#48 9-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
وصلنا معكم إلى قصةِ نبيِ الله موسى عليه السلام مع سحرةِ فرعون. استمرَ فرعونُ على كفرِه رغمَ رؤيتِه المعجزات من سيدِنا موسى عليه السلام وأخذَ يهدِدُ نبيَ الله موسى عليه السلام ويتوعَدُه ُبالسجنِ والتعذيبِ والأذى، ثم دعا وزيرَه هامان واستشارَه في أمرِ موسى وما دعاه إليه وما رأى منه فقالَ له هامان: إنِ اتبعتَه فيما دعاكَ تصيرُ تَعبدُ بعد أن كنت تُعبَد، وزيّنَ له باطلَه وما هو عليه من طغيانٍ وتكبّر، فخرجَ فرعونُ إلى قومِه وقالَ يصِفُ موسى عليه السلام: إنَّ هذا لساحِرٌ عليمٌ، ثم دعا جماعتَه واستشارَهم في أمرِ موسى عليه السلام وما رأى منه، فأشاروا عليه أن يَجمعَ السحرةَ ليُبطِلوا على زعمِهم ما جاءَ به موسى لأنهم ظنوا أنَّ ما جاءَ به من الآياتِ هو من قَبيلِ السِحر، ففعلَ فرعونُ ما طلبوا منه وذهبَ يَجمعُ من كان ببلادِه من السحرةِ وكانت بلادُ مصرَ في ذلك الزمانِ مملوءةً بالسحرة الْمُتَمَكِنينَ في سِحرِهم حتى اجتَمعَ له خلقٌ كثيرٌ من السَحرةِ وجَمٌّ غفيرٌ منهم فكانوا سبعينَ ساحرًا وقيلَ أكثرَ من هذا بكثير، ولما اجتمعوا عند فرعون طلبَ منهم فرعون أن يجمعوا قِواهم ويُوحِدوا هدفَهم وجُهودَهم ليُبطِلوا على زعمِه سِحرَ موسى، وأخذ فرعون يُغريهم بالمالِ والمنصبِ وأنّه سيجعلُهم من خاصتِه فيما إذا تمكنوا من موسى وغَلبوه بسحرِهم، وكانَ موعدُ اللقاءِ يومَ عيدٍ لفرعون يجتمعُ فيه معَ الرعِيَةِ في وضَح النهارِ من الضحى، وجاءَ موسى عليه السلام حامِلا عصاهُ في يدِه ومعَه أخوهُ هارون في الموعدِ المحدد، وكان فرعونُ جالسًا مُستَشرِقًا في مجلسِه معَ أشرافِ قومِه من الأمراءِ والوُزراءِ ومعهمُ السحرةُ الذين جلبَهم من كلِ أنحاءِ بلادِ مصر التي كان يحكمُها، فأقبلَ موسى عليه السلام نحوَ السحرة وزجرَهم عن تعاطي السحرِ الباطل الذي فيه معارضةٌ لآياتِ الله وحُجَجِهِ وقال لهم: {وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} أي يَستأصِلَكُم ويُهلِكَكُم بِعذاب، وارتَعدَ السحرةُ من مقالتِه هذه وفَزِعوا وقالَ بعضُهم لبعضٍ: ما هذا بقولِ ساحر، ولما اصطفَّ السحرةُ ووقفَ موسى وهارونُ عليهما السلام تُجاهَهُم سحَروا أعيُنَ الناسِ واستَرهَبوهم وألقَوا حبالَهم وعِصِيَّهُم التي كانت معَهم وهم يقولون: بعزةِ فرعون إنّا لنحنُ الغالِبون، وإذا بهذه الحبالِ والعِصِيّ يُخَيَّلُ للناسِ الحاضرين أنها حياتٌ وثَعابين تتحركُ وتَسعى، وأمامَ هذا الموقفِ الْمُثيرِ المستغرَبِ نظرَ نبيُ الله موسى عليه السلام فإذا بهذه الحبالِ والعِصيِ يُخَيَّلُ للناسِ أنها حياتٌ تسعى، فخافَ على الناسِ أن يُفتَنوا بسحرِ السَحَرَةِ قبلَ أن يُلْقِيَ ما في يدِه، ولكنَّ الله تبارك وتعالى ثبّتَهُ أمامَ هذا الجمعِ الزاخِرِ من السحرةِ وأوحى إليه أن لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى أيِ الغالبُ المنتصرُ عليهم. نقف هنا الآن ونتابع ما بدأناه من قصة موسى وهارون عليهما السلام مع سحرة فرعون في الحلقة القادمة من سلسلة قصص الأنبياء فتابعونا وإلى اللقاء.