الإثنين ديسمبر 8, 2025

#57 المعاصي المتعلقة بالبدن 2-1

الحمد لله مكون الأكوان الموجود أزلا وأبدا بلا مكان والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل إنسان أما بعد نبدأ الكلام إن شاء الله تعالى عن معاصي البدن أي عن المعاصى التى لا تختص على الدوام بجارحة دون سواها من الجوارح.  من معاصي البدن عقوق الوالدين أو أحدهما. وقد قال بعض الشافعية فى ضبط العقوق: هو ما يتأذى به الوالدان أو أحدهما تأذيا ليس بالهين عرفا. إهـ. وليعلم أن عقوق الوالدين المسلمين يعد من كبائر الذنوب والعياذ بالله تعالى.

ومن معاصى البدن قطيعة الرحم وهى من الكبائر بالإجماع لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع”، أى لا يدخلها مع الأولين. والحديث رواه البخارى. وتحصل قطيعة الرحم بتنفير رحمه منه إما بترك الإحسان بالمال إليهم فى حال حاجتهم إليه، وإما بترك الزيارة أى إن كان ذلك بلا عذر فيهما. والرحم هم كل قريب إن كان من جهة الأب أو من جهة الأم.

ومن معاصى البدن إيذاء الجار وذلك بأن يسبه أو يضربه بغير سبب شرعى، أو يبنى ما يؤذيه مما لا يأذن له به الشرع. وإيذاء الجار أشد وزرا من إيذاء غيره. وقد صح فى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”. إهـ.

ومن معاصى البدن تشبه الرجال بالنساء وبالعكس، لكن تشبه النساء بالرجال أشد إثما. فما كان خاصا بأحد الصنفين من الزى فهو حرام على الصنف الآخر. وقد روى أبو داود عن عائشة رضى الله عنها قالت: نهى رسول الله  الرجل عن أن يلبس لبسة المرأة والمرأة عن أن تلبس لبسة الرجل.إهـ.

ومن معاصى البدن تطويل الثوب للخيلاء أى للكبر. فمن أنزل إزاره من الرجال إلى ما تحت الكعبين للبطر فقد وقع فى ذنب كبير وإلا فهو مكروه. والطريقة المستحسنة شرعا أن يكون الإزار ونحوه إلى منتصف الساقين للرجال.

ومن معاصى البدن استعمال الحناء أى الخضاب به فى اليدين والرجلين للرجل بلا حاجة إليه، وذلك لأن فيه تشبها بالنساء.

ومن معاصى البدن قطع الفرض أداء كان أو قضاء من غير عذر، وسواء كان صلاة أو غيرها. وأما إن قطعه لعذر فهو جائز. وخرج بقولنا الفرض النفل فيجوز قطعه ولو بلا عذر لأنه ليس واجبا. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر”. رواه البيهقى وغيره. أما إذا كان النفل نفل حج أو عمرة فيحرم قطعه وذلك لأنه يصير واجبا بالشروع فيه فيجب إتمامه عند ذلك.

ومن معاصى البدن محاكاة المؤمن أي تقليده فى قول أو فعل أو إشارة على وجه الاستهزاء به.

ومن معاصى البدن التجسس على عورات الناس معناه البحث عن عيوب الناس وعوراتهم أي أن يفتش عما لا يريد الناس الاطلاع عليه أي عن مساوئ الناس لا عن محاسنهم، يريد أن يعرف عنهم القبيح من القول والقبيح من الفعل فيسأل عنه الناس أو يبحث عنه بنفسه من دون سؤال وهذا حرام لا يحبه الله.

ومن معاصى البدن الوشم. وهو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم، ثم يذر عليه ما يحشى به المحل ليزرق مثلا أو يسود. وهو من كبائر الذنوب والعياذ بالله تعالى.

ومن معاصى البدن لبس الذهب مطلقا للرجل البالغ. وكذا لبس الفضة غير الخاتم منها ولبس الحرير الخالص أو ما أكثره وزنا منه. وأما خاتم الفضة فجائز لبسه للرجل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لبسه. وخرج بالرجل المرأة لأنه يجوز لها لبس الذهب والفضة والحرير.

ومن معاصى البدن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية بأن لم يكن معهما ثالث بصير يستحى منه رجلا كان أو امرأة. وذلك حرام لحديث البخارى: “ولا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما”. ولا يحرم خلوة رجلين بامرأة على الصحيح وإن خالف بعض الشافعية فى ذلك فإن كلامهم مردود بحديث مسلم أنه قال: “لا يدخلن رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان”. والمغيبة هى المرأة التى غاب زوجها. والله تعالى أعلم وأحكم.