الأحد ديسمبر 22, 2024

(46) مَا مَعْنَى الأَحَدِ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى اللَّهِ.

      قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الإِخْلاصِ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وَمَعْنَى الأَحَدِ الَّذِى لا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ أَىْ لَيْسَ جِسْمًا وَالْجِسْمُ مَا لَهُ حَجْمٌ إِنْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا. لَوْ كَانَ اللَّهُ جِسْمًا مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا مِنَ الْعَالَمِ وَلَوْ كَانَ جِسْمًا لَجَازَ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الأَجْسَامِ مِنَ الْفَنَاءِ وَالتَّغَيُّرِ وَلَصَحَّتِ الأُلُوهِيَّةُ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. فَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ فَهُوَ كَافِرٌ قَالَ تَعَالَى فِى ذَمِّ الْكُفَّارِ ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِىُّ فِى كِتَابِهِ النَّوَادِرِ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ فَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ بِرَبِّهِ وَإِنَّهُ كَافِرٌ بِهِ وَقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ الْمُجَسِّمُ كَافِرٌ، رَوَاهُ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ فِى الأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَنْ قَالَ اللَّهُ جِسْمٌ لا كَالأَجْسَامِ كَفَرَ، رَوَاهُ الْحَافِظُ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِىُّ فِى كِتَابِهِ تَشْنِيفُ الْمَسَامِعِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِىِّ النَّابُلُسِىُّ فِى الْفَتْحِ الرَّبَّانِىِّ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ مَلَأَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ (أَىْ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ مَلَأَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) أَوْ أَنَّهُ جِسْمٌ قَاعِدٌ فَوْقَ الْعَرْشِ فَهُوَ كَافِرٌ وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ النَّسَفِىُّ فِى تَفْسِيرِهِ وَمِنَ الإِلْحَادِ (أَىِ الْكُفْرِ) تَسْمِيَّةُ اللَّهِ بِالْجِسْمِ وَالْجَوْهَرِ وَالْعَقْلِ وَالْعِلَّةِ. وَالْعَجَبُ مِنْ عَلِىٍّ الْجِفْرِىِّ الَّذِى يَعْتَقِدُ أَنَّ الْوَهَّابِيَّةَ مُجَسِّمَةٌ وَيَقُولُونَ اللَّهُ جِسْمٌ قَاعِدٌ فَوْقَ الْعَرْشِ وَيُكَفِّرُونَ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ثُمَّ يَقُولُ لَكِنْ هُمْ مُسْلِمُونَ وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ نُكَفِّرَهُمْ. الْوَهَّابِيَّةُ يَشْتِمُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَعْبُدُونَ الأَجْسَامَ وَهُوَ لا يُكَفِّرُهُمْ. ثُمَّ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا يُعْطِيهِ الْقُوَّةَ فَيَقُولُ لِلشَّىْءِ كُنْ فَيَكُونُ وَهَذَا كُفْرٌ صُرَاحٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الإِنْسَانَ شَرِيكًا لِلَّهِ فِى التَّخْلِيقِ وَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُهُ يَعْنِى بِزَعْمِهِ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا صَارَ اللَّهُ هُوَ هَذَا الْعَبْدَ وَيَنْسُبُ هَذَا الْكَلامَ إِلَى اللَّهِ. وَالْجِفْرِىُّ هُوَ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُنَاسٌ مِنْ جِلْدَتِنَا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا تَعْرِفُ مِنْهُم وَتُنْكِرُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّم مَنِ اسْتَجَابَ لَهُمْ قَذَفُوهُ فِيهَا. وَمُصِيبَةُ الْمُسْلِمِينَ فِى هَذَا الزَّمَانِ كَثْرَةُ الْجَهْلِ وَكَثْرَةُ أَدْعِيَاءِ الْعِلْمِ الَّذِينَ يَنْشُرُونَ الْجَهْلَ وَالضَّلالَ بِاسْمِ الدِّينِ وَالإِسْلامِ فَيَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُمْ.