55-باب في رؤيةِ[1] رسولِ الله ﷺ
الحديث 406
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللهِ[2] عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي[3].
الحديث 407
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حُصَينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَصَوَّرُ أَوْ قَالَ: لا يَتَشَبَّهُ بِي.
الحديث 408
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبو مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي[4]. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَأَبُو مَالِكٍ: سَعْدُ بْنُ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ، وَطَارِقُ بْنُ أَشْيَمَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَحَادِيثَ. قال وسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ حُجْرٍ، يَقُولُ: قَالَ خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَنَا غُلامٌ صَغِيرٌ.
الحديث 409
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُنِي. قَالَ أَبِي: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ وقُلْتُ: رَأَيْتُهُ، فَذَكَرْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَقُلْتُ: شَبَّهْتُهُ بِهِ[5]، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ كَانَ يُشْبِهُهُ[6].
الحديث 410
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ وَكَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْمَنَامِ زَمَنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ النبيَّ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِي، فَمَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي. هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ[7] هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّوْمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْعَتُ لَكَ رَجُلٌ[8] بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ[9]، جِسْمُهُ وَلَحْمُهُ أَسْمَرُ إِلَى الْبَيَاضِ[10]، أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، حَسَنُ الضَّحِكِ، جَمِيلُ دَوَائِرِ الْوَجْهِ[11]، مَلأَتْ لِحْيَتُهُ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ[12]، قَدْ مَلأَتْ نَحْرَهُ[13]، قَالَ عَوْفٌ: وَلا أَدْرِي مَا كَانَ مَعَ هَذَا النَّعْتِ[14]، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ رَأَيْتَهُ فِي الْيَقَظَةِ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْعَتَهُ فَوْقَ هَذَا[15]. قَالَ أَبُو عِيسَى : ” وَيَزِيدُ الْفَارِسِيُّ هُوَ : يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ ، وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ[16] وَرَوَى يَزِيدُ الْفَارِسِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَحَادِيثَ . وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ لَمْ يُدْرِكِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ وَيَزِيدُ الْفَارِسِيُّ، كِلاهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ[17] ، وَعَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ هُوَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ .
الحديث 411
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلْمٍ الْبَلْخِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ : قَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ : ” أَنَا أَكْبَرُ مِنْ قَتَادَةَ ” .
الحديث 412
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ رَآنِي، يَعْنِي فِي النَّوْمِ، فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ[18].
الحديث 413
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: أخبرنا المُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتمثَّلُ[19] بِي وَقَالَ: وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ[20].
حديث 414
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الْمُبَارَكِ : ” إِذَا ابْتُلِيتَ بِالْقَضَاءِ فَعَلَيْكَ بِالأَثَرِ “[21] .
الحديث 415
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سمعْتُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : ” هَذَا الْحَدِيثُ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأَخُذُونَ دِينَكُمْ ” [22].
[1] أولاً أورد الترمذي رحمه الله صفات النبي عليه الصلاة والسلام الخِلقية والخُلُقية. ثم بعد ذلك بعدما أورد هذه الصفات تكلم عن رؤيته ﷺ، حتى اذا رآه الرائي يعرف أنَّ الصفةَ تنطبقُ على هذا او لا تنطبق. وذلك لأن خلافاً يوجد بين علماء أهل السنة أنَّ من رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام. من رآه على غير صفتِه التي هي صفتُه هل يكون له البُشرى نفسُها التي تكون لمن رآه على صفتهِ التي هي صفتُه؟ علماءُ أهلِ السنةِ بينهم خلاف. منهم من قال لا تكون له هذه البشرى، انما هي مختصة بمن رآه على صفته التي هي صفتُه. فلو رآه مثلا غير ملتحٍ أو رآه مثلا ولونُ عينيه ليس أسود، لو رآه بصورة ولد صغير، لو رآه على صورة هي غير صورتِه التي كان عليها، بعضهم قال لا تثبت له البشرى المذكورةُ في الحديث والتي مقتضاها انه يموت على الايمان. وبعضهم قال تثبت، والغالب قالوا تثبت. لكنه ليس اجماعاً. منهم من قال لا تثبت إلا إن رآه على صفته التي هي صفته. فلذلك ءاخَّر الترمذيُ رحمه الله تعالى هذا الباب الى اخرِ الكتاب، ليكون قد ذكرَ قبل ذلك صفاتِه ﷺ ثم بعد ذلك يذكُر هذا الامر. فمن رآهُ في المنام يعرفُ بعد معرفةِ صفاته أنا الذي رأيتُه، هذه صفة النبي عليه الصلاة والسلام أو صفة غيره!! لكن أغلبُ العلماءِ على أن من رآه في المنام ووقعَ في قلبه في منامِه، كان جازما، انَّ من رآه هو رسولُ الله ﷺ فله البُشرى، ولو رآه على غير صفته التي هي صفته أو لو رآه من خلف ولم يتبين صفاتِه في المنام، او رأى جُزءاً منه، كان جزءٌ منه مغطىً بحائط وجزء ظاهر وهكذا، قالوا كلُ هذا تكون قد ثبتت له البُشرى. لكنه ليس اجماعاً. بعضهم قال لا بد ان يكون رآهُ على صورته التي هي صورتُه حتى تثبت له تلك البُشرى. الله يرزقنا رؤيته في المنام وفي اليقظة.
[2] عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ
[3] الله تعالى ما مكّن الشيطان من التمثل بصورة النبي عليه الصلاة والسلام لا يستطيع، مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ ليعلم أنه قد رآني حقا
[4] أي حقا
[5] يعني يخبر ابن عباس يقول له انا قد رأيت النبيَ عليه الصلاة والسلام في المنام، لما رأيتُهُ إذا تذكرت الصورة التي رأيتها أتذكر الحسنَ بنَ علي. الذي رأيتُه يشبه الحسنَ بنَ علي. شَبَّهْتُهُ بِهِ
[6] فصدقه، قال إِنَّهُ كَانَ يُشْبِهُهُ. الحسن شبيهٌ بالنبي عليه الصلاة والسلام
[7] أنْ تصف محاسنَه
[8] رجلٌ أي هو رجلٌ بالرفع
[9] قَالَ: نَعَمْ، أَنْعَتُ لَكَ رَجُلٌ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أي معتدل
[10] أي ابيض فيه حمرة، أحيانا يطلقون السُمرة على الحمرة لذلك قال أَسْمَرُ إِلَى الْبَيَاضِ ليُعلَمَ مراده
[11] اطرافُ الوجه، دَوَائِرِ الْوَجْهِ أي اطرافِ الوجه
[12] مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ من الاذن الى الاذن
[13] قَدْ مَلأَتْ نَحْرَهُ لحيتَه يعني معناه لحيتُه عليه الصلاة والسلام عريضةٌ عظيمة
[14] يعني هذا الذي حفِظتُه من وصفه، لما كان يصف لابن عباس قال انا هذا الذي حفظتُهُ غير هذا ماذا زاد لا أدري، نسيتُ
[15] فكان قد رآه على صفته التي هي صفته. الله يرزقنا ذلك
[16] أبو عيسى الترمذي يفرق بينهما حتى لا يُخلَطَ بينهما يبين ان هذا هو يزيد الفارسي
[17] كِلاهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وابن عباس مكثَ في البصرة مدة. ابن عباس من أهل المدينة لكن لما تولى عليٌّ الخلافةَ رضي الله عنه، ولّى عبدَ الله بنَ عباس على البصرة فذهب اليها فمكث فيها. فأهلُ البصرة تعلموا منه وسمعوا منه عندما كان في البصرة والياً عليها. كان ابنُ عباس كلما جاء رمضانُ يصرفُ وقته لتعليم الناس الضروريات ما لا بد أنْ يعلموه. في شهر رمضان يصرفه لتعليمهم الضروريات الفرضَ العيني من علم الدين. فكانوا في اخر الشهر يتخرجون من بين يديه وقد علموا ما افترض الله عليهم. رضي الله عنه.
[18] فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ أي رأى الامر الحق، أي الامر الثابت المتحقق رآني حقاً
[19] وفي نسخة يَتَخَيَّلُ والمعنى واحد أي لا يستطيع أنْ يتصور بصورتي
[20] اختلف العلماء ما معناهُ ان رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ على اقوال منها الرؤيا هي يُعلَمُ بها جزءٌ مما يعلم بالنبوة. بعضُ المُغيَّبات تُعلمُ بواسطةِ الرؤيا. بعضهم هكذا قال في تفسير الحديث. اليس جاء في الحديث الاخر ذهبتِ النبوة وبقيت المبشرات، هكذا قالوا. بعضهم هكذا قال، فيها اقوال.
[21] هذا ما علاقته؟ بعدما ذكَر صفات النبي عليه الصلاة والسلام وما أراد أنْ يذكر من شمائله عبد الله بن المبارك قال إِذَا ابْتُلِيتَ بِالْقَضَاءِ فَعَلَيْكَ بِالأَثَرِ أي عليك باتباع النبي عليه الصلاة والسلام وهكذا في غير القضاء ينبغي لك أنْ تتبَع هذا الرجلَ عليه الصلاة والسلام الذي تقدم وصفُهُ لك وتقدم بيانُ شمائلهِ الطيبة الكريمة لك. كمال محبته لا بد فيه من اتِّباعه. من لم يحصل له اتباعُ النبي عليه الصلاة والسلام على الوجه الكامل فلن تحصُل له محبة النبي عليه الصلاة والسلام على الوجه الكامل.
[22] ختم الترمذي رحمه الله كتابَه بهاذين الاثرين كلامُ ابن المبارك وكلام ابن سيرين. معناه خلاصةُ كلامهما أذا اردت النجاة فعليك بطريق رسول الله ﷺ. وطريقُ رسول الله ﷺ تُعْلمُ من حدثيه الشريف وطريق اخْذِ حديثه الشريف هو الاخذ من العلماء الثقات، ثقة عن ثقة. فلا تأخذ من أي كان. خذ اخبارَهُ وما جاء به عليه الصلاة والسلام بنقل الثقة عن الثقة الى الصحابة الى رسول الله ﷺ . بهذا المعنى ختم الترمذي رحمه الله تعالى كتابه المبارك بهاذين الاثرين.