الإثنين ديسمبر 8, 2025

(44) كيف ندعو الكافر إلى الإسلام.

      من المعلوم أن الشىء الذى يميز الإنسان عن البهائم أن الإنسان له عقل، فلو فكر الإنسان بعقله فى هذا العالم لعرف أن هذا العالم مخلوق لأنه مؤلف من أجسام وصفات للأجسام. والجسم مخلوق وليس خالقا أى وجد بعد أن كان معدوما. والجسم لا بد له من صفات كالحركة والسكون ولا يخلو الجسم منهما وهـما حادثان أى مخلوقان لأنه بحدوث أحدهـما ينعدم الآخر. فإذا ثبت أن العالم مخلوق علمنا أنه محتاج إلى خالق خلقه لأن الشىء لا يخلق نفسه، فإذا كان لا يعقل وجود كتابة وبناء من غير فاعل فكيف يعقل وجود هذا العالم بلا خالق. فيجب اعتقاد أن لهذا العالم خالقا خلقه أى أوجده وأبرزه من العدم إلى الوجود أى صار موجودا بإيجاد الخالق له بعد أن لم يكن وهذا الخالق لا يشبه العالم بأى وجه من الوجوه، لا يتصور فى العقول والأذهان، لا يستطيع الإنسان أن يتصوره لأنه ليس كمثله شىء، فكما أن الإنسان لا يستطيع أن يتصور وجود وقت ليس فيه نور ولا ظلام قبل أن يخلقا ولا يستطيع أن يتصور الروح التى فى جسده وهى جسم لطيف نؤمن ونصدق بوجوده فكيف يستطيع أن يتصور الخالق الذى ليس كمثله شىء. كل ما يتصوره الإنسان بباله فهو مخلوق والخالق لا يشبه المخلوق، لو كان مشابها لشىء من مخلوقاته ما استطاع أن يخلقها ولجاز عليه ما يجوز عليها من الفناء والتغير ولصحت الألوهية للشمس والقمر، فالخالق ليس جسما ولا روحا ولا ريحا ولا هواء ولا غيما ولا ضوءا ولا ظلاما منزه عن الحجم والكمية واللون والشكل والهيئة والأعضاء والولد لا يسكن السماء ولا العرش لأنه ليس حجما يملأ فراغا فهو موجود بلا جهة ولا مكان. وليس من شرط صحة الإيمان بالشىء أن يتصور بالعقل أو أن يرى بالعين فيجب علينا أن نؤمن بوجود الخالق وإن كنا لا نراه بأعيننا فى الدنيا فهذا العالم دليل على وجود الخالق سبحانه ولا يستحق أحد العبادة إلا هو لأنه الخالق ولا خالق سواه وهو وحده الأزلى الذى لا ابتداء لوجوده ولا أزلى سواه. فإذا ءامن الإنسان بوجود الخالق سبحانه وأنه لا يشبه شيئا ءامن بأنه أرسل رسولا إلى كافة الإنس والجن وهو محمد بن عبد الله ليدعوهم إلى الإسلام ويأمرهم بالإيمان بشريعته ويتبعوه فى كل ما جاء به فيجب الإيمان أنه صادق فى كل ما أخبر به عن ربه كأمور الآخرة أو أخبار الأمم السابقة أو تحليل شىء أو تحريمه لأن خبر من ثبتت رسالته بالمعجزات لا بد أن يكون صدقا. ويجب الإيمان أن الله تعالى وهو الخالق أرسل أنبياء كآدم ونوح وإبراهيم وعيسى وموسى ومحمد ليدعوا الناس إلى الدين الذى رضيه لهم وهو الإسلام أى إلى عبادة الخالق وحده وأن لا يشركوا به شيئا والأنبياء جملهم ربنا بصفات حميدة وأخلاق حسنة ونزههم عن الصفات الذميمة فليس فيهم كافر أو كاذب أو خائن أو جبان أو فاسق أو خسيس أو سفيه أو رذيل أو زان أو يشبه القرود أو لا يحسن النطق. وكل نبى مرسل لا بد يكون صادقا فى كل ما جاء به والدليل على صدقه أن ربنا سبحانه وتعالى أيده بمعجزات أى أظهر له خوارق لا يستطيع المكذبون له أن يأتوا بمثل ما جاء به. أما كيف عرفنا بهذه المعجزات فنقول انتقل إلينا خبرها بواسطة عدد كبير من الناس ينقل عن عدد كبير شهد المعجزة وهكذا إلى أن وصل الخبر إلينا. فيقال لمن لم يؤمن بذلك كما أنك صدقت بوجود أناس كانوا فى الزمن الماضى مع أنك لم ترهم فنحن أيضا صدقنا بوجود هؤلاء الأنبياء وأنهم دعوا الناس إلى الإسلام فالإسلام هو الدين الصحيح المقبول عند الخالق سبحانه ولا دين صحيح إلا الإسلام فالإنسان البالغ العاقل الذى بلغه أصل دعوة الإسلام وهو الشهادتان إن كان على غير دين الإسلام يجب عليه أن يدخل فى الإسلام فإن أسلم ومات على الإسلام فإنه يدخل الجنة وينعم فيها أما إذا بقى على غير الإسلام إلى أن مات فإنه يعذب فى نار جهنم عذابا أبديا. والدخول فى الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين باللسان للقادر على الإتيان بها مع اعتقاد معناهما بالقلب والتخلى عن كل ما يبطل الإسلام كأن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله أو لا إله إلا الله محمد رسول الله أو ما يعطى معناهما ولو بغير اللغة العربية. ومن عجز عن النطق بحرف الحاء فقال مهمد رسول الله بالهاء يقال له قل أبو القاسم رسول الله ويصح أن يقول أبو القاسم رسول الله بقاف معقودة كما يلفظها أهل اليمن.

https://youtu.be/HAuG1V4IS-U