى يُوصِلُ الأَرْزَاقَ إِلَى عِبَادِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ أَوْ تَعَبٌ لِأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ بِلا جَارِحَةٍ وَلا ءَالَةٍ وَلا حَرَكَةٍ وَلا مُمَّاسَةٍ لِشَىْءٍ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ هُودٍ ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِى الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ وَقَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الذَّارِيَاتِ ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾. وَالرَّزَّاقُ وَالرَّازِقُ مِنَ الأَسْمَاءِ الْخَاصَّةِ بِاللَّهِ لا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ غَيْرِ اللَّهِ بِهَا. وَالرِّزْقُ مَا يَنْفَعُ حِسًّا وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا فَلَيْسَ الرِّزْقُ مَقْصُورًا عَلَى الْحَلالِ بَلْ يَشْمَلُ الْحَلالَ وَالْحَرَامَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ الْعَاقِبَةُ فَإِنَّ الرِّزْقَ الْحَلالَ لَيْسَ فِيهِ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَمَّا الْحَرَامُ فَإِنَّهُ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ أَىْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ قَالَ الرَّازِىُّ فِى مُخْتَارِ الصَّحَاحِ الرِّزْقُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِىُّ فِى كِتَابِ الِاعْتِقَادِ وَمَا مَكَّنَهَا (أَىِ النَّفْسَ) مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ مُبَاحٍ وَغَيْرِ مُبَاحٍ رِزْقٌ لَهَا.