الأحد ديسمبر 22, 2024

#46  7-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

نكمل حديثنا عن سيدنا موسى عليه السلام مُعرِّجين على كثيرٍ من الأمور المهمة. لما كَلَّمَ الله سبحانَه وتعالى عبدَه ونبيَه موسى عليه السلام وجعلَه نبيًا ورسولًا أمرَه أن يذهبَ إلى فرعونَ ليدعوَه إلى عبادةِ الله وحدَه وتوحيدِه تعالى وتركِ الكفرِ والإشراك، فطلبَ موسى عليه السلام من ربِه أن يبعثَ معه أخاه هارون ليكونَ معه في طاعةِ الله ومُعينًا له على تبليغِ الرسالة، فاستجابَ الله تعالى لنبيه موسى طلبَه وأخبرَه بأنه سَيجعلُ معه أخاه هارون مُعينًا له ووزيرًا، وطَمأنَه أنَّ فرعونَ وجُندَه لن يَصلوا إليه وإلى أخيهِ هارون بقتلٍ ولا يَنالونَ منهما، قالَ الله تعالى: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} أي حتى يَفهموا عنّي بسرعة، وما أصابَه عليه السلام من بُطءٍ خَفيفٍ في كلامِه لم يَمنعْ عنهُ البيان. إنما قالَ المفسرون إنّ فرعونَ كانَ قد وضعَ موسى عليه السلام وهو طِفلٌ صغيرٌ في حِجرِه، فأخذَ موسى بلحيةِ فرعونَ ومدَها بيدِه فهمّ فرعونُ بقتلِه فخافت عليه زوجتُه “ءاسية” وقالت لفرعون: إنه طِفلٌ صغير لا يعقِل وسأريكَ بيانَ ذلك، قدِّم إليه جمرتين ولؤلؤتين فإنِ اجتَنبَ الجمرتين عرفتَ أنه يَعقِل فلما وُضِعَتِ الجمْرتين أمامَ موسى عليه السلام أخذَ موسى جَمرةً من الجمرتين حِكمةً من الله حتى لا يقتله فرعون ووضعَها في فمِه فأحرقَت لسانَه وصارَ فيه عُقدةٌ خفيفةٌ من أثرِ هذهِ الجمرةِ ولكن ما تركت هذه الجمرةُ في لسانِه أن يكونَ كلامُه بعدَ ذلكَ مع الناسِ غيرَ مُفْهِم بل كانَ عليه السلام يتكلمُ على الصواب، وقد سألَ موسى عليه السلام ربَّه لما نزلَ عليه الوحي أن يُزيلَ هذه العقدةَ من لسانِه فاستجابَ الله له وأذهبَها عنه. سارَ موسى عليه السلام بأهلِه نحوَ مِصر حتى وصلَها ليلًا وكان هارونُ عليه السلام يومئذٍ غائبًا بمصر، فأوحى الله تعالى إليه أن يتلقّى أخاهُ موسى عليه السلام ويُخبِرَه أنه قد جعلَه وزيرًا له ورسولًا معه، وتلقّى هارونُ موسى فلمّا اجتَمعا والتقيا قال موسى لأخيه هارون: إنَّ الله أمرَني أن ءاتِيَ فرعون فسألتُه أن يَجعلَكَ معي فانطلِق معي إليه. والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم. نقف هنا الان ليكون كلامنا في الحلقة القادمة عما حصل لموسى وهارون مع فرعون فتابعونا وإلى اللقاء.