الأحد ديسمبر 22, 2024

#47 8-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

انطلَق موسى عليه السلام وهارونُ عليه السلام إلى قَصرِ فرعونَ ليلًا، وطلبَ موسى من البَوّابِ أن يأذنَ له بالدخولِ على فرعون، وعندَما سألَه البوابُ بقولِه: وماذا أقولُ لفرعون؟ أجابه موسى: قل له جاءَك رسولُ ربِّ العالمين، فَفَزِعَ البوابُ من كلامِ موسى ودخلَ على فرعونَ مَرعوبًا وقالَ له: إنَّ بالبابِ إنسانًا يَزعُمُ أنه رسولُ ربِّ العالمين، فأخذَت فرعونَ رَعدةٌ وهيبةٌ وأمرَ بوابَه بإدخالِه مع أخيه هارون عليهما السلام، فلما دخلَ موسى ومعَه أخوه هارون على فرعونَ في قصرِه دَعَواه إلى عبادةِ الله وحدَه لا شريكَ له في الألوهيةِ والدخولِ في دينِ الإسلام العظيم وبلّغاهُ ما أُرسِلا به، وأن يَفُكَ أُسارى بني إسرائيل من قبضتِه وقهرِه وسطوتِه ويترُكَهم يعبدونَ الله تعالى وحدَه ويتفَرغونَ لعبادتِه، وهنا تكبّرَ فرعونُ في نفسِه وعتا وطغى وأخذته العِزةُ بالإثم ونظرَ إلى موسى وهارونَ بعينِ الازدِراء، وقالَ لهما: وهل يوجدُ إلهٌ غيري؟ ولما تحققَ فرعونُ من موسى وعلِم أنه الذي تربى في بيتِه وقَصرِه ثم كانَ من أمرِه ما كان، قال لموسى: ألم نُرَبِكَ فينا وليدًا ولبِثتَ فينا من عُمُرِكَ سنين؟ أي أما أنت الذي ربيناه في منزلِنا وأحسنّا إليه وأنعمنا عليه مدةً من الدهر؟ وأظهرَ فرعونُ كلَ عنادٍ وتَكبرٍ بالذي جاءَه وبلّغَه إياه موسى عليه السلام مع الحُجَجِ القويةِ الباهرة، ومع هذا كلِه لم يستَفِق من رَقدَتِه ولم يَتراجَع عن ضَلاله بل استمرَ على طُغيانِه وعِنادِه وكُفرانِه مع ما في كلامِ موسى عليه السلام من الحججِ والبراهين الساطعة النيّرة. وبعد أن قامتِ الحجج على فرعونَ وانقطعت شبَهُه الواهية ولم يبقَ له إلا العنادُ والتكبر عدلَ إلى استعمالِ سلطانِه وجاهِه وسطوتِه وجَبروتِه وهدد موسى بالسجن، فألقى موسى عليه السلام عَصاهُ أمامَ فرعون فإذا هي ثُعبانٌ مبين أي عظيمُ الشكلِ في الضَخامةِ والهولِ والمنظرِ الفظيعِ الباهر، حتى قيل إنّ فرعونَ لما شاهدَ معجزةَ العصا وعاينَها أخذَه خوفٌ عظيمٌ وانعكسَ أثرُ ذلك على صحتِه وحالتِه، وهكذا لما أدخلَ موسى عليه السلام يدَه في جَيبِه واستخرَجَها فإذا هي كفَلقَةِ القمرِ تتلألأ نورًا يُبهِرُ الأبصار، فلما أعادَها إلى جيبِه واستخرَجَها رجَعت إلى صِفَتِها الأولى، ومعَ هذا كلِه لم يقتنِع فرعونُ بشيءٍ من ذلك بلِ استمرَ على كفرِه وطُغيانِه وادّعى أنّ هذا كلَه سحر، وأرادَ معارضتَه بالسحرةِ فأرسلَ يجمعُهم من سائرِ مملكتِه ومَن هم في رعيتِه وتحتَ سلطتِه ودولتِه كما سيأتي بيانُه إن شاء الله تعالى في الحلقة القادمة من سلسلةِ قصص الأنبياء فتابعونا وإلى اللقاء.