الثلاثاء يوليو 8, 2025

47- بَابٌ الْوَلَدُ قُرَّةُ الْعَيْنِ

  • حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ([1]) قَالَ: أَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو([2]) قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمٰنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَوْمًا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ([3]) فَقَالَ: طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ. فَاسْتُغْضِبَ([4])، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ، مَا قَالَ إِلَّا خَيْرًا([5])، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «مَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ([6]) عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مُحْضَرًا([7]) غَيَّبَهُ اللَّهُ عَنْهُ؟ مَا يَدْرِي([8]) لَوْ شَهِدَهُ كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ؟ وَاللَّهِ، لَقَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامٌ كَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، لَمْ يُجِيبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، أَوَلَا تَحْمَدُونَ اللَّهَ إِذْ أَخْرَجَكُمْ لَا تَعْرِفُونَ إِلَّا رَبَّكُمْ، فَتُصَدِّقُونَ([9]) بِمَا جَاءَ بِهِ([10]) نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ كُفِيتُمُ الْبَلَاءَ بِغَيْرِكُمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا نَبِيٌّ قَطُّ فِي فَتْرَةٍ([11]) وَجَاهِلِيَّةٍ، مَا يَرَوْنَ أَنَّ دِينًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَرَى وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ أَخَاهُ([12]) كَافِرًا، وَقَدْ فَتْحَ اللَّهُ قُفْلَ قَلْبِهِ بِالْإِيمَانِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ دَخَلَ النَّارَ، فَلَا تَقَرُّ عَيْنُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ، وَأنَّهَا([13]) لِلَّتِي([14]) قَالَ اللَّهُ تَعَالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: ٧٤]([15]).

([1]) هو ابن المبارك كما جاء مصرحًا به في مسند أحمد وغيره.

([2]) أبو عمرو السكسكي الحمصي.

([3]) لم يسم في مصادر التخريج التي وقفت عليها.

([4]) قال السندي في حاشيته على المسند: على بناء المفعول. اهـ.

([5]) قال السندي في حاشيته على المسند: علة العجب. اهـ.

([6]) قال السندي: يريد أن يستعظم عنده نعمة الله تعالى عليه خوفًا أن يحقرها فيهلك. اهـ.

([7]) كذا في (ج) بفتح الميم. اهـ وهو الصواب، بمعنى المشهد. اهـ.

([8]) كذا في (أ): ما يدري. اهـ وأما في (و): لما يدري. اهـ وفي بقية النسخ: لَا يَدْرِي. اهـ.

([9]) وأما في (د، ح، ط): مُصَدِّقُونَ. اهـ وزاد ناسخ (أ): مُصَدِّقُونَ به. اهـ وفي رواية أحمد والطبراني وابن حبان وأبي نعيم: مُصَدِّقينَ. اهـ والمثبت من بقية النسخ: فَتُصَدِّقُونَ. اهـ. وكذا في شرح الحجوجي: فتصدقون بما جاء به نبيكم. اهــ.

([10]) وأما في (د): مَا جَاءَكم بِهِ. اهـ وفي (ي): فتصدقون نبيكم بما جاء به. اهـ والمثبت من (أ) وبقية النسخ، وكما في رواية أبي نعيم: بِمَا جَاءَ بِهِ. اهـ وفي رواية أحمد والطبراني وابن حبان: لِمَا جَاءَ بِهِ. اهـ.

([11]) قال في مجمع بحار الأنوار: هي ما بين الرسولين من رسل الله من زمان انقطعت فيه الرسالة. اهـ.

([12]) وفي شرح الحجوجي: أو أخا له كافرًا. اهـ.

([13]) قال السندي: أي وإن الحالة. اهـ وقال الحجوجي: أي قرة العين. اهـ.

([14]) وفي (ل): التي. وكذا في شرح الحجوجي. اهـ.

([15]) أخرجه أحمد وابن أبي حاتم في تفسيره وأبو نعيم في الحلية والطبراني في الكبير من طرق عن ابن المبارك به نحوه، والحديث صححه ابن حبان. قال ابن كثير بعد روايته: وهذا إسناد صحيح ولم يخرجوه، وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني بأسانيد في أحدها يحيـى بن صالح، وثقه الذهبي وقد تكلموا فيه وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ.