(52) مَا مَعْنَى الأَوَّلِ وَالْقَدِيمِ إِذَا أُطْلِقَا عَلَى اللَّهِ.
مَعْنَى الأَوَّلِ وَالْقَدِيمِ إِذَا أُطْلِقَا عَلَى اللَّهِ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْحَدِيدِ ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾. وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى جَوَازِ إِطْلاقِ الْقَدِيمِ عَلَى اللَّهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ مُرْتَضَى الزَّبِيدِىُّ فِى شَرْحِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِىُّ فِى عَقِيدَتِهِ قَدِيمٌ بِلا ابْتِدَاءٍ. فَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ قَدِيمٌ أَىْ لَمْ يَسْبِقْ وُجُودَهُ عَدَمٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَبَقَهُ الْعَدَمُ لَكَانَ حَادِثًا أَىْ مَخْلُوقًا وَالْحُدُوثُ أَىِ الْوُجُودُ بَعْدَ عَدَمٍ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ فَلا يُقَالُ لَهُ مَتَى كَانَ أَوْ مَتَى وُجِدَ لِأَنَّهُ لا ابْتِدَاءَ لَهُ أَمَّا الْمَخْلُوقُ فَيُقَالُ لَهُ مَتَى وُجِدَ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْدُومًا ثُمَّ صَارَ مَوْجُودًا وَقَدْ جَاءَ يَهُودِىٌّ إِلَى سَيِّدِنَا عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ مَتَى كَانَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ لا يُقَالُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَتَى كَانَ إِنَّمَا يُقَالُ مَتَى كَانَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ، رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِى الْحِلْيَةِ. هَذَا الْيَهُودِىُّ أَرَادَ الِامْتِحَانَ لِأَنَّهُ كَانَ اطَّلَعَ فِى التَّوْرَاةِ الأَصْلِيَّةِ عَلَى هَذَا الْكَلامِ فَلَمَّا أَجَابَهُ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ بِهَذَا الْجَوَابِ الَّذِى هُوَ مَذْكُورٌ فِى التَّوْرَاةِ مَا تَمَالَكَ نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يُسْلِمَ فَتَشَهَّدَ فِى الْمَجْلِسِ قَالَ فِى نَفْسِهِ عَلِىٌّ مَا لَهُ اطِّلاعٌ عَلَى التَّوْرَاةِ مِنْ أَيْنَ عَرَفَ الْجَوَابَ لَوْلا أَنَّ دِينَهُ صَحِيحٌ.