#50 11-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
الحمد لله مكوّن الأكوان الموجود أزلا وأبدا بلا مكان أما بعد نتوقفُ معًا عند قِصةِ ماشطةِ بِنتِ فرعون. كانت ماشطةُ بنتِ فرعون مؤمنةً مسلمةً تكتُم إسلامَها، فبينما هي تَمْشُطُ شعرَ ابنةِ فرعونَ إذ وقعَ المِشطُ من يدِها فقالت: بسم الله، فقالت ابنةُ فِرعون: “أوَلَكِ إلهٌ غيرُ أبي؟” قالت الماشطةُ: ربي وربُك وربُ أبيكِ هو الله، فأخبرت بنتُ فرعونَ أباها بذلك، فدعا بها وبولدِها وقالَ لها: من ربُك؟ قالت: ربي وربُكَ الله، فأمرَ بتنّورِ نُحاسٍ فأُحْمِيَ لِيُعَذِبَها وأولادَها، فقالت: لي إليكَ حاجة، قالَ: ما هي؟ قالت: تجمعُ عِظامي وعِظامَ أولادي فتَدفِنَها، فقال: لكِ ذلك، فأمرَ بأولادِها فأُلقوا في التَنّورِ واحِدًا واحِدًا، وكانَ ءاخرُ أولادِها صبيًا رضيعًا فقالَ لها: اصبري يا أماه فإنكِ على الحقّ، ثم أُلقِيَتْ في التَنّورِ معَ أولادها رَحمها الله ورحمهم الله. والآن ننتقِلُ إلى الكلامِ عن آسيةَ امرأةِ فرعون. كانت ءاسيةُ امرأةُ فرعون من بني إسرائيلَ وقيل كانت من غيرِهم وكانت مؤمنةً تكتُم إيمانَها، وقد دَخلَ عليها ذاتَ يومٍ فِرعونُ فأخبرَها خبرَ الماشطةِ فقالت لهُ ءاسيةُ زوجتُه: الويلُ لك! ما أجرأكَ على الله! فقالَ لها: لعلَّكِ اعتراكِ الجنونُ الذي اعتَرى الماشِطة، فقالت له: ما بي جنونٌ ولكنّي ءامنتُ بالله تعالى ربِّ العالمين، فأقسمَ فرعونُ أنه سيُذيقُها الموتَ أو تكفر بإله موسى، فقالت له: أما أن أكفرَ بالله فلا والله! فأمرَ فرعونُ بتعذيبها فعُذِّبت حتى ماتت رحمها الله. ولما وقَعَ ما وقعَ منَ الأمرِ العظيمِ وهو انتِصارُ نبيِ الله موسى عليه السلام على السَحَرةِ الذينَ جمعَهم فِرعونُ من أنحاءِ مملكتِه، فكانَ الأمرُ على خِلافِ ما أرادوا وكانتِ الغَلَبَةُ والانتِصارُ لموسى عليه السلام في ذلِكَ الموقفِ الهائلِ وأسلَمَ السحرةُ الذين استَنْصرَ بهم فرعونُ وأتباعُه القِبط مما زاد فرعونُ وأتباعُه الكافرين غيظًا وحِقدًا، أخذوا يُغرونَ فرعونَ ويُحرِضونَه على إيذاءِ موسى عليه السلام ومَن ءامنَ معَه لائمينَ ومنكرينَ عليه تركَ موسى عليه السلام وقومِهِ الذين ءامنوا بما جاءَ به يُفسدونَ على زعمِهم في الأرض، فوعدَهم فرعونُ أنه سيقتُلُ أبناءَهم ويَستَحيى نِساءَهم أي يُسَخِّرُهُنَّ في خِدمتِه مُعتَزًا بما له عليهم من القَهرِ والغَلَبةِ والسُلطان، فأخذَ يَبْطُشُ ويَفْتِكُ ببني إسرائيلَ الذين ءامنوا بموسى عليهِ السلام وبما جاءَ به، فعندَ ذلكَ ضجَّ بنو إسرائيلَ بالشكوى مما حاقَ بهم منَ الظُلمِ والتعذيبِ وأخذوا يَشكونَ ذلك لموسى عليه السلام، فأوصاهم عليه السلام بالصَّبرِ وبَشّرَهم بالنصرِ الأكيد ووعدَهم على ذلك بِحُسنِ العاقِبة. والله تبارك وتعالى أعلمُ وأحكم تَرقبوا في الحلقةِ القادمةِ بإذن الله أخبارَ الآياتِ التِسِع فتابعونا وإلى اللقاء.