الأحد ديسمبر 22, 2024

#44  5-24 سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام

نتكلمُ اليوم عن قصةِ التقاءِ موسى بشعيبٍ عليهما السلام. خرجَ سيدُنا موسى عليه السلام من أرضِ مصرَ يريدُ النجاةَ من كيدِ فرعونَ وجنودِه، ولم يكن خروجُه جُبنًا لأنّ الأنبياءَ يَستحيلُ عليهِم ذلك، وتوجهَ عليه السلام إلى مديَن ماشيًا على قدميه بغيرِ زادٍ ولا دابَةٍ يركَبُها فكانَ يأكُلُ ورَقَ الشجر، ومدينُ هي مدينة نبي الله شُعيب، وبقي يَمشي مسيرَةَ ثمانيةِ أيام حتى وصلَ إلى مدينَ وقد أثَّرَ بهِ الجوعُ والتعب، فجلسَ تحتَ ظِل شجرةٍ فأبصر امرأتين وكانتا أختين ترعيان الأغنامَ وتريدانِ سقيَ أغنامِهِما من بئرٍ كبيرة، كان الرعاةُ يسقُونَ مواشيَهم منها وكانت هاتانِ الأختان تحبِسان غنمَهُما لئلا يختلطَ بغنمِ الآخرين، فأشفقَ موسى عليه السلام عليهما فسألَهُما عن سببِ تعهُدِهِما لرعاية الغنمِ بأنفسِهِما، فأخبرَتَاه بأنّ أباهُما شيخٌ كبيرٌ وليسَ عندَه من الأولادِ الذكورِ من يرعى له هذهِ الأغنام، وكان موسى عليه السلام لما ورَدَ ماءَ مدينَ وهو البئر، وجدَ عليه جماعةً من الرعاةِ يَسقُون أغنامَهم منه فلما فَرَغوا أعادوا صَخرةً كبيرةً عليه، وكانت هذهِ الصخرةُ لا يُطيقُ رفعَها إلا عشْرةُ رجال، فلما حدَّثت هاتانِ الأختانِ خبرَهُما لموسى عليه السلام تقدَّمَ نحو الصخرةِ الكبيرةِ الموضوعةِ على فمِ البئرِ فرفعَها وحدَه ثم استقى منها الماءَ وسقى لهاتين المرأتينِ غنمَهُما وردَّ الحجرَ مكانَه، فلما فرَغَ من ذلكَ انصرَفَ عليه السلام إلى ظلِ شجرةٍ وجلسَ تحتَها يدعو الله تبارك وتعالى ويشكرُه. وبعد أن سقى موسى عليه السلام غنمَ المرأتين رجعَتا إلى أبيهما نبيِّ الله شُعيبٍ عليه السلام مُسرعتين وأخبرتاه بخبرِ موسى عليه السلام، وكيفَ سقى لهما غنمَهما وأخبرتاه بقوَّتِه، وطلبتا منه أن يُكرِمَهُ على هذا الصنيعِ الحسَنِ معهما، فسُرّ شعيبٌ عليه السلام لحُسنِ صنيعِ موسى وبعَثَ إحدى ابنتيه هاتين لدعوتِه إليه، فجاءت إلى موسى عليه السلام تمشي على استِحياءٍ ووَقارٍ وحِشمةٍ وطلبت منه أن يذهبَ معها إلى أبيها ليُجزيَه على عظيمِ صُنعِه معها ومع أُختِها وعلى سقيه غنمَهما، فقامَ معها موسى عليه السلام وقال لها: اِمشي خَلفي وانْعَتي لي الطريق فإني أكرهُ أن تُصيبَ الريحُ ثيابَك فتصفَ جسدَك، فمَشت خلفَه تصِفُ له الطريق حتى وصلَ إلى أبيها شُعيبٍ عليه السلام، فلما جاءَه أخبرَه بأمرِه من حينِ وُلِدَ والسببِ الذي أخرجَه من أرضِ مصر، فلما سمِع نبيُّ الله شُعيبٌ خبَرَ موسى عليه السلام طمْأَنه قائلًا له: نجوْتَ من القومِ الظالمين، وذلك لأنه لا سُلطانَ لفرعونَ وجُنْدِه في أرضِ مدين. وطلبت إحدى الفتاتينِ من والدِها شُعيبٍ عليه السلام أن يتّخِذَ موسى عليه السلام أجيرًا عنده لقوّتِه وصِدقِه وأمانتِه، وأخبرت أباها بما فعلَ معها عندما دعته إليه فسُرّ أبوها شعيبٌ عليه السلام بأمانةِ موسى ووَرَعِه ورَغِب فيه وزوّجَه ابنتَه التي أحضرَته وقيل اسمُها “صَفُورا”. نقف هنا الآن ليكون كلامنا في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى عن نزول الوحي على سيدنا موسى فتابعونا وإلى اللقاء.